في المدن الواسعة،
وفي الازقة الخالية، والأخرى المزدحمة،
حيث الجموع هنا من يعرف الآخر، ومن لا يعرف،
فربما صدفة واحدة تجمعنا قد تكون أفضل من أي ترتيب، صدفة تُغير مجرى الحياة بشكلٍ جذري؛ كأنها ريحٌ تعصف بمسار السفينة نحو وجهات جديدة.لكل صدفة تدابير من الله، وكان مرور«مُـهاب» بدراجته النارية وخلفه صديقه لمشوارهما، هتف «مالك» بصدمة:
_الحق يالا ده فيه حادثة هنا!"وقف سريعًا وهرولا ناحية السيارة وهما يحاولان إكتشاف من بها، تحدث «مالك» بقلق:
_حاول تفتح الباب من عندك، وأنا هفتحه من هنا ونشدهحاولا فتح أبواب السيارة ليخرجا المسكين ذلك الذي لا يعلمان إن كان على قيد الحياة أم لا، وبعد محاولات فُتح الباب من جهة «زين»، نبس«مُهاب» بزفيرٍ مرتاح:
_الحمدللهجذبه هو و«مالك» وحاول «مُـهاب» جس نبضه إن كان حيًا أو ميتًا، ثم رفع بصره بسرعة لصديقه وهو يقول بتوتر ونبرة عاجلة:
_فيه نبض، ده عايش، شوف في عربيته إيه عشان ميتسرقش وهاته وهات تلفونه وانجز عشان ننقله المستشفىوبالفعل ظل به ارضًا والدماء غطت ملابسه هو الآخر، بينما كان «زين» ذاهبًا في سباتٍ بين أحضانه بلا حول ولا قوة، أخرج «مالك» كل شيء من السيارة قد يكون مهمًا ووقعت يده على حقيبة النقود التي جعلت عينيه تلمع بطمعٍ، فكل البشر لديهم غريزة الطمع التي قد تعمي عيونهم والتي من الممكن أن يستيقظوا منها قبل فوات الأوان ثم وضعها على كتفه وأقترب نحو «مُـهاب» يسند رفقته ذلك الغريب عنهما إلى الدراجة حيث كان في منتصفهما يسنده «مالك» بجسده بشكلٍ جيد، قاد «مُـهاب» دراجته سريعًا نحو المستشفى لعلهما يكونا سبب بعودة الحياة له.
ولم تكن أقرب مستشفى له سوى واحدة خاصة وكبيرة، والتي عندما وصلوا عندها هرول الممرضين بالعربة الناقلة نحوهم لرؤية صاحب الدماء التي تسيل وفاقدًا للوعي، وساعدوهم بوضعه على العربة وتوجهوا به سريعًا للطوارئ.
وقف «مُـهاب» يطالع الدماء التي على قميصه بصدمة لقليلٍ من الوقت، كان بين يديه الآن شاب يصارع الموت ويطالب الحياة بأنفاسه الأخيرة فرصة أخرى
اقترب منه «مالك» وهو يهمس له بهدوء:
_هو أنت ملقتش غير المستشفى الخاصة دي؟تنهد «مُـهاب» وهو يزفر بسخطٍ:
_ياعم إحنا مالنا، إحنا هنتصل بأهله نسلمهم الحاجة ونمشي وهما يتصرفوا يدفعوا يطلعوه هما أحرار!أخرج «مالك» من الحقيبة التي معه الهاتف وهمس مجددًا «لمُهاب» الذي أمسك الهاتف يعبث به يحاول فتحه:
_ولا بقولك إيه، أنا جبت كل حاجة كانت في العربية وكان فيها شنطة فيها فلوس كتير أوي_اممم وبعدين!
قالها «مُهاب» أثناء انشغاله بالهاتف في محاولة لاستكشاف أي شيء، ليجيبه صديقه بحنقٍ:
_وبعدين إيه، دول شوية وشويات ماتيجي ناخدهم ونقولهم ملقناش في العربية حاجة
أنت تقرأ
ابني ابنك
Romantikبعدما مضينا في سُبل لا ننتمي لها، التقينا كما التقاء الشرق والغرب سويًا، لنصنع مجدًا يخصنا، حيث لا فرق بين ابني وابنك، نحن جميعًا أبناء أب واحد، وأم واحدة. تُهدينا الحياة صدف عجيبة، منها الطيب والخبيث، وتعاملنا كضيوفٍ ثقال فتُعطينا من كل ما لذ وطاب...