العدد السادس من سلسلة حكايات د. أنور مختار
أتباع حورسكان الجميع يشاهد في ترقب وحذر، لا صوت يصدر منهم حتي أنه لاحظ أنهم قد كتموا أنفاسهم في لحظات مرت عليهم لم يكونوا داخل عالمهم أو في وعيهم التام، المكان مظلم تماماً ليس سوي ضوء خافت يأتي من الأعلي ويسلط شعاعه علي رجل يقف فوق المسرح يرتدي بذلة كبيرة سوداء وقبعة كبيرة فوق رأسه ولابد أنه ساحر ولابد أيضاً أنه يفعل إحدي لعبه السحرية أمام الجمهور، فجأه وبعد أن إنتهي من عرضه دوي صوت الجمهور من خلفه وإنفجر الجميع يسفق بشدة وإنبهار، كان الحضور في حالة من الرضي التام بعد أن شاهدوا العرض، إنهم يدفعون الكثير من المال لأجل هذه الفقرة بالتحديد، ينتظرون في ملل وشرود حين يدخل المهرج ذو الأنف الحمراء ويفعل فقرته الهزلية الساخرة بعد ذلك وفي لا مبالاة يشاهدون فقرة الرجل الذي يخرج النار من فمه ثم وبقليلٍ من المرح يتابعون بأعينهم الفتتاتان اللتان يطيروا فوقهم مستخدمين عصا مربوطة بحبال من الأعلي ثم يمشون علي الحبال في خفة ورشاقة ولم يسقطوا، كلها فقرات كانت في بدايتها مبهرة ولكن مع الوقت اصبحت مكررة لدرجة الشعور بالملل، مثلما فعل شارلي شابلن عراب السينما الصمتاء والكوميديا السوداء حين وقف ذات يومٍ علي المسرح وألقي نكتة فضحك منها الجميع ثم كررها فإبتسم بعضهم ثم كررها مرة أخري فلم يضحك أحد، العجيب في الأمر أن جميع من في السيرك كانوا يعرفون ذلك جيداً والجمهور كان أيضاً يعرف ذلك ولكن مع ذلك كانوا يحضرون كل ليلة حتي تأتي اللحظة التي ينتظروها، اللحظة التي من أجلها جائوا ومن أجلها يدفعون المال ومن أجلها يعودون مرة أخري، إنها لحظة دخول الساحر العظيم
مسؤولين السيرك يعرفون تماماً أن هذا هو الحصان الرابح في أي مراهنة، لذلك كانوا دائماً مهتمون بهذه الفقرة دون غيرها مسلطين الأضواء عليها غير أنها كانت أخر فقرات العرض في كل يوم ليخرج كل ليلة جميع الحضور وهم يقسمون أنهم وجدوا الشمعة قد تحركت وأن الفتاة المسكينة قد إنقسمت نصفين ثم بعد ذلك عادت سليمة وأن البيضة أصبحت طائر كبير يطير ويحلق في غمضة عينإنهم يخرجون من السيرك منبهرين بعد أن تم خداعهم، كان وحده يجلس وسطهم وهو يعلم أنها مجرد خدعة ، وأن كل هذه الألعاب السحرية ما هي إلا عملية إيهام وخفة يد يبرع فيها الساحر ويسانده في ذلك الضوء الخافت المسلط عليه، كان وحده يعرف ذلك برغم أنه اصغر الحضور سناً فهو لم يدرك العشر سنوات وذلك ببساطة لأنه إبن الساحر الذي يقف علي المسرح، هو الوحيد الذي يعلم سر أبيه ويعرف كشف كل لعبة سحرية يفعلها أثناء عرضه، فالساحر كان وحيد وليس له اية اصدقاء غير إبنه حتي زملائه في السيرك كانت تظهر عليهم الغيرة منه ويتهموه دائما بتسخير الجن لمساعدته ولكنها كانت مجرد خدع
ولكن في ذلك اليوم بالتحديد ختم الساحر فقرته بعرض أخير لم يكن يعلمه إبنه، حيث صاح في الجميع بصوت عالٍ وقال :

أنت تقرأ
حكايات أنور مختار
Horrorدكتور أنور مختار ، باحث في تراث الرعب القديم مثله الاعلي دكتور رفعت اسماعيل وعشقه أن يصبح مثله وفي سن الأربعين تتحول حياته رأساً علي عقب فيتوعد له الشيطان يونليس بأربعين لعنة ليواجه أشياء كثيرة بين الواقع والخيال ** أحداث الرواية متسلسلة **