الفصل الحادية عشر "ضياء الظلمة"

124 6 0
                                    

الفصل الحادي عشر : "ضياء الظلمة "

وضعت بين كفيها قلادة صغيرة ،نقش عليها بضع كتابات بالاغريقية القديمة...

تقرأ الكاهنة بضع ابيات تحفظها عن ظهر قلب، تلقيها كالترياق علي مسامع سينثيا...

بعد بضع دقائق من التلاوة و التخشع، انصهرت سينثيا بين يدي المراة، و كانما كانت قابعة بتابوت من جليد ، عزلها و جوارحها عن عالمها الخارجي...

تنفست الصعداء و هي تفرق بين جفنيها في ذهول، القت بضع نظرات متفحصة المراة المبتسمة امامها، من تكون يا ترى؟  سؤال رافقها طول دقائق من الشرود،

تمعنت ببصرها السيدة الكبيرة في السن نوعا ما، لم تبدو كبيرة حقا، الا ان ابتسامتها الفارهة كشفت بعضا من تجاعيدها، القليلة، اسنانها كانت متصافة تشع بلمعتها كاللؤلؤ، بينما لمحة ذاك البريق يطل من عيناها اطلالة عجيبة، و كانما حازت جائزة ثمينة...

كانت هالتها توحي لسينثيا مدي حكمتها، بدت حكيمة و رزينة، و بشكل من الاشكال كانت مريحة جداً، جفلت من الصوت الهادئ الذي يخاطبها، عجبا !!  حتي صوتها يريح الجسد و يرخي الاعصاب...

"هلا ساعدتني في اخذك الي حجرتك، حبذ ان ترتاحي قليلا.. "

لم ترد سينثيا بكلمة، و لم تباعد بين شفتاها لتتحمل عناء البوح، فقط اعطتها اماءة توافقها رايها، حابسة اسئلتها الكثيرة و الفوارة ملء عقلها الباطني...

استعانت بذراع الكاهنة محاولة الوقوف علي قدميها، لتتحرك في خطى قصيرة...

مابالها تعتمد عليها في المشي كل الاعتماد، رغم انها لا تشكو شيئا و تستطيع الركض عدوا لحجرتها كالحصان ... هي فقط سايرتها، ترشدها من حين لاخر لطريق حجرتها...

وصلتا الغرفة لتفتح السيدة الباب و تلقي الاخري جسدها بالسرير مستكينة بغطائه الدافئ...

جلست امامها ترمقها بنظرات مريبة، بادلتها الاخري نظراتها متسائلة، دام حاجز الصمت بينهم دقائق مرت كالساعات لشدة التوتر الذي شحن به الجو بينهما...

اخيرا بادرت سينثيا سؤالها كاسرة به صمتهم المقيت...

"من انتي يا سيدتي و ما عملك هنا، امن شيء اساعدك به... و ما الذي كنتي تفعلينه في العلية او بالاحرى ما الذي كنت انا فاعلة هناك.. "

اطلقت العنان لاسئلتها بالتدفق، لم تكن نيتها التستر اكثر، هي لا تتذكر شيئا سوي صعودها العلية بحثا عن صوت كانت قد سمعته و هي تجلي صحون الافطار....

"انا يا بنيتي كاهنة معبد دلفي، تنبأت برؤيا من الهي ابولو، تحثني المجيء لهذا المنزل دون غيره، لم ادرك مغزي الامر سوي حين وصولي هنا، كنت اقف اطرق الباب مرارا دون ان القي من طرقي مجيب، حتي لمحت في احدي الشرف الضيقة فتاة تستدعي مني المساعدة، لم يكن صوتها يسمع و لا مناجاتها تصلني... لكنني استنتجت ندائها من دموعها الغزيرة و فمها المفتوح ،و كانما تعاني خطبا ما، بدت و كان احد يمسكها من خلف... لكني لم المح معها احدا ففتحت الباب الذي لم يكن موصدا من الاساس، و رميت بخطاي الدرج، لادلف الغرفة المظلمة، اذا بي اجدك ملقاة علي ارضيتها بينما دموعك لم تصل منتهاها بعد ، و جسدك متجمد و أطرافك كانما حنطت من طرف خبير، لم يكن بمقدوري غير ان اساعدك ببعض ايات من الهي و قلادة مقدسة ،هي من اسعفتني في اعادة لوحك المتصلب الي الحياة من جديد و انا لم اكن لافعل شيئا دون مساعدة الهي في انقاذك "

سينثيا pov

حكت لي القصة بهدوء بصوت حافظ على نفس النبرة، كيف لشخص ان يكون بكل تلك الحكمة ...
حاصرتها باسئلتي من جديد دون محاولة مني لقمع تساؤلاتي البتة ...

"و لكن كيف ذلك يا سيدة، الم تذكري في كلامك شدة عتمة الغرفة، و الجو غائم اليوم و ممطر ،فمن اين للضوء ان ياتي و ينير لكي الشرفة ،عفوا  لكن فضولي اكلني، و التهم ما تبقي لي من تفكير ، فانعشي ذاكرتي من فضلك "

كانت اجابتها لي سريعة، ربما انها لم تفكر حتي لتقول "تلك قدرة الاله ابولو يا بنيتي، انه اله الشمس، و ينير باشعته ما يشاء و متي يشاء فلا تستغربي الامر... "

لم تقنعني الاجابة فعلا لكنها خير خيط اتمسكه للوقت الحالي...

مضت دقائق لتدخل خالتي الغرفة..
"اين كنت يا غاليتي، ذعرت و انا اجد باب المنزل مفتوحا و انت لست بالمطبق ، ظننت ان مكروها قد اصابك... لا تخيفيني هكذا مجددا "

قالت مرعوبة، يبدو عليها القلق الشديد، و شعرت بوخز في صدري،  حانت مني لفتة تجاهها لأقف واحضنها في ود..

"لا بأس يا خالتي، لم يحصل شيء "اجبتها بهمس دون ان اقاطع العناق، لنباعد بين جسدينا و اعاود الحديث

"اه... خالتي هذه تكون الكاهنة بثيا، ايتها الكاهنة هذه خالتي مارسيا "...

يتبع

أسطورة سينثيا ( صراع الآلهة ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن