CHAPTER THREE III

127 25 0
                                    

العدد الثالث
الجزء الثالث .. زائر منتصف الليل

مر يومين علي رحيل دلال
يومين لم اعهدهم طيلة حياتي
يومين لم اذق بهم النوم للحظة
لم أطعم شيئاً حتي القهوة لم احتسيها
اعتقدت أنني أصبحت ميت إكلينيكيا ، ميت به الروح
مفتح العين ويتنفس ويستطيع أن يرسل إشارات للمخ وهو بدوره يستجيب
ولكنني لا أرسل له أية إشارات منذ يومين سوي اشاره واحدة فقط وهي حركة عيني علي الهاتف القديم
وأنا أجلس علي الأرض واضم قدمي علي صدري بحزن شديد
لماذا لم يتصل ذلك الوغد حتي الآن ؟ من هو وماذا يريد ؟ لقد دمر حياتي وجعلني أصدق أنني السبب الرئيسي في موت دلال
الجميع أصبح يعتقد ذلك أيضا

كان عزاء دلال في بيت أبيها محسن وكان عدد قليل جدا من الأصدقاء المقربين والاقرباء له وفريدة زوجته هم الموجودين بشكل دائم أما البقية فكانوا يأتون ليأخذوا العزاء ويرحلون مباشرةً ، كنت أنا وأشرف فهمي صديقنا الثالث نجلس بجانب محسن ، هيئته التي لم اعهدها من قبل ، كان يبكي مثل طفل صغير فقد دميته ، ولكنه لم يكن طفلا وهي لم تكن دمية ، كانت شهقاته تملئ المكان وجميع من يجلس في العزاء ينظرون له بشفقة شديدة علي عكس زوجته التي كانت تجلس صامدة ورافضة لأن تنزل دمعه واحده من عينيها اللامعة وكانت موجهه نظرها لي منذ وقت دخولي ، كانت تنظر لي بنظره قاسية غير مبررة ولكني كنت أحاول تجاهل تلك النظرة وتجنبها بمواساتي لمحسن الذي بين شهقاته كان يتلعثم بكلمات لست متأكداً لمن يوجهها ولم أسأله ولكن كنت أتركه يتحدث حتي يخرج ما بداخله من حزن

كان يتلعثم ويقول : ما صدقت فرحت لما لقيتها رجعت لطبيعتها بعد سنتين مرض ، بعد ما لفيت علي كل الدكاترة والشيوخ إلي مقدرش حد فيهم يشخص حالتها ، قلت خلاص دلال رجعت لنا بالسلامة ومش هيبقي فيه تعب تاني ، لكنها كانت حلاوة روح وماتت بعدها بيومين ، مكنتش مصدق إن كل دا حصل وكل حاجه انتهت فجأة

قلت له محاولا مواساته : دا قدر الله ومشيئته يا محسن ، أكيد هي دلوقتي في مكان أفضل و إرتاحت من التعب إلي تعبته

وقتها وجدت فريدة زوجة محسن صديقي تقوم من مقامها وتتجه نحوي بسرعة ثم تنظر لي بقسوة وتقول : جيت ليه يا دكتور أنور ؟!

نظرت لها ولم أفهم ما تقوله ولكني كنت أشعر أنها ستنقض عليا في أي وقت فقالت : هو انت تقتل القتيل وتمشي في جنازته

هنا بدأت دموعها بالنزول معلنة هزيمتها أمامي ولكني لم أفهم ما قالته ، قلت لها : ليه كده يا أستاذة فريدة أنا عملت إيه بس؟

قال لها محسن وهو يبكي : كفاية يا فريدة ، قولتلك أنور ملوش ذنب

قالت وهي تصرخ : ملوش ذنب ، دلال كانت بتستنجد بيه لآخر لحظة في حياتها وكانت بتقول الحقني يا عمو أنور ، لو كان بإيدك حاجه معملتهاش ليه يا دكتور أنور ، دي دلال كانت بتحبك وبتعتبرك زي والدها

حكايات أنور مختارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن