زودياك

عودة

تعود من حيث أتيت، ترجع أميالًا كبيرة للخلف رغم تقدمك كثيرًا.

وكما ولدت صغيرًا غير قادر على الاتكاء بنفسك، تعود لتكبر وتحتاج إلى عكاز يسندك.
شبيه بأمك...

لكن... هل تجد من يتحملك مثلها؟!!

لا أظن، فهي تولد مرة واحدة في الحياة لأجلك أنت فقط وتموت وهي تعتني بك في آخر نفس لها.

لكن ماذا عن الذي تولد وتعتني به الحياة بدلًا من أمه بطريقتها الخاصة؟

فتبدأ تصفعه وتصفعه حتى تُرديه جريحًا طريحًا أرضًا شقاءً وتعبًا.
ماذا عنه؟!!

تنهدت بضيق وأنا أنظر إلى الأصلع وهو يبتسم مصافحًا الشرطي بإمتنان شديد.
ثوانٍ، واقترب لي وهو يفتح قفل الزنزانة بنفسه بكل ثقة مطلقة.

كما لو أنه يتحداني بأنني سأكون وديعًا كالخروف الذي يُساق للذبح وهو يجرني معه.

وقد استجبت له عندما أمسك الأصفاد التي تقيدني وجرني منها خارج الزنزانة.

انتفض أحد الشرطيين عندما وقفت بجانبه وقد ارتسمت بسمة صفراء على وجهه ناظرًا إلي.
وقد ذكرت لكم من قبل أنني أمقت من يخافونني؟!

نظرت إليه من تحت خصلاتي الطويلة وقد شعرت بجمود ملامحي ناحيته.

وقد تفاقمت مشاعر الكره داخلي حتى ارتسمت على وجهي بشكل واضح، مما جعله يتراجع للخلف منسحبًا بهدوء بعيدًا عني.

اجتاحتني رغبة الضحك وقد شددتُ على نفسي مانعًا نفسي من الجنون مجددًا دون سبب.
كان قد جذبني حوار الأصلع والشرطي جاعلاً مني استمع إليهما بكل سخرية.

"ما هو تشخيص مرضه العقلي بالتحديد؟"
"الفصام"

قالها الأصلع ناظرًا إليّ باستخفاف بينما
التفت الشرطي متسائلًا بحيرة.
"أتعني تعدد الشخصيات؟"

"لا ليس هو، الفصام هو عدم قدرة المريض على التمييز بين الواقع والخيال"

قلبت عينيّ بملل عندما انتهى من تشخيصي السخيف ذلك.
إنه يصدق حقًا بأنني أعاني من هلوسة سمعية، وبصرية، وكذلك شمية، وحسية.

أنني وكما يزعم أرى وأسمع أشياء غير موجودة، وتتلبسني الأوهام، بأن لدي إيمانًا بمعتقدات زائفة ليس لها صحة من الأساس مقتنع بها.
السلوك غير المنتظم والشاذ بخلع الثياب أمام الناس، والصراخ فجأة. اضطراب في التفكير، وقلة التعبير عن المشاعر وضعف الهمة والدوافع، وتدني الوظائف الذهنية والتي أنا واثق بإنه إن جلس معي بشكل طبيعي وحاورني لفهم أنني شخص عاقل أكثر من صلعته اللامعة تلك.