كان قراراً جنونياً بالكامل..
ولكن منذُ أن عرفتُ بأمر انفصاله وأنا لا أكفّ عن التفكير بأنهُ يمكنني الحصول عليه الآن.
ما الذي اتحدث عنه وكأنهُ قطعة لحم؟..بالأمس ودون تفكير قمتُ بصرف جميع أموالي التي اكتسبتها من لوحاتي وقمتُ بشراء تذكرة للوس آنجلس حيث هاري الآن لإجراء المقابلات وتوقيع رواياته.
أنا حتى لم أعرف أين سأبقى وكيف سأبحث عنه..
لم أحجز فندقاً ولا أملك سوى القليل من المال.
ولكن الأمر يستحق.هبطت الطائرة، لا مجال للتراجع الآن..
خرجتُ وأنهيتُ اجراءات المطار ثم سحبتُ حقيبتي وخرجت.
هذه أول مرة لي أزور فيها لوس آنجلس، ولكني لم انظر للمكان حولي بل استقليتُ سيارة أجرة وانطلقت نحو المكان الذي سيقوم هاري بتوقيع رواياته فيه.كان مكاناً كبيراً، وكأنهُ مكتبة عتيقة، وقد اصطفت الفتياتُ بإنتظاره ويصرخن بإسمه.
بدأتُ سريعاً أُلاحظ وجوههن، وقد شعرتُ وكأني طفلة صغير في الخامسة عندما بدأتُ أفكر بأنهن أفضل شكلاً وأناقةً مني.ركنت بجانب المدخل سيارة سوداء ضخمة.
صرخ الجميع والتفتوا نحوها، ثم خرج منها هاري مبتسماً وقد لوّح للجميع وابتسم لهم، وقام بتوقيع عدة صور.لم أعرف مدى إشتياقي له إلا هذه اللحظة، عندما خانتني دموعي وسقطت مني لرؤيته.
أردتُ احتضانه، وإخبار الجميع بأنهُ لي وحدي ولا أتشاركهُ مع أحد!"هاري!!" صرخت.
لم يسمعني لصراخ الفتيات حولي ودخل للمكتبة الكبيرة.اشعر بالدوار، كوني حامل، ولم أنم ليومٍ كامل، من الطائرة لهنا في اليوم نفسه.
تبعتُ حشد الفتيات للمكتبة، وقد احكمتُ المعطف حولي حتى لا تظهر بطني المنتفخة قليلاً.
التقطتُ أحد رواياته ووقفتُ في الصف، وقد تعبتُ من الوقوف مع وزني ووزن الطفل بداخلي، وظيفة الأم لابد أنها الوظيفة الأصعب.
وبعد طول انتظار، جاء دوري.
"بإسم من أوقع؟" سأل مُنزلاً رٱسه.
لقد عشتُ هذا الموقف من قبل في مكتبة مانشستر، وكأن الزمن قد أعاد نفسه.
"روزاليندا." قلتُ مبتسمة، انتظره ليرفع رأسه ويبتسم ليخبرني أنه افتقدني.رفع هاري رأسه وقد بدا متفاجئاً للحظة ثم عادت ملامح وجهه طبيعية وأنزل رأسه مجدداً نحو الكتاب.
"إلى روزاليندا: مع كل الحب. هاري. x" وقع لي على الصفحة الأولى وناولني الكتاب ببرود.
"التالي." صاح.
"هاري أنا.." بدأتُ أقول.
"التالي." صاح مجدداً.بقيتُ واقفة مندهشة من أفعاله.
"هيا تحرّكي أيتها الغبية!" صحن الفتيات وبدأن بالتدافع.
اضطررتُ للخروج من الصف، وحملتُ الكتاب لصدري وأنا ممتلئة بالخيبة.
لما قد يعاملني هكذا؟ أعلم بأني جرحته وقلتُ بأني لا أحبه ولكني كنتُ اكذب..
عليّ الشّرح له.جلستُ عند مدخل المكتبة أرضاً، وانتظرت.. انتظرت.. انتظرت..
حتى غربت الشمس، وبدأتُ بالنعاس.."روزاليندا.." فتحتُ عينيّ على صوت هاري وخلفهُ رجُلين كالحُرّاس.
"عودي لمنزلك، الوقت متأخر." قال ببساطة.
تقدّم أحد رجاله وحملني لأقف بعنف.
"انتبه، الطفل!" قلتُ سريعاً للرجل ليضعني أرضاً."طفل؟" سأل هاري وقد بدا منصدماً وحزيناً.
"أجل، أنا حامل." أخبرته مبتسمة.
"وأتيتِ لجلسة توقيعي اليوم بكل ثقة؟ هذهِ وقاحة منكِ ياروز." قال مجدداً بخيبة أمل.
"ما الذي تقصده؟" سألته مستغربة.
"لا تتظاهري بالغباء، لقد عُدتِ لديڤيد وستقومين بإنجاب طفل وأتيتِ لإغاظتي، ألا يكفيكِ ما قُلتهِ لي ذلك اليوم؟" سأل مستعجباً وقد بدا منفعلاً وغاضب.
"هاري هذا ليس طفل ديڤيد." قلتُ له وقد شعرتُ بالذنب لأني جعلت هاري يشعر بالحزن.
بقي هاري صامتاً وهو يتفحصني وكأنه يتساءل ما إذا كان يجدر بهِ تصديقي أم لا."هاري، لقد كذبتُ عليكَ في ذلك اليوم، لم أعد لديڤيد بل انفصلنا أنا وهو منذُ فترة." قلتُ له.
"لماذا؟" سألني متألماً.
"لأني سمعتُ سكارليت تتحدث عنك بالصدفة، عن مدى حبها لك وغيره، فشعرتُ بالذنب." قلتُ له.
"أهذا طفلي؟" سألني وهو يتفحصُ بطني وينظر لها.
أومأتِ رأسي نعم.
بقيَ هاري صامتاً وكأنهُ يُحاول استيعاب الأمر."أعلمُ بأنكَ منصدم ولربما مستاء من الخبر، لأني لازلتُ اتذكر كلامك عن حمل زوجتك وهي زوجتك فبالتالي لن تُحب أمر حملي أنا ولكن.." بدأتُ أقول له.
تقدم هاري فجأة وانحنى على ركبتيه وقبّل بطني.وقفتُ مندهشة، أنظر له بعينينٍ دامعتين.
"أهو صبي؟" سأل وهو لازال يجلسُ على رُكبتيه.
"لا أعرف بعد، عمره أربعة أسابيع." قلتُ ضاحكة وقد مسحتُ دموعي.
"أريدها فتاة، تحملُ وجهك." قال وقد وقف مجدداً ينظرُ في عينيّ.
"لقد كُنتَ غاضباً مني قبل دقائق.." قلتُ ساخرة.
"لا يهم، أريدها فتاة." قال كالأطفال.
"ولكني أريد صبياً كالذي في حُلمنا." قلتُ بعبوسٍ مصطنع.
"الأهم هو أنهُ منكِ." قال بجدية.
"علمياً.. الطفل من الرجل." قلتُ له.
"كنتُ أحاول أن أكون رومانسياً، تباً لكِ روز." قال ضاحكاً.
"ستعترفُ به صحيح؟ اعني.. انه غير شرعي.." بدأتُ أقول له مترددة.
"اتهذين؟ بالطبع سأفعل." قال ببهجة وهو يقودني لسيارته.
"متى ستلدين؟" سألني ونحن نصعد.
"هاري، التزم الصبر، لقد مضت أربعة أسابيع فقط أنه لم يبدأ في الحركة بعد!" قلتُ ضاحكة.لو أخبرني أحدهم بما سيحدث في المستقبل وبأني سأتركُ ديڤيد لأجل رجُلٍ كالأطفال لا يستطيع وضع عقله في رأسه لانفجرتُ من الضحك.
ولكن ها أنا واقعة في حُبه تماماً، ولو طلب مني التخلّي عن العالم بأكمله لأجله لفعلت.أحياناً يقودنا القدرُ لأشياءٍ نظنها خاطئة تماماً، ولكن كلّ شيء يحدثُ لسبب، وهاري كان أحلا الأسباب في عجلة أقداري.
لا ترفض الفرص كيفما كانت بل انتهزها، فنحن لن نعلم جمال ماتخبئه الحياة لنا دون انتهاز الفرص.
وأنا سعيدة لإنتهازي فرصتي مع هاري.

أنت تقرأ
عشق على ورق | h.s
Fanfictionلطالما تمنيتُ سِراً.. أن أضمه لصدري كما تضمهُ أوراقي، ولوحاتي، ورفُّ ذكرياتي.. ولطالما حلمتُ خفاءاً.. أن أتتبع تفاصيلهُ بأطراف أصابعي كما تتبعتها بقلم رصاصي يوماً.. ولطالما آمنتُ بصمتٍ.. بأنه هوَ الرجلُ المنشود في لوح قدري المصلوب.