بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجزء الرابع من العدد السادس ( أتباع حورس )( 4 )
رمقتها في وقار مصطنع وهي تنظر لي كقطة بريئة لا تتكلم، من يري تلك النظرة بالتأكيد سيهيم بها حباً ولكن شخص في عمري لا يستطيع أن يُحِب أو يُحَب، قلت لها :
- خير يا ريم، أكيد وجودك هنا في وقت متأخر كده ليه سبب، وأكيد تابعتي المسرحية الي عملها سكان العمارة معايا
قالت بصوت مبحوح ومرهق رغم نعومته :
- أنور إنت كويس ؟
نظرت لتلك الفتاة بضجر، يالوقاحتها ( أنور ! ) أنا في عمر أبيها وتناديني بدون لقد دكتور أو إن كانت من البنات الكيلاس ستقول أونكل أو عمو حتي حاج أنور، هل كل الجميلات وقيحات متعجرفات لهذا الحد، رغم أنني لم أجد في عمري في جمال يصل لذلك الحد، ولكن ذلك لا يسمح لها بأن تناديني بإسمي دون لقب قبله ولكني حاولت تجاهل ذلك وقلت لها :
- يعني إنتي جاية من المنصورة لحد هنا علشان تقوليلي إنت كويس أعتقد إننا في أجازة نصف السنة وإنك المفروض ترجعي مدينتك دلوقتي، ثم إنك بتترددي كتير علي بيتي ودا مخلي منظري قدام سكان العمارة ...
لم أكمل كلامي لأجدها تسقط بين ذراعي فاقدة للوعي، ما هذا الهراء وكأن ذلك ما كان ينقصني، وضعتها علي الأريكة وحاولت أن أجعلها تستفيق فذهبت إلي المطبخ وأحضرت بصلة كبيرة وخبطها في الحائط ثم فتحتها وقربتها من أنف تلك المسكينة، أعذريني يا إبنتي فأنا ليس عندي أي عطر أفضل من هذا أقدمه لكِ لأنني أعاني من حساسية شديدة علي الصدر تجعلني أسعل بشدة حين أشم رائحة عطر ولكن البصلة كان مفعولها مفعول السحر إذ أن الفتاة فاقت بعد ثانيتين وأبعدت وجهها بسرعة في إشمئزاز
أسندت ظهرها وقالت في تقذذ :
- إيه الريحة البشعة دي ؟
قلت لها وأنا أحاول تهدئتها :
- مكنش عندي حاجه تانية أفوقك بيها، إنتي كويسة ؟
نظرت لي وإبتسمت وقالت في هدوء :
- غريبة أنا سألتك من شويا نفس السؤال جاوبتني بطريقة قاسية
قلت لها وأنا أحاول أن أصلح ما فعلته :
- أسف جداً مكنتش أعرف إنك هاشة أوي كده وإن كلامي هيفقدك الوعي
قالت وهي ترمقني بحزن :
- أنا عارفه إن غلط أجيلك البيت وخصوصاً في وقت زي دا، لكن كنت عايزه أحذرك من حاجه مهمة، أنور إنت في خطر شديد بيحوم حواليك زي الأفعي لما بتلف علي ضحياها من غير ما يحسوا
من جديد تقول إسمي بدون ألقاب قبله، هذا الموضوع يؤرقني ولكن ما ذلك الخطر الذي يحوم حولي ويهددني بهذا الشكل
عقدت حاجباي وقلت في ضيق :
- خطر من أي نوع ؟
قالت بوجهها الملائكي :
- مقدرش أقولك أكتر من كده، فيه حاجات لو قولتها ممكن ..
قاطعتها وقلت لها بتعنيف :
- إسمعيني بقي، أنا فاهم دماغ المراهقات دي كويس، طبعاً في البداية نشيل الألقاب، وبعدها تقوليلي فيه خطر بيحوم حوليا ولازم تكوني جنبي وطبعاً بتميلي للشعر الأبيض والكلام الفارغ دا، وأنا هحس إني إرتحت ليكي ونتكلم في التليفون كل يوم لحد الفجر ونبني قصة حب وهمية بين عجوز متصابي ومراهقة عشرينية، ياريت تعرفي إني مش الراجل دا
إعتلت الصدمة جبهتها وقالت :
- إيه إلي إنت بتقوله دا ؟ إنت إزاي تفكر في كده أصلاً
قلت لها وأنا اشتعل غيظاً :
- كل إلي أعرفه إن لو فيه خطر بيحوم حوليا فعلاً فالخطر دا هو إنتي
رمقتني بحزن وصمتت ولم تتكلم فقط تحركت إلي باب الشقة وهي تنوي الخروج وأعتقد أنها لن ترغب في العودة مره أخري ولكن توقفت للحظة ونظرت لي ثم قالت :
- أنا أنقذتك في الحلم بس مقدرش أنقذك في الحقيقة
خرجت من شقتي مسرعة وأنا قد تجمد الدم في عروقي، كيف نسيت ذلك الحلم أو الكابوس إن صح التعبير الذي أنقذتني فيه من يونليس إبن الشيطان، ولكن كيف عرفت بذلك الحلم ؟ إنه حلمي أنا وليس حلمها فكيف عرفت ؟ هل هي ممن تفعل ما يسمي بالتخاطر ؟ لقد تذكرت قصة رجل كان يفعل ذلك الأمر من قبل ولابد أنكم تذكروه، كل ذلك لا يهم، لابد أنني بطريقة أو بأخري جرحت هذه الفتاة وأسئت الظن بها بسبب إندفاعي وتسرعي المستمر، يا لي من أحمق
***
تسلل الصباح من شرفة غرفتي وأنا أرمقه في هدوء ولم تغفو عيني للحظة واحدة، لا تسيء الظن بي لم أهيم حباً بهذه الفتاة وإن فعلت ذلك فسيكون حب أبوي عفيف خالي من أي مشاعر مراهقة، لقد جرحتها بعجرفتي المعتادة، حاولت أن أبعد تفكيرها المراهق في أن تحب عجوز اشيب مثلي وككثير من البنات الصغيرات اللاتي يجذبهن خصلات الشعر الأبيض، ولكن لماذا أنا واثق من أن تلك الفتاة ستحب شخص مثلي، أنا لست وسيماً أو جذاب أو رومانسي حتي أنني لست من النوع العطوف ممتلئ المشاعر، إنني وبلا فخر شخص أحمق ومتعجرف وذوقي غير محبب لفتايات هذا الزمن، غير أن هيئتي حدث ولا حرج، لقد جذبت إيزيس ولكن وأنا بجسد وحكمة أوزوريس، أما بجسد أنور مختار الهزيل وطبعه العصبي والمتهور هذا يجعلني في أخر قائمة رغبات إمرأة أوشكت علي الأربعين ولم تتزوج وتبحث عن أي شخص يكون شريك حياتها، أعتقد أنني قد أسئت الظن بـ ريم، ضميري يرهقني ويجب أن أصل إليها وأعتذر، ولكن ليس فقط لأعتذر لها فأنا أيضا أريد أن أعرف ما هو الخطر الذي تحذرني منه، وكيف علمت بأمر الحلم الذي كنت أحلمه، كيف أصل إليها ؟ أنا متأكد بأنها لن تأتي إلا هنا مره أخري، فكيف أصل إليها إذن ؟ لا أعرف مكان إقامتها هنا أو في المنصورة ولا أمتلك رقم هاتفها، لا أعرف شيء عنها سوي أنها ريم عبدالله تدرس في السنة الثانية في كلية الهندسة هنا في شبرا حتي لا أعرف هي في أي قسم من أقسام الهندسة
ولوهلة تذكرت دكتور خالد عبدالستار وهو صديق قديم وعرفت منذ فترة ليست ببعيدة من صديق مشترك بيننا أنه اصبح من أعضاء هيئة التدريس في كلية الهندسة في شبرا والتي بها ريم كما أخبرتني من قبل، كنا أصدقاء في القدم ولكنه كان ثرثاراً بطبعه يعشق الكلام ويكره الصمت وإن كانت مقولة الصمت لغة العظماء حقيقية فهو يفضل أن لا يكون عظيماً في أن يصمت، كنت أحتفظ برقمه في أجندة قديمة وعلي غير المعتاد وجدتها دون بذل مجهود كبير في البحث والتمحيص عنها وكأنني أنقب عن بترول في شقتي، هذه من المرات النادرة التي أشعر بها أنني منظم وهذا هو حال كل أعذب أو أرمل مثلي يعيش وحده
بحثت في الأجندة عن رقم الدكتور خالد عبدالستار حتي وجدته بسهولة في قاموس حرف الخاء فأخرجت رقمه وسارعت بالإتصال به وأنا أدعو الله أن لا تطول المكالمة أكثر من نصف ساعة وأنا أستمع إلي حديثه الممل
- دكتور خالد عبدالستار، أخبارك إيه ؟ معاك دكتور أنور مختار
قال لي في تعجب :
- ياااه أنور إنت لسه عايش
زفرت بضيق وقلت :
- بحاول مموتش دلوقتي علي الأقل
قال في ترحيب :
- عاش من سمع صوتك، أنا بخير أخبارك إنت إيه ؟ وأخبار المدام، جبت أولاد ولا لسه، وهما عاملين إيه وفي سنه كام ؟ العيال كبرونا يا أنور وبقيت راجل عجوز، ....
هو لم يعلم أن زوجتي ميرفت قد ماتت وأنني لم أنجب أية أولاد، قاطعت حديثه وقلت :
- بخير بخير يا خالد، أنا كنت عايز أسألك عن حاجة بس ..
قاطعني بدوره هو الأخر وقال :
- لا الكلام مش هينفع في التليفون كده لازم نتقابل، إنت معزوم عندي يوم الخميس الجاي إنت والمدام والأولاد ومش هقبل أي أعذار
قلت في عصبية زائدة :
- إسمعني بقي يا أخي وإديني فرصة أتكلم، الموضوع الي عايزك فيه مهم جدا بالنسبه ليا، موضوع حياه أو موت
لا أعرف لماذا قلت له ذلك ولكن إعتقدت أن هذه الجملة التي ستغلق فمه للحظات، فقلت له مسرعاً
- في بنت في السنة التانية في كلية الهندسة في شبرا إسمها ريم عبدالله، هي من المنصورة، عايز أعرف أي معلومات عنها ضروري يا خالد
صمت قليلاً ولأول مره أعتقد أنه يصمت ثم قال :
- هو إنت ناوي تتجوز علي مراتك يا أنور ؟ بص هو إنت تقريبا في منتصف الاربيعين ودي حاجه إسمها أزمة منتصف العمر وأنا بقولك راجع نفسك، إنت بتقول البنت لسه في كلية و...
صحت به وقلت :
- خالد كفاية بقي أنا مش بفكر أتجوز علي مراتي، واصلا مراتي توفت وبعدين ...
قال في حزن :
- البقاء لله إمتي حصل دا ؟ معلش يا أنور كلنا لها وما دايم إلا وجه الله وكل من عليها فان، هي أكيد في مكان افضل دلوقتي، فهمت دلوقتي إنت محتاج تتجوز علشان محتاج ونيس ليك في أخر ايام حياتك، بس اولادك هتعمل فيهم ايه، إنت ممكن ...
قلت له بيأس :
- أرجوك يا خالد إسمعني، أنا عايز اعرف معلومات عن البنت دي، عنوانها هنا في القاهرة أو المنصورة، رقم تليفونها أي حاجه، لو مش هتقدر تساعد قولي وأنا هتصرف
قال لي بثقة :
- عيب يا أنور أكيد هقدر أساعدك بس إنت عايز معلومات عنها ليه، وبعدين أنا هكره إني أمشي في جوازة صديقي و...
قلت في عصبية شديدة :
- هكلمك تاني يا خالد، سلام
وقبل أن يقول كلمة أخري أغلقت الهاتف بغضب ليس مره واحده بل عدة مرات حتي كادت أن تكسر سماعته، ليتني لم أتصل بذلك الشخص، إنه يصر علي أنه يعلم كل شيء عني ولم يعطني الفرصة لأتحدث وأقول أي شيء
***
مرت عدة أيام علي جلستي مع مالك نعمان مدعي العلم الروحاني، حتي أنني قد نسيت ذلك اليوم وما فعله معي، حاولت في هذه الفتره أن أصل إلي أشرف فهمي صديقي ولكني لم أستطيع الوصول إليه، ثم بعد ذلك إنشغلت بحياتي حتي فوجئت في يوم بدعوة أخري من مالك نعمان، نفس شكل الدعوة الجميل ولكن ما يكتب بداخله عنوان آخر في مدينة الأقصر والموعد آخر خميس في الشهر الساعة الثالثة عصراً، تأملت الدعوة قليلاً وفي حيرة تسائلت هل أذهب إلي ذلك المكان، إنه قال أن جماعتهم تذهب إلي وادي الملوك والذي به العديد من مقابر الفراعنة، قطع حبل تفكيري رنين الهاتف فذهبت ورفعت السماعة
- إزيك يا راجل يا عجوز، الدعوة وصلت ليك
إنه أشرف صديقي عرفته من صوته وقلت له :
- أشرف أنا روحت للنصاب إلي إسمه مالك نعمان دا في صومعته و ...
قاطعني وقال :
- عارف، عارف كل إلي حصل معاك، لأنه حصل معايا، طبعا روحت متحفظ في البداية وعايز تثبت إنه نصاب بس بعد ما شوفت عين حورس وإتنقلت لعالم الفراعنة غيرت فكرتك
قلت في عصبية :
- لأ طبعا مغيرتش فكرتي عنه ولا هغيرها، هو نصاب أو أقرب لساحر ورث السحر والدجل من أبوه، أما عن عين حورس دي فأعتقد إنها مسحورة مش زي ما إتدعي إن أمه إيزيس هي إلي سحرتها لأ، العين دي بيخرج منها ترددات شيطانيه بتقدر تتحكم في العقول ووقتها بيقدر مالك نعمان يسيطر علي مخك وينقل ليه كل الأفكار إلي عايزها
ضحك أشرف بصوت مرتفع ثم قال :
- أنا كنت فاكر زيك كده لحد ما روحت وادي الملوك وشوفت بنفسي إلي حصل
قلت له في تساءل :
- وإيه إلي حصل هناك ؟
قال لي وهو يتملص ويهرب من السؤال :
- مش هقدر أقولك كل حاجه، بس بما إن جاتلك دعوة للحضور لازم تلبيها وتشوف بنفسك، هبقي في إنتظارك هناك
أغلق الهاتف قبل أن أقول له أي كلمة، ذلك الأحمق لا أعرف ما الذي حدث ليغير أرائه بهذا الشكل، إنه كان أشد عداوه لمالك نعمان ولكنه تبدل تماما، هل أشرف لم يتم معالجته نهائياً من جين المحارب ؟ إن صح ذلك فهذه المره إستوطن عقله وليس جسده وكأنه كأي فيرس يتحور ويتشكل ليسلك طريق أخر في تدمير الإنسان، أم أن ذلك المالك نعمان قد نجح في غسل عقل أشرف صديقي وبث أفكاره الشيطانيه بداخله، لا أعرف حقاً ولذلك يجب أن أذهب إلي ذلك المكان وأعرف بنفسي ما سيحدث
***
اليوم هو الأربعاء قبل الموعد المحدد في الدعوة بيوم، سارعت للذهاب إلي هناك، لابد من أن الطريق سيأخذ أكثر من عشرون ساعة، لم آخذ سيارتي وفضلت أن أركب القطار، الطريق إلي الأقصر طويل ولن أستطيع أن أقود كل تلك المسافة، فلا صحتي ولا صحة سيارتي تستطيع أن تصل إلي ذلك المكان في الوقت المحدد، سأذهب قبل الموعد بأكثر من عشرة ساعات وأذهب إلي لوكاندا قريبة من المكان لأرتاح قليلا
في اليوم التالي نزلت من القطار وأنا متعب للغاية وتحركت لأبحث عن لوكاندا ولكن وجدت شخصاً ما يقف أمام سيارة فارهة، ثم نظر لي وقال :
- دكتور أنور مختار، إتفضل
نظرت له في شك ثم وجدت من يطل برأسه من السيارة وكان أشرف فهمي، قال لي :
- آه يا راجل يا عجوز، كل مادي بتكبر أكتر
رمقته بصدمة وقلت في ذهول :
- وإنت كل مادي بتصغر، أنا معرفتكش غير من صوتك
لقد كان حقاً شاباً صغيراً ويافعاً ويمتلك بعض العضلات الكبيرة والجسم الرشيق القوي، من يراه لن يصدق أنه قد تم الخمسه وأربعون ربيعاً وأنا الذي أصغر منه بعام أعتقد أن مظهري يدل علي أنني أكبر منه بعشرة أعوام علي الأقل، ركبت السيارة وقلت له :
- إنت إتغيرت كده إزاي ؟ أخدت إكثير الحياة ولا عملت تعويذة الشباب الخالد
قال لي وهو يضحك بشدة :
- هتفضل زي مانت يا أنور عمرك ما هتتغير
سرنا بالسيارة قرابة النصف ساعة كان يحدثني فيها أشرف طوال الوقت ولكني كنت فقط أستمع له وأتلصص النظر إليه، والذي أكاد أجزم أنه ليس أشرف صديقي الذي أعرفه منذ أكثر من ثلاثون عاماً، أعتقد أن هذا شخص أخر يشبهه قليلاً ظاهرياً وحتي مظهره أصبح يتغير تدريجياً ليس مظهره فقط إن أفكاره ومعتقداته أصبحت هي الأخري في طي النسيان أصبح يفكر في التفاهة واللاشيء ويحدثني في جريدته التي أصبحت مشهورة بشكل لا يوصف برغم أنها أصبحت تتكلم عن الفنانين وتتبع المشاكل الشخصية لديهم وأيضاً عن الفنانة التي وقعت من فوق الحصان والفنان الذي يرتدي قرط في اذنه ولاعب الكرة الذي يقضي إجازته الصيفية في إحدي شواطئ جزر المالديف، في الحقيقة إن جريدة العلم والتي يرأسها أشرف فهمي أصبحت جزء لا يتجزأ من الصحافة الصفراء التي في وقت من الأوقات كان أشرف نفسه يحاربها
وصلنا الفندق وقال لي في حماس :
- في غرفة محجوزة بإسمك في الفندق دا، إطلع نام شويا علشان لسه قدامنا يوم طويل
قلت له بعد أن نزلت من السيارة :
- وإنت مش هتطلع معايا يا أشرف ؟
قال لي وهو يغلق باب سيارته :
- لا أنا هخلص بعض الأمور هنا علشان أكون في إستقبال الدكتور مالك نعمان
نظرت له بنظره أعتقد أنه فهمها وأيقنها ثم أغلق زجاج نافذه باب السيارة وأمر السائق أن يتحرك، بينما دخلت أنا الفندق الذي لا أعرف علي كم نجمة حصل من مظهره الجميل والخلاب ولابد أن من يدخل ذلك المكان هو من طبقة ما فوق الأغنياء ومع ذلك أجد إسمي يوضع من بينهم
ذهبت لموظف الإستقبال والذي نظر لي في هدوء وإبتسم ثم قال بعد لحظات بعد أن نظر إلي جهاز الحاسوب الذي أمامه :
- دكتور أنور مختار، أهلا بحضرتك
نظرت له بتعجب ثم قلت له :
- هو إنت عرفتني إزاي ؟ أنا مخرجتش أي هوية شخصية
قال لي وهو ما زال يبتسم بإفتعال :
- أي حد بيحجز غرفة هنا كل بياناته وصورته الشخصية بتكون عندي علي الكمبيوتر، دا غير إن حضرتك حاجز هنا غرفة VIP
رمقته في صمت ثم أخرج من درج المكتب الذي أمامه كريدت كارد وأعطاه لي، العجيب أنني رأيت صورتي مطبوعة عليه وقال لي موظف الإستقبال :
- الغرفة 560 VIP إتفضل يا دكتور
ثم أمر أحد العمال في الفندق بحمل الحقيبة، من خبرتي التي إكتسبتها من اللوكاندات التي أقمت بها حين يقول موظف الإستقبال أن الغرفة مخصصة لي وهي في غاية الجمال هو في الغالب يريد بعض البقشيش ولكني نظرت إلي باب غرفتي ووجدت مكتوب عليها حقا كما قال لي موظف الإستقبال VIP 560 دخلت الغرفة والتي كانت كبيرة جدا وتتنتمي لغرف القصور وبها نقوش فرعونية وأنتيكات أعتقد أنها ثمينة وباهظة الثمن، أعتقد أن غرفة كهذه لا يجلس فيها سوي الملوك أو رؤساء الدول
سمعت طرقات الباب فذهبت لأفتح لأجده أحد العاملين بالفندق يهديني مشروب الترحيب كما أطلق عليه وهو يقدم فقط للزوار ال VIP كما قال، أغلقت الباب وشربت بعض من المشروب والذي كان شهي المذاق ثم بدأت أفكر، هل أنا مراقب ؟ كيف عرف أشرف فهمي بقدومي من محطة القطار بهذا الوقت بالتحديد ؟ أنا مراقب، كيف تم حجز غرفة بإسمي ودخول كل بياناتي وصورتي الشخصية، كيف حتي حصلوا علي الصورة الشخصية ؟ لا شيء منطقي في هذه القصه غير أنني مراقب
شعرت أن عيني أصبحت ثقيلة قليلا وقد شعرت بدوار بسيط، إنه مشروب الترحيب ليتني لم أطعمه وأن السرير الذي أمامي اصبح الأن أكبر إنجازات حياتي أن أصل إليه، أتحرك بعدم إتزان، حتي وصلت إلي السرير أخيراً وقفزت فوقه وذهبت في ثبات عميق
يتبع ...
![](https://img.wattpad.com/cover/256210139-288-k760981.jpg)
أنت تقرأ
حكايات أنور مختار
Horrorدكتور أنور مختار ، باحث في تراث الرعب القديم مثله الاعلي دكتور رفعت اسماعيل وعشقه أن يصبح مثله وفي سن الأربعين تتحول حياته رأساً علي عقب فيتوعد له الشيطان يونليس بأربعين لعنة ليواجه أشياء كثيرة بين الواقع والخيال ** أحداث الرواية متسلسلة **