10«من عاشر قومًا»

4.8K 430 126
                                    

واسيتُ نفسي عدة مرات ولم أجد أحن من مواساة أمي لي، المرأة الوحيدة التي إن أرادت أن أضحي بعمري وبنفسي لأجلها سأفعل..

ركض نحو سيارة «زيـن» ولحقه الآخر ولكنه تولى أمر القيادة حتى يكون سريعًا كفايةً ليصل لمنزله في أسرع وقت..

تحمل «زين» تلك السرعة التي كانت جنونية وكاد «مُـهاب» أن يفتعل أكثر من حادثٍ بهما، حتى أوقف السيارة على غفلة أمام البناية وركض لأعلى وخلفه «زيـن».

منظر مهيب، مخيف، مرعب، جعل من قلبه الصغير يدق بعنفوانٍ في مكانه، أمه الحبيبة ملقاة على الأرض بلا حول ولا قوة، بعدما ضربها والده بكل عنفٍ وجعلها مغشيٌّ عليها هنا..

هرع نحوها رافعًا جسدها في أحضانه ويديه ترتجف، لأول مرة يشعر برجفته هكذا وهو دومًا عُرف قويًا متزنًا، همس باضطرابٍ وارتباكٍ متوجع:
_«هاجــر»، فتحي عينك وخليكِ معايا هاخدك حالًا المستشفى، ماما..

ابتلع «زين» غصته وهو يرى ذلك المشهد المؤلم أمامه، ابن متوجع وأمه الغائبة، حاول السيطرة على مشاعره الجياشة الآن التي خرجت دون رغبته، وتقدم جهة «مُهاب» يتحدث بنبرته الخافتة:
_قوم ناخدها الأول للمستشفى يا «مُـهاب».

أكد على حديثه «مالك» الذي كان جوارها حتى يأتي ابنها، بينما هو للحظة استوعب كل شيء حوله من دوامة عقله التي ولج لها دون أن يشعر وهو يفكر في ألف افتراضٍ بعقله الذي تقبل الصدمة بشكلٍ بدا وكأنه مُميت.

حملها بين يديه كالشريد مهرولًا بها رفقته، ولحظ والده الجيد أنه هرب بعدما فعل فعلته، ساعده كلًا من «مالك» و«زيـن» بوضعها في السيارة أمام أنظار المارة في الحارة وجلس ابنها جوارها يضمها في المقعد الخلفي، بينما في الأمامي صديقيه.

وصل «زين» أمام مستشفى خاص كبير، وغادر سيارته مُناديًا على الممرضين ليأتوا مهرولين بالنقالة وأخذوها من بين يد المسكين الضائع للداخل، تحديدًا للطوارئ بسبب النزيف الذي كان يخرج من أنفها بشكلٍ متكرر ووجهها المليء بالكدمات.

وقف بالداخل وعقله كما بندولٍ فقد السيطرة وراح يتأرجح يمينًا ويسارًا بقوة، هو الآن معرض لفقد أعز ما يملك، كل من يحارب لأجلها ها هي الآن في وضعٍ خطر لربما لن تخرج منه، وجهه شحب وعيناه اغرورقت بالدموع، شعر بيدٍ على كتفه وصوتٍ بث فيه الطمأنينة:
_هتكون كويسة، متقلقش ربنا يقومها بالسلامة!

رفع عينيه التي كانت كما الطفل الضائع، لم يراه يومًا هكذا وما دل أن نقطة ضعفه هي أمه الحبيبة!
ومن سواها سيكون نقطة ضعف لكل إنسان على قيد الحياة؟

_مش عاوز يحصلها حاجة، أحرق الدنيا كلها عشان أمي!
قالها بصوته المرتجف والذي حمل بين طياته الغضب، تقدم نحوهما «مالك» يقول بنبرة خافتة:
_مش هيحصلها حاجة يا عم، صلي عالنبي كدا والدكاترة هيطمنوا قلبك دلوقتي!

ابني ابنكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن