الصراع النفسي

150 39 71
                                    

هذه الأيام بطيئة...
إنها تسير على حواف زجاجية...

إنها تسير على مهل تقتل كل خلية في داخلي.
هل جربت يومًا أن تلتفت إلى أيامك الزجاجية؟!

أن تنحني وتقتلع ما ثبت فيها من زجاج متناثر، إن تمضي عازمًا على الوصول رغم نزيف قدميك العارية؟

أن تقاوم للحد الذي تعلن فيه المقاومة الاستسلام بدلًا عنك، رافعة الراية البيضاء؟

إننا نمتلك أيامًا بغيضة سوداء في حياتنا جميعًا، نتشارك الآلام نفسها بأساليب مختلفة، وبمواقف وقصص منوعة.

فلا تستخف بوجعي،
حتى لا أقلب وجعك عزاء حينها!..


فتحت عيني بتعب، وجلست متكئًا بيداي على فخذي، أنظر إلى الأرض بهدوء.
تتبعت قطرات العرق التي تساقطت من جبيني وشعري نحو الأرض بسلاسة، كان سقوطها ساحرًا لي بشكل غريب.

إن تكون جميع الأمور والتفاصيل الصغيرة بطيئة وواضحة في نظري، كان ذلك بحد ذاته أمرًا يدعو للتعجب.

أنا قد أرى الكلام الخارج من الشفتين أحرفًا متبعثرة، وإن أسمع الأصوات الخفيفة عالية كأمواج بحر تتضارب في رأسي. إن تجتمع المشاهد أمامي بين حين وآخر كفيلم سينمائي بطيء...

هذا بحد ذاته يدفعني للجنون، ناهيك عن الأحلام التي تحدث لي بأرض الواقع.
هناك صفتان قد تصفاني: فإما أن الشياطين قد اختارتني لأكون ملعونًا، أو أنني مميز بطريقة غريبة تجعلني لا أشبه غيري.


رفعت رأسي الذي بدا لي للحظة شبيهًا بكرة البولينغ الثقيلة عندما سمعتُ حركة الباب يفتح أمامي ببطء ويقف شاب نحيل يبتسم بأتساع ناحيتي.

نهضت ناظرًا إليه فبدأ يشير لي بالإقتراب باتجاهه.
كم هو غريب! هل يدرك أنه يقف أمام مختل أم ماذا؟!

"إن وجبة العشاء جاهزة، تعال أتبعني لقاعة الطعام".
أعقد حواجبي بعدم فهم وأنا أبحلق بوجهه المبتسم بغباء ولي رغبة بأن أبصق عليه ليكف عن الإبتسام بتلك الطريقة المقرفة!!

"هل أنت جديد هنا يا فتى؟"

لم أمنع نفسي من سؤاله، فالأغلبية تعرف بأنني لا أخرج من هنا فعلًا وبعدما حصل يجب أن تكون هنالك تعليمات واضحة ومشددة من ناحيتي!!

هز رأسه بخفة وهو يلقي نظرة لوجهي ويتجه بجسده النحيل خارج الغرفة، فتبتعه وقد احتل جسدي الهدوء والراحة فجأة وأنا أتفحص ظهره أمامي يسير.
اتجه بي إلى إحدى الردهات الكبيرة وقد كانت هنالك الكثير من الطاولات والكراسي البيضاء.

زودياك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن