١٧: حلمٌ بعيدٌ وفقّاعة

726 58 192
                                    

«إسرائيل سقطَت»

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

«إسرائيل سقطَت».

_

وجدا صافي نائمًا. جلس هادي على الكرسيّ قرب السّرير وأفلت البالون فطار حتّى السّقف. ضحك رشاد من غير صوتٍ ثمّ سأله: "هل تنتبه عليه إلى أن أعود؟".
-البالون؟
-صافي يا هادي
-وهل هو طفل؟
-(كتم ضحكة) هلّا أبقيته في سريره؟
-طيّب، ولكن كيف؟ يمكنه حملي بإصبعين!
-بطريقتك، لن أتأخّر.

تطلّع هادي إلى الباب المغلق بدهشةٍ وبقي على حاله بضع دقائق شاردًا بأفكاره. عندما التفت إلى صافي تفاجأ به ينظر إليه فجفل على كرسيّه، سرعان ما تحرّكت يده نحو قلبه استجلابًا للسّكون بالتّزامن مع امتداد يد صافي نحو وجهه. مسح عليه بظاهر أصابعه - كما اعتاد منه - وقال - خرج صوته عميقًا -: "لم أقصد مفاجأتك، اعذرني".

أغمض الصّغير عينيه تحت لمسته الّتي أجّجت مشاعره، ذكرَ مصابَه فاحتشدت دموعه خلف جفنيه، فتحهما وشرع في البكاء بينما يشكو لممرّضه المفضّل: "لقد منعوني من زيارة أخي".
-أعرف، ملاكي، أعرف.
-أنا حزين... وغاضب.

تنهّد صافي واستمرّ بحركته الخفيفة على وجنتي الصّغير يواسيه بهذه الطّريقة إلى أن هدأ. ابتعد عن وسادته وقال: "افترِض أنّ جوادًا تعافى بعد أيّامٍ ووعى بشكلٍ كافٍ وطلب رؤيتك، حاولوا إخفاء الأمر عنه ولكن إلى متى؟ أخبروه في النّهاية بأنّك في غرفةٍ مجاورة على التنفّس الميكانيكيّ وستموت، وعرف أيضًا بأنّك أصبت بالعدوى بينما تزوره. أخبرني يا هادي كيف سيكون شعوره؟".

فكّر هادي للحظاتٍ بينما يرسم خطوطًا قصيرةً بإصبعه على غطاء السّرير ثمّ أجاب مخفضًا صوته: "هل كان من الضّروريّ أن تجعل القصّة مخيفةً هكذا؟".
-قد يموت حزنًا عليك لو حصلَت، هل تريد هذا؟
-(حرّكَ رأسه) لا
-تخيّل معي في المقلب الآخر أنّك تمضي أيّامك بين مدرستك والبيت الدّافئ، تحصّل ما فاتك وتعتني بنفسك جيّدًا كي تكون بأحسن حالٍ وأبهى حلّةٍ حين يتّصلون بكم من المستشفى ليُعلموكم بنقل جواد إلى قسمٍ آخر ويطلبوا حضوركم. (ابتسمَ لتشكّل قوسٍ عفويّ على وجه الصّغير) هل لمستَ الفرق بين المشهدين؟
-نعم!
-إذن ماذا ستفعل؟
-(مسح دموعه بكّمه) سأصبر... وسأهتمّ بصحّتي إلى أن يُشفى أخي.

أومأ صافي ثمّ استدار ببطءٍ ووضع رجليه معًا على الأرض. "هل تحتاج شيئًا؟" سأله هادي بحيرة. نفى ثمّ رفع ذراعه وبدأ بحكّ زاوية اللّاصق باليد الأخرى لينزعها. فهم هادي ما يجري فسأل مستهجنًا: "ما الّذي تفعله؟!".
-يجب أن أعود إلى العمل.
-ولكنّكَ مريض!
-كنتُ متعبًا فقط.
-طيّب، يجب أن ترتاح أكثر.
-قد ارتحتُ بما فيه الكفاية.
-صوتك وهيئتك يقولان العكس!
-لقد اعتدتُ، لا تشغل بالك.
-(أمسك هادي يده الّتي تجذبُ اللّاصق المتمسّك بجلده بعِناد) انتظر قدوم رشاد.
-لا، سيمنعني من المغادرة.
-لأنّه يحبّك ويقلقُ عليك.

صغيري خُذْ بِيَديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن