حينما شردت في سؤالٍ لم أجد له إجابة إلا بعد فترات بعيدة ولم يكن سوى؛ «من نحن؟»
نحن الذين نعيش في ظلال المشاعر الخافتة التي تجعلنا في ظلام لن ننجو منه، نخبئ خيبات الأمل في قلوبنا على أمل أن نجد من يحولها لانتصارات، ونُعاني في صمت حتى نجد يد العون تنقذنا، نبتلع الكآبة وكأنها سم لا ترياق له، ثم نستمر في السير، متضخمين كبالونٍ مملوء بالهواء، في انتظار لحظة الانفجار.
كان السبب في إيقاع نفسه في تلك المصائب،
كان الأمر بيده واختار الهلاك، وأنه لمن المخيف أن تجد نفسك في ظلامٍ حالك كان سببه أنت.صوت صفارات سيارات الشرطة صدحت في أرجاء المكان ووقعت على أذنيه بصدمة كبيرة، تراجع للخلف قليلًا يطالع يديه المملوءة بالدماء، نعم هو بلا شك وقع في تلك الكارثة التي ستحل عليه ولن ينجو منها بكل تأكيد.
كانت الصدمة أقوى من إعطاء رد فعل قوي بأن يهرب من المكان، بل ظل حتى حاصرته الشرطة ورفع رأسه بترقبٍ نحو الضابط يتابعه ولم ينطق بكلمة واحدة، هو الآن محصور بين ضجيج عقله الذي فتّك به دون رحمة ورأفة، كيف وقع بهذا الحال بين ليلة وضحاها!
وبعد قليلٍ من الوقت وما بين الغفلة والحقيقة المُرة لم يجد نفسه سوى بقسم الشرطة أمام المحقق في تلك الغرفة المعزولة، رفع عينيه الحمراء كما الدماء تمامًا يطالعه بصمتٍ رهيب.
يشعر بالتيه وبالعجز، وبأي حق وُضع هو في هذه الورطة التي لم يكن يومًا يتخيل أن يقع بها، كان رجلًا يشهد الجميع بهيبته وبوقاره وبكلمته المسموعة.. والآن هو مُتهم في جريمة قتل رفيقه!
_قتلته ليه؟
_مقتلتوش!سأله فأجاب بثباتٍ، ولكن المحقق كان حادًا في كلماته هادئ في حركته:
_اومال كنت جنبه وهو بيموت ليه؟ مبلغتش ليه لو أنت مقتلتوش._عشان أنا كنت رايح عنده أكلمه في موضوع، لقيت الدنيا هادية وهو في العادي بيكون عنده علطول ناس، دخلت بنادي عليه لقيته مرمي ومطعون في بطنه.
أجاب بصدقٍ وبإتزان برغم الحريق الذي يشعر به بداخله، فسأله المحقق:
_كنت رايح عنده تعمل إيه؟صمت لبرهة ولكنه قرر الإجابة بصدقٍ:
_كنت متفق معاه إنه لما أبويا يروح له ياخد منه مخدرات يديهاله مضروبة عشان كنت بحاول أعالج أبويا برا المصحة، بس هو راح قال لأبويا عالاتفاق اللي بينا!_فقتلته!
حاول المحقق استفزازه بحديثه ليهز الآخر رأسه بنفي سريعًا:
_قولت لحضرتك.. وصلت لقيته غرقان فدمه، جريت عليه أحاول أعمل حاجة بس هو كان خلاص بيموت.همهم المحقق واستند بظهره يتسائل:
_ديلر.. مبلغتش عنه ليه؟
سأله ذلك السؤال الخبيث الذي سيوقعه في المشاكل العديدة ولكن عقله لا يترجم أي شيء الآن فكانت النتيجة هي الصدق في كلماته:
_كان صاحبي.
أنت تقرأ
ابني ابنك
Romanceبعدما مضينا في سُبل لا ننتمي لها، التقينا كما التقاء الشرق والغرب سويًا، لنصنع مجدًا يخصنا، حيث لا فرق بين ابني وابنك، نحن جميعًا أبناء أب واحد، وأم واحدة. تُهدينا الحياة صدف عجيبة، منها الطيب والخبيث، وتعاملنا كضيوفٍ ثقال فتُعطينا من كل ما لذ وطاب...