" سولقي "
نادى ، و بالكادِ صدّق أنهُ يناديها الآن ، و هيَ أمامه ، هذهِ اليد البيضاء ، حول رسغها سوِارٌ أبيض امتلكَ ذاته لكن بلونٍ أسود.سكنت للحظةٍ ، ثم تحركت تلك اليد ، فظهرت صاحِبتُها من خلف الشجرة ، قائلتًا :
" إيّاك و الاقتراب! "
عقدَ حاجبيه ، و انخفضت يداهُ و تبِعها رأسهُ ، بتعابيرِ وجهٍ خاليّة أخفتها غرّتهُ الطويلة.
صمتٌ عمّ المكان بأكمله ، كسرتهُ هي بصوتِ خطواتِها المُغادِرة.قاومت هطول ذلِك السائل المالح على وجنتيها ، و تمّنت من كل قلبِها ألاّ يتبعها ، و أن ييأَس من حكايتِهما ، لا تُريد الضرر لهُ ، ففي النهايةِ سيكون ذلِك لصالِحهِما.
لم تُبصر الإتجاه الذي تقصِده ، كانت منشغلةً بالصمودِ عن البُكاء لكن قلبها لا يستجيب ، إلا أن أمسكت بمعصمِها ، فتحررت تلك الدّموع من سجنِها.
" أخبرتُك بأن تبتـ..."
و دون أن تُكمل ، دفع برأسها نحو صدرهِ ، بعناقٍ إفتقدتهُ ، بعناقٍ دافئ أرادت أن يطولَ أمدهُ ، أن لا يتوقف عن اعتصارِها بهذا الشكل ، ألا تتوقّف عن استنشاق رائحتِه كُلما أخذت نفسًا." لما تُكابرين؟ أنا احتاجُك و أنتِ تحتاجينني ، ألا يمكننا العودةُ كما السابِق؟ دعينا نلتقي سِرًا على الأقل! أنت تواصلين قتل روحي كُل يوم ، تتسببينَ بفجواتٍ في قلبي كُلما تفوّهتي بكلمةٍ قاسيّة ، أنا أهُيمكِ سولقي ، أتفهمين ما أعنيه؟ أحن إليكِ كثيرًا "
أنهى جملتهُ بصوتٍ مكتوم يصارِع البُكاء ، حشر وجهه بين خصلاتِ شعرها و سمحَ لدموعهِ بالنزولِ في الخفاء.
أمّا هي فقد فشِلت في كبح رغبتِها الشديدةِ في البُكاء ، أغلقت عينيها بشدّة و بكت بأكتافٍ ترتجِف.ترددت يداها في معانقتهِ ، و لم تفعل ، أبعدها عن جسدهِ ، ملأت ناظريه و لم تكن تُبادله ، أجبرها على رفعِ عينيها حين رفعَ ذقنها ففعلت ، مسحَ خدّيها المبللتانِ و عاد لتأمّل معالِمها.
" أتعلمين أن قلبي مُلكٌ لكِ؟ فكيفَ يُمكنني العيشُ بدونكِ ، حاجتي إليك فاقت كل شيئٍ "
" توقّف ، هذا مؤلمٌ جيمين فالننسى هذهِ القصة "
" و هل أعيشُ ناقصًا بلا قلب؟ هل أعيشُ كجسدٍ بلا روح؟ "
لم تُجب و اكتفت بذرفعِ الدموعِ بصمتٍ.
مدّت ذراعيها و شاطرتهُ الفعل ، احتضنتهُ و دفنت وجهها في صدرِه ، الآن يمكنها التنفُس ، الآن يمكنُها الإبتسام دون تكلّف ، كانت ميتةَ القلبِ طوال تلك المدّةِ التي توقّفت بها عن اكتِساب دفئ جسده ، كلماتِه ، حبه ، و كلهُ.
أنت تقرأ
تناقُــض
Fanfiction- و قد يختِلف لونُ السماءِ نهارًا عن لونها ليلاً ، كِلاهُما لهُ ما يُميزهُ ، فالنهارُ يتباهَ بشمسه الساطِعةِ ، و اللّيل يحتفل بكونِ القمرَ مُنيرًا لسماءهِ القاتمة ، و لرُبما القمرَ لن يظهَر نوره دون شمسٍ .. أي أنهمُا واحدٌ لا يكتِمل أخرٌ بدونه ، و ع...