حرب الحياة إن فُرضت عليك فسيكون أمامك حلّين؛ أولهما أن تترك سيفك وتخسر وتغادر إما خاسرًا مخذولًا، وإما ميتًا، وإما أن تُمسك سيفك وتحارب برغم الدماء التي تنزف من جسدك بأكمله وبرغم الجروح التي في روحك.
لا تخف من الغدر عزيزي فحتمًا ستناله مرة أو مرتين في حياتك، ثم ستقوى بعدها لتقف أمام العدو بكل شموخٍ، والآن تنفس بعمقٍ واسحب سلاحك فلدينا حرب نهايتها بلا شك يجب أن تكون رابحة.
هنا حيث البشر أشكالًا واختلافًا في الهيئة والظروف، فلا يوجد أحد مثل الثاني على هذا الكوكب، جميعهم يملكون الندوب ولكن بإختلاف أنواعها وعمقها.
حارة شعبية تواجدت في مدينة الإسكندرية عروس البحر المتوسط، يوجد بها الضعيف والقوي، الشجاع والجبان ويوجد بها ... «مُـهاب الجـزار».
وعلى ذكر اسم ذلك الرجل الذي استيقظ من نومه بجفلة على صوت صراخ والده الذي ملأ المنزل:
_فين الفلوس يا ولية، انطقي!تحرك بسرعة من فراشه من عز نومه في هذا الصباح الباكر على تلك الشجارات التي لا تنتهي أبدًا بين والده ووالدته الغالية:
_في إيــه على الصبح، الناس بتصبح في وش بعض بصباح الزفت وأنت بتصبحها بعلقة، عاوز إيه يا حاج!يبغضه!
يكره وجوده هنا رفقتهما، فهو دومًا كان سببًا في أذى وانكسار أمه التي لا ترغب بتركه وهجره لأنه وحيدًا لا أحد له.كان يقف أمامها يحميها بجسده الضخم وعلامات النعاس مازالت على وجهه قمحي اللون بعينين بُنيتين واسعتين، صاحب أهداب كثيفة كان يرمش بها عدة مرات مُنتظرًا الإجابة من والده:
_خليها تطلع فلوس الشغل اللي معاها دلوقتي!_ليه؟ عشان تروح تجيب بيها اللي بتشربه صح؟ تقعد هي تشتغل وضهرها يتكسر ونظرها يضعف وأنت قاعد كفاية عليا تروح تجيب حشيش وتديها أحلى اصطباحة.
قالها بضيقٍ وبصوتٍ عالٍ نسبيًا، في كل مرة يُخرجه والده عن أعصابه ويجعله يتهور في حديثه السام ثم يتراجع خطوة لأن والده سيظل والده مهما كان، تحرك لداخل غرفته صغيرة الحجم في شقتهم الصغيرة، وأخرج من جيب بنطاله نقودًا وخرج يضعها في يد والده:
_اشبع يا سيدي، وأقسم بالله يا بابا لو مديت إيدك عليها تاني لأخدها وامشي واسيبلك البيت وما تعرفلنا طريق!كانت تذرف الدموع قهرًا وببكاءٍ حارق للقلوب، التفت يطالعها بحزنٍ شديد وآسف..
ليته يستطيع أخذها والذهاب بعيدًا ومعاملتها كملكة فقط!ضمها له وهو يسير بها نحو غرفته وأجلسها على فراشه وجلس أمامها أرضًا محاوطًا كفيها بكفيه وقبلهما بحنانٍ:
_حقك عليا يا حبيبتي، قولتلك نمشي يا أمي وأنتِ مش راضية تسيبيه، ده خلاص عقله مبقاش غير فالشُرب والسهر والقمار ودي كلها عيشة حرام في حرام!هزيلة الجسد، شاحبة الملامح، متعبة الروح!
تنهدت بعمقٍ وهي تمسح دموعها التي ساعدها هو الآخر بمسحها لها بابتسامة حنونة، ونبست بصوتها المرتجف:
_ متحرمش منك يانور عيني، ربنا يرضى عنك دنيا وآخرة يا «مُـهاب» يابني، وأنا قولتلك قبل كدا مينفعش نسيبه أبوك اتجر في الطريق ده وهو في زمنه مكنش كدا يابني والله مكنش كدا، أنسى كل اللي عمله عشان مبقاش في وعيه.
أنت تقرأ
ابني ابنك
Romanceبعدما مضينا في سُبل لا ننتمي لها، التقينا كما التقاء الشرق والغرب سويًا، لنصنع مجدًا يخصنا، حيث لا فرق بين ابني وابنك، نحن جميعًا أبناء أب واحد، وأم واحدة. تُهدينا الحياة صدف عجيبة، منها الطيب والخبيث، وتعاملنا كضيوفٍ ثقال فتُعطينا من كل ما لذ وطاب...