"تفضلي، أيُّ شيءٍ آخر؟" عرضَ هاري وهو يناولني بطاقة الڤيزا خاصتي التي قمتُ بحجز الغرفة بها.
"لم يتصل." قلتُ بخليطٍ من المشاعر مابين الغضب والحزن.
فمنذُ خروجي وديڤيد لم يحاول الإتصال بي حتى، ألا يقلق أن يختطفني أحدهم في هذا الوقت المتأخر؟
"لا تشغلي بالك به." قال لي هاري وقد جلس بجانبي فوق أريكة الفندق.
"لقد ظننتُ بأنه يهتم.. ولو قليلاً." همستُ بضعف.
"جرّبي هذا." قال هاري وهو يناولني ثياباً.
"ماهذا؟" سألته وأنا أتفقدها، قميصاً أبيض اللون ويحملُ رائحة هاري في ثناياه، مع أحد ملابسه الداخلية التي قد تصبحُ كالـ (شورت) على جسدي.
"لا يمكنك النوم بثيابك هذه." قال ضاحكاً وهو يشير لبنطالي الضيق والمعطف الثقيل.
صحيح، لربما هو محق..
"سأقوم بتغيير ثيابي، يمكنك الرحيل لا أريد التسبب بأية مشاكل." قلتُ له وأنا أنهض.
"أستنامين؟" سألني وقد توقفت عن مشيي.
"كلا، سأرسم، أشعر برغبة مُلحّة في إفراغ مشاعري." قلتُ له.
"أيمكنني المشاهدة؟ لن أسبب إزعاج أُقسم." قال كالأطفال.
"لم أجلب أدوات رسمي هنالك فقط دفترٌ صغير في جيب معطفي وقلم رصاص لذا لا يوجد مايستحق المشاهدة." قلتُ ضاحكة.
"حتى وإن يكن." قال مجدداً.
"حسناً." استسلمت، لم أعد أهتم بمن يجلس وبمن يرحل.دخلتُ لدورة المياه وقمتُ بتبديل ثيابي سريعاً.
كانت ثيابُ هاري تتسع لشخصين إضافيين غيري، لم أستوعب صخامة بُنيته حتى الآن.
لاحظتُ نفسي أتتبع رائحته في القميص، خليطٌ من مسحوق الغسيل ورائحة خفيفة جداً من عطرٍ رجاليّ.
أخذتُ ثيابي التي خلعتها وقمتُ بتطبيقها ووضعتها جانباً ثم خرجت لأجد هاري كما هو على الأريكة يُحدق في السقف."سأتفقد الثلاجة، إن لم أجد شيئاً سأتصل بخدمة الغرف." قلتُ له.
"أتشعرين بالجوع؟" سألني وقد التفت نحوي.
"كلا، ولكني أحب أن اشرب أو اتناول شيئاً ما خلال الرسم، اتعلم." قلتُ له وقد بدا المكان صامتاً جداً ولا إجابة من هاري ولا أسمع أنفاسه في الغرفة حتى.
"هل نمت؟" سألته وأنا أرفع رأسي من الثلاجة والتفت نحوه لأجده يحدق في جسدي.
سعلتُ لألفت إنتباهه.
انتقلت عيناه من جسدي لعينيّ سريعاً ثم أنزل رأسه مبتسماً.
"اعتذر.. أنتِ فقط.." قال متلعثماً وهو لايزال ينظرُ للأرض.
رفعتُ حاجباً.
"ماخطبي؟" سألت.
"تبدين فاتنة في ثيابي." اعترف بصوتٍ منخفض.
"آه هنالك عصائر!" قلتُ سريعاً لأُضّيع الموضوع.
التفت مجدداً نحو الثلاجة دون النظر لوجه هاري، وحاولتُ جاهدة تفادي شعوري بالتوتر والخجل لما قاله لي.
أخرجتُ زجاجتين من العصير الطازج ثم أخذتُ نفساً عميقاً وتوجهتُ نحو غرفة المعيشة.
"لا توجد كؤوس." قلتُ وأنا أضع العصير فوق الطاولة.
"أسترسمين الآن؟" سألني.
نظرتُ له.. أُفكر.
"أشعُر برغبة شديدة في رسم.." بدأت أقول له وعيناي تتفحصانه.
حدّق هاري بي وأنا أتفحصه.
"وشوماتك." أعلنتُ له أخيراً وقد أشرتُ بإصبعي نحو صدرهِ حيث فتح إزرارين من قميصه وظهر لي وشم عصفورين.
أنت تقرأ
عشق على ورق | h.s
Fanfictionلطالما تمنيتُ سِراً.. أن أضمه لصدري كما تضمهُ أوراقي، ولوحاتي، ورفُّ ذكرياتي.. ولطالما حلمتُ خفاءاً.. أن أتتبع تفاصيلهُ بأطراف أصابعي كما تتبعتها بقلم رصاصي يوماً.. ولطالما آمنتُ بصمتٍ.. بأنه هوَ الرجلُ المنشود في لوح قدري المصلوب.