البارت السابع عشر

92 9 4
                                    

ظلت ساعتين جالسة على فراشها لا تفعل شئ سوى التحديق في الفراغ و عينيها مغرورقا بالدموع تحاول ألا تسمح لهم بالحرية، كانت أمها تحاول معها و لكن بلا فائدة و أخيراً هتفت بنبرة حزينة متقطعة.
_ هو.... هو الساعة... الساعة كام؟
نظرت أمها في ساعة الهاتف لتردف بعدما عرفت.
_ الساعة 11.
-11 إيه.
_ 11 الصبح يحبيبتي.
_متعرفيش بقالي قد إيه نايمة؟
صمتت أمها تفكر لثواني ثم أجابت : يعني حوالي 10 ساعات.
إنتفضت "حور" بصدمة و كأن عقرب كان يسكن فراشها و قام بلدغتها.
_ عشر ساعات! أنا نايمة عشر ساعات بس؟
وقفت أمها باستغراب و هي تتفحصها بخوف.
_ مالك يا "حور" مش على بعضك ليه من ساعة ما رجعتي من خروجتك أنتِ و صحبتك؟
_ أنا خرجت إمبارح يا ماما؟
_ يوه إيه يا بنتي؟ أيوة يا "حور" في إيه؟
إلتفت "حور" موالية ظهرها لأمها و هي تشعُر بالدوار الشديد لتتصنم مكانها عندما إتستقرت عينيها على المرأة، إقتربت و عينيها متسعة بذعر.
رأت عينيها اليسرى سالمة لا يوجد بها أي شئ نظرت لذراعيها بسرعة لتتفاجئ بعدم وجود كدمات او جروح لكنها لمحت باطن يدها به بعض الجروح الصغيرة، نظرت لأمها و هي مازالت تحدق في باطن يدها.
_ ماما هو.... هو أنا عيني الشمال مغزوقة؟
شهقت أمها بفزع و هي تضرب على صدرها بقوة.
_ نهار أسود أنتِ بتفولي على نفسك يا "حور".
_ طب.... طب الجروح دي حقيقية؟
أعطت يدها لأمها لتراها و تفاجئت بها تجيب : اه إيه ده إيه كل الجروح دي؟
أمسكت رأسها و هي تشعُر بالصداع الذي يفتك برأسها لتجلس على فراشها مرة أخرى.
_ معلش يا ماما إعمليلي شوية قهوة أنا بس أعصابي تعبانة شوية من ضغط الشغل.
مصمصت والدتها شفتيها بقلة حيلة و هي تتجه للخارج.
_ حاضر ماهو لو كنت سمعتي كلامي و إتجوزتي كان زمانك مرتاحة من ضغط الشغل اللي خلاكي شبه المجانين.
ما أن ذكرت والدتها سيرة الزواج حتى إنفجرت هي في بكاء شديد.
_ يعني إيه كل اللي عيشته ده وهم؟ الشخص اللي حبيته و حبني عشاني أنا طلع وهم؟ الشخص اللي مات بسببي وهم؟ الناس اللي حبتني طلعوا كلهم وهم عشان إزازة.
ألقت نظرة على الكومود لترى الزجاجة التي تناولتها و التي كانت السبب في كل ما حدث لها موضوعة مكانها، أمسكتها بقوة و ألقتها على المرأة لتنكسر المرأة و الزجاجة و ينتثر زجاجهم في الارض.
دلفت" نرمين " و خلفها عائلة "حور" جميعها بذعر بسبب صوت الإنكسار.
نظرت "حور" ل "نرمين" لثواني حتى استوعبت أنها "سونيا" خادمتها، إنقضت عليها كالأسد الذي يصتاد فريسته و قامت بإخراج الجميع بعدما أغلقت باب الغرفة.
_ محدش يدخل عليناااا.
فزعت "نرمين" من طريقتها لتسأل بخوف.
_ في إيه يا "حور" مالك عاملة كدة؟
_ مستغربة أنا عاملة كدة ليه و أنتِ السبب، أنتِ السبب في اللي حصلي أنتِ و الزفتة اللي إدتني الأزازة، ليه؟ ليه حرام عليكوا يارتكوا سبتوني كدة يا رتكوا.
_ إهدي بس و فهميني في إيه أنا عملت اي و زفتة مين؟ و ليه كسرتي إزاز المراية بالشكل ده؟

بعد ساعة و نصف.

_ هو ده كل اللي حصل هو ده اللي حصلي اللي بتمنى أنه يحصلي تاني و تالت بس أبقى معاه أبقى معاه يا "نرمين".
ذُهلت " نرمين" بسبب ما روته صديقتها عن ما حدث معها.
_ أنا مش عارفة إزاي ده حصل؟ أنا عمري ما كنت أتوقع أن الأزازة دي تكون بتعمل كدة.
إبتسمت "حور" بإستهزاء لتهتف بسخرية : عملتوا كدة عشان تخلوني أتجوز بس اللي متعرفوهوش بقى أن الجواز ده خلاص بقى من المستحيلات بالنسبالي عشان اللي حبني مش هلاقي حد غيره يحبني كدة.
_ بطلي هبل يا "حور" ده حلم و حلمتيه هتعملي اي يعني هتربطي نفسك بشخص وهمي؟
_ اه هربط نفسي بشخص وهمي بس قبل ده في حاجة مهمة لازم اعملها.
_ إيه هي؟
أجابت و هي تهم لإرتداء ملابسها إستعداداً للخروج. _ إني أروح للست اللي إدتني الأزازة عشان أفهم كل حاجة.
_ طب تحبي أجي معاكي؟
_ لا أنا عايزة أروح لوحدي بس لو حد منهم سألك على حاجة قوليلهم حلمت بكابوس وحش و خرجت تشم هوا.
_ حاضر بس إبقي طمنيني عليكي.
خرجت "حور" بسرعة قبل أن يسألها أحد لكنها رأت أختها "يمنى" خلفها إلتفتت و سألتها باستغراب.
_ إيه اللي نزلك ورايا يا "يمنى"؟
أجابت ببرائة و هي تتشبث بأختها : عايزة اروح معاكي يا " حور" زهقت من قعدة البيت حاسة أن عندي إكتئاب.
_ إكتئاب! مينفعش تيجي معايا المشوار ده ثم مين اللي سمحلك تنزلي أصلاً؟
_ أصل أنا عملت زيك قلت لماما أنا نازلة مع "حور" و قبل ما ترد جريت عالطول و جيتلك يلا بقى يا "حوريتي" عشان خاطري.
دمعت عين "حور" ما أن تذكرت كلمة "حوريتي" لتمسحها بسرعة و هي تمسك بمرفق أختها.
_ تعالي يا غلطة أنا قعدت أحذر أمك و هي تقولي أنا فيا صحة عشان أخلف تاني و في الأخر جبتك و أنا في رابعة جامعة و بتخرج. 
ذهبت "حور" إلى شارع المعز برفقة أختها و خاصةً المكان التي توجد فيه "نور" لكنها تفاجئت أن المكان مغلق لتذهب إلى إحدى المقاهي الشبابية هي و أختها.
جلست "يمنى" تتناول فطورها بينما إكتفت "حور" بفنجان القهوة، ظلت شاردة تتذكر كل شئ كان يحدث بينهم  و هي تحاول كبت الدموع التي تريد التحرر بأي شكل.

بعد ساعتين

نظرت "حور" لأختها بملل هاتفة :  طب أنا بقى مش عارفة اوديكي فين يا غلطة أنتِ؟
_ خديني معاكي.
_ مش هينفع لازم أروح لوحدي.
صمتت الفتاة تفكر لبرهة ثم أردفت بحماس.
_ أنا عندي فكرة إيه رأيك توديني عند صحبتي "لمار"؟
_ و دي فين بقى إن شاء الله؟
_ مش عارفة بس أنا معايا رقم تليفونها أصل هي كانت كل يوم تتحايل عليا عشان أروح ألعب معاها و ماما ودتني مرة واحدة بس و مرضيتش توديني تاني.
_ طب هاتي الرقم و أنا هتصرف.
أخذت " حور" رقم صديقة "يمنى" و هاتفتها و تحدثت معها هي و أمها و إتفقت معهم أن "يمنى" ستجلس معهم لمدة ثم ستقوم بأخذها.

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

دلفت "حور" المكان المتواجدة فيه "نور" لتراها مثل أول مرة جالسة على الارض، أمامها بلورة تصدر بعض الاضواء و الزجاجات بجانبها في مختلف الألوان، عندما رأتها "نور" إبتسمت بترحاب و هي تسمح لها بالجلوس.
_ كنت عارفة إنك هتيجي يا "حور".
عقدت "حور" حاجبيها بملل و هي تكمل بدلاً عنها.
_ كنت عارفة إنك هتيجي و إنك أول واحدة و مش عارف إيه إختصري كل الهري ده و قوليلي عملتي فيا إيه؟
_ بس أنا معملتش فيكي حاجة.
_ نعم! بعد كل ده و معملتيش أنا شوفت حلم لا شوفت إيه أنا كنت في الحلم ده أنا كنت نايمة، قايمة، باكل، بشرب و بتكلم مع ناس أعرفها و معرفهاش و كل ده و معملتيش ده إزاي بقى إن شاء الله.
هدئتها "نور" مُردفة بهدوء : إهدي و هتفهمي أنا مش هقولك إحكيلي بس من الكلام اللي قولتيه هفسرلك إجابته أولاً الحلم أنتِ دخلتي حلم اه يا "حور" حلمتي كنتي عايشة فيه زيك زي مانتِ عايشة واقعك وارد جداً في ناس بتحلم أحلام بالشكل، ده تعاملتي مع أشخاص تعرفيها ده طبيعي إنك تحلمي بيهم، أما بقى بالنسبة لناس متعرفهاش دي حاجة عاملة زي تلاقي أرواح لو تسمعي عنها هي أن روحك تتقابل مع روح تانية أنتِ متعرفيهاش و ده نادراً و مش مثبت كمان بسبب أنه قليل لما يحصل ممكن تعيشي حياتك في الحلم كأنك صاحية و تحبي و تكرهي و تتعاملي عادي.
صمتت "حور" لتسألها من جديد.
_ طيب الجروح و الإصابات أنا في الحلم خدت علقة و عيني إتغزقت و إيدي كمان إتعورت صحيت لقيت كل ده مش موجود إلا جرح أيدي.
مدت "حور" يدها ل "نور" التي نظرت لها ثم أكملت.
_ أنتِ حلمتي يعني كل اللي حصل ده مش هيحصل في الواقع و بالنسبة لجرح إيدك باين اوي أن ده بسبب ضوافر حد فاممكن تكوني جرحتي نفسك و أنتِ نايمة.
بكت "حور" بحرقة و حزن شديد على حالها لتردف من بين دموعها.
_ بس... بس أنا حبيته أوي و مش عارفة هقدر أتخطاه إزاي أنتِ ليه عملتي كدة أنتِ عذبتيني.
_ أنا معملتش حاجة كل الحكاية إني إديتك إزازة زي منوم تخديها و تنامي من غير ما تفكري أنتِ لما جيتي إمبارح كان باين عليكي التعب و الإرهاق و كثرة التفكير عرفت أنك كدة طول الوقت حتى الربع ساعة اللي بتقعديها مع نفسك قبل ماتنامي تفكيرك كله شغل بس مدتيش فرصة لقلبك يحب او يعمل زي باقي قلوب البنات فانتِ لما نمتي من غير ما تفكري إديتي فرصة لقلبك يحلم و يفكر و يعيش اللي هو عايزه حاولي ولو يوم واحد بس تريحي نفسك و تفكري في نفسك يا "حور".
_ يعني... يعني كل ده من خيالي أنا من تفكيري أنا طب طب أنا عايزة أقول حاجة.
_ إتفضلي.
_ أنا الشخص اللي حبيته و حبني في الحلم أنا شوفته قبل كدة في الحقيقة و إتخانقنا مع بعض بس مكملناش نص ساعة و من ساعتها مشوفتوش و دي كانت أول مرة في حياتي اشوفوه.
إبتسامة خفيفة إرتسمت على ملامح " نور" لتردف بعد تنهيدة راحة.
_ روحي يا "حور" أنتِ خلاص القدر كتبلك و رتبلك كل حاجة مش هتحتاجي تعملي أي حاجة غير أنك تبصي لنفسك بس.

يتبع❤🩶

متنسوش الڤوت

  حور و الزعيم الوهميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن