هنا حيث تنزف الأرواح قبل الأجساد،
ميدان معركة لا يرحم،
أنت إما قاتل أو مقتول،
الصياد أو الفريسة.وفي بداية الأمر، دعني أوضح لك يا صديقي، أننا في معارك الحياة البشرية.
إذا تعاملت برفق ولين، فلن يكتب لك النجاة،
وإذا تعاملت بوحشية،
لن تفلت من المصير ذاته.
في النهاية، سواءً كنا ذئابًا أو ضحايا، سنصبح عظامًا خاوية، بلا لحم أو دماء، وسنلقى مصيرنا المحتوم في ظلال القبورتقدم الرجال كالعاصفة الهوجاء، وبدأت الاشتباكات بعنف لا رحمة فيه، هو يهوي بيديه وقدميه كالمطرقة، يسحق من يقترب، ثم لمح عصا خشبية ضخمة ملقاة على الأرض، فقبض عليها كمن يجد سلاحه المنشود، وبدأ يضرب بها بقوة تعادل اندفاعه.
في الجهة الأخرى، كان «زين» محاصرًا بأربعة رجال، وكأنه وسط عاصفة من الأعداء، يهاجم بشراسة ويقاوم بكل ما أوتي من قوة، لكن العدد كان يغلبه، مهما بلغ من صلابة بنيته وشدة عضلاته.
فجأة، كاد أحدهم أن يوجه ضربة قاتلة نحو رأسه، إلا أن «مُهاب» اندفع كصاعقة، يهوي بالعصا على خصمه، ليصيح محذرًا:
_خلي بالك!
شعور العجز كان يسري لأول مرة بينهما، كأن الأرض تحت أقدامهم تئن.وقفا بظهريهما ملتصقين، محاصرين وسط دائرة من الأعداء المتربصين. مصيرهما بدا محتومًا... إما أن يسقطا في قبضة الموت، أو أن يتشبثا بالحياة، غير أن النجاة لم تكن تلوح في الأفق، والخطر كان وحده المتربص بهما، يشم رائحة الخوف ويتأهب للانقضاض.
ولأن الموت كان حتمي، خرج من السيارة بخطوات ثابتة، يكسوها ثقل المصير المحتوم، خلفه صفٌ من الرجال لا يلينون، بينما أمامه المساكين قد توسعت حدقات أعينهم كمن صحا من غفلة طويلة.
«صادق حكيم»... ذلك الذي أقنع «سليمان رشوان» بأنه مجرد رجل أعمال يتاجر في الاستيراد والتصدير، لكن ها هو يقف أمامهم، يجسد كذبته بحضور قاسٍ.
و«زين»، بتلك النظرة المصدومة، وقف مبهوتًا. شفتاه تتحركان، ولكن ما كان يجول في عقله كان أشد. المفاجأة جعلته أشبه بمن تلقى طعنة في الظهر دون أن يدرك مصدرها، وبنبرة مهزوزة تحمل بين طياتها الصدمة تسائل زين:
_أنت؟ أنت بتعمل إيه هنا؟«صادق» ضحك، ضحكة تعلو كصفعة على وجه الحقيقة التي كان يخفيها، كان المشهد برمته يتلون بخيوط الخيانة، تلك الضحكة لم تكن مجرد صوت؛ بل كانت إعلانًا عن اللعبة الكبرى، التي بدأت تتكشف تفاصيلها أمام أعينهم.
اللعبة التي لم يكن فيها الخداع إلا أول خطوة نحو النهاية..
_أنا السبب إنكم هنا أصلًا، فاكرين المكالمات الجميلة اللي كانت بتجيلكم، أنا اللي كنت بكلمكم، صدمة صح؟
تلاقت نظرات «مُهاب» و«زين»، لحظة ثقيلة، كأن الزمن توقف ليسأل عن معنى كل هذا العبث، كيف يمكن أن يكون «يامن» يعرف الحقيقة ولم يخبرهم؟ كانت اللعبة أكبر مما تخيلوا، كل خيط فيها متشابك بالغدر والخيانة، كشبكة عنكبوت تسحبهم إلى الهاوية.
أنت تقرأ
ابني ابنك
Romanceبعدما مضينا في سُبل لا ننتمي لها، التقينا كما التقاء الشرق والغرب سويًا، لنصنع مجدًا يخصنا، حيث لا فرق بين ابني وابنك، نحن جميعًا أبناء أب واحد، وأم واحدة. تُهدينا الحياة صدف عجيبة، منها الطيب والخبيث، وتعاملنا كضيوفٍ ثقال فتُعطينا من كل ما لذ وطاب...