أيمكن أن نترافق سويًا لبعض الأيام؟
وسيجمعنا الإخوة فقط!لأنني في الوقت الراهن، لا أطمح في شيءٍ سوى كتفٍ أستند عليه برأسي، ليُسقط عن كاهلي همومي المتراكمة كتساقط أوراق الشجر في خريفٍ هادئ، وأرغب في أن أشعر بأنني في مأمن بعد سنين من المعاناة والمعارك.
التفت كلًا من «زيـن» ورفقته «مُـهاب» نحو الصوت الغليظ الذي صدر في أرجاء المكان وكانت المفاجأة أنه يوجه ناحيتهما المسدس الذي بيده، طالعا بعضهما بنظراتٍ متوجسة ثم وجها بصرهما له مجددًا، هو تحديدًا لم يكن سوى «يامن»، وهنا تدخل «مُـهاب» متصنعًا اللامبالاة:
_بنحشش، بس زي ما تقول مستخبيين هنا عشان محدش يشوفنا._بتحششوا؟ فيه ناس نضيفة زيكم تحشش برضو، ألعب غيرها!
كان الثاني يملك دهاءًا هو الآخر، مما جعل من «زيـن» ينطق بقوله:
_هو إحنا قاعدين فوق راسك أصلًا، ما إحنا قاعدين في سطح عادي.ضحك «يامـن» بسخرية ووجه ناحيته المسدس أولًا وهو يقول بتشدقٍ:
_لا يا حيلتها أنت قاعد فوق سطح بيتي، تخيل بقى!كان صمت الثاني نتيجته هي وقوفه في مكانه ثم تسديد لكمة قوية في يد «يامـن» ليقع المسدس، وقابله بأخرى في وجهه الوسيم، ثم صرخ ينبه «زيـن» المصدوم:
_اجــري.وبالفعل تحرك الثاني راكضًا وخلفه «مُـهاب» وتركا «يامـن» أرضًا، ولكنه ظل قاصدًا بابتسامة ساخرة ينظر للسماء يطالع النجوم:
_يا ابن اللعيبة، هيتعبني معاه، التاني هلفه في ساندوتش وأخليه طُعم بسهولة.هربا من المكان وخلفهما الرجال يركضون في محاولةٍ لأمساكهما، ولكن «مُـهاب» جذب «زيـن» في شوارع ضيقة وغريبة ليضيعا مِمن يلحقهما، وفي النهاية وقفا في مكانٍ بعيدٍ ومظلم وهما يتنفسا بسرعة.
_أنت جامد!
عبر «زيـن» لشريكه في تلك المصائب التي تحتلهما هذه الأيام، ليبتسم «مُـهاب» بسخرية ومازال يحاول التقاط أنفاسه وهو يجيبه:
_ده أنا أدير دولة!مازال يحاول التقاط أنفاسه بصعوبة، ولاحظ «زيـن» ذلك وأقترب له يربت على ظهره بسؤالٍ قلق:
_أنت كويس؟أومأ له «مُـهاب» وبيده مسد على منطقة صدره وهو ينبس بتنهيدة:
_هو أنت مش أختك عندها نفس المرض، معندهاش مشاكل فالرئة ولا إيه؟
هز «زيـن» رأسه بالنفي قائلًا:
_موصلتش للمرحلة دي، سلامتك.. طب تيجي نقعد في مكان وتهدى!كانت نبرته قلقة على الآخر وتحركا سويًا وهو مازال يسند «مُـهاب» بقلقٍ عليه، وتحركا سويًا ناحية منزل الآخر في الحارة وصعد «زيـن» رفقته وولجا للصالة تحديدًا وجلس «مُـهاب» على الأريكة وسند رأسه ليرتاح قليلًا.
خرجت «هاجر» عندما استمعت لصوت الباب وصوت أحدهم مع ابنها، ولمحته يجلس هكذا بتعبٍ واضح فبادلت «زين» النظرة التي ألقاها عليها ثم وجهت بصرها مجددًا لأبنها:
_مالك يا حبيب عيني؟ أنت كويس؟
أنت تقرأ
ابني ابنك
Romantikبعدما مضينا في سُبل لا ننتمي لها، التقينا كما التقاء الشرق والغرب سويًا، لنصنع مجدًا يخصنا، حيث لا فرق بين ابني وابنك، نحن جميعًا أبناء أب واحد، وأم واحدة. تُهدينا الحياة صدف عجيبة، منها الطيب والخبيث، وتعاملنا كضيوفٍ ثقال فتُعطينا من كل ما لذ وطاب...