~ النهاية ~

26.9K 1.7K 1K
                                    


(الكاتبة)

في منزل ياسين...ذلك القصر الذي كان ينبض بالحياة ذات يوم اصبح في سبات مظلم اليوم!.. صامت بشكل مخيف وان اردت ان تستمع لشيء فلربما سيصل لك بعض اصوات البكاء والنحيب اما عدا ذلك فلا تتأمل سماع صوت ضحكة او احاديث طريفة!..

كانت سمية تجلس منذ ساعة فوق كرسيها المعتاد ولكن من دون ادوات تطريزها كما كانت في السابق...سنة واحدة قد مرت ولكنها كانت كافية لتجعلها تكبر في العمر عشر سنوات على الاقل.. غزا البياض رأسها وسيطر الذبول على ملامحها المشرقة!..

حدقت بضياع في الاريكة المقابلة لها...علياء تجلس هناك تطلق زفرات التململ بين لحظة واخرى وهي لا تجد ما يعجبها في التلفاز...ارتسم شبح ابتسامة فوق شفاه سمية وهي تراقبها...تراقب ذلك الشعر الحريري الطويل.. تلك العيون الزرقاء المبهرة كعيون والدتها....التفتت اليها علياء فجأة وابتسمت لتتسع ابتسامة سمية اكثر وهي تراها تشير:

- (انا بالفعل اشعر بالملل)..

وقعت دمعتان من حدقتي سمية وهي تراقبها تكمل:

- (ربما سأذهب للمكتبة كي استعير بعض الكتب بدل برامج التلفاز المملة هذه.. هل ترافقيني عمتي؟!..)

- سيدتي؟؟...سيدتي؟!..

انتبهت سمية من شرودها لتلتفت نحو سهى التي تقف بجانبها تحمل بيدها كوب الماء والدواء.. اول ما رفعت رأسها اليها اكملت سهى:

- انه موعد دوائكِ سيدتي!..

عادت سمية بأبصارها حيث كانت علياء فوجدت ان طيفها قد اختفى.. ذلك الطيف الذي لا يفارقها منذ وفاتها قبل سنة مضت!...
تنهدت بحسرة ثم عادت لتنظر نحو سهى لتأخذ منها الدواء وكوب الماء وتشربه بصمت من دون ان تبدي اي تعليق...

اصبحت بالفعل قليلة الكلام وقليلة الاختلاط بالأخرين.. بل الاسرة بأكملها اصبحت قليلة الاختلاط ببعضها الاخر وكل لديه عالمه الوحيد والحزين ليعتكف به!.. كانت سنة من اسوأ السنين التي يعيشوها.....تم اعدام علياء امام اسرتها...اصيب ياسين بجلطة في الدماغ توفي لاحقاً على اثرها بعد اشهر قليلة لفراق حفيدته العزيزة التي حاول ان يفعل المستحيل كي يحميها...ولكنه فشل في النهاية!..

ويوسف؟!... تسألون عن يوسف؟!... انه يحافظ على نفسه حي فقط.. لا شيء اكثر ..يريد ان يبقى على قيد الحياة الى ان يوفي وعده لعلياء بانتظار اولئك الاثنين اللذان اخبرته عنهما...وبعد قدومهما...سيبدأ بالتهور ليتخلص من حياته البائسة التي لا تحوي رفيقة طفولته وحبيبته!....اصبح شخصاً اخر تماماً.. ترك عمله.. ترك المنزل واعتزل داخل شقته.. شقته التي لا يذهب اليها ألا نادراً ويقضي اغلب وقته عند قبر علياء...يرفض مقابلة احد او اجراء حديث مع احد...سوى الحديث مع شاهد قبرها او قلادتها التي لم تفارق رقبته يوم.. وكأن روحها ستسكن هذه القلادة الى الابد لذلك يبقيها قريبة دائماً من قلبه!!..

عذابي الصامت (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن