أصهب

108 27 33
                                    

أصابعي أكلتها وأنا أنتظر الوقت إن يمضي!

كانت الليالي موحشة، شديدة البؤس وهي تسير دون رجعة، مُكررة خلفها يوم يليه يوم..
أصابنا الملل ونحن ننتظر إن يحدُث شيء، إن يتغير، بحياتنا اللعينة أمراً يُعيد في داخلنا الشغف مُجدداً

لكن تبدأ رياح الأيام تأخذنا صوب اليمين وصوب الشمال.. تارة تضربنا بِجدار لنبكي، وتارة ترمينا بحديقة مليئة بالزهور لنحيا..

حاولت إن المح أيَ شيء من حولي
كان المكان شديد الظُلمة وخانق، لقد شعرت بإلم يفتك كتفي وبرودة قارصة تقضم أطراف أصابعي

لقد مضى يومان..
في اليوم الأول فتحوا الباب وأغرقوا جسدي بِماء شديد البرودة دون سبب
لم أجفل فقد كُنت هادئاً في عالم آخر
كان جسدي وحيد مني.. يتلقى جميع الأشياء دون إن يُبدي أيَ ردة فعل.

اليوم الثاني كان مُختلف، قد أجتمعت الظلال وبدأت تهمس لي بأستمرار بأفكار سوداوية خبيثة!
حاولت قدر المستطاع إن لا اصغي إليها فبدأت أُردد كلمات مختلفة بين حين وآخر

أرخيت جسدي بعدما شعرت بأن أقدامي تخدرت جلستُ أرضاً ومددتُ ساقاي أُريحهما مُنحنياً بضعف أغمضتُ عيوني لأنام لكن النوم جافاني مُنذ دخولي لهذهِ الغرفة الكئيبة

بعد ثواني فتحت عيوني لكن ما من فرق
فإن أغمضتهما أو لم أفعل فالظلام واحد هُنا
رفعت يدي ورحت أمسح على رأسي الحليق ولم أمنع نفسي هذهِ المرة عندما أنتابتني نوبة ضحك هستيرية.. ضحكت بقوة إلى إن شعرت بدموع تتسلل من عيوني وقبل حتى إن أمسحها أفرطتُ في أنزالها وبكيت بشدة

بكيتُ حالي.. وكيف أنني قد سمحتُ لنفسي بالأتجاه صوب أفعال شنيعة مثل هذه
أنا أستحق كُل ما حدث لي وما سوف يحدث.

ابتلعت ريقي بصعوبة مُتنهداً، وعندما رفعتُ يداي لأمسح وجهي رأيتُ إن أصابعي تنثر ذرات مُضيئة
بللت شفتي المُتشققة وأنا أسند ظهري على الجدار مُقرباً يداي لوجهي لأردف بصوت مبحوح

"واخيراً هُناك ضوء صغير في نهاية الظلام"

ما إن أنهيت جُملتي فُتح الباب على مصرعيه
تسلل ضوء قوي للمكان فـضيقت عيناي محاولة مني لأن أرى، دلف الأصلع وقد كان معهُ فتى هزيل الجسد ذو شعر أصهب، كان يبدو شاحباً وفاقداً للحياة  أردف الأصلع وهو يشير بيده عليّ ناظراً للفتى

"هذا من ستكون معه في نفس الغرفة من
الآن وصاعداً، قالع العيون زودياك "

عقدتُ حاجبيّ بعدم فهم وأنا أنهض، ركزتُ بصري على الفتى النحيل الذي يقف بسكون وهدوء وقد كان بدورهُ ينظر لي بعيون لا روح فيها

زودياك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن