يومان وهو في الحبس ...
يومان لم يذق فيهما طعم النوم والخوف ينهشه وضميره يؤنبه دون توقف ...
يخشى من سماع خبر يخط نهايته فإن مات الطفل إنتهت حياته كلها ..
ليس بسبب السجن فقط بل بسبب ضميره الذي لن يغفر له ذلك أبدا ..
ضميره الذي يجلده طوال اليومين السابقين دون رحمة ...
ضميره الذي لم يتركه ينام ولو لدقائق بينما الهواجس دمرته كليا ...
الآن سيغادر الحبس بشكل مؤقت بعدما تم دفع الكفالة المطلوبة ...
من المفترض أن يفرح لكنه لا يستطيع ..
لن يجرب طعم الفرح مجددا ما لم يشفَ الصغير ...
غادر المكان الذي قضي فيه اليومين السابقين بجانب محاميه ليجد بكر الصواف بنفسه ينتظره في سيارته في تصرف لا يصدر منه سوى لأجله ..
والدته تقف بجانب عمه تنتظر قدومه بلهفة وملامح وجهها المنهكة تشي بما عانته طوال اليومين السابقين ...
سار بخطواته اتجاههم بينما لم يغب عنه تلك الشماتة الخفية في عيني عمه وزوج والدته في ذات الوقت ..!
لكنه على غير العادة لم يأبه به ...
لم يكن في وضع يسمح له بأن يهتم بأي شيء ..
جل ما يشغل باله الصغير الذي يخشى بشدة من موته ..!
الصغير الذي بالكاد علم إنه ما زال حيا لكن وضعه خطير ...!
عانقته والدته بلهفة ودموعها تساقطت على وجنتيها بغزارة ...
أغمض عينيه المرهقتين بألم تمكن منه ...
لوهلة أراد أن يضمها بدوره لكنه لم يستطع فعل ذلك ...
الحاجز الموجود داخله اتجاهها يقف حائلا بينهما محطما كل شيء رافضا وجودها قربه وفي محيطه ...
تقابلت عيناه بعيني عمه الباردتين فتمسك بنظراته الثابتة في وجهه مخفيا قدر الإمكان ضعفه وهوان روحه الذي تمكن منه طوال اليومين السابقين ..
لم يسمح له بأن يرى هزيمته أبدا ولو كله ذلك روحه ...
ابتعدت والدته عنه بعد لحظات تحاوط وجنتيه بكفيها تخبره من بين دموعها :-
" كدت أن أموت بسبب قلقي عليك ..."
" أنا بخير ..."
أنت تقرأ
نشوة العشق اللاذع ( الجزء الثاني من سلسلة ضباب الروح )
Storie d'amoreللعشق نشوته .. حلوة بل مسكرة ... لذيذة و مبهجة ... نشوة العشق تؤدي للإدمان فلا نهاية لها ولا سبيل للتعافي منها ... فكيف إذا كان العشق لاذع ، مدمر ومؤلم ..؟! هل تختفي النشوة أسفل رماد ألم العشق وجروحه أم تبقى محتفظة بذات اللذة رغما عن كل شيء ..؟!