لقاء غير متوقع

6 0 0
                                    

الفصل الرابع: لقاء غير متوقع

حلَّ الصباح التالي، وكانت ليرين تشعر بمزيج من الترقب والتوتر. لم تستطع التوقف عن التفكير في سنان وطريقته الهادئة التي بدأت تؤثر على حياتها بشكل لم تتوقعه. في كل مرة يفاجئها بحضوره، كان يحمل معه شعورًا جديدًا، إحساسًا لم تختبره من قبل.

كانت قد بدأت في إعداد زاوية القراءة الخارجية التي تحدثا عنها أمس، لكنها توقفت أكثر من مرة، عالقة في أفكارها. كانت تنتظر وصوله، وهو شعور غريب بالنسبة لها. لم تكن معتادة على أن يشغل أحدهم هذا القدر من تفكيرها.

سمعت الجرس يرن في المكتبة، وكعادته، دخل سنان بابتسامته المعتادة، لكن هذه المرة كان يحمل في يده وردة بيضاء. تقدم نحوها ببطء وقدم لها الوردة دون أن ينطق بكلمة، مما جعل قلب ليرين يخفق بشكل غير متوقع.

"وردة؟" سألته بابتسامة خجولة.

"نعم، رأيتها وذكرتني بكِ." قال سنان وهو يضع الوردة بين يديها، قبل أن يستدرك بسرعة: "أعني... شعرت بأنها تناسب هذا المكان الهادئ."

ضحكت ليرين بخفة وهي تقلب الوردة بين أصابعها. "إنها جميلة. شكرًا لك."

بينما جلست مع سنان على طاولة قرب النافذة، كانت تشعر بشيء مختلف في الأجواء اليوم. كان هناك تقارب غير معلن، نوع من الكيمياء التي بدأت تتصاعد بينهما. لم يكن الحديث مجرد كلمات عادية، كان يحمل في طياته إحساسًا جديدًا، وكأنهما يتحدثان بلغة لم تُكتشف بعد.

بعد قليل، قال سنان وهو ينظر نحو النافذة: "ما رأيك أن نأخذ استراحة صغيرة اليوم؟ لدي فكرة لموعد صغير."

تفاجأت ليرين من اقتراحه. "موعد؟" سألت وهي تشعر بالخجل المفاجئ.

أومأ سنان بابتسامة خفيفة. "ليس شيئًا رسميًا، فقط نزهة على الشاطئ. الجو مثالي اليوم، والمكتبة ستظل هنا غدًا."

كانت ليرين تشعر بالاندهاش. لم تكن معتادة على الخروج بهذه الطريقة، لكن فكرة قضاء وقت معه خارج جدران المكتبة كانت مغرية. ابتسمت له وقالت: "لمَ لا؟ يبدو الأمر لطيفًا."

خرج الاثنان من المكتبة، وسارا بجانب بعضهما البعض باتجاه الشاطئ. كان الجو مشمسًا، والهواء يحمل معه نسمات بحرية منعشة. كانت الأمواج تتلاعب بالرمال، وكان الشاطئ شبه فارغ، مما أضفى جوًا من الخصوصية.

بينما كانا يمشيان، شعرت ليرين بيده تقترب منها، وفي لحظة هادئة وغير متوقعة، أمسك بيدها برفق. كانت هذه اللمسة البسيطة كافية لجعل قلبها يخفق بسرعة. نظرت إلى سنان لتجده ينظر إليها بابتسامة خفيفة، وكأن هذا الأمر كان طبيعيًا جدًا بالنسبة له.

"هل يزعجك هذا؟" سأل بلطف وهو يمسك يدها.

هزت ليرين رأسها بسرعة. "لا، بالعكس... أشعر بالراحة."

استمرا في المشي ببطء، ويداهما متشابكتان. كان الصمت بينهما ليس صمتًا محرجًا، بل صمتًا مليئًا بالمشاعر، وكأن الكلمات لم تعد ضرورية. كل شيء كان يبدو مثاليًا في تلك اللحظة، وكأن البحر كان يشاهد ما يجري بينهما ويباركه.

بعد بضع دقائق، توقفا أمام الصخور التي كانت تشكل حاجزًا طبيعيًا على الشاطئ. جلسا هناك، ينظران إلى الأفق، حيث كانت الشمس تبدأ في الغروب بلون برتقالي دافئ.

"لم أكن أعتقد أنني سأجد هذا السلام هنا،" قال سنان بهدوء، وهو ينظر إلى البحر. "لقد كنت أبحث عن شيء ما، لكنني لم أكن أعرف أنه سيأتي بهذه الطريقة."

نظرت إليه ليرين، وكانت تعلم أنه يتحدث عن أكثر من مجرد الشاطئ. كانت تشعر بذلك الرابط الذي بدأ ينمو بينهما، ولم تكن متأكدة إلى أين سيقودهما. لكنها كانت متأكدة من شيء واحد؛ هذا الرابط كان حقيقيًا.

في تلك اللحظة، اقترب سنان منها بهدوء، ووضع يده على خدها برفق. كانت نظراته تحمل الكثير من المشاعر، وكأن كل شيء في هذا العالم قد اختفى، ولم يبقَ سوى هما. لم تستطع ليرين أن تتجنب التوتر الذي بدأ يتصاعد داخلها، لكنها شعرت بالأمان في تلك اللمسة البسيطة.

وبدون كلمات إضافية، اقترب منها أكثر، حتى تلاقت شفاههما في قبلة هادئة، مليئة بالاحترام والرغبة في نفس الوقت. كانت قبلة لطيفة، لكن في الوقت ذاته حملت في طياتها الكثير من المعاني غير المنطوقة.

عندما انتهت القبلة، لم يستطع سنان إلا أن يبتسم بخجل وهو ينظر إلى ليرين. "أعتقد أنني كنت بحاجة إلى هذه اللحظة."

ابتسمت ليرين بدورها وهي تشعر بأن شيئًا قد تغير. "وأنا كذلك."

بقي الاثنان جالسين هناك، يتأملان البحر والغروب، بينما كانت مشاعرهما تتداخل مع الأمواج، تاركة بصمة عميقة على يومهما هذا.

ليرينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن