الفصل السادس عشر

261 7 0
                                    

تحديثين ورا بعض خلال ساعات قليلة بالله ايش رايكم فيني :$ ❤
بس لا تنسوا الدعم وكدا ؛$ احبكم ❤

_______________________________________

في ذات المكان، وفي ذات الغرفة والفندق..
كان هُنالكَ سريرٌ خشبيّ للأطفال وبداخله الطفلُ ذاته يقفُ بصعوبة متشبثاً بالأعمدة الخشبيّة على جانبيّ السرير، ولكنه بدا سعيداً ومتحمساً جداً عندما خرجَ هاري من أحد الغرف وحملَ الطفل من السرير وتأمل وجهه مبتسماً.

"أراكِ فيه، في نظرته وفي ملامحه.. حتى في ابتسامته، ألم تقولي يوماً بأنكِ إذا أحببتِ شخصاً بصدق أردتِ منهُ طفلاً يحملُ تفاصيله الصغيرة.." قال لي هامساً ثم قبّل جبين الطفل.

فتحتُ عينيّ وصوتهُ لايزال يتردد في مسامعي بنبرتهِ نفسها.
لقد مضى أسبوعين منذُ رجوعي للندن وأحلامي هذه لا تتوقف.
لستُ أفهم لماذا الأطفال؟ لماذا أحلمُ بهاري دوماً مع طفل ويقول في كلّ حلم بأنه طفلنا؟

سحبتُ كُراستي وقلم رصاصي كالعادة وبدأتُ في الرسم.
رسمتُ هاري كيف حمل الطفل وتأمل وجهه مبتسماً، ثم رسمتُ الظلّ في غمازته، وكيف تدلّت خصلات شعره..

"صباح الخير أيتها الأميرة النائمة." فتح ديڤيد الباب قائلاً.
دفعتُ بالكرّاسة تحت الوسادة سريعاً.
"صباح الخير." قلتُ له مبتسمة.
"تبدين جميلة حتى في الصباح." قال وقد تقدم وجلس بجانبي ثم فركَ وجنتيّ.
للحظة ظهرت صورة هاري في ذهني مجدداً، أمسكتُ بوجه ديڤيد وقبّلته سريعاً لأرمي بهاري خارج ساحة أفكاري.
شعرتُ بديڤيد يبتسم في القبلة ويقوم بسحبي نحوه ثم بدأ يُقبل عنقي بعُنف وهو يحاول خلع ثيابي.
"هاري.." تأوهت.
"بما ناديتيني للتو؟" توقف ديڤيد وسألني فجأة.
"بإسمك.. ديڤيد." قلتُ مستغربة.
"كلا، لقد ناديتيني بـ هاري." قال وقد لمحتُ الشك والغضب في عينيه.
هل فعلاً تأوهتُ باسم هاري؟

"إعذرني ديڤيد." قلتُ سريعاً ثم نهضتُ عنه وخرجتُ من الغرفة.
ارتديتُ ثيابي سريعاً ورتبتُ شعري ثم ارتديتُ معطفي وخرجت.

كالعادة عندما أمر بشيءٍ ما أخرج من المنزل، لأُصفّي ذهني قليلاً.
اعتقد بأن هذهِ أسوأ عاداتي.
كيف لم أتخطى هاري خلال الإسبوعين الماضيين؟

جلستُ في الحديقة لأشاهد المارّة، والذين يهرولون، ثم الذين يركبون الدراجات.
لمحتُ إحداهنّ تُنزّه كلبها الأليف، يتقدمها بنشاط وهي تتبعه بينما أمسكت بالحبل جيداً.
ثم جلست بجانبي، فداعبتُ كلبها.

"اسمهُ تشارلز." قالت لي مبتسمة.
"يناسبهُ نوعاً ما." قلتُ لها مبتسمة.
استرخت الفتاة في جلستها ثم أخرجت من حقيبتها شيئاً صدمني..

رواية.. تحملُ الغلاف ذاته الذي رسمته..
وعنوان بالخط العريض "عبث."

حاولتُ تمالكَ أعصابي وأن لا أخطف الرواية من بين يديها.
"ما الذي تقرأينه؟" سألتها بهدوء.
"رواية لكاتبٍ جديد ولكنها جيدة." قالت وقد بدت وكأنها تحاول اختيار الكلمات المناسبة للتعبير.
"عمّا تتحدث؟" سألتها مجدداً، اعلم بأنها على الأرجح تظنني مزعجة الآن ولكني لا أهتم.
"تتحدث عن شخصان مناسبان ولكنهما أحبّا بعضهما في الوقت الخطأ." قالت لي مُلخصة القصة، وقد بدت وكأنها تتحدثُ عني وعن هاري.
ولكن لا توجد علاقة تجمعني به..
"شكراً لكِ، أتمنى لكِ يوماً سعيداً." قلتُ لها سريعاً ثم نهضت.

توجهتُ نحو الطريق العام وقمتُ بإيقاف سيارة أجرة.
"إلى مكتبة مانشستر." قلتُ للسائق سريعاً.
راحت السيارة تجوب الطُرق بخفة حتى ركنت أمام مكتبة كبيرة.
دفعتُ للسائق ثم خرجتُ من السيارة ودخلتُ للمكتبة.

راحت عينياي تجولان الرفوف حتى وقعت على "وصل حديثاً."
لأجد رواية هاري تملأ الرف.
سأكون كاذبة إن قلتُ بأني لا أشعر بالسعادة والفخر، لقد شاهدتهُ كيف كان يبذلُ مجهوداً كبيراً مع دار النشر ويسافر من منطقة لمنطقة حتى يحصل على التصاريح.

نسيتُ ماحصل بيني وبين ديڤيد هذا الصباح وتقدمتُ سريعاً وسحبتُ نسخة من الرواية ثم تحسستُ غلافها الذي رسمته وتذكرتُ كيف حاول هاري إقناعي برسم الغلاف في المطعم وكاد أن يقبلني هناك.
كل صفحة من صفحات هذه الرواية تحملُ شيئاً من ذكرياتنا.
وهذه الرواية بكاملها تحملُ جُزءاً من قلب هاري وتفكيره.

فتحتُ الصفحة الأولى.

"إهداء للآنسة روزاليندا التي لا أعرفُ اسمها الأخير بعد.
شُكراً على الغلاف.. والإلهام."

قرأتُ هذه الحروف بعينينٍ دامعتين، لستُ أعلم لماذا..
من المفترض أن أكون منزعجة لأنه ناداني بآنسة بينما أنا متزوجة وكأنه نفى حقيقة زواجي ونفى حقيقة كوني مرتبطة.
ولكني ضحكتُ لكونه لم يعرف اسمي الأخير ولكنهُ كتب الإهداء بأية حال.
ثم قال بأني إلهامه..
لماذا تُحرّك كلماته جُزءاً عظيماً من مشاعري؟
لماذا لا أقوى على نزعه من ذاكرتي؟

وللحظة تذكرتُ كلام السيد هارفورد ذلك اليوم.
ولكن قاطع تفكيري صوت الفتيات الذي عَلا فجأة.
التفت لأجد هاري يدخل ثم يجلسُ فوق كُرسيّ فخم ويتكئ على الطاولة ويوقع كُتب الزبائن الذين وقفوا في طوابير طويلة.

بقيتُ متجمدة مكاني خلف الرف انظر له.
لم يتغير لازال يرتدي ثياباً غريبة وبدا وجهه شاحبة.
شعرتُ بقلبي يخفق لمجرد النظر له من بعد مدة طويلة.
ما الذي يحدث لي؟
ثم وقعت عيناي على يديه..
لا يوجد خاتم زواجه.
لربما نسيه..

وقفتُ في الطابور وهاري لم يلاحظ بل أبقى رأسه منخفضاً يوقع الكُتب.
انتظرتُ حتى جاء دوري.

"بإسم من أوقع؟" سأل وهو لازال يُبقي رأسه منخفضاً.
"روزاليندا." همست.
رفع هاري رأسه سريعاً ينظر لي ثم اكتسحت الإبتسامة شفتيه وشعرتُ أنا بالحياة تدبُ في قلبي من جديد.
"روز.." قال مبتسماً وكأنه لا يصدق رؤيتي.
"لقد افتقدتك." همس وهو ينظر في عينيّ.
"أُهنّئكَ على روايتك." قلتُ له مبتسمة وقد تجاهلتُ كلماته التي أثارت الضجة في قلبي.
لا يمكنني ترك مشاعري تجاه هاري تتطور مهما كان.

سمعنا الناس يتضجرون من تأخري في التوقيع.
"هل يمكنكِ إنتظاري على طاولات القراءة؟" طلب مني وقد أمسك بيدي.
"سأحاول." قلتُ له مترددة.
ثم وقع لي الكتاب ورسم لي وجوهاً مبتسمة وقُبلات مما جعلني اقهقه ضاحكة متناسية مشاكلي.

عشق على ورق | h.sحيث تعيش القصص. اكتشف الآن