~ وداعا~

20.2K 1.4K 722
                                    


(يوسف)

أتعلمون ما الصدمة؟؟..هو ان تبحث بجانب اعمى عن شيء ما قد ضاع منك وفجأة تجده يقول لك "انظر!.. انه بجانب تلك المنضدة"..

او ان تجلس بجوار اصم لتمتم مع ذاتك "يا له من يوم جميل!" ليصدمك بالرد "نعم.. انه بالفعل كذلك!"...

ولكن الصدمة الاكبر هو ان تهتف بك خرساء "لا تتدخل انت بالأمر يا يوسف!"...

الصدمة ان تكتشف ان حبيبتك البريئة كاذبة ببراعة!...مجرمة بدم بارد!...ان تلك الزهرة التي كنت تحميها من نسمات الهواء الرقيقة ما هي ألا مجموعة اشواك يخشى الهواء ان يلمسها!...ان تثبت لك انه بالفعل ان مقولة (داخل كل انسان تعرفه...انسان لا تعرفه!) هي مقولة صحيحة...

اختل توازني للحظة وانا احدق فيها بصدمة وعدم استيعاب.. كما يفعل البقية تماماً!....غصت داخل عينيها احاول التماس اي تفاجئ من نفسها لأنها نطقت...ولكن الامر بدا اعتيادياً لها!!...عينيها الباردة...نظراتها القاسية....انا....لا اعرف من هذه التي امامي!.. قلت بنبرة اقرب الى البكاء غير مصدق ما حصل وما يحصل:

- علياء؟!..

نعم هي كلمة واحدة...لم اقل اكثر منها.. ولكنها صدرت بنبرة عكست مدى استنكاري واستغرابي ..مدى صدمتي بها!!.. لم يجيبني صوتها بل كان صوت قائدهم وهو يسأل حراسه مشاركا اًياي ذات صدمتي واستنكاري:

- ظننت ان التقارير افادت انها خرساء؟!..

ليجيبه احد حراسه بتشتت:

- من المفترض ذلك سيدي!..

- على اية حال.. احضروها!..

التقطت اذناي كل الحديث.. ولكن جسدي عاجز عن الحركة.. عاجز عن التنفس.. عاجز عن القيام بأي شيء!.. كنت اركز عيناي داخل عيناها الباردة فقط.. هل حقا فًعلتي هذا بي يا علياء؟.. بل.. أهذه بالفعل انت؟!..

تسمرت في مكاني من دون اي ردة فعل او كلمة اخرى...شاهدتهم يسحبوها من يدها بعنف ليأخذوها.. ولازال جسدي في سباته يرفضان يطيع أياً من اوامر عقلي!.. مرت معهم بالقرب مني لتنطلق شفتاها بهمسة نادمة وتذرف عيناها دمعة ثقيلة نزلت بمفردها من دون باقي رفيقاتها:

- سامحني!..

كانت تلك الكلمة الوحيدة التي نطقتها قبل ان يغلفوا وجهها بالكيس الاسود ليقودوها معهم!!..

بقيت اركز بصري امامي يبث لي عقلي كل لقطات الماضي ويربطها ببعضها محاولًا فك بعض الشيفرات...ولكن قلبي استمع لها واعتصر بقوة!...تمزق.. احترق.. نزف... ثم مات بصمت بعد ان ابعدوها عني!.. لم اشعر بشيء بعدها.. لا بالوقت.. ولا بما يحيطني ..لم ينتشلني من سباتي المؤقت سوى يد امي التي تديريني اليها وتأمرني بحدة كي استوعب ما تقول:

- اركب سيارتك واتبع سياراتهم فورا.. عليك ان تعرف في اي سجن سيحتجزونها وألا لن تعرف ذلك ابداً..

عذابي الصامت (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن