"لم يحدث لأحدٍ بأن رأى الشبح، لا أحد حدثَ وقام بمقابلته أو يعلمُ كيف يبدو، كيف تبدو هيئته أو صوته، من أين هو مثلاً؟ ولِما يفعل كل ما يفعله..
لا أحد سواها هي! هي وحدها من إستطاعت لمسَ طيفهِ الذي يتسربُ من بين أصابع الجميع وقبضَت عليه لتجعلهُ ملموساً...
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
◇ ◇ ◇ السادس من أكتوبر-الواحدة والخمس دقائق بعد منتصف الليل|ماضيكَ هو جزءٌ لا يتجزأ منك، هو أساسُ كينونتِك، حاضركَ وتاريخك، فأينَ أراكَ تهربُ من شيئٍ يركضُ في عقلكَ طيلة الوقت؟..
جملة واحدة مترابطة الحروف تُصيبكَ بالشلل، بالعجز عن فعل أي شيئ سوى التحديق، وجهٌ واحد كفيلٌ بإعادتكَ إلى ماضٍ حاولتَ كثيراً الهروب منه، حاولتَ التملُص منه في كل فرصة سنحَتْ وفي كل موقف، أي شيئ يشبهُ رائحته خيانةٌ لحاضرك أي شيئ يشبهُ ملامحه تذكيرٌ بضعفك، لكن أوليست محاولة نسيان الماضي بحد ذاتها تُعتبر خيانةً بحق نفسك؟..
"لقد مر وقتٌ طويل أخي"
كان هذا أول ما قالهُ الدخيل الذي يدخن سيجارته بعد معركة كلماتٍ صامته مع الرجل الآخر الذي شَحُب وجهه كما أنه قد رأى طيفاً أمامه.. أخي؟ كلمة غريبة لم تعتَد أذناه أو تترنم بسماعها منذ أزل منذ زمنٍ غابر فرق بين الأخوة، عاد الإدراك إلى جسد ماكلهيني عندما حاول تجاهل صدمته وقام برفع مفتاح الإنارة لتُضيئ الغرفة ويظهر أمامه الرجل الذي خرج وإياه من رحم إمرأةٍ واحد لكن ما بينهما إختلاف السماء والأرض، والسنوات كانت عاملاً أساسياً في إظهار كل هذه الفروقات..
ماك كان رجلاً متعلماً نال ما ناله من العِلم والثقافة، يميل إلى الفن والكلاسيكيه بسبب طريقة نشأته المغايرة لأخيه، مظهرهُ مظهر رجل راق مُحترم ويجسدُ القانون، القانون الذي ربما صار مشكوكاً في أمره لكن هذا لا يغير من حقيقته، بينما كان جي النقيض تماماً فهو لم يتلقى تعليمه إلا في جيلٍ متأخرة ولم يكن يتخيل بأن يأتي يوم ويتعلم، تعلم موضوع ساعده على إكتساب مكانته اليوم، يميلُ للتهور والفوضى والسرعة التي تجعل روحهُ أخف، مظهرهُ مظهر "الرجل السيئ" بجسده المُحبَر وخواتمه والأسود الذي يرتديه، لم يكن يعطي إنطباعاً حسناً في مظهره لكن هذا كان آخر ما يهمُه، وكان يُجسد كل ما يتنافى مع القانون الذي باتَ أساسهُ مهزوز..
"رويّ.."
همس ماك بإسم شقيقهِ كما أنه ليس متيقناً بصدق من أنه يقف أمامه وبأنه ليس مجرد سراب سيختفي حالما يغمض عيناه، أخفض جي رأسه لجزءٍ من الثانيه بينما كان يجلس على منضدة النافذة الكبيرة ثم رفع رأسه وإسنشق من سيجارته ونفثها ببطئ وإبتسم، ولم يحتَج ماك لمن يخبره بأن هذه الإبتسامة ليست خارجة من منبع وِد..
