زَخـرتُ ..فـإعـذرنِـي.

36 7 9
                                    

جِئتنِي اليوم مُتأخرًا،
وبَين يديكَ كِيسٌ بلاستيكِي.

لم تَنظر إلىٰ وجهِي وصَعدتَ لـغُرفتكَ مُباشرةً،
إذ أننِي عُدتُ دِيلارَا، ولم أُصبح دِيلان.

تَجنبتنِي لـسبعةِ أيامٍ،
لم تُبادر بـمُصالحتِي، ولم تَتساءل ما عِلتِي.

فقَط تتركُ العَدساتَ والمِكواة جَانب سرِيري،
وكـأنه رجَاءٌ مُشفَّرٌ أن أعطِف علىٰ حَالِكَ فـأرضخ.

وضعتُ الطعَام علىٰ سطحِ طَاولتنَا،
وأثنَاء ذلكَ دَق البَاب،
فـأدركتُ أن الوقتَ قد حَان.

إستَلمتُ طَردِي وصَعدتُ أضعهُ في درجٍ بـجِوار سرِيرنا.
ولـحَظِّي كنتَ تَستحِم حِينهَا فـلَم ترَانِي.

خَرجتَ وتنَاولنا طعَامنا في صمتٍ وهدُوء،
إلىٰ أن كَسرتَهُ بـصوتٍ قد تحرقتُ شوقًا لـسمَاعه.

"ألَم تُفكرِي قَبلًا في تغيِير لونِ شعركِ؟"

أهذَا ما تُفكرُ بهِ بعد خِصامِ أسبوعٍ؟

"لـلبُنِي، صحِيح؟"
تَبسمتُ ساخِرةً حِين تَراءت لِي دَهشتكَ.

أنتَ تتسَاءلُ كيفَ علمتُ،
وأنا أتسَاءلُ لمَ لستُ دِيلان.

خَيَّم الصمتَ علينَا مُجددًا،
فـقَد شعرتَ بـتغيُّرِ نَبرتِي وغرَابة الأجوَاء.

أنَهَينَا طعَامنَا،
وصَعد كِلانا لـلغُرفة.

أنتَ نِيةً في النوم،
وأنا نِيةٌ في حَسم نهَايتنَا.

وقفتَ قلِيلًا نِيةً في إخفَاض الإضَاءة،
وإنا جلستُ علىٰ السرِير قِبالتكَ.

نطقتُ إسمَ دِيلان،
فـثَبت جَسدكَ علىٰ وَضعيته تُصغِي إليَّ بـإهتِمام.

"مَن تكُون؟"
رغمَ عِلمي سَألتكَ.

فـلـرُبمَا يلِينُ قلبكَ نَاحيتِي فـتُشفقُ علىٰ حَالِي وأحوَالي، وتُصارحنِي.

لكِنكَ وكـالمُتوقع تجَاهلتَ،
وكـأن وجُودِي عَدم،

فـقطعتَ آخر شِريانٍ في قلبِي،
وتَمتَّعتَ بـسيلانِ دمهِ الفَائِض مِن عَينِي.

"دِيلارَا،
مَالذِي يَربطكَ بـهذَا الإسم؟"
عُدتُ أفتَتحُ مَوضوعنَا ثانِيةً مِن جِهتِي.

وفَور أن تَبدَّل الإسم، تَبدَّل الحَال،
فـإنقَلب إصغائكَ إلىٰ ضجرٍ، وإهتِمامكَ إندَثر.

وبـضيقِ صبرٍ خَاطبتنِي.
"فقط إختَصرِي، مالذِي تُرِيدينه؟"

لَبيتُ مَطلبكَ وإختَصرتُ،
رغم أن ندُوبِي تحتَاجُ وقتًا لـتُشفَىٰ.

فـأخرجتُ صُورتكمَا ووَضعتها في كَفكَ،
وحِين أبصرتَها، إنقَلبت ملامحكَ،
فـقد أدركتَ كُل شيء.

عَيناكَ فَرغت مِن نجُومِها،
وكـأنكَ في بُعدٍ آخرٍ مَع حبِيبتكَ،
تَتناقشَان حَول ردةِ الفِعل المَطلوبة.

صمتُكَ دَام وعينَاكَ راكِزةٌ علـىٰ صُورتيكما.
وكـأنَّ مَوطنكَ كَامِنٌ في مَلمحهَا، كما مَوطنِي بين عينَاك،

لـكنَّ عَيناكَ لم تَصُن،
فـقد أضرمتَ بموطنِي النِّيران حدَّ الفنَاء.

فـبِتُّ أُكسىٰ رمَادًا.

"مَن أخبركِ؟"
سـألتَ بعدَ دقِيقةٍ صمتٍ مَنكَ،
وأدهُر إنتِظارٍ مِنِّي.

تَجاهلتكَ كَما تجَاهلتنِي،
وطَرحتُ ما سـيُحددُ مَصِيرَ الأقَلام،
إن كَانت سـتُرفع في الخِتام،
أم سـتَنثرُ إزدِهاراً تُمحىٰ بهِ الآثام.

"أتنوِي العِلاج؟"

ومَع تهكمِ ملمحكَ،
علمتُ أن مصِيرنَا قد حَان.

غَضبتَ وتَجهَّمتَ، قَائلًا أنكَ لستَ مرِيضًا.
أعلَنتَ رفضًا شدِيدًا،
فـنُحرتُ نَحرًا فوقَ النَّحرِ.

مَددتُ يدِي،
وفَتحتُ الدُّرج المَعلُوم.

أخرجتُ وثِيقة طلاقنَا، وأمسكتُ قلمِي،
فـترَاقص الحِبرُ علىٰ الورقة، مُشكِّلًا إسمِي.

وفَور إنتهَائِي،
رُفعَ القَلم.

أعطَيتكَ الأورَاق لـيُبادر قَلمكَ بـالخُطو.

تجَاهلتُ نَظراتكَ المُستَنكِرة وأخرجتُ حقَائبِي أضع بهَا حَاجياتِي، وكَان مقصدِي بيتُ أبِي.

فـقَد إنتهَت حِكايتُنا،
حِكايةٌ مَملؤةٌ بـالفرَاغ.

إنكَ تَبتغِي حياةً صُحبةَ وهـمٍ فـإعذِرنِي،
فـإنِّي حقِيقيةٌ أيُّها النَّجمِي.

أمسَكتَ رُسغِي تُحاول مَنعِي،
إستَحضَرتَ شَخصيتكَ الرقِيقة المُحبة،
قُلتَ أنكَ تُحبني، أقسمتَ أنكَ تهوَاني.

وعلىٰ أثر آخر كَلمَاتكَ،
إلتَفتُّ لـنَجمتَاكَ،
أُصارحهَا بدَلًا منكَ.

"أنتَ لم تَهوانِي يومًا،
بل إقتَبستنِي،
وإقتَبستَ هواكَ مِن عينيهَا".

حاولتَ رَدعِي، حَاولتَ مَنعِي،
لكِنِّي زَخرتُ ..فـأعذُرنِي.

وَهــمٌ.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن