الحياةُ ليستْ كما نرجو ونشتهي
لكنّها دَرْبُ أحلامٍ بلا أملِتمضي بثقلٍ كأثقالٍ معذّبةٍ
تهوي على الصّدر كالأسقامِ والعللِتغدو علينا كأنّ الحزنَ يُثقلها
تعبًا يدقُّ عظامَ الروحِ في عجلِكم من قلوبٍ على أشواكِها مُلقتْ
كأنّها زهراتٌ ماتَ من خجلِتسري بنا في دروبٍ لا ضياء بها
إلا ومضٌ غريبٌ شاحبُ الطّللِنسعى فنحملُ آمالًا مُثقّلةً
لكنّها كغمامِ الوهمِ في الوحلِنفنى، ونحسبُ أنّا قد ملكْنا غدًا
والموتُ أقربُ من مرمى يد الأملِيا من تعاني ثِقَلَ الدهرِ في كَبِدٍ
اعلمْ بأنّك لستَ الوحيدَ في العللِفتلك دنيا أبت أن تستقر لنا
كأنها قد خُلِقَت للصدِّ والزّللِعاد «زين» إلى المنزل بخطواته المتثاقلة، كأنما يحمل على كاهله جبالًا من الهواجس التي أثقلته، كانت عيناه غارقتين في بحر من الصمت القاسي، ذاك الصمت الذي يشبه الغيوم السوداء قبل أن تنهمر بالأمطار.
شق طريقه إلى غرفته، كمن يبحث عن ملاذ من دوامة تدور بداخله، يحاول أن يغسل عن جسده آثار يومه المرهق، لكن عبثًا يحاول غسل أفكاره التي التصقت بذاكرته كظلٍ ثقيلٍ لا يفارقه.
وقف أمام المرآة بعد حمامه، قطرت الماء تتساقط ببطء من خصلات شعره إلى حافة وجهه، نظر إلى انعكاسه، إلى ذلك الوجه الذي لطالما كان يرى فيه ظل والده؛ عينين واثقتين، وجبهة متماسكة تُشبهه تمامًا، لكن اليوم... بدا له انعكاسه وكأنه شخص غريب، وجهٌ غابت عنه ملامحه الحقيقية وأصبح يرى نفسه يشبه شخصًا آخر..
أخذ يتفحص الخطوط التي كانت سابقًا مجرد تشابه، لكنها الآن باتت أشبه بخطوط مرسومة بلا معنى، شبح ماضٍ يفتقد الحياة.
حاول البحث في عينيه عن بقايا من ذكريات أبيه، عن تلك القوة التي كان يستمدها منه، لكنه وجد غموضًا لم يعهده؛ كما لو أن المرآة تعكس وجهًا آخر، لشخصٍ لم يلتقِ به من قبل...لم تعد تلك التفاصيل جزءًا من عائلة اعتبرها عائلته، العائلة التي وهبته كل معاني الانتماء، لم يستطع أن يطرد صوت أمه التي كانت تحتضنه في ليالي خوفه، أو ينسى دفء يد والده الذي كان يسنده في كل خطوة، أو حتى ابتسامة أخته التي كانت كنزًا لأسراره.
وفيما هو غارق في تأملاته، أتت أمه واقفة أمامه، بنظرة قلقة، قطعت عليه سلسلة أفكاره العاصفة.
قالت بصوت خافت يحمل قلقًا عميقًا:
_كنت فين طول الليل ومبتردش ليه، أنت كويس؟لم يستطع زين أن يجيب، وقف جامدًا، محاولًا كبح مشاعره، كأنما الكلمات تآمرت مع قلبه على عدم الخروج، عيناه تجولتا في وجهها، تلك العينين اللتين طالما نظر فيهما بحثًا عن الأمان، لكنه الآن يشعر وكأنه غريب عنها.
أنت تقرأ
ابني ابنك
Romanceبعدما مضينا في سُبل لا ننتمي لها، التقينا كما التقاء الشرق والغرب سويًا، لنصنع مجدًا يخصنا، حيث لا فرق بين ابني وابنك، نحن جميعًا أبناء أب واحد، وأم واحدة. تُهدينا الحياة صدف عجيبة، منها الطيب والخبيث، وتعاملنا كضيوفٍ ثقال فتُعطينا من كل ما لذ وطاب...