الفصل السابع عشر "وجع الماضي"

117 4 0
                                    

الفصل السابع عشر : وجع الماضي

كالفراشة اخاف لو تنكسرين تحت وطأة المعاناة... فما كان لي الا ان اتسبب في جرحك في طيش شباب

سعادة سينثيا دنت من نهايتها، عاشت ما يكفي من السعادة المزيفة ،كالطير المهاجر، يرحل محملا بالاخبار ليعود محملا بالاجوبة...

و هاهي الان قد الفت جواب اسئلتها القديمة...

كانت تجلس في الحديقة المائية تستمع لزقزقات الطيور، في سمفونية الطبيعة...تنعم هدوئا و راحة...
تتدلي امامها اغصان شجر الخوخ...

ما كادت تتسلل بين احضان النوم ،حتي افزعتها احدي الحوريات التي بثقت امامها من حيث لا تدري...

طلبت منها بوجه عبوس ان تتبعها حالا، متحججة برغبة ابولو في رؤيتها..
هي ابدا ليست غبية، لو كان ابولو يريدها ما كان ليطلبها ابدا ...بل كان لياتي بنفسه حرصا علي راحتها...
وصلتا الفتاتان امام بوابة ضخمة..ذهبية اللون.. قديمة الزخارف...ادركت حينها من كان يطلبها حقيقة..هل حان وقت القتال اذن... هل دنت من النهاية...ام ان كل شيء سيبتدأ للتو...تدرك شديدا ان ما سيحصل بالداخل سيغير مجري الكثير...لكنها ابدا لن تهرب...

دخلت الحجرة...وقفت في صمود و طاقة تكاد تكسر ارضية المكان...حملق فيها زيوس في تعال و احتقار..

لم تبادله نظراته..لكنها وجهت له اخري تدل علي الرزانة و اللامبالاة...تقدم اليها اقرب... امسك كفها في كفه و ضغط علي جوانبها....

لحظة فصلتها عن العالم... الذكرى الاقسى... احتل الالم جسدها و اثقل كتفيها... اغتالها الصمت و احتلها الجمود... توقفت انفاسها عن الصرير، و انهارت كل دفاعتها ...

للعشق ثمن باهظ و نفقته تظل في تزايد... قوتها امست تتلاشى.ضاعت في داخلها المشاعر و تبعثرت منها الكلمات .. تحاوطها الخيبات... طمست روحها في قعر من جحيم...

عادت بخطوات تائهة مهزوزة، للوراد، ببطئ شديد، رويدا رويدا... و كان الزمن يتألم لألمها... و كان الدنيا تنوح لنواحها... و كان روحها تتقطر اسىً...

لم تنبس ببنت شفة... تتوسد ارضية غرفتهما الباردة...

ساعات مرت تتحسر علي حالها المريرة... تبا لذاك القلب... سحقا لحب عنه تلاشت كبرياء و عزة وكرامة... لعنة الاله علي كل شوق كانت تكنه و مازالت،تبا لذاك القلب...

دلف الحجرة... سافرت عيناه تحوسان عنها في المكان... اين عساها تكون ..تمددت خطواته في الارضية يوجهها للحمام، ليتها تكون هناك...

اصتدمت قدمه في شيء صلب، تسابقت حدقتاه تبحثان عن ضالتهما، انها تنام علي الارضية الصلبة.. تستلقي في ارق عجيب.. تمكن الشك من نفسه.. ما الذي حصل معها يا ترى...

حملها بذراعين قويتين، ليضعها علي الفراش...

مرت ساعة، ساعتين و ثلاث و ماتزال نظراته مثبتة علي محبوبته ... رييته تزايدت و تزايد معها فضوله، ما الذي حصل و الجحيم ليجعلها مرهقة كالموتي...

لابد و ان لوالده علاقة... لا يعلم حقا سبب اتهامه لابيه، لكنه خمن ذلك بسهولة مذهلة تجعلك تشعر بضغينته له... الم يكن يعشق والده و يطيعه... الم يكن احب ابنائه كذلك... فما الشيء الملعون الذي جعل لعلاقتهما الابوية طرقا مختلفة ...

انتفض في وقفة صامتة... و مهد طريقه نحو والده، انفاسه تنفث دخانا كالتنين مسعوراً...

بلغ مقصده، فتح الباب بوقاحة ليلج ضالته في ظل المدفئة.. والده...

تمردت شفتاه قائلة في سخط
" الم اوليك كل طاقتي... انت اخزيتني... طفح كيلي و اكتفيت يا ابتي... رفقا ،رفقا، فلست المعهود، ما الذي جرى لنزاهتك، عظمتك و رحمتك... لا يا ابتي لست المعهود "

التفت زيوس في امتعاض، و كانما غرست في ظهره سكينا مسمومة...

خرجت كلماته ثلاثا قبل ان يفكر
" كف عن التحاذق"

صمت و تحرك ساكنا لاتخاذ عرشه مجلسا له ،مكملا حديثه قائلا
ً "اوليس عليك ان تكون ملما بهذا، ام انها اعمت بصيرتك كذلك ،الست تري المستقبل، وانت من رافقها لأطول وقت، انها تجلب الظلام، انها لعنة يا بني... وجب قتلها و التخلص من روحها السوداء.. ربما لا يكون لك مناص من ذلك... "

ظل ابولو متشبثا في رايه غير مصدق
"انت قطعا جننت يا والدي،بل انها تحوز ذات الضياء داخلها ،صدقني ليست لعنة و انما نعمة ،فمن ملأ عقلك بتراهات و سخافات كتلك ام انك يا زعيم اصبحت شريكا لمؤامرات فينوس و غدوتم شركا "

استهزأ في سذاجة، ضاقت حدقتاه و هو يرقب جواب زيوس..

"بل ان روحك انت من انغمرت في الظلام و ذلك خطأك وحدك"
اختتم حديثه في نبرة مخيفة بينما ينتفض واقفا من جديد.

لم يجد ابولو ردا علي كلمات والده،ضل متلبدا مصنوما كالابله ،اسهب في النظر اليه و كانما يتمني اختفائه ،علي الاقل في لحظته هذه، تمني لو يثب امام وجهه، يصرخ و يعبر عن كل ما يخالجه، اراد لو يستطيع التمرد ،تضخم عقله، و تسرب العرق من جبينه ،يبذل طاقة كبيرة حتي لا يطبق ما يراود ذهنه من افعال اقرب الي الجنون من المنطق..

"اما حسبك اصابك الخرس،هيا اجبني و دافع عنها كما تفعل طوال فترة..لم لزمك صمتك المقيت ها هنا،قل انني مخطئ،تكلم و كفاك حماقة "

لم يجب و انما ضل يحدق بعينان ضيقتان

"و ما عسى رجل مثلك يعلم عن الاحزان فصمتا..."
و هاهي ابتسامة عينيه تشرق لفجر جديد

يتبع

أسطورة سينثيا ( صراع الآلهة ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن