فقط دعنى أوجهك ناحية الخير وأخبرك بشيء ما قد يبث الطمأنينة في قلبك، إن الخير إن تواجد يومًا بشخصٍ تحبه فسيظل، خاصةً إن كان صديقٌ لك منذ الأزل..
النفوس تتغير، والقلوب تمتلئ بالحقد،
ولكن الخير سيظل، والصديق لن يخذلك._يا «مالك» والله مينفعش!
هكذا قالت وهي تمسك يده بين يديها، ليرفعها نحو فمه يلثمها بحنانٍ وهدأت نبرته قليلًا لأخرى مُقنعة:
_أنتِ صاحبتها وأنا صاحبه، وأنا وأنتِ عارفين إن «مُـهاب» مش هيسيبها لغيره، ده عنيد ودماغه عاوزة كسر، ومش بعيد يخطفها، والمسرحية ممكن تزعلها شوية بس هو هيراضيها.زفرت وهي تطالعه وعقلها يدور في كل شيء طرحه عليها الآن:
_فكرتك أنت وهو هتخسرني صحبتي يا «مالك»، وأنا مش هخسرها، يعني إيه بجد، أنت عاوز ناخد المأذون ونروح بيت البت وهو يجي وتقنعوا أبوها وتحطوه فالأمر الواقع، عيب بجد هي متستاهلش يكون كتب كتابها كدا.. وبعدين إيه عرفكم إنه هيوافق، أبوها ممكن يقلبها بعند وتحصل مشكلة أكبر.ضمها له وهو يحاول وضع تأثيره القوي عليها ومسد على شعرها البني الطويل، وهو يقول بنبرته الخافتة:
_يا حبيبتي هو مش جاحد أوي كدا على «مُهاب»، وإلا مكنش من الأول خطبهاله، هو بس متضايق من اللي حصل وهيرضى على طول عشان هو عارف إنه أكتر حد هيحافظ على بنته هو «مُهاب».أراحت رأسها على صدره وتنفست الصعداء وهي تقول بحزنٍ على حال صديقتها:
_من زمان وهي حظها في الدنيا قليل، من وقت ما أمها ماتت واللي خطبها الأول ده، وقعت كتير وقامت، ووقعت وتقوم لوحدها، أبوها متمسك بيها وخايف عليها عشان هي وحيدته واللي باقياله في الدنيا، وقت ما أمها ماتت انهاروا هما الاتنين وكانوا بيهونوا على بعض، ووقت ما خطيبها سابها واتكلم عن شرفها انهاروا برضو سوا وهو اللي قوم بنته، طبيعي يخاف عليها من الهوا وهو مش عاوزها تحس باللي حست بيه تاني وكان شايفها بتعيط قدام عينه بالشكل ده وتقهره عليها.كان يستمع لكل كلماتها التي قالتها بصدقٍ وغلفت نبرتها الأسف، وتحدث بابتسامة خفيفة:
_«مُـهاب» هيعوضها، وأنتِ جنبها وصاحبتها اللي هي كسبتها من الدنيا، سبحان الله لا من الحارة ولا كنتِ تعرفينا ولما جيتِ بقيتِ صاحبتها المقربة.. كل ده هيعوضها، وأبوها وقت ما «مُـهاب» يكتب كتابه عليها هيقدروا سوا أنهم يخلوها تتخطى، ساعديها عشان تقدر تعدي كل الصعب ده يا «مروة».أبعدت رأسها عن صدره ورفعت بصرها توجهه له بملامحها المنهكة وسحبت شهيقًا قويًا وأخرجته من داخلها:
_حاضر يا «مالك»، ماما وبابا بيسلموا عليك على فكرة وعاوزين نروح نتغدى معاهم.حاوط وجهها بكفيه واقترب يُقبلها على رأسها بابتسامة قائلًا:
_عيني، هنروح ان شاء الله بس أنتِ عارفة بيت أبوكِ بعيد، محتاج بس افضي يومين وهاخدك ونروح تشوفيهم، أنت تؤمر وأنا أنفذ يا «مروتي».
أنت تقرأ
ابني ابنك
Romanceبعدما مضينا في سُبل لا ننتمي لها، التقينا كما التقاء الشرق والغرب سويًا، لنصنع مجدًا يخصنا، حيث لا فرق بين ابني وابنك، نحن جميعًا أبناء أب واحد، وأم واحدة. تُهدينا الحياة صدف عجيبة، منها الطيب والخبيث، وتعاملنا كضيوفٍ ثقال فتُعطينا من كل ما لذ وطاب...