(يوسف)
قدت سيارتي بحذر شديد خشية التسبب بحادث!.. فأنا احتاج هذا الحذر وسط عقلي الذي لم يكن يدرك ما الذي امامه بالضبط.. وكل ما هو مرسوم هو صورتها فقط!.. تلك العيون التي لطالما تشابهت مع البحر في لونها قد ادركت اليوم انها امتلكت اسراره ايضاً!...اميرتي الصغيرة لم تعد كذلك بعد الان.. لم تعد تلك الطفلة سريعة البكاء. .سريعة الاستسلام ..مفضوحة الافكار بالنسبة لي!!..
اصبحت شخص لم اعرفه من قبل...ولكن بالرغم من ذاك لازال قلبي يعشقها كما لو كانت تلك الطفلة ذات الخمس سنوات التي تلتجأ لي في كل ليلة كي اثبت لها ان النوافذ مغلقة دون ان ادرك الغاية من ذلك!!...
دعست قدمي على الفرامل فوراً وانا اوقف السيارة بجانب الطريق...لم يعد لدي القدرة على الاكمال وجسدي وعقلي يرفضان مطاوعتي وكل شيء بي مشتت....استندت برأسي بتعب فوق المقود ونزلت دمعتان من مقلتاي لتلتقيا عند قمة انفي لتنزلا بثقل نحو حجري!....انا بالفعل احتاج للبكاء.. للصراخ.. لتحطيم كل شيء حولي...ولكن جسدي ضعيف في هذه اللحظة....ضعيف اكثر من اي وقت مضى!...احتاج فقط ان اسجن نفسي داخل غرفة دون ان اسمع فيها صوت احد وابقى اتعذب وسط افكاري واعزي نفسي بنفسي... لأدرك الان فقط تصرفات علياء الغريبة في الماضي وانعزالها بشكل مفاجئ وبكائها من دون سبب احياناً.. تلك الصغيرة كانت تتعذب وسط فرحتنا.. تصرخ اثناء نومنا...تبكي ونحن مشغولين باستمتاعنا....لا احد منا قد احس
فعلًا بما عانته تلك الصغيرة!!..رفعت رأسي دفعة واحدة واعدت تشغيل السيارة لأنطلق بها بسرعة غير تاركا مًجال لمشاعري لأن تسيطر علي في هذه اللحظة.. فثانية واحدة ستكون اللحظة الحاسمة التي سنقرر ابقاء علياء حية او تسلبها منا!..
وصلت الى المزرعة ولكني وقفت على بعد بضع مترات عن البوابة لأتصل بعمتي... استمعت الى رنين الهاتف واصبعي ينقر بتوتر فوق جلد المقود ولم يستكين ألا بعد ان سمعت صوتها يلقي التحية بلهفة لأقاطعها انا بحزم:
- لا تنطقي اسمي عمتي!..
سكتت العمة لثواني مستغربة هذا الطلب لأردف انا فوراً:
- أهناك أحد بجواركِ؟!..
- لا!..
تنهدت بارتياح لأقول:
- جيد !...انا اقف عند البوابة الخارجية...تعالي لتقابليني دون ان تثيري انتباه احد بخروجك ولا تخبري أياً كان اني كنت المتصل!..
ختمت كلامي واغلقت الهاتف وانتظرت خروجها الذي لم يستغرق اكثر من دقيقتين!.. فتحت باب المقعد الامامي واول ما جلست التفتت الي بقلق لتقول:
- ماذا هناك يا يوسف؟.. هل حصل شيء؟.. هل علياء بخير؟..
واول ما سمعت اسم عليائي حتى احسست بوخزة كهربائية في قلبي ستدفع الدمع داخل عيني.. ولكني ادعيت التماسك كي لا ابث الخبر المفجع بشكل مفاجئ لعمتي لأخبرها ان صغيرتها على وشك رمي نفسها في ذات الهاوية التي احتوت جثمان اختها الصغيرة سلوى!...
أنت تقرأ
عذابي الصامت (مكتملة)
Romanceسؤال واحد سيطرح نفسه... هل سيكون الحُب كافي لنسامح من نحب رُغمَ تمرد ماضيهُ على حاضرهِ ليُظلم له روحهُ؟!... مرتبة ثانية في مسابقة (#افضل_كاتب _ عربي#) المرحلة الاولى مكتملة