تساؤلات

203 57 88
                                    

أقف أمام المشفى وهو يبأقف أمام المشفى وهو يبدو مكانًا مهجورًا منذ أزل. يبدو لي كما لو أنني غبت عنه منذ سنين.

تراجعتُ للخلف بكل خطواتي وأفكاري وأنا أتذكر تلك الصعقات الكهربائية التي قد أتلقاها إن أنا عدتُ بقدماي إلى ذلك الأصلع.

أدرت بصري بإرجاء المكان. أنا لا أعرف حتى ما هو الوقت اليوم، وما هو اليوم من الأساس.

اتجهتُ إلى ذات الكرسي الذي يقابل منزل العجوز هنري وجلستُ عليه.


بقيت أُحدق بالمقاعد التي تأتي من المجهول تتحرك وتطير وحدها وتصطف أمامي بشكل مرتب.

بعدها تقترب أناس غريبة ذات وجوه باهتة وعيون غائرة تجلس عليها تقابلني كما لو أنني عرض تلفزيوني.

أرمش عدة مرات وأنا لا أستوعب حقًا ما يحدث.
ماذا عليّ أن أفعل بالضبط؟

كان الأمر غريبًا عندما نهض أحد الجالسين وأخذ يقوم بحركات غريبة بيديه.

فبدأ الجالسون يقلدونه وأصوات الضحك تعلو من أفواههم بإرجاء المكان.

بدأت طيور سوداء تتجمع فوق رؤوسهم وتنقر فيهم، ابتلعت لعابي وأنا أرفع بصري ببطء فإذا به غراب أسود يقف فوق رأسي.

رفعت يدي لأبعده لكنه عضني بقوة. نهضت وأنا أهز رأسي يمينًا ويسارًا إلا أنه أبى الابتعاد عني.

أغمضت عيناي وأنا أشعر به ينقر فوق رأسي ثلاث مرات بعدها يتوقف. ثوانٍ ويعود لينقرني بنفس العدد.

لم أفهم ما الغاية من ذلك، ولكنني وبعد أن فتحت عيناي تراجعت إلى الخلف بفزع وجلستُ على الكرسي مجدداً دون أن أدري.

كانت هذه المرة قبالي، لا يفصل بينه وبيني سوى حبة رمل إن جاز القول.

هذه المرة كانت ملامحه واضحة، إنه أسود وطويل جداً، عيناه سوداء شديدة السواد، أغمق من ظله كما بدا لي. أنامله الطويلة تتحرك بعشوائية كالأفاعي الصغيرة، وكان يخرج منه دخان ضبابي يحيط بجسده.

تصنعت بمكاني وأنا أراه يطوف حولي، وصوته يطغي على مسمعي. وهذه المرة لم يكن داخل رأسي بل كان خارجه، إلا أن أذناي ارتجفتا بشكل غريب وأنا أستمع إلى حديثه وصدى صوته الذي يتكرر في أرجاء المكان كلما قال كلمة


"ستدفع الثمن غاليًا إن دخلت تلك الزنزانة مجددًا."

زودياك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن