أسطورة سينثيا ( صراع الآلهة )

الفصل الواحد و العشرين: حية انا ام ميتة

الفصل الواحد و العشرين "حية انا ام ميتة "

لو كان بيدي لنأيت بكي بعيداً.. و لأبقيتك آمنة في كنفي.. كنت لافعل اي شيء من اجلك ..عودي الي.... الى احضاني و اعيديني لدهر كنت فيه سجينا بين ذراعيك كالوليد... اعيديني...

- كان قد جلس في الركن ، يتامل جثتها المحنطة في سريرهما... صور لهما احاطت ذاكرته في شوق و توق ادمى قلبه، و نزفت منه عيناه مائها، تمزقه انياب الالم..

رحيلها عنه يخمد صوت انفاسه ،بل يسحبها عنه بعيدا فما يقوي علي التنفس بشكل صحيح... يتركه منعزلا وحيدا، ضائعا ...يكتوي شيئا فشيئا كالرماد...

الافق المديد يرسم في خيال صورتها... ضحكتها الجميلة ، عيناها بر الامان الذي يبحث عنه في توق ملتهب...

سم فتاك يفتك في مشاعره، نار ضارية تتخبط في فؤاده.. هدوء قاتل يسيطر في المكان...

"لا تبكي، لا تتحسر.... لست وحيدا ابدا... "

يرى شبحها امامه، تطمئنه بكلمات جوفاء، يختفي سرابها عنه قبل ان تلمسها يداه... انه عقله العقيم اطلق العنان لنفسه....
غفت جفناه في ارق مخيف... انه مرهق الي ان يبلغ التعب منتهاه ...

" في مكان مختلف... في بعد اخر...."

....استفاقت من سبات استغرقها ثلاث ايام طوال... لتجد نفسها في اللامكان... تقف بصعوبة، و كأن رجلاها نامت معها لدهر، حتي نسيت كيف تمشي عليهما،تتهاوي ثم تسقط مجددا، حتي فشلت جملة محاولاتها المستميتة في الوقوف ،لتجلست تتامل ما حولها في حيرة ..

السماء هنا حمراء بقمر احمر قاتم كالدم ، اشجار سوداء ،اوراقها متساقطة قبل حلول الخريف ،تشم رائحة الحزن، و لو للحزن رائحة لكانت ادركت انها مجرد هراء، لكنها تشمها الان مرغمة..

انتبهت لاصوات العويل، امراة تنوح في حرقة، تصرع السمع، رغم عنائها الصامت... همسات حاقدة تساورها، عيون سوداء تظهر في العدم و تختفي فجاة... انتبهت للونها الشاحب، شعورها بالارق، هل هي علي ما يرام، اين هي علي اية حال، ليست تعلم شيئاً آخر...

هناك من يناديها، ينادي باسمها، مناجاة صامتة بصوت خافت... رطبة تذوب في السمع، حاولت الوقوف مجدداً، و قد نجحت منذ الوهلة الأولى، تعجبت لما يحصل محاولة تغاضيه قدر المستطاع، و الا فمن المؤكد انها ستجن عما قريب...

شقت طريقها باحثة عن شيء هي لا تعلم ماهيته ًصوت يناديها بهمس، يجعل منها كالمسحورة....خطوة، اثنتان.. ثلاث... و هي الآن امام نهر رقراق شديد الزرقة...