أصهب

114 28 33
                                    

أصابعي أكلتها وأنا أنتظر الوقت أن يمضي!

كانت الليالي موحشة، شديدة البؤس وهي تسير دون رجعة، مُكررة خلفها يومًا يليه يوم..

أصابنا الملل ونحن ننتظر أن يحدث شيء، أن يتغير في حياتنا اللعينة أمرٌ يُعيد في داخلنا الشغف مُجددًا.

لكن تبدأ رياح الأيام تأخذنا صوب اليمين وصوب الشمال.. تارة تضربنا بجدار لنبكي، وتارة ترمينا بحديقة مليئة بالزهور لنحيا..

حاولتُ أن أمسك بأي شيء من حولي.
كان المكان شديد الظلمة وخانقًا، لقد شعرت بإلم يفتك كتفي وبرودة قارصة تقضم أطراف أصابعي.
لقد مضى يومان.

في اليوم الأول فتحوا الباب وأغرقوا جسدي بماء شديد البرودة دون سبب.
لم أجفل، فقد كنت هادئًا في عالم آخر.
كان جسدي وحيدًا مني؛ يتلقى جميع الأشياء دون أن يبدي أي ردة فعل.

اليوم الثاني كان مختلفًا، قد اجتمعت الظلال وبدأت تهمس لي باستمرار بأفكار سوداوية خبيثة!
حاولت قدر المستطاع أن لا أصغي إليها فبدأت أردد كلمات مختلفة بين حين وآخر.

أرخيت جسدي بعدما شعرت بأن أقدامي تخدرت. جلست أرضًا ومددت ساقاي أريحهما منحنيًا بضعف. أغمضت عينيّ لأنام لكن النوم جفاني منذ دخولي لهذه الغرفة الكئيبة.

بعد ثوانٍ فتحت عينيّ لكن ما من فرق.
فإن أغمضتهما أو لم أفعل فالظلام واحد هنا.
رفعت يدي ورحت أمسح على رأسي الحليق ولم أمنع نفسي هذه المرة عندما أنتابتني نوبة ضحك هستيرية.

ضحكت بقوة إلى أن شعرت بدموع تتسلل من عينيّ وقبل حتى أن أمسحها أفرطت في أنزالها وبكيت بشدة.

بكيتُ حالي وكيف أنني قد سمحت لنفسي بالاتجاه صوب أفعال شنيعة مثل هذه.
أنا أستحق كل ما حدث لي وما سوف يحدث.


ابتلعت ريقي بصعوبة، مُتنهدًا. وعندما رفعت يداي لأمسح وجهي، رأيت أن أصابعي تنثر ذرات مُضيئة.

بللت شفتي المُتشققة وأنا أسند ظهري على الجدار، مُقربًا يداي لوجهي لأردف بصوت مبحوح:

"واخيرًا، هناك ضوء صغير في نهاية الظلام".

ما إن أنهيت جملتي، حتى فُتح الباب على مصرعيه. تسلل ضوء قوي للمكان، فضيقت عيناي محاولة مني لأن أرى.

دلف الأصلع، وقد كان معه فتى هزيل الجسد، ذو شعر أصهب. كان يبدو شاحبًا وفاقدًا للحياة. أردف الأصلع وهو يشير بيده عليّ، ناظرًا للفتى:

زودياك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن