ركضت ندى في الظلام الدامس، تحاول الهروب من القرية بأقصى سرعة.
كان الطريق وعراً، مظلماً بشكل لا يُطاق، والأرض مبتلة جداً، فيما كان الشجر كثيفاً ومتداخلاً من كلا الجانبين، مما زاد من رهبة المكان وضخامته.
شعرت بأصوات أقدام تقترب من خلفها، فتجمدت في مكانها من شدة الخوف، وأحست أنها النهاية.
حاولت الهروب مجدداً، لكن قدميها رفضتا التحرك من مكانهما، حتى اطمأنت عندما سمعت الصوت القادم يتحدث بهدوء: "دكتورة ندى، لا تخافي، إنه أنا، عز."شعرت ندى بارتياح طفيف عند سماع صوت عز، لكن التوتر لم يزل قائماً.
تبادلت معه النظرات بسرعة، وعينيه العميقتين كانتا تحملان شيئاً غريباً، ربما قلقاً أو تحذيراً. "عز، ماذا نفعل الآن؟" سألت ندى بصوت مرتجف.نظر عز حوله بحذر، ثم أجاب بصوت منخفض: "علينا أن نبتعد عن الطريق الرئيسي ونسلك الممرات الجانبية. لا يمكننا المخاطرة بالبقاء على المسار المعتاد."
قالت ندى :"من الممكن أن نضل الطريق. يجب أن نصل إلى القرية المجاورة ونجد يوسف جميع الأوراق معه انا قلقة عليه"
قال عز:" هل يعرفون ان الأوراق معه"
هزت ندى رأسها وهي تقول :" لا أحد يعلم بشأن يوسف "
قال عز :" حسناً لا تقلقي من الممكن أن يكون طريقه صعب لذلك تأخر. يجب أن نختبئ الان حتى يأتي بالشرطة فالطريق هنا وعراً جدا اذا حاولنا المضي سيمسكوا بنا ".
وافقته ندى وسارت معه كي تختبئ في مكان آمن.
في هذا الاثناء كان عارف يركب عربته ذات الاحصنة وهو يضرب هم بعنف حتى ينطلقوا.كان يبحث عنهم في الطريق وهو يتوعدهم.
في مكان آخر، كانت ندى وعز يختبئان خلف شجرة ضخمة، يتنصتان على أصوات العربة القادمة.
كانت أنفاس ندى تتسارع، وقلبها ينبض بقوة.
نظرت إلى عز بقلق وقالت: "هل تعتقد أنهم سيجدوننا؟"
أجاب عز بثقة: "علينا أن نبقى هادئين، إذا تحركنا الآن سنكون كالفريسة السهلة. علينا انتظار اللحظة المناسبة."
مرت دقائق كأنها ساعات، وأخيرًا سمعوا صوت عربة عارف يبتعد تدريجيًا.
تنفس عز الصعداء وقال: "الآن، علينا التحرك بسرعة قبل أن يعود."
بدأوا في التحرك بحذر عبر الممرات الجانبية، متجنبين كل صوت يمكن أن يلفت الانتباه.
في تلك اللحظة، شعرت ندى بشيء يشدها من الخلف، التفتت لتجد يدًا تمتد من الظلام، لكنها سرعان ما أدركت أنها كانت مجرد غصن شجرة.
تابعوا طريقهم حتى وصلوا إلى كوخ مهجور على أطراف القرية.
أشار عز إلى ندى بالدخول وقال: "سنختبئ هنا مؤقتًا حتى يصل يوسف بالشرطة."دخلت ندى الكوخ وجلست على الأرض، وهي تشعر بالإرهاق والخوف.
كان عز يقف على الباب، يراقب الطريق.تأكد عز ان لا أحد يراقبهم أغلق الباب وجلس على الأرض بجانب ندى وهو يشعر بأرهاق كبير.
في هذه الاثناء سألته ندى:"هل هم من فعلوا بك هكذا "
تحسس عز وجهه وأجابها :"نعم كنت أعمل هنا قبلك وعندما علمت بما يحدث كانوا هم اسرع مني واحرقوا بيتي وانا بداخله"سألته ندى :"وكيف عرفوا. ولماذا لم تذهب إلى الشرطة مباشرةً"
قال عز بصوت يشوبه بعض اليأس:"كنت لا أعرف أن عارف معهم. في ذلك الوقت شككت في دكتور وليد انه يفعل شئ غير صحيح. وعند مراقبته علمت انه يخطف الأطفال ومعه مدير المشفى ويجرون عليهم تحاليل ليتأكدوا انهم اصحاء وبعد ذلك يبيعون اعضائهم حاولت الخروج من القرية وطلبت من عارف مساعدتي وقال إن انتظره في منزلي حتى يأتي بالعربة ولكن بعد قليل وتفاجأت بمدير المشفى ووليد وعارف يقتحمون بيتي وضربي حتى فقد الوعي وظنوا انني مت واحرقوا المنزل ولكن استفقت قبل أن تقتلني النار وهربت عالجني شيخ طيب ببعض الأعشاب والوصفات حتى تم شفائي وعندما سمع ما حدث قرر مساعدتي "
تحدثت ندى بأندهاش:" وكيف لم يتم القبض عليهم حتى الآن. أين اهل هؤلاء الأطفال. لماذا لم يبلغوا الشرطة "
اجابها عز :" في بداية الأمر كانت الشرطة تأتي ولم يجدوا اي أثر للاطفال. ولكن بعد ذلك ظهرت أسطورة أشباح الليل وانهم يخطفوا الأطفال لذلك الناس لا تخرج بعد العشاء من المنزل"
قالت ندى :" ولماذا لم تحاول انت كشفهم او هذا الشيخ ؟ "
قال عز :" حاولت ولكن كانت جميع وسائل الاتصال مقطوعة والطريق الأساسي للقرية تم اخفاء اثره لا يوجد سوي هذا الطريق الرطب الملئ بالأسحار وكأنه متاهه لا أحد يدخل او احد يخرج منها "
شعرت ندى بالخوف من كلامه وقالت :"لذلك يوسف تأخر من الممكن أن يكون تائه لا يعرف الطريق"
صمت عز يفكر في كلامها وكيف سيخرج من هذا المكان ويكشف هؤلاء المجرمين.....
أنت تقرأ
قرية الظلال
Mystery / Thrillerفي تلك الليلة، عندما خيّم الصمت على القرية، لم تكن الظلال مجرد انعكاس للظلام... كانت تتحرك، تراقب، وتنتظر لحظة الانقضاض. أدركتُ حينها أن الهروب من هذا المكان ليس خيارًا... بل كان لعنة لا مهرب منها."