عند حاتم جلس على طاولة المحل وضغط على راسه بهدوء وبصداع اعلن جواله بصوت متصل رفع انظاره لناحية جواله واعتدل بجلسته من قرأ اسم المتصل ،
صدّع وتضاربت احاسيسه اشتغل فكره ما هَدأت انفاسه تلخبط شعوره واشتغل بحناياه لهيّب !
وماكان هاللهيب الا ليحرق شعوره وكيانه وحتى احساسه بقرابة هالمتصل القهر والغبنه اعمته رفّة عيونه مثل الجنون بلحظة عماه أخذ الجوال ووضعه قريب من أذنه غمض عيونه من سمع صوته
وماكان هالمتصل الا ... ناهد،،
أخوه من لحمه ودمه قرابتهم المفروض تكون أقرب من خوة عناد لحاتم اللي ينضرب لهم مثال خوة النجوم للقمر وعناد ماهو بأخوه فما باله ب أخوه ناهد اللي مايدري وين دياره ولكن المسافات أجبرتهم بالقطاعه وبتر كلمة الخوه حقد مدفون بداخل حاتم ياما بكت امه على اخوه المفقود واللي اختفى بلحظة ليل ما اصبّح الصبّح بغمضة العين قام على صراخ امه واستنجاد خواته فيه أيه هو اخوانه تركوا خواته وأمه برقبته
وكلٍ منه اللتفت لحياته الخاصه ماعدا هو حرم نفسه النوم ولذة الحياه وحتى شرب الماء الهني قبل ما أمه وخواته يتهنون
استمع لأنفاس اخوه بدون كلمة تفوه فيها غلطان ولا فهيّم اعتذار ولا سماح قرابه ولا عداوه
مايدري وش موقع أخوه بين هالخيارات
وش جابك ياغريب حتى الديار ماعادت تعرفك تبي تسمع اخباري ؟ تبي تدري وش جرالي ؟اعرف ان النفس ماعاد تغليك والخوه انا ابايعها ولاعاد اشتريها من طاح من محجر العينين ما ارده
بعاملك مثل ما اشوفك تعاملني وعلمني الحين وش كنت مسوي فيني يعني اعطيك الثقه وتردها بلوي الذراع مدري كيف ارد الصاع صاعين ،
بنبرته الهاديه مليئه بالأحراج والخجل وهو عارف بطبع اخوه ناهد الخجول : حاتم أبوي ، غمض عيونه بعنف وضغط على مكان قلبه بقوه ، كثير على قلبه هالكلمه وكثير عليه حمل الشعور ، ناهد من شاف صمت حاتم أكمل كلامه بتنهيدة خاطر وخجل عارم على فعلته : شوفني وراك يابو حارث ،
أخذ عدة ثواني يستوعب كلامه وبالفعل أستقام بوقفته أستعجل بخطاويه وأستوقف امام باب المحل لاخطوه ولا كلام ولا نفس ولا هدوء بس تضارب الأحاسيس ماشيه معه ، يشوف قباله أخوه أيه اخوه الغايب من ثلاث سنين ولكن هذا مو اخوه اللي عاهده حامل بيده طفل خمن عمره مايتجاوز السنتين ، تغير كثير مظهره معطيه أكبر من عمره ،
أبتدا صوت الصخب وماكان هالصوت من بشر حولهم أنما كان شعورهم عالي وصااخب شعور حاتم هنا مثل الذي تشهقه مشتاق وتزفره بأنين ماجنى من الهوى غير التعب وماحمل غير المأسي الحِطام ،
وكان شعور ناهد مثل الذي ضاقت روحه من أحزان عمره وصاح من الشوق برغم المسافات مابينه وبين أهله رغم الحدود .. البحار.. السدود عاش على ذكرى وجودهم حوله كان يضن أن قلبه باسلُّ يقوى على الهجران لايتعذّب ولكن ظلّ صبره وبأنه يعيش طيلة حياته بعيد عن أهله وناسه ..
فكره تنهش روحه وتتعبه كثير ...
شوق بقلب ناهد تعلق على منظر حاتم مستقيم بوقفته
شامخ أصيّل وبحالته المعتاده له هيبته والواضح تعذب كثير من ملامح وجهه المتعبه والباهته انحنى ناهد بظهره ونزل طفل وامسك بيده اقترب..
واقترب اكثر واختصر المسافه استوقف امامه وترك يد الطفل ارتفعت يداه لحد اكتاف حاتم حضن حاتم بقوه كل حكايه وكل ضحكه وكل شعور توقف هنا غياب ثلاث سنين يتجرع الالم والاختفاء والهروب ..اختصره ناهد بحضن عميق اختبى وجهه بداخل كتف حاتم اعتصر عظامه بيديه مابينهم مسافه ولكن مثل النجم البعيد للقمر قريب ،
وللبشر بعيد ناهد بصوت متجرح وبغصه تمكنت صوته : مابقى من عمري لاجل اعيشه بعيد عنكم ،
ارتجف جفنه واذرفت الدموع من عينه ، خانه الشعور واوجعه البعد وشد على حضن حاتم ،وماكان من حاتم الا الجمود حتى مابادله الحضن ونظرته كانت للأمام لا انحناء ولا استقامه ،
شعور زائف ونار تحرق جوفه اخوه يستنجد فيه بالغرق ، يطلب العون ومو قادر بمدة اليد اخوه اخوه اوصاه ربه بيدينه تكرمه وتعزه وتوفي مقامه لكن ناهد كان بعيد البعد عن حاتم ياكيف يوفيه مقامه وهو لايعرف اخباره يااااكيف يتنفس بنفس المكان الموجود فيه ناهد الخاين والغدار مابيه يوم وليله هرب !
ايه نقولها هرب مايسويها الا الجبان ويا للأسف ولد حارث جبان عجز عن مواجة الحياه وهرب !
صفت الدنيا بوجه حاتم وحيد وانصقع بشمس المحارب والظروف ياهي توجع سؤال البشر
" ياحاتم اخوانك وينهم عنك " اي بالله وينهم عني شوفهم ماهم بحولي حتى انهم ابعد لي من نجوم السماء لاداري عن اخبارهم ولا اعرف هم تحت الارض اللي امشي عليها ولا انهم بنفس دياري ولا انهم هاجروا هالديار ولا ودهم فيني وابتدا خصام عقله وقلبه مابين شعور تائه وشوق بلقاء اخوه يزيد ابتعد ناهد ومسح على عيونه وهو منزل راسه كان بينهم طفل صغير مافهم وش قاعد يصير حاضن ساق ابوه بطفوله وخوف
أقترب وهمس حاتم من مسامع ناهد : أمك بتستقبلك بالاحضان وبتلم جروح الهجر والغياب وأنا .. لاتنتظر مني سماح ولا قبول أعذارك ، أبتعد عنه وقبل مايصد بنظراته : لاتلوم صدي عنك أنت ماقصرت فيني موقفك جدًا شجاع طعنتك بالظهر فعلا كانت اثبات ودليل ، كزّ على أسنانه ونزلت أنظاره لتحت ناحية الطفل اللي تعلق بساقه ، بساق حاتم !
يتمسك فيه قبل مايطيح من شاف صد أبوه ، رفع هالطفل الصغير ايديه لحاتم بطفوله ومو فاهم شي حوله ، أنحنى للأسفل وحمله وبصوت غريب : حارث ؟ أرتفت أنظار ناهد والدموع حوله والبهوت بوجهه والتعب واضح عليه لعيون حاتم وبوسطها لهيّب يحرقه ويحرق من حوله ،
هز ناهد راسه بالنفي وببحه : ماقويت أصير ابو حارث من حقك يكون هالأسم لولدك ، كانت نظراته ثابته وسرعان ما مدّ هالولد لناحية ناهد واخذه ناهد من أيديه وقبل مايصد حاتم بظهره وبجمود : بيت أبوك تذكرت ولا الهجر نساك مكانه ؟ عالعموم تلقاه نهاية الشارع بجانب مسجد الديّره ،
وغاب عن نظر ناهد تأمل خطوات حاتم لحتى أختفى عن انظاره ، اوجعه تصرف حاتم وجرحه بنسيان البيت اللي تربى فيه وكبّره وآحتواه واللي بيوم غاب عنه والغياب أستكمله بثلاث سنين
-
-