حقيقة.

1K 78 49
                                    

" فالتوصلني إلى المستشفى .. أتوسلُ إليك!"

حملقَ في عينيها الدامِعة.
فاستمَر ذاك التواصِل لمدةٍ لا تتجاوزُ الدقيقة.
قطعها بنسِحابهِ إلا خارِج المصعد.

طأطأت رأسها لتذرِف المزيدَ مِن الدموعِ و تجري إليه ممسكتًا بمعصمِهِ:
" إنها أمي! في المستشفى تُصارِع الموت! المشفى بعيدٌ من هُنا و سأتأخر إلى ذهبتُ إلى هُنالِك جريًا "

لم تتلقى رد ، فما كانَ بوسعِها إلا أن تواصِل ذرفَ الدموعِ رمقتهُ بنظرةٍ خائِبة لتهمِس:
" مُتحجر القلبِ عديمُ الإنسانية!"

لتُسابِق في الرياحَ بجريها نحوَ المشفى.
حملقَ بظهرِها الذي اخذ يبتعد شيئًا فشيئًا.

رفعَ رأسه ليتنهدَ بثقلٍ غيرَ مُرتاحٍ لما أقدَم على فعلِه.

***

كانت تجري في منافسةٍ معَ الوقت ، كانت خائِفة من أن تكونَ تلكَ الكلماتِ التي سمِعتها هيَ الأخيرة ، مِن أن تكونَ كلماتُها الفظّة هيَ آخر ما خاطبت بهِ والدتها.

لم تُبصر الطريقِ جيّدًا ، فدموعٌ حجبت عنها مسارَ الطريق ، لتسقُط تارةً  و تُكمل بلا اكتراثٍ لجروحِها التي بدأت تنزِف بشدّة ، لم تتحملَ أكثر و التوت قدَمُهما فتعثرت على الأرضِ دونَ القُدرةِ على الوُقوف مجددًا.
حاولت الوقوف لكنَ دونَ جدوى ، فجروحُها تزدادُ نزيفًا و الوقتُ يمضي كسرعةِ البرق.

المطرُ في تلك الليلّةِ إشتد ، أوليست الغيومُ تشاطِرها البُكاءَ كذلِك؟..

حِذاءٌ رياضيّ أبيض كُل م رأتهُ أثناءَ سقوطها ، يدٌ دافِئةٌ أمسكت بخصتِها فرفعت جسدها بخفّةٍ نحوَ صاحِبها ، تشبثت بمعطفهِ المتيّن و نقلت بصرها إلى عينيه :

" قِفي ، و لأنني أدرِك صعوبةَ ما تمرينَ بهِ ، لا شيئَ سِوا ذلِك .."

تحدّث بهدوءٍ حينَ حمَا رأسها المُبلل بمظلتهِ الداكِنة.
نظرَت إليهِ ، إلى عينيهِ الحزينة ، إلى نظرتهِ البائِسة ، من كانت تحمِل في طياتِها قصةً كئيبة تجهلُ أمرها.

***
اولَ ما استقبلتهُ فورَ دخولِها للغرفةِ هو وجهُ والِدتِها مغلقتًا عينيها بستسلامٍ بجسدٍ هالكٍ تغطيهِ بضعُ جروحٍ.

اجهشت بالبُكاءِ قرب سريرها بينما تُحكم الامساك بيدِها حُزنًا.

" أمي إستيقظي أرجوكِ ، إنني اسفةٌ .. سأرتبُ غرفتي جيدًا ، و سأطهو طعامًا شهيًا و سأغسل الملبِس دون تذمّرٍ ،
استيقظي "

نبست باكيّة.

شعَرت بيديها تتشبثُ بخاصتها فتوقفت عن البُكاءِ تحدّق بوالدتِها التي فتحت عيناها تدريجيًا.
" لا داعي للبُكاء .. إنهُ حادثٌ بسيط ، كُنت نائمة فحسب "

تناقُــضحيث تعيش القصص. اكتشف الآن