~chapter 8~

127 1 0
                                    

مرت الأيام ، و مر كذلك أسبوع الامتحان الخاص بي ، أدركت أنني لن أنجح ، لا أدري لماذا و لكنني كنت منهارا ، ارتد علي ذلك الضغط سلبا ، فلم أستطع الاجابة كما ينبغي ، اعتزلت العالم و اعتزلت كل شيء لمدة أسبوع ..
كنت أنام و أدخن و أتناول الطعام ، فقط لا غير ، أغلق على نفسي الباب ، لأقوم بنفس الأعمال كل يوم ، و أيضا كنت أستمني كل يوم لعل تلك النشوة المؤقتة تزيح عني كل كرب و كل ضغط اعتلاني آنذاك ..
لم أتحدث مع هانا مطلقا لتلك المدة ، هي بدورها لم تكن تراسلني .. لا أدري مالسبب لكن لم يكن يتبادر إلى ذهني أي شيء...
في أحد أيام الصيف الحارة، ذهبت إلى الجامعة للقاء صديق قديم لي ، لعلي أخرج من هذا الجو الكئيب الذي ظل يلاحقني ، في طريقي إلى هناك صادفت أنجيلو الذي كان ينتظر حبيبته، ألقيت التحية و بدأنا بالتحدث:
-لم أرك منذ مدة ، سمعت أنك اجتزت امتحان الدراسات العليا ، أخبرني مالوضع؟
-أخشى أنني لن أستطيع الدراسة هناك ، لم أكن في وضع يسمح لي بالدراسة مطلقا يا صديقي ، لكنني لا زلت أحتفظ بذلك البصيص من الأمل ..
-سيكون كل شيء على ما يرام ، أنا متأكد من ذلك..
-شكرا لك ، أخبرني عنك ، كيف أحوالك ؟ أنت تنتظر حبيبتك أليس كذلك؟
-هو كذلك ، اسمع أمازلت تتحدث إلى هانا ؟
تسمرت في مكاني ، لم أعرف ماذا سأجيبه ، لكن يبدو من نبرة صوته أنه يعرف شيئا ما ..
-لا لم نتحدث منذ مدة ، لكن لم السؤال؟
-مجرد سؤال فقط ، لكي أكون صريحا معك ، فقد كنا نتحدث في الفترة الأخيرة ، لكنني لم أعد أطيقها ، حقا إنها فتاة مزعجة ، لقد قمت بحظرها ، إنها تتكلم كثيرا..
غص في داخلي أنه يتكلم عنها بسوء ، لكنني لم أستطع إخفاء مشاعر الغضب التي استولت علي في تلك اللحظة ، لقد أخبرتها مرارا و تكرارا في أن نتشارك ما نحس به ، أخبرتها منذ اللحظة الأولى أن أنجيلو ليس الشخص المناسب لها ، لكنها تستمر في الحديث معه رغم تجاهله لها ، شعرت بالخزي من موقفي ، كيف لها أن تفعل بي كل هذا على الرغم من أنني كنت في أمس الحاجة إلى وجودها جانبي في تلك الفترة بالذات، و بدلا من ذلك فقد كانت كبائعة الهوى تركض خلف ما هو مستحيل الحصول عليه ، اللعنة لقد طفح الكيل حقا!! ..

بعد أن أنهيت أشغالي ، توجهت للمنزل و قد بلغ مني السخط مبلغه ، تناولت هاتفي و كتبت رسالة مطولة ، لم أعي ما كنت أكتب فقد تركت القلم يخضع لكلمات الغضب التي سيطرت علي كليا :
"حسنا إذن ، لقد كنت تختفين مرارا و تكرارا في الأيام الماضية ؛ لكن حان دوري هذه المرة ، يبدو أنني لن أكون أبدا جزءا من حياتك اليومية ، على الرغم من أنني قد منحتك كل شيء ، من حب و اهتمام و استماع ، ليس لشيء ، لكنني حقا كنت أحبك ، كنت أحبك لدرجة أنني أخضع المستحيل من أجلك ، أريد أن أخبرك أمرا أيضا ، ليس من الصعب الحصول على ما تريد ، لكن الصعب أن تحافظ على ما كان لديك ، لا أريد أن أتدخل و أن أصبح كالطفيلي في حياتك ، لكن أسفي عليك! مازلت تركضين خلف ظلال لن تكون بشرا قط ، هذا حالك، حسنا ، كنت أريد أن أتكلم أكثر ، لكنني لو تركت الكلمات تسبقني فسأتجاوز حدودي.."

لم يطل الأمر حتى رأت الرسالة و الشيء الذي زادني حيرة هو كلماتها الباردة :
"لم أجد ما أقول لك.."
حينها انطفأ مصباح الصبر و اجتاح الظلام عيناي فلم أعد أرى أو استوعب أي شيء ..فاختتمت كل هذا بكلمة واحدة :
"إلى اللقاء إذن" ...

حذفت جميع حساباتي و اتجهت صوب السرير لكي أنام ، لن أخفي أنني كنت غاضبا حد اللعنة ، لكنني كنت أقرب ما يكون إلى تعرضي للخيبة ، لقد تمنيت أن يكون حبنا متبادلا، على الأقل إذا ما كانت تعتبرني صديقها المقرب فتخبرني عما يدور في بالها ، الشيء الذي زادني قهرا هو أنها لم تعد تهتم لوجودي أو لغيابي ، لم تعد تسأل عني كما أفعل ، عندما أردتها أن تكون بجانبي لم أجدها.. لم أرد ذلك لكنني بدأت أحقد عليها نوعا ما...

مرت أسابيع كثيرة ، كنت قد بدأت التعود على غيابها ، كما أنني كنت قد بدأت حياة جديدة ملؤها المغامرات ، فقد كنت أسافر كثيرا في تلك الأيام و أحصل على رحلات للتخييم ، لقد كان هذا ما أحتاج إليه ، الابتعاد عن الضوضاء و الضجيج الممل...

إنه اليوم المنتظر ، يوم النتائج ، لقد كنت منشغلا بأمرين اثنين ، امتحان الدراسات العليا للإعلام و الاتصال ، و اجتزت كذلك امتحان الدراسات العليا للصحافة ، لقد اجتزته بمحض الصدفة و ذلك بفضل صديق لي ، و خرجت النتائج أخيرا ، كما كان متوقعا ، الامتحان الذي كنت أطمع فيه منذ سنوات باء بالرسوب ، لكنني نجحت في امتحان الدراسات العليا للصحافة و بامتياز أيضا ، لقد خفف هذا نوعا من الإحباط ، كنت أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي ، رأيت رسالة من هانا !! بسرعة ذهبت لأرى ما أرسلت إلي ..
-جوزيف هل نجحت ؟
-لا
-أحقا ما تقول ؟ لا بأس إذن في قادم المرات ستكون هناك فرص أفضل ..
-أجل
-حسنا إذن ، هل أنت بخير كيف أحوالك؟
-بخير
-انا سعيدة لسماع ذلك ، إذن إلى اللقاء
-حسنا
كنت أتحدث معها بصعوبة بالغة، لم أستطع نسيان ما حدث من قبل، كنت أريد التحدث معها ، كنت أريد أن نبقى نتحدث مطولا ، أشكو لها و أخبرها بما يحدث معي ، لكنني لم أستطع ، لم أستطع أن أخبرها أنني اشتقت إليها ، لم أستطع أن أخبرها أنني ما زلت أحبها ، لقد أعمى الغضب بصيرتي و انعكس هذا على كلماتي ...
مرت عدة أيام و هي تحاول أن تفتتح معي موضوعا ، لقد اعتدنا إرسال المقاطع القصيرة إلى بعضنا ، فكانت تفعل ذلك ، لكنني كنت أجيبها ببرود تام ، إلى أن انطلقت القطرة التي أفاضت الكأس..
-لماذا أرسلت إلي؟
-لا أعلم ، أردت فقط الاطمئنان عليك
-و قد حصل ذلك ، إذن لماذا تواصلين التحدث إلي ..
-أعلم أنني مصدر إزعاج لك..
-أجل هو كذلك ، لقد تركتني و أنا كنت في أمس الحاجة إليك و كنت تركضين وراء ذلك الوغد أنجيلو ، و ماذا أيضا تتحدثين مع ابن خالتي أيضا!! ، إذن لماذا تتحدثين إلي؟!
-أتحدث معهما كصديقان فقط
-لايهمني ذلك ، تحدثي مع من تريدين ، لست حبيبك و ماشابه لكي أقول لك تحدثي مع هذا و لا تتحدثي مع ذاك، كل ما انتظرته منك هو وجودك فقط إلى جانبي ، لكنني لم أجدك مع الأسف...
-أنا ...حقا لم أجد ما أقول ..
-لا تقولي أي شيء ، ورجاء لا تقومي بمراسلتي مرة أخرى ..

كانت كلماتي كالرماح تغص في الفريسة ، كانت قاسية كقسوة الحجر ، لم أتوقف عن ضرب الحائط ذلك اليوم ، حتى تورمت يداي ، تملكنب الغضب فجعلته يقضي على هانا تماما ؛ إذن هل انتهت قصتنا التي لم تكن عنوانا حتى ؟ هل انتهى كل شيء؟..

حزمت حقائبي و ذهبت لأقضي عطلة بصحبة أصدقائي ، لعلي أنسى كل الهموم التي تراكمت علي..

****

اسمها هانا || Her name's HANNAH حيث تعيش القصص. اكتشف الآن