حرب النفس البشرية

146 44 60
                                    

لقد قاومتُ حتى سقطتُ صريعًا.
وقعتُ للقاع وانتشلتني أصابع الوحدة والأسى.
هل تعرف أمرًا؟

هناك تفكير لا أزال أفكر فيه، وكنت أسخر منه، لكنني أدركت بمرور الأيام المملة أنه حقيقي.

وهو أنك إن استسلمت لنفسك الشهوانية، سترتكب الكثير من الأخطاء التي ستكون عقبات أمامك في المستقبل القريب.

(إن التحكم بشهواتنا هو خلاصنا)

فمثلاً أنا أعتبر نفسي أكبر كتلة شهوانية على هذهِ
الأرض الكروية.

أنا استسلمت لتلك الشهوات طوال حياتي
فأصبحت أسير الخطايا
والخلاص بعيد كل البعد عني.

المواجهة... نحتاج إلى الصراع بكل خلية فينا
هذهِ الحرب تخصنا نحن بكل ما فيها
(حرب النفس البشرية)


قلبت عينيّ وأنا أُحدق بوجه الأصلع الذي أخذ يلعق صف أسنانه الأمامي بلسانه وهو ينظر إلي.

عدتُ والقيت نظرة لداخل الغرفة وأنا أشير ناحيتها وقد انتابني الملل والكآبة الشديدة عندما نظرت إليها.
"هل تظن أن اللون الأسود سيجعلني مرتاحًا؟"

حرك كتفيه غير مهتم وهو يدخل للغرفة أمامي فتبعته ودخلت.
"لقد صبغتها لك بنفسي، تنتظرك أيام مميزة فيها يا زودياك."

تفحصت ظهره العريض وأنا أحك أنفي بسبابتي.
"فعلاً، من الواضح أنك تخبئ لي الكثير."

ضحك بصخب وهو يلتفت لي يربت بكف يده الضخم على كتفي الأيسر متحدثًا بشكل سينمائي بطيء.
"لدي مفاجآت ستجعلك تكره نفسك."

انتابني شعور مقيت وأنا أنظر إليه. إنه يظن أنني سأكون وديعًا للمدى البعيد، وهذا ما لا أستطيع الثبات عليه إطلاقًا.

رفعت يدي اليمنى وامسكت كف يده أخذت أعتصر يده بقسوة وأنا أنظر له بجمود.
اجتاحتني الرغبة بالضحك وأنا أنظر لوجهه كيف تغير أخذ يسحب بيده محاولًا إفلاتها.

قربت وجهي من خاصته وقد تجمد ناظرًا لي بذعر أخذ يرمش عندما تحدثتُ ولفحت أنفاسي وجهه البغيض المحمر.
"مهما فعلت، فإنت الذي سيتفاجئ إيتُها الصلعة اللامعة."

وضعت يدي الأخرى على صدره ودفعته بقوة للخلف فتعثر، لكنه تدارك نفسه قبل أن يقع واعتدل خارجًا بسرعة مغلقًا الباب خلفه.

تنهدت وأنا أنظر إلى جدران الغرفة السوداء، ولولا الضوء المعلق بوسطها لكنت لا أرى شيئًا.
اقتربت إلى السرير واستلقيت عليه.

زودياك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن