لم أستطع منع نفسي من النهوض واللحاق به، شيئاً ما أخبرني بأني مُخطئة.. صوتاً ما بداخلي بكا ولم يسمح لي بالجلوس ومشاهدتهُ يرحل غاضباً.
"هاري! انتظر!" صرختُ وأنا أركضُ خلفه.
ولكن هاري استمرّ بالمشي بخطواتٍ واسعة وسريعة وكأنه لا يسمعني.
الغريبُ في الأمر هو أني طوال حياتي لم ألحق بأحدهم مهما كانت الظروف، سواء كنتُ أنا المخطئة أم لا.
ولكن ها أنا الحقُ به.. كالضعيفة..."هاري!! توقف حُباً بالإله لقد تعبت!" صرخت وقد عبر هاري الشارع.
لم استطع اللحاق به لأن السيارات تمرّ سريعاً وإشارة المرور خضراء.
"هاري!" عدتُ اصرخ باسمه.
ولكنه لم يتوقف، استطيع رؤيته يستمر بالمشي.
أخذتُ نفساً عميقاً وركضتُ بأقصى سرعتي لتتوقف السيارات بالمكابح ويطلقون البوق في وجهي.
أراهن على أن الجميع يودّ قتلي.أمسكتُ بهاري من معصمه وأنا التقط أنفاسي، التفت نحوي بملامح وجهٍ باردة.
"كادت أن تصطدم بي السيارات أيّها المغفل!" صرختُ في وجهه وقد ضربتُ صدره الصلبُ بقبضتي.
"وكأن هذا ماكان ينقصني! أولاً ديڤيد والآن أنت! لقد كنتَ ملاذي الوحيد من كل مايحدث، الشيء الوحيد الذي يبهجني!" قلتُ له بإنفعال."بالضبط روزاليندا!!" صرخ هو في المقابل.
وقد تجمدت، لم اتوقع بأن يصرخ، لطالما كان هاري يتصرف بلطفٍ دوماً لذا كان هذا الجانب منه جديداً كلياً بالنسبة لي.
"بالضبط.. بينما أنا كنتُ أقعُ في حُبكِ شيئاً فشيئاً أنتِ لم تعتبريني شيئاً سوى بهجة.. كلما تشاجرتي مع ديڤيد تستبدليني به وكلما عُدتِ له تتركينني." قال وقد لمعت عيناه ببعض الدموع.
هدأتُ قليلاً، وقد حرّكت كلماته بي شيئاً..
كنتُ في حالة صدمة من عدة أشياء..
كونه اعترف بحُبّه وكوني أنا عاملتهُ بدناءة دون أن أشعر."هاري أنا.." بدأتُ أقول له.
"لم تقصدي؟ أعلم، هذا مايقولونه النساء دوماً، يُحطمون المشاعر ثم يقولون لم نقصد." قال وقد نفذت أعصابه.
"ولكني حقاً لم أقصد! ماذا تريدني أن أفعل لأثبت كل هذا؟" سألته يائسة.
"تخلّي عن ديڤيد، أثبتي لي بأني لستُ بديلاً." قال وقد حدّق في عينيّ.تجمدت..
هل فعلاً طلبَ مني هذا للتو؟"ماذا عن سكارليت؟" سألته.
صمت هاري.
"أجبني هل فعلاً نسيتَ ارتداء الخاتم أم أنكَ تخليتَ عنها؟" سألته بجدية.
"لم أتخلى عنها بعد، لقد تشاجرنا فقط." ردّ بجفاف.
"بعد؟ أتعني بأنكَ ستتخلى عنها قريباً.." قلتُ غير مصدقة.
"سأفعل، إن تخليتِ عن ديڤيد." قال دون تردد.
"هاري هل جُننت؟ هذه زوجتك التي تتحدث عنها!" قلتُ له مندهشة.
"كلا، أنتِ من جُنّ هنا." قال ببساطة."كيف أمكنكِ ألا تلاحظي كلّ مايحدث بيننا؟ كُل مانمرّ به ليس صُدفة بل إشارة من القدر تُخبرنا بأننا خُلقنا لبعضنا وأن زواجنا كان بالأشخاص الخطأ." عاد يقول لي مُفسراً.
أيعقلُ أن يكون كلامه صحيحاً؟
مشاعري في حالة فوضى عارمة الآن، لا أستطيع إتخاذ أيّ قرار."قولي بأني مُخطيء، قولي بأن مايحدث صُدفة... قوليها." همسَ منكسراً.
"هاري لا أعلم.." همستُ باكية.
"بلى تعلمين، ولكنكِ لا تجرؤين على المخاطرة بزواجك الفاشل من ديڤيد." قال وقد قبّض كفّيه ليفرّغ غضبه حتى إصفرّ كفّه."الأمر ليس لأني لا أجرؤ، بل لأن التخلي عن ديڤيد ببساطة يعتبر أنانية مني، وأنت كذلك." قلتُ له مبررة.
"كلا ياروز، بل الأنانية هي أن تحتفظي به وتخدعينه وقلبكِ هُنا معي، بينما يمكنكِ تركه ليجد المرأة التي تعشقهُ بكلّ شريانٍ في جسدها." قال بجدية وقد بدا كلامهُ منطقياً.كان هاري ينتظر مني إجابة.. ولكنه لاحظ صمتي فتنهد.
"عودي لمنزلك وارتدي الخاتم من جديد وانسيني." قال بهدوء ثم التفت ومضى في طريقه ليتركني أقف على قارعة الطريق وحدي.
أودّ من كلّ أعماقي اللحاق به، ولكني لستُ متأكدة هل أنا فعلاً أودّ التخلي عن ديڤيد لأجله..
أنا لستُ متأكدة من أن هذا حُباً حتى..اختفى هاري بين الناس، وبقيتُ أنا واقفة أُحاول لملمة شتات نفسي ثم عُدت ادراجي للمنزل.
قررتُ ترتيب المكان ثم محاولة الإتصال بديڤيد.
أثناء ترتيبي وقعت بطاقة من الدرج الأسفل للخزانة، التقطتها.
كانت بطاقة السيد هارفورد التي اعطاني إياها في بداية مشاركتي للمعرض، تحتوي على اسمه وعنوانه ورقم هاتفه.للحظة تذكرتُ ماحصل ذلك اليوم في المقهى، وأعرف أنه كان مُحقاً ولكن شيئاً ما بداخلي ذلك اليوم حاول نفي ماقاله.
اجتاحتني رغبة كبيرة في ارتداء معطفي والذهاب لعنوانه فهو الذي سيقدم لي أفضل نصيحة في هذا الوقت، بما أني لا املك اصدقاء ولا يمكنني إخبار عائلتي.
ثم أن السيد هارفورد عقلانيّ جداً وقد كانت نصيحته صحيحة في ذلك اليوم ولكني كنتُ حمقاء جداً لأدرك ذلك.وأخيراً ارتديتُ معطفي وخرجتُ متوجهة نحو ذلك العنوان، من الجيد أن الطرق لم تكن مزدحمة كثيراً.
طرقتُ باب منزله الخشبيّ الكبير ثلاثاً.
استطيع سماع خطوات أحدهم قادمة من خلف الباب.
فُتح الباب بعد ثوانٍ ليكشف عن إمرأة مُسنة بدت في الستينيات."مرحباً، أعتذر عن الإزعاج، هل السيد هارفورد موجود؟ إنه أمرٌ هام." قلتُ له بلُطف.
ابتسمت السيدة وأشارت لي بالدخول.
لستُ أعلم ما إذا كانت هذه زوجته ولكنها لا تبدو كذلك.
دخلتُ لمنزله، كان كبيراً وعتيق الطراز.
كان من تلك المنازل الكبيرة التقليدية التي تحتوي على مدفأة قديمة بالداخل."السيد هارفورد سينزل خلال دقائق." قالت لي مُعلنة ثم رحلت لتتركني أنتظر.
بما أنها نادتهُ بّ السيد فهذا يعني بأنها مدبرة المنزل.جلستُ على أحد الأرائك أتأمل ديكور هذا المنزل الجميل.
"كنتُ أعلم أنكِ ستأتين يوماً." سمعتُ صوت السيد هارفورد من الخلف.
التفتُ لأجده يقفُ على السلالم يبتسمُ لي.
أنت تقرأ
عشق على ورق | h.s
Fanficلطالما تمنيتُ سِراً.. أن أضمه لصدري كما تضمهُ أوراقي، ولوحاتي، ورفُّ ذكرياتي.. ولطالما حلمتُ خفاءاً.. أن أتتبع تفاصيلهُ بأطراف أصابعي كما تتبعتها بقلم رصاصي يوماً.. ولطالما آمنتُ بصمتٍ.. بأنه هوَ الرجلُ المنشود في لوح قدري المصلوب.