هل جربتم في يوم ان تسمعوا صرخة صغيركم؟!.. استغاثته؟!...ان ترو دموعه؟!..وتألمه؟!...أنه امر يجعلكم تفقدون عقلكم بالفعل...كنت اراقب علياء طوال الوقت كي لا اشعر بهذا الشعور يوماً.. كي لا تتأذى... فلن اتحمل صرختها ودموعها.. ولن امتلك القدرة ذاتها التي كنت امتلكها اول قدومها وانا اراهم يؤذوها دون ان اتدخل...عندما اتذكر تلك الايام أتعجب حقا لًنفسي كيف كانت تستغيث بي بنظراتها ولم ادافع عنها؟!...
ايام ظننت انها لن تعود ابداً..لم اكن اتخيل ولو للحظة ان اغلب افراد العائلة لايزالون يروها ابنة السائق فقط وسمموا عقول ابنائهم بهذه الافكار ولم يمانعوا اذيتهم لها...نعم هم كانوا يؤذوها بكلامهم احياناً.. او سكب كوب من العصير فوق ملابسها وكأنهم غير قاصدين ذلك.. او المرور بجانبها ودفعها لتقع وكأنهم ارتطموا بها بالصدفة ومن دون قصد..ولكنهم كانوا يكفون عن ذلك فوراً بنظرة نارية مني ويتراجعون...ولم اتخيل ان الامر قد يزداد عن هذا الحد ويبالغوا بأذية صغيرتي.. ليشعروها انها ستبقى ابنة السائق.. وانها ستظل دوما اًقل منهم شأن...ولكي يذكروها بهذا دائما اًحتاجوا لعلامة تذكرها.. علامة في جسدها...كتلك التي كانوا يطبعوها على ايادي العبيد في الماضي كي لا يتساوى مع سيده.. أتعلمون كيف يطبعوها؟.. بقطعة حديد حارة..
يبقوها فوق النار مدة ثم يبعدوها ليضعوها فوق اليد فوراً.. مزاح اطفال سخيف - بل قاسي- قرر الاحفاد خوضه ضد عليائي ..ليلقنوها درساً كي لا تنسى نفسها.. افكار لم يفكروا بها وحدهم بخصوصها.. بل زرعها الاباء برأسهم...كنت اجلس في الحديقة كعادتي لأدرس .. فجأة تزلزل كياني وقفز قلبي قبلي وانا اسمع صرختها الطويلة والموجوعة.. انتفضت من مكاني فورا فانقلبت الطاولة فقفزتها وركضت بسرعة اكاد اتعثر بين لحظة واخرى واقع ارضاً ..اكاد افقد عقلي وانا ابحث عنها واهتف باسمها ولا اسمع سوى صراخ...وضحكات!..
اخيراً تتبعت الصوت لأجدها، لأراها، لأموت!... كانت ممددة ارضاً تجلس على ركبتيها وتلصق صدرها فوقهما وكأنها ساجدة للرب تستغيث به وتعانق كف يدها بالأخر وتصرخ وتبكي والبقية حولها ما بين الخائف من رؤيتي وما بين المبتسم وهو يراقبها...جميع الاحفاد دون استثناء عدا ديما لم تكن معهم كانوا يشكلون حلقها حولها..لحظات لم افهم فيها ما يحصل بالضبط.. صغيرتي على الارض تبكي.. والاخرون يضحكون؟؟!!..وسامي..يا إلهي!!. سامي.. يا إلهي!!..سامي يمسك بقضبان من الحديد تتوهج نهايته بحرف Zركضت نحوها ورفعتها من انحنائها هذا لأرى ما فعلوه بها فأرتمت فوق صدري فوراً وتشبثت بقميصي بقوة وكأنها تستلاذ بي لأحميها منهم....سحبت يدها اليسرى لأتأكد من ظنوني فوجدت ذلك الحرف اللعين منقوش في باطن كفها متوهج مثل شقيقه في طرف ذلك القضبان...ولكن ليس اكثر من توهح وجهي في لحظتها...رفعت بصري اليهم وصرخت بهم كالمجنون:
- لماذا؟!!!..
صرختي ارعبتهم جميعهم وافزعتهم متوجسين رد فعلي فأبعدت علياء عني فوراً وقمت نحو سامي متناسياً كونه يصغرني بثلاث سنوات.. متناسياً كونه لايزال مراهق لا يفقه الافكار التي زرعتها اسرهم في عقولهم... امسكته من يافطة قميصه كي امنعه الابتعاد عني... او بالأصح عن لكماتي القاسية! ..ضربته بقوة وغضب لدرجة لم يتمكن حتى من مقاومتي او ابصار اللكمات وهي تتوجه اليه.. كان هو الوحيد ضحية غضبي فالأخرين قد فّرو هاربين... لحظات اخرى مرت علي وعقلي مقسوم الى نصفين.. نصف يستمع لأنين سامي ونصف يستمع لصراخ عليائي..
أنت تقرأ
عذابي الصامت (مكتملة)
Romanceسؤال واحد سيطرح نفسه... هل سيكون الحُب كافي لنسامح من نحب رُغمَ تمرد ماضيهُ على حاضرهِ ليُظلم له روحهُ؟!... مرتبة ثانية في مسابقة (#افضل_كاتب _ عربي#) المرحلة الاولى مكتملة