١: حاجِز

2.6K 80 77
                                    

بِاسم الله نبدأ 🌸✨️

قراءة مُمتعة

✿✿✿

اليومان المنصرمان كانا حافلَين بالأحداث. في الأوّل رافق هادي عائلة خالي إلى المدرسة لشراء زيّه المدرسيّ وكتبه، وبهدف التّسجيل. عاد خالي وحده بعد وقتٍ قصيرٍ وطلب بعد أن فتحتُ الباب: "بدّل ملابسك يا خالي كي نذهب إلى المدرسة، من فضلك". رمشتُ منتظرًا تبريرًا ولكنّه التزمَ الصّمت، وبدا مرتبكًا فلم ألحّ، قرّرتُ أنّ وجودي ضروريٌّ بسبب ظرفنا الخاصّ.

من بعيدٍ رأيتُ أمًّا وخلفها ثلاث فتياتٍ يخرجن من صالة الانتظار حيث عمّتي والأولاد، عندما مررنَ بموازاتي سمعتها تقول: "طفلٌ مدلّل، فليسحبوه من شعره ويخرجوه، لماذا يتفرّجون؟!".
-لقد صرعَنا، عديم التّربية!

انكمشَت معدتي من كلامها، لا شأن لي ولكنّ الأطفال لا يستحقّون هذا التّعامل لأيّ سبب. تأفّف خالي ما جعلني ألتفتُ إليه، وجدته يهزّ برأسه ويضغط على جبينه. هل لهادي صلةٌ بما يجري؟! عجّلتُ في سيري فسمعتُ صوته، دفعتُ الباب هلعًا وسرعان ما لمحته متشبّثًا بأحد المقاعد، يبكي بصوتٍ عالٍ وينتفض معترضًا كلّما لمسه أحدٌ من المتجمهرين حوله، أو خاطبه.

علا صوت لميس فالتفتُّ نحوها، انفجرَت غاضبةً في وجه إحدى الموظّفات، كوّنتُ فكرةً عمّا يجري من فحوى كلامها أثقلَت رأسي، فتنهّدتُ ومشيتُ بانطفاءٍ نحو أخي. لقد ظلموه، ليس يلام على ردّة الفعل هذه، ليسوا يعرفون شيئًا عمّا يدور في رأسه كي يحكموا عليه بقسوة، ولن أشاركهم في ذلك.

قبل عامٍ اصطحبَنا والداي في هذه الجولة نفسها فاشترينا القرطاسيّة وزيًّا مدرسيًّا لهادي كون القديم قد صغر عليه، والكتب، ثمّ سجّله والدي في الصّفّ الثّاني. وكانت ملاطفةُ والديّ له تزيّن وتهوّن كلّ محطّة. وإن كان أخي يتغلّب على غيابهما ويتجاهل حاجته إليهما كلّ يومٍ فهذا اليوم مختلف. هو لم يكمل العام الدّراسيّ الماضي، وفوقها ودّع المدرسة بنوبةٍ عصبيّة، وفي ظلّ كلّ شيءٍ تضربه تلك الذّكرياتُ بقوّة.

كيف غفلتُ عن ذلك ولم آتي معه؟!

كنت أرغب في مرافقتهم منذ البداية ولكنّ وجع رأسي لم ينحسر منذ الصّباح فطلب منّي أخي أن أبقى في البيت وأرتاح، بعد أن مسح على شعري ووعدني بأنّ الأمور ستسير على ما يرام، فلبّيتُ من دون مقاومة.

قبل أن أصلَ إلى وجهتي علا صوتُ شابٍّ من زاوية الصّالة: "هذا كثير! ألن يسكته أحد؟! الانتظار يعذّبنا بما فيه الكفاية!". أسرعتُ بعد كلامه وفرّقتُ الجمع المحتشد حول هادي، على الأقلّ فليدعوه يتنفّس.

صغيري خُذْ بِيَديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن