وضعت رأسها على طاولة مكتب الإستقبال و قالت برجاء:أرجوك...إنها ورقة لا أكثر...ماذا سيحصل لو أعطيتني إياها
تجاهلها الممرض بضيق و قال:أنت تكررين طلبك هذا منذ ساعات و حتى لو بقيتي إلى ان تنتهي ورديتي و تبدأ وردية زميلي فسيبقى نفس الجواب...إلا اذا شكرتني على مجهودي بإكرامية مجزية
رفعت شعرها الذي اكتسحه السواد صابغا نصفه و تراجعت لتجلس على إحدى الكراسي...كله بسبب ذاك الحلم او ربما الكابوس الذي جعلها تأتي إلى هنا منتصف الليل دون تفكير...كانت تحوم حولها أطياف تسألها عن أصلها...من تكون ...من أين أتت...جعلها ذاك الحلم تعيد التفكير مجددا و بما أنها تمتلك عمرا مديدا الآن قررت استغلاله في الإجابة على السؤال الذي لطالما حيرها "من أنا؟"
أراحت ظهرها على الكرسي محاولة إيجاد طريقة تستطيع بها الحصول على رسم ولادتها...لكن دون جدوى فهي هنا منذ ساعات مع هذا الممرض الفاسد الذي لا يريد منحها مطلبها دون رشوة و قد إنتهت كل أموالها بالفعل...أخرجت هاتفها و إتصلت بدايمن طالبة مساعدته ثم نهضت مخاطبة الممرض:هناك من يود الحديث معك
أخذ الهاتف مبتسما بسخرية و قال:ماذا؟!هل ستهددينني بحبيبك؟
تبددت ابتسامته فور رؤيته وجه دايمن و حلت محلها معالم توتر كبير و عرق يبلل وجهه و قال:عذرا سيد شين لم أكن أعرف أن لها علاقة بك
قلب دايمن عينيه و قال:سأعاقبك على فسادك فيما بعد..أما الآن فافعل أي شيء تطلبه الآنسة بينيت
هز الممرض رأسه بسرعة و أعاد لها الهاتف فشكرته بلطف ثم قالت:أريد رسم ولادة يعود إلى عام 98
طلب منها أن تلحقه إلى أرشيف المشفى و فتح لها الباب قائلا:أشك أنك ستستطيعين إيجاده فبحسب التاريخ فإن الرسم قديم جدا...المهم ابحثي كما تشائين
شكرته رغم تصرفه السيء معها ثم شمرت عن ساعديها إلى أن وجدت سجلات لعام 98 و 99 لكنها كانت صعبة القراءة بسبب قدمها...استسلمت بعد ساعات من البحث..لا تعلم هل معلوماتها خاطئة أم أنها في المكان الخاطئ...لا يعقل أن تكون معلوماتها خاطئة فقد وجدوها أمام الميتم في عمر الشهر عام 98 ...هذا ما أخبرتها به مديرة الميتم...تغيرت ملامحها فور تذكرها لتلك المرأة...كيف لم تفكر بها منذ البداية؟؟لا بد أنها تملك معلومات عنها أكثر من أي شخص...أعادت السجلات إلى مكانها و انتقلت بشكل آني إلى وجهتها الجديدة....ميتمها
|■|■|■|■|■|■|■|■|
اشرقت الشمس منهية حياة الليل الصاخبة ليتجه كل شخص إلى مسعاه محاولا تحريك عجلة حياته..لكن هناك من انكسرت عجلته مسببة آلاما ابدية و ندوبا لا تشفى
دخل غرفتها مخفيا صندوقا صغيرا خلف ظهره ليجدها تجلس بشرود فوق سريرها ممسكة هاتفها بترقب..تنحنح فرفعت رأسها ليجد عينيها مغرورقتين فابتسمت بلطف و قالت:صباح الخير بابا
قرر ألا يسألها فبما أنها لم تشاركه حزنها لن يضغط عليها فقال مجاريا إياها: صباح الخير...لكن لدي سؤال..من تكون فتاة عيد الميلاد لليوم؟
تظاهر التساؤل فابتسمت بلطف و قالت بطفولية:اممممممم لا أعلم...من يكون يا ترى؟
أخرج الصندوق من خلف ظهره و قال مادا إياه لها:عيد ميلاد سعيد حبيبتي
قبل جبينها ففضت غلاف العلبة بحماس لتجد بها علبة أصغر ففضتها لتجد داخلها علبة أصغر منها..ناظرته بانزعاج فقال ملطفا الأجواء:لإضافة بعض التشويق
نفخت بضيق ليتطاير شعر ناصيتها و تابعت فض الأغلفة لتجد مفتاح سيارة لكن الغريب أنها لم تكن تحوي شعارا لشركة مرموقة و لا حتى شعار شركتها بل فقط حرفا C و S متداخلين...لاحظ أن استغرابها قد زاد فسحبها إلى المرآب و أغمض عينيها ثم سار بها بضع خطوات و أبعد يديه لترى أمامها سيارة سوداء بتصميم جميل لتستدير إليه فاتحة فمها بذهول فقال:صحيح أن صنعها استغرق عشر سنوات كي أتأكد من أن فتاتي ستكون آمنة عند ركوبها
عانقته بسعادة و بدأت تتفقد السيارة بذهول قائلة:نفس التفاصيل التي رسمتها
ابتسم لها بلطف ليشعر باهتزاز هاتفه فأجاب على الاتصال ليصله صوت سيلين:هل كارولاين بجانبك
مد الهاتف لها قائلا:كارن...أمك على الهاتف
أخذت الهاتف باستغراب فليس من عادة سيلين الاتصال بها لتردف الكبرى:هل عيد ميلادك اليوم؟
شعرت بالفرح لأن أمها قد تذكرت يوم ميلادها فأجابت بنعم لتردف سيلين بصوت بارد: جيد...أقيمي حفلا و ادع شركاءنا فسبباتك طيلة السنة الماضية تسبب في انخفاض قيمة أسهم الشركة التي تشرفين على تسييرها...علينا ان نظهر الإهتمام و إلا فإننا سنعلن الإفلاس عما قريب
تبددت إبتسامتها الواسعة و تحولت إلى دموع فقالت بصوت متهدج:كما تريدين
أعطت الهاتف لدايمن ففصل الخط و حاول مواساتها لكنها مسحت دموعها قائلة:لا داعي...لقد توقعت ردها...سأطلب من بوني أن تتصل بمنظم الحفلات كي يجهز كل شيء و أنت أرسل اللدعوات...و شكرا على الهدية
|■|■|■|■|■|■|■|■|
وقفت أمام ذاك الميتم الذي تغير عن آخر مرة رأته فيها:يبست الحشائش المحيطة به و صارت بوابته العملاقة صدئة تصدر صريرا مخيفا كلما هبت نسمة هواء أما البناية نفسها فقد تحولت لجدران تكسوها الطحالب و اللبلاب..دفعت الباب فاصدر صريرا عاليا جعلها تسد أذنيها ثم تابعت خطاها بترقب تحسبا لأي شيء...كانت تستعيد سنواتها السبع التي قضتها هنا:الليالي التي كان فيها القمر و قطها الأسود صديقيها الوحيدين.....حين كانت تعاقب دون سبب و حين كانت تحرم من الطعام لسبب تافه...كله بسبب تلك المديرة الشريرة كما كانت تسميها.......دلفت الباب الخشبي العملاق لتغزو رأئحة عفنة أنفها و كأنها رائحة جيف متحللة.....شعرت بحركة من خلفها فالتفتت لتجد معولا ينهال على رأسها لكنها ناورته و أمسكت الفاعل لتجدها سيدة عجوزا...لكن وجهها كان مألوفا بشكل كبير فقالت باستفهام:المدير
القت العجوز المعول و قالت و دموع الفرح تملأ عينيها الغائرتين:سيبل...أهذه أنت صغيرتي
ارتمت العجوز معانقة اياها بسعادة و قالت:صغيرتي لقد كبرت و صرت شابة جميلة متكاملة...لابد من انك اشتقت الي لذلك جئت لزيارتي ...اليس كذلك ؟
لطالما كانت سيبل تملك بعض الكره ناحية المديرة بسبب تعاملها القاسي و الغير مبرر لكنها الآن مجرد عجوز و بما أنها تسكن في هذا المكان الذي صار مهجورا فلا داعي للكسر بخاطرها اكثر لذلك ابتسمت بلطف و قالت:أجل...و ايضا اريد أن أعرف بعض الأشياء عني
اتجهتا إلى إحدى الارائك بعد أن احضرت المديرة كأسي شاي و قالت:إذن صغيرتي...ماذا تريدين أن تعرفي
بدأت سيبل في تحريك كأس الشاي بشكل دائري و قالت:من احضرني إلى هنا؟
تنهدت المديرة و قالت:صحيح أن الكثير من الأطفال قد احضروا إلى هذا المكان سواء أقبلك أو بعدك لكن لا أستطيع أن أنسى كيف جئت...في الواقع لم نجدك أمام الباب بل تم إحضارك و التوصية على الاعتناء بك بشكل متعمد....و قد أمرت أن لا أجعل اي شخص يتبناك غير عائلة بينيت
اعتدلت سيبل في جلستها و قالت:ماذا تعنين؟هل رأيت والداي؟
هزت المديرة رأسها نافية و قالت:لم أر وجهه فقد كان يضع قناعا و يرتدي برنسا يخفي كامل جسده حتى يداه كان يرتدي قفازات لإخفاءها و كذلك صوته كان مشوشا و غير واضح
زاد استغراب سيبل فمنحتها يدها و قالت:اريني ما رأيت ذلك اليوم...ألم تخبرينا أنك تستطيعين معرفة حقائقنا بمجرد لمس ايدينا
حاولت المديرة الرفض لكن سيبل قالت بحزم:أنت ساحرة...رائحة السحر تفوح منك و لا بد أن قدرتك هي معرفة حياة الآخرين....أرجوك
تنهدت المديرة بقلة حيلة و أمسكت يدها فتغير المكان من حولهما إلى مكتب المديرة قبل خمس وعشرين سنة...كانت تجلس هي خلف مكتبها ليدلف الغرفة رجل فارع الطول يضع قناعا و يحمل مهدا به طفلة في عمر الشهر و قال بصوت مشوه:أريدك أن تعتني بهذه الفتاة
نهضت المديرة بابتسامة و قالت:طبعا سيدي...كل ما نحتاجه هو توقيع الاوراق لكن..من حضرتكم
استطاعت المديرة استشعار نظراته المميتة الموجهة نحوها فأردف: أأنت مديرة ميتم أم محققة؟
عقدت المديرة حاجبيها بانزعاج و قالت:عذرا سيدي لكني لا أقبل هذه الوقاحة في مكتبي
انحنى الرجل عند وجهها و قال:اسمعيني أيتها الساحرة....اتسعت عيناها بذهول فتابع:أنا لست هنا لاطلب منك صدقة أو جميلا...أنا هنا لآمرك و إلا فإن مصيرك لن يختلف عن مصير بقية السحرة الذين احرقو أحياء
بدأت يدا المديرة ترتجفان و قالت:اعذرني..لم يكن علي تخطي حدودي
استقام الرجل في وقفته و قال:جيد...الفتاة اسمها سيبل و عمرها الآن شهر بالتمام و الكمال...أريدك أن تربيها هنا و لا تعامليها اي معاملة خاصة...و لا تسمحي لأي عائلة بتبنيها عدا عائلة بينيت....مفهوم؟
قال الأخيرة بأمر فهزت رأسها إيجابا ثم خرج
عادتا إلى العالم الواقعي فشعرت سيبل أنها سبق و رأت هذا الشخص من قبل..في إحدى رؤاها....بدأت المديرة تمسح على شعرها بلطف و قالت:شكرا صغيرتي...بقد حاولت مساعدتك ما امكنني لكن ...
أمسكت سيبل شعرها معيدة إياه إلى الخلف و قالت:كل ما أريده هو أن أعرف من أكون؟من أين جئت؟من يكون والدي؟هل لدي إخوة ؟كلما شعرت بأن حياتي قد استقرت و قد قاربت على بلوغ هدفي تنقلب حياتي مجددا #رأسا_على_عقب
ربتت المديرة على كتفها و قالت:ما رأيك أن تشربي شايك كي تريحي أعصابك قليلا فالتفكي الزائف مضر بك
هزت رأسها مواقفة و شربته ثم نهضت مودعة إياها و سارت في الردهة لتسمع صوتا صادرا من إحدى الغرف فدخلت لتجد فتاة نحيلة جدا قد التصق جلدها بعظمها تحاول الصراخ و كل ما استطاعت قراءته من حركة شفتيها هو "اهربي"
لطالما كنت فضولية سيبل..و فضولك هذا سيكون سبب موتك:نطقت المديرة من خلفها فابرزت مخالبها متخذة وضعية الهجوم و قالت:ماذا تريدين مني؟
لاحظت ابتسامة ساخرة على وجه المديرة فبدأت رؤيتها بالتشوش شيئا فشيئا و شعرت بخدر و ثقل في جسدها و أن جفنيها ثقيلا فجثت على ركبتيها لتسقط فاقدة الوعي
|■|■|■|■|■|■|■|■|
كان القصر غاصا بموظفي الحفلات بينما تشرف بوني على مكان الزينة و الطاولات و ما إلى ذلك و قد تم إختيار قاعة الرقص المشرفة على الحديقة مكانا لإقامة الحفل..لمحت دايمن بين الحشد فذهبت إليه قائلة:داني...حان وقت دواء كيد
هز دايمن كتفيه و قال:ما دخلي أنا؟هل أنا الساحر المعالج الخاص بالقصر؟
اظهرت وتدا خشبيا وضعته عند قلبه و قالت:أظن البرج التالي سيكون برجك...كما أني لست منحرفة كي ادخل الغرفة و اعالجه فأنت تعرف أن علاج الكبسولة يتطلب أن يكون الجسد عاريا تماما
تنهد بقلة حيلة و قال:حسنا حسنا اعطني التركيبات اللازمة و سأقوم بوصلها
دخل الغرفة لكنه خرج بعد لحظات قائلا باستغراب:بوني...أمن الطبيعي أن تظهر جروح من العدم على جسده اثناء العلاج؟
ناظرته باستغراب ثم شهقت قائلة بفزع:سيبل...لا بد أنها في خطر
.
.
.
.
.
.
مرحبا اعزائي...هذا فصل اليوم اتمنى أن يعجبكم..حاولت فيه تسليط الضوء على ماضي سيبل قليلا باعتبارها إحدى أبطال الرواية و ايضا ستنكشف بعض الحقائق عنها و عن سيلا في الفصل القادم
قيمو الفصل من عشرة و ما توقعاتكم للقادم من تكون سيبل
بحبكم
سلاماتووووووو 💞💗❤️🩹💕💓✨️❣️💘💖
أنت تقرأ
UPSIDE-DOWN رأسا على عقب
Vampireماذا لو كنت هجينا من دمي جنسين او استيقظت يوما ما لتجد نفسك صرت مخلوقا لم تكن تصدق حتى بوجوده و تعتبره لسطورة فقط بل و تجد ان من يحيطون بك لهم علاقة بماض دفين لا تملك عليه أدنى فكرة هذا هو السؤال الذي طرحته بطلتا قصتنا و تتساءلان كيف تحولت حياتنا...