28.طير ذو خفقات لطيفة

486 59 72
                                    

فوت كومنت شير

***

"ستبدأ الرقصة عند هذه اللحظة" همس أمام وجهي ليقطع أفكاري المضطربة و لأستعد لهذه اللحظة تمامًا.

حرفيًا و لأول مرة ، أرقص رقصة ثنائية مع شاب غريبُ عليّ ، نوعًا ما التوتر تدفق في جميع أنحاء جسدي و الشرود عانق عقلي أشد عناق ، كما أن الجو غير مناسب لمَ أشعر به حاليًا ، و هذه هي مرتي الأولى لرقصة ثنائية و كانت أغرب من الخيال ، لقد فاقت توقعاتي و ظنوني ، لم أكن أعرف بأن الحياة ستجرني إلى هاوية عميقة مُرعبة ، و تدفعني نحوها لأقع على أرضٍ جدباء دون مساعدة أو يد للعون ، و عند نهوضي لإكمال مسيرة حياتي ، ٱغلقت الأبواب في وجهي فجأة ، لترغمني الظروف بالوقوع في شِباك هذا الغريب الذي يحمل أمرًا عميقًا ذو معنى كبير في عيناه و يراقصني.

زفرت بعمق ثم رفعت رأسي لأنظر إليه مبتسمة بنعومة ، فقال بهدوء "لا تبتسمي ، لأنني أكره كونك تبتسمين لأننا نرقص فقط ، و ليس لأجلي"

عقدتُ حاجباي و إشتدت قبضتي على كتفه و إزداد إندفاع التوتر بي ، حاولت بأن أتكلم أو أنطق و لكن الحروف إختفت و الكلمات تبعثرت و صوتي إختنق ، تلاشت بسمتي و وجهّتُ نظري للأسفل ، بينما هو إقترب أكثر و جعل من طرف أنفي يلامس خاصته "إسترخي" قال و هو يضمني إليه و يتحرك معي بسهولة و إنسجام ، لأتفاعل مع أنغام الموسيقى و أتمايل معه بسلاسة و رقة ، ضمني نحوه أكثر و أرخت رأسي على كتفه ، لأشعر بنبضات قلبه رغم الضجيج و صوت الموسيقى العالي و حشد الناس حولنا.

"أتعلم ؟" قلتُ فجأة ، لتبطئ حركتنا ، فأردفت "أشعر بالغرابة؟"

"شعورُ متبادل" أجابني بلُطف

"لا ، أنا أشعر بشيءٍ غريبٍ جدًا"

"أغرب من الخيال؟" سألني و هو يدفعني بعيدًا عنه ثم يسحبني إليه لأتفاجأ و أستوعب بعدها بأنها خُطوة مهمة في الرقصة

"ربما" كان ردي خافتًا ؛لأنني لازلت متفاجئة من دفعه و سحبه لي

"أتعلمين؟" سألني و هو ينظر لي بعمق و تركيز مفرطان ، هززّتُ رأسي نافية ، فأكمل "أتعلمين ريبيكا ، أنتِ صنعتي الغرابة بأكملها بي"

"غرابة ! " ذُهلت لقوله

"نعم ، فأنتِ كشوكة وُضعت في صدري ، و كل يوم يتضاعف عدد الأشواك النحيلة و المُدببة لتزيد الأفعال الغريبة فيّ ، ألا تظنين ذلك؟"

"أنا مُسالمة ، لا أضع الأشواك في صدر أحدٍ ما أو أكون أنا كشوكة ؟" تظاهرتُ بالغباء بينما التشتت بدأ يراودني ، و أنا هنا لا أعلم إن قصد بكلامه هذا بأنه ضدي أم معي

"مسالمة ؛ و هذا ما جعل عدد الأشواك يزيد بي" صمتُ و لم ٱجيبه ، و إن فعلت فربما سأصفعه لطريقة كلامه الغير معقولة هذه ، قل ما تريد قوله لي ، و لكن لا تدور بي و تجعلني أحوم في أقوالك التي بالفعل تُسمى ألغاز ، أو عليّ القول بأن كل شيءٍ واضح ، و لكنّي لا ٱريد أن أفهم !!

Loss and completeness | فقدان و إكتمالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن