الفصل الرابع عشر " بين قلبي و الروح "
يبدو المكان مباركا كجنة عدن صافية...
لم استطع كبح نفسي عن اللعب، كصبية حرمت من اللعب لشهور، و ربما سنوات طويلة...بدا لي انه يستمتع بمشاهدتي العب، اكثر من اللعب نفسه، دنوت منه في محاولة رقيقة مني، لاجعله يخوض معي لعبة العدو خلف الفراشات... انفرجت اساريره، و استقام من جلسته، ليمسك يدي في كفه الكبيرة مبتسما....
"هيا يا صغيرتي، يكفينا لعبا لليوم، اود لو نعود للقصر الان، تنتظرني امور كثيرة وجب علي تسويتها عاجلا "
نظرته لم تكن آمرة، بدي رجاءاً اكثر منه طلب، و يستحيل علي الرفض بعد وقوع بصري علي قزحيتاه...
وافقته في حركة سريعة ، عجيب كيف ينصاغ جسدي لطلباته دونما مشاورة مع عقلي...
الطريقة التي يحمل فيها كفي الصغيرة بين راحته الضخمة تجعلني استشعر سلاما يجتاح اعماق روحي، حرصه علي المشي موازيا خطواتي الضيقة، يروقني... لمساته البسيطة التي يضفيها علي افعاله، تجعلني احبه اكثر ، و كانه يخاف من كل صغيرة قد تحيطني...
كلماته العذبة التي يلقي بها مرة كل خمس ثواني تذهبني للنعيم... انه اله دون ادنى شك...ان اكون برفقته كما نحن الان، شيء لم اتخيل يوما حدوثه، امنية لم تكن لتدثر في لا مبالاة من باقي ما تمنيته في غفلة ...كوني معه يشعرني بالحياة.... و كانني حية لاول مرة منذ عصور....
انه الحياة بعينها...
بلغنا القصر، لندلف خلال البوابة الزجاجية، و وصلنا بعدها لحجرته المخملية...
كانت غرفته تحوي الوانا سلمية هادئة، اغلبها ابيض يتخلله ذهبي ،سرير كبير ذهبي و ارضية رمادية اللون...
احببت الزينة البسيطة... بدأت قدماي تسلك طريقا عكسيا في اكتشاف محتويات غرفته..
أثار انتباهي منها لوحة بدت للرسم، كانت مغطاة بشال ذهبي اللون... لم اقاوم فضولي لمعرفة الرسمة التي خطت علي ورق اللوح الخشبي... لانزع عنها الغطاء في حركة متأنية للغاية... و كان الوقت صار يتحرك في بطئ شديد..
انها صورتي، طبق الاصل عني... ملامحي منحوتة بدقة عالية... بدت عيناي زرقاء اللون اعمق بكثير في رسمه، و كانها تحوي عمق البحر بطريقة مذهلة...
يجعلني احب نفسي اكثر واكثر...
ذهلت من يداه التي ساورت خصري في ود لم اعهده قبلا... لتحط راسه فوق كتفي الأيسر.... من اين للمسة بسيطة ان تشعرني بكل هاته نار تجاتحني... كيف يتلائم جسدي معه بشكل ملحوظ... لم تكن اللوحة تقتصر على الرسمة يتيمة..
و انما زبنتها عبارة شعرية"و لئن الشمس امام جمالك تستحي ...و لئن العسل اما لذتك ينحني... و لئنك حبيبتي و خطيئتي التي ارتكبتها روحي العذراء دون ان تنثني... "
همس في اذني بكلمة لطالما تشوقت وقعها علي ...
"احبك " رغم بساطة كلمة تكونت من اربعة احرف قليلة، الا انها توغلت من داخل فؤادي و سيطرت جوارحي، لست اغالي في حبه بل انه قلبي من يهيم تحت وقع سحره..'انت تعشقينه ،صدقي بذلك' ... تدخل عقلي الباطن ليجعلني في صراع بينه و بين الكبرياء.... حتي انت يا عقلي الباطن، حتي انت تذهبني كبريائي و سيطرتي...
لم يلقى مني ردا، فادارني مقابله... رفع حاحبا مستفهما، بينما لعبت شفتاه في ابتسامة لعوبة... صدقا... اعلم انه يدرك حبي الجياش نحوه، ام ان ه ينتظر سماعها مني حقا... انه علي صواب... لكنني لن انطقها بسهولة ...تسللت ضحكة ساخرة من بين شفتاه في فتور ...
لأنطق في غرور ..أشكل رسالة و جب علي عقله الالهي ذاك التقاطها..."من تكون، و ما انت، تاخذ قلبي بالعدوان اما بالك لا تجيد الاستئذان "
القيت بعبارتي ،رفعت عيناي اتملقه في تحدي"اتعترفين بي امتلك قلبك ، ام انك تصرين علي استعصامك و تكبرك "
"و ان يكن قلبي ملكك، لكن روحي لك الحياة و انت بها تتشبث فلا تنسي نفسك "
"لم اري يوما شخصا يعصي الها و لا يهاب جبار اما لك يا حبيبتي بكيريائك تجابهين النار "
"ايا حبيبي، انت اله و اقدم كل الاحترام، لكن انا انثي و لي قسطي منه كما انت لك"
"علم يا سيدتي، علم، اولست انت شمسي و انا لك العبد، فاشرطي علي ما اشتهي فؤادك و انا لك العاشق الولهان.. "
"اولست تعلم عشقي لك ايها الماكر ام انك تحاور و تجاكر"
ختمنا شعرنا بقهقهات عالية انقلبت موضع الافق.... ان التواجد معه يحمل معه الكثير من السعادة و الافراح، لكن قلبي ينبض بسرعة فائقة...
ليست نبضات حب و انما خوف، في هذه اللحظة تماما كرهت كوني امتلك حدسا يكاد لا يخلو من الصحة... لما اشعر ان سعادتنا هذه محدودة، توشك علي بلوغ منتهي قريباً... تجاهلت هواجسي و رميت بمخاوفي عرض الجدار.. ان كان ما ينتظرنا قُدماً يحمل الما و حزنا عظيماً.. فعلى الاقل دعني احظي قسطي من السعادة المؤقتة...
اضاءت راسي جملة فتساءلت عنها مازحة...
"اولم تقل يا سيدي انه تقع علي عاتقك امورا يجب تسويتها عاجلا.. الا و اني اراك الان متفرغا تلقي الشعر علي مسمعي و تهمل مهامك "
"بل يا سيدتي، من لم تفهم مقصدي من الحديث هي انت ، اوليست هذه اكثر مهامي اهمية.... كبداية فقط "
ختم حديثه بغمزة لعوبة جعلتني ادرك نقطته المرجوة... تصاعد الدم الي وجنتاي، لتتلونا في حشمة...
ازحت عيناي عن زرقاواه ...لاستانف كلامه بصوت يكاد يخرج من بين شفتاه
"الا تعتقد الامر متسرعاً... لا زال امامنا وقت لاحق... "
يتبع
أنت تقرأ
أسطورة سينثيا ( صراع الآلهة )
Romanceو لئن الشمس امام جمالك تستحي و لئن العسل امام لذتك ينحني و لئنك حبيبتي و خطيئتي التي ارتكبتها روحي العذراء دون ان تنثني ~~~~~~ "رمقته بنظرة ثاقبة ...سرت ناحيته... لففت ذراعي حول خصره ...جذبته ناحيتي في نوع من القوة ...و غرست راسه في صدري، را...