كلّ شيءٍ حولي ثابت، إلا ضربات قلبي ومشاعري.
أمسكتُ بأوراق التحاليل التي كانت تحتوي نتائج "إيجابية."
كنتُ في طريقي للمنزل وفي رأسي عدّة تساؤلات.لماذا طوال هذه السنين لم نستطيع أنا وديڤيد الإنجاب؟ رغم أننا كنا نتعالج ولا يوجد خطب ٌبنا، ولكن ها أنا أحملُ طفلاً من هاري بسرعة فائقة ودون كشف وحبوب.
هل كان السيد هارفورد محقاً بقولهِ أننا خُلقنا لبعضنا؟
وماذا سأفعل بهذا الطفل وحدي؟ أمي لا يمكنها معرفة مايحصل هي قد تظن بأنه طفل ديڤيد وتحاول إصلاح علاقتنا.
كيف سأهتم به؟ أنا لا أعمل، ولا أريد العيش في منزل أمي بهذا الطفل.
لماذا يحدث لي كل هذا؟ لماذا أنا؟في هذه اللحظة أتمنى وجود صديقات يساعدنني في لحظات كهذه، يمكنني استشارتهم بدلاً من هارفورد المعتوه.
رُغم كل مخاوفي من هذه المرحلة الجديدة بالنسبة لي إلا أنّ جزءاً بسيطاً منّي سعيد.
فهو ليس مجرد طفل، بل طفل الرجل الذي أحبه.. صحيح لا يعلم هو ولكن لا مشكلة فهذا لمصلحته.
لا أصدق بأني سأنجبُ كائناً صغيراً يحملُ تفاصيلَ وجهه، وأرجوا أن يحملَ غمّازته التي أُجنّ بها، ولفائف شعره الداكنة، وكلّ شيء..
أريدهُ أن يكون نسخة مصغرة منه تركضُ في الجوار.أشعرُ بالذنب لأني لن أُخبر هاري، ولكن لا يوجد أمامي حلٌ آخر، لمصلحته ولمصلحة زواجه سأُضحي أنا.
ولكن الآن، لا يجدر بي التفكير سوى في كيفية الهروب بهذا الطفل، وإعالته.
لا أريدُ لأحدٍ أن يعلم.رنّ جرسُ هاتفي.
"مرحباً، جايك." قلتُ على الهاتف.
"أهلاً بكِ روز، هل ستأتين للمحكمة اليوم؟" سألني المُحامي.
"هل هو اليوم؟ تباً لقد نسيت، سأحضرُ حالاً." قلتُ له ثم أقفلتُ الخط.
وضعتُ هاتفي وورقة التحليل في حقيبتي على عجل وركضتُ لأستقلّ سيارة أجرة.وصلتُ للمحكمة لأجد ديڤيد ومحاميه يجلسان بالفعل.
والمحامي الخاص بي يجلسُ في المقابل.
جلستُ بجانبه وبدأ مُحامي ديڤيد بذكر كل ما إتفقنا عليه في الجلسة السابقة.
"أهذا هو كلّ شيء؟" سألني المُحامي.
"أجل." قلتُ له بهدوء.
مررّا لي ورقة لأوقعها ثم مررتها لديڤيد.
أهذا هو الأمر؟ هل تطلقنا رسمياً؟نهضتُ من فوق الكرّسي سريعاً لأخرج.
"روزاليندا!" نادى ديڤيد.
غاص قلبي، التفتُ له.
كان ممُسكاً بورقة.
"لقد وقعت منكِ.." قال وهو يفتحِ الورقة.
ركضتُ نحوه لأنتشلها منه سريعاً.
"هل أنتِ..؟" بدأ يسأل بعينينٍ متسعتين.
"إنها ليست لي!" قلتُ سريعاً.
"ولكنها تحملُ اسمك." قال لي سريعاً.
"قُلت ليست لي، اخبروني بأن البيانات اختلطت ببعضها، ولمَ عليّ أن أبرر لكَ من الأساس؟ من هذه اللحظة نحن لا ننتمي لبعضنا." قلتُ له وقد وضعتُ الورقة في حقيبتي ومشيت دون أن أنتظر رده.عُدت للمنزل متعبة تماماً، فتحتُ حاسوبي الإلكترونيّ وحاولتُ عرضَ لوحاتي للبيع على المواقع الإلكترونية المعروفة.
أريد جمع المبلغ الكافي من المال لأرحل من منزل والدتي ثم أبحث عن عمل وأعيشُ أنا وهذا الطفل فقط.صحيح بأني أفتقدُ هاري حتى الموت، ولكنهُ قام بإعطائي جُزءاً صغيراً منه ليعيش بداخلي ويؤنس وحدتي، ويذكرني به كُلما داهمني الحزن.
بعدما عرضتُ جميع لوحاتي التي رسمتها للطبيعة للبيع، أقفلتُ حاسوبي ونهضتُ استعداداً للنوم.
ولكني لم أنم فعلاً، كنتُ أشعر بتوعك وصداع شديد.
فقررتُ الخروج مجدداً، لستُ أعلم لم أعُد أُحب الجلوس بين أربعة جدران.خرجتُ من المنزل وتنزهتُ في الجوار.
لفتت نظري لوحة إعلانية كبيرة جداً عليها غلاف رواية هاري وصورة مصغرة له على الجانب.دمَعت عيناي، وتأثرتُ جداً، شعرتُ بالفخر، والحب، والإشتياق ثم أدركت بأن كُل فَقدٍ غير فَقدهِ هيّن، وكلّ شيء دون وجوده لا شيء.
اهتزّ هاتفي.
رسالة إلكترونية من أحدهم يُخبرني بأنه يودّ شراء جميع لوحاتي.
هذا جيد! الأوضاع بدأت تتحسن.
أرسلتُ له رسالة أخبرهُ فيها بمعلومات الحساب والفواتير وغيره وكيفية التحويل ثم عدتُ للمنزل وحاولتُ النوم.مضت أربع أسابيع، وأنا على حالي كما هو، إلا أني بدأتُ بتطوير أعمالي.
بدأتُ برسم طلبات معينة، وقد عرض علي أحدهم أن يقوم بإنشاء موقعٍ إلكتروني خاص بلوحاتي وبيعها.
وبدأتُ أبحث عن شقة صغيرة بعيدة عن هنا، لأن بطني بدأت بالإنتفاخ قليلاً وأظلّ أخبر أمي بأني أُعاني من مشاكل في القولون.خلال هذه الأربعة الأسابيع ومنذّ آخر مرة رأيتُ تلك اللوحة الإعلانية وهاري يزدادُ شُهرةً يوماً بعد يوم، والجميعُ يُجنّ برواياتهِ شيئاً فشيئاً وقد بدأ ينال التقدير الذي يستحقه.
صوره على أبواب المكاتب الكبيرة ورواياته على أرفف الكتب الجديدة.
وأصبح الجميع يجري مقابلةً معه.
وأنا لا أملّ من مشاهدة مقابلاته لأسمعهُ يتحدث.اليوم كان يملكُ مؤتمراً صحفياً، وقد انتباني الفضول لمشاهدته.
ففتحتُ التلفاز وانتظرته.
بدأ البرنامج كغيره من البرامج.
ثم دخل هاري..
كان جميلاً كعادته، يرتدي قميصاً يميلُ للأزرق الفاتح وبنطالاً أسود وقد ترك خصلات شعره الطويلة تدلى من كتفيه.
لاحظتُ بأنه لا يرتدي خاتم زواجه..
هل لازال يتشاجر مع سكارليت؟بدأ الجميع بطرح أسئلتهم.
"من هي روزاليندا التي شكرتها في أول رواياتك؟" سأل أحدهم.
بصقتُ العصير من فمي وحدقتُ في التلفاز.
صمت هاري قليلاً وهو يعبثُ بأصابعه في حركة توتر."صديقة عزيزة جداً." قال بهدوء وقد اكتسحت وجهه ملامح حزينة.
أردتُ ضمّه لصدري الآن."هل أنتَ متزوج؟" سأله الرجل الآخر.
"كلاّ." أجاب هاري سريعاً.
ماذا؟؟
هل انفصلا؟بقيتُ هناك في مكاني لم أعد أسمع مايقولونه وغرقتُ في أفكاري.
أنت تقرأ
عشق على ورق | h.s
Fanfictionلطالما تمنيتُ سِراً.. أن أضمه لصدري كما تضمهُ أوراقي، ولوحاتي، ورفُّ ذكرياتي.. ولطالما حلمتُ خفاءاً.. أن أتتبع تفاصيلهُ بأطراف أصابعي كما تتبعتها بقلم رصاصي يوماً.. ولطالما آمنتُ بصمتٍ.. بأنه هوَ الرجلُ المنشود في لوح قدري المصلوب.