٥: شبَهُ أبي

779 70 66
                                    

أهمّ حدثٍ اليوم ما يجري في فلسطين

عمليّة طوفان الأقصى الّتي أثلجت صدور الأحرار

وغزّة هاشم المحاصرة تحت النّار

نرفع أيدينا بالدّعاء لهم بالنّصر والصّبر

وعلى عدوّهم بالخزي والهلاك

_

كلانا نرتجف الآن، هو يختبئ فيّ، أين أختبئ أنا؟ رفعت نظري إلى مكتبه، إلى الصّورة الّتي تجمعنا، إلى وجهَيهما الباسمَين، يغدو الصّمود صعباً أحياناً، مُستحيلاً؟ سالت دموعي، همست كي لا يسمعني هادي: أبي، أمّي، كيف أتصرّف الآن؟

وقعت عيناي على المصحف إلى جانب الصّورة، هذا الّذي يعتمده هادي للحفظ، ووُلدت الأفكار في رأسي عن كيفيّة مواساته وتسليَته. لكنّه ما زال يبكي، إذاً... "هادي،" مسحتُ على رأسه المزروع في صدري "أخي،" ربّتُّ عليه "صغيري!".
-ن نعم؟!
-هل لوّثتَ قميصي؟

حلّ الصّمت، ثمّ تمزّق بضحكته "على الأرجح... لقد لوّثتُه!" ضحك مجدّداً.
-(تنهّدتُ) هل تعلم أنّ هذا يومٌ جديد؟ (رفع رأسه نحوي متسائلاً، ما زالت دموعه تسيل) أنت نائمٌ منذ ظهر البارحة.
-آه!
-يجب أن تأخذ حمّاماً (مسحتُ دموعه) سأحضّر الفطور في الأثناء... ثمّ نتكلّم.
-حسناً

عاد إلى الوضعيّة السّابقة وبقينا على حالنا إلى أن فكّ ذراعيه وابتعد عنّي تطوّعاً. نفضتُ الدّثار وعندما استدرتُ لأفردَه على السّرير لاحظتُ أنّه يمشي بصعوبةٍ، فتركتُ ما بين يديَّ مُبعثراً وبلغتُه في خطوتين كبيرتين. "على رسلك،" حملته "ماذا بك؟".
-قدماي، أشعر بالضّعف فيهما.
-آه، لا بأس. هل أساعدك؟
-هلّا ملأتَ الحوض؟ هكذا لن أضطرّ إلى الوقوف.
-فكرةٌ جيّدة.

عدّلنا حرارة المياه وراقبنا الحوض يمتلئ، وعندها تذكّرت "هادي، احزر ما نسيت".
-أستَسلِم، ماذا؟
-(ضحكت) نسيتُ شراء بركة سباحة!
-(شهق) نسيتُ تذكيرك بذلك!
-هذه عاقبةُ مَن...
-ولكنّكَ لم تذكّرني.
-(انخرطنا في جولة تحديقٍ للحظات) لو كنت سأتذكّر وحدي لما طلبتُ منك!
-هذا... صحيح.

ضحكت أنا، وابتسم هو، ثمّ تركته ونزلتُ لتحضير وجبةٍ لذيذةٍ ومقوّية.

_

"الويل لي يا أمّي!" عصرَت علياء عينيها في منديل جديدٍ ثمّ رمته فوق الكومة المتنامية "بأيّ وجهٍ سأقابله يوم الاثنين؟!". تنهّدَت أمّ محمّد وضربَت كفّاً بكفّ "أنت تبكين منذ البارحة، هل تفيدين الصّغير بهذه الطّريقة؟!".
-لقد... لقد توسّل إليّ كي أعفيه من الاختبار، قال إنّ... أخاه سيساعده... الويل لي! أتعلمين ماذا فعلتُ؟
-لا حول ولا قوّة إلا بالله! نعم، أعلم، والفضل للسانك الّذي لم يكلّ منذ عصر الأمس!
-يا إلهي سامحني! آهٍ يا أمّي، لو أنّي لم أُهمل ذلك الملفّ لكنت عرفتُ، انظري! (أمسكَت الملفّ المقصود ولوّحت به أمام وجهها) كنت أرسم عليه، أتصدّقين، لقد ملأته بالرّسومات البشعة بينما أكلّم صديقاتي!

صغيري خُذْ بِيَديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن