4.طير ذو مخيلة مبهمة

1.2K 126 78
                                    

فوت كومنت شير

***

فكرة بأنني سأبقى دون دراسة لأربعة أشهر مريعة ، فما بالكم بالعمل في شقق مفروشة لتنظيف المُلاء !

و لكني ما زلت أحاول في أن أرفع معنوياتي المحبطة ، و لن أنكر بأن وجود ليام بقربي جعلني أشعر بالإمتنان إتجاهه .

يمكنني القول بأن إبتساماته الصغيرة و لمساته اللطيفة على ظهري تجعلني أشعر بالإطمئنان نوعاً ما ، حكيتُ له قصتي كاملة دون ذكر ترويج أخي  للممنوعات، فقط أخبرته بأنه ذهب ليلهو ، لا بأس بزرع بعض الخفايا في محور القصة ، و لكنه عَلِم وقتها بأنني فتاة ساذجة و بريئة ، لا تحمل السوء لأحد أو حتى قد فعلت الشر من قبل ، حين أخبرته أحسست بأن معاملته إتجاهي تغيرت تماماً ، و صار يعاملني بحنان و كأنّي ٱخته الصغيرة ، بينما أنا لا أكف عن التفكير بفضلهُ عليّ ، لولا الله ثم هو لم أكُن سأجد مأوى ليحميني ، أو عمل لأدّخر فيه بعض المال ، و أجعل من بعضه قوتاً ليومي.

قبل أن يتغير حالي كنت فتاة منغمسة بالنعم ، لا يُرفّض لها طلب ، مدللة و خرقاء ، أنانية جداً ، و يوجد طبعٌ سئ فيّ ألا و هو الحقد ، لا أنسى من قد يخطئ عليّ أو يهينني ، لا ٱسامح إلا بعد إذلال كبير ، و لكن كل هذا تغير

تغير عندما رحلا أغلى جوهرتان في حياتي ، أثمن شيئان عرفتهما في أول أيامي ، أمي و أبي

عندما توفيا ، خُمدت نيران وقاحتي و كبريائي ، تغيرتُ تماماً ، أصبحتُ فتاة ٱخرى ، تتحمل المسؤولية و تهتم ، تصنع الخير و إن كان زهيد الثمن ، تضع الأسس لحياتها و تحقق أهدافها ، و من أهدافها الكبرى و التي تستحل قائمتها هي وثيقة التخرج من الجامعة لتطمح بأخذ درجة الدكتوراه ، و لكن كل هذا تغير فجأة ، لأصير عاملة في شقق مفروشة تختبئ في حجرة صغيرة لتغسل قطع الأقمشة.

أنهيت عملي و جلستُ في الكرسي لألتقط بعضاً من أنفاسي الضائعة

"أنتهيتِ؟" سأل ذلك العجوز الذي ظهر فجأة من عند الباب و هو يتفحصّني بنظره

"نعم فقط سأبدأ بكّي هؤلاء و أذهب" قلت و أنا أهرش رأسي ثم أردفت "من فضلك ، أريد ٱجرتي الأن"

تجاهل قولي و سحب إحدى الكراسي ليجلس قبالتي "ريبيكا ، أين عائلتك؟"

إنشق فمي و أنا أنظر له بشرود حتى تلألأت عيناي ، ثم رفعت وجهي و أخذت يداي مكانها لعيناي حتى أمسحهما حتى بادرت بقولي "أنا يتيمة ، فقط هذا كل ما في الأمر" إبتسمت بهدوء لأبيّن له بأن الوضع جداً هادئ و الأمر شيئاً لا يستحق بالذكر

"أنتِ فتاة طاهرة و لهذا أنا تسألت!" قطبتُ جبيني بإهتمام ، و أردف "حسناً ، سأقول لكِ نصيحة صغيرة و أتمنى بأن تنفذيها ، في البداية ، أنتِ فتاة محترمة و يبدو بأنك من عائلة راقية ، شابة مثلك ستصنع مستقبلها في مخيلتها و ستطبقها في واقعها بكل تأكيد ، لذا فأحذري من شبان هذه المدينة عزيزتي ، حافظي على نفسك ، كوني لكِ فقط ، حتى يمتلكك شاب يستحقك و يكون في إصبعك كالخاتم" أنهى كلامه بهدوء مريح ، جعلني أشعر بإستحبابه و إهتمامه نحوي ، كوالد و إبنته

Loss and completeness | فقدان و إكتمالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن