السلام عليكُم و رحمة الله وبركاتهْ.
عساكُم بخير يارب و السعادة ترفرفْ بقلُوبكمْ ()"
سعيدة جدًا بكم وبكل عين تقرأنِي من خلف الشاشَة ممتنة لها وممتنة لوقتْ سمَحْ بِه قارئِي مهما بلغ عُمره أو جنسيته أو كان من يكُون .. ممنونَة جدًا لهذا اللطفْ الكبيرْ الـ تغرقونِي بِه في كل لحظة.
مُتابعتكُم شرف لي وشرف كبير .. أحمد الله وأشكُره على هؤلاء المتابعينْ .. والله ولو تابعنِي شخصُ واحد لـ قُلت : يابختِي .. كيف بـ كل هذه المتابعة الفاتِنة لقلبي وجدًا.
الله لايحرمنِي منكم و اعرفُوا أنكم تحلُون بـ جزء كبير من قلبي ()
شُكرًا كبيرة لهذا الدعمْ و من خلف الكواليس شُكرا على هذا الكم من التقييماتْ.
رواية : لمحتُ في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية , بقلم : طيش !
الجزء ( 39 )
نسيت ملامح وجهي القديم
ومازلت أسأل: هل من دليل؟!
أحاول أن استعيد الزمان
وأذكر وجهي..
وسمرة جلدي
شحوبي القليل
ظلال الدوائر فوق العيون
وفي الرأس يعبث بعض الجنون
نسيت تقاطيع هذا الزمان
نسيت ملامح وجهي القديم
*فاروق جويدة
كان الفرنسية ، في عمارةٍ يُغلفها الزجاج من كل جانب لتتقاطع على شكلِ نوافِذٍ طولية و كثيرة.
بملل على مكتبِها ترسمُ بقلمِ الحبر الأسود رسومات بيُوتٍ مُتداخلة بشكلٍ هندسي ،
رفعت عينها عندما لمحت ظلٍّ يعكس على ورقتها ، و بدهشة رجعت للخلف بكُرسيَها ذو العجلات فسقطت على ظهرها و الإحراجُ يرسمُ طريقه بين تقاسيمها البيضاء . . مدَّ يدِه ولكن تجاهلتها لن تنسى بالغُربة أن مُصافحة الرجال الأجانب " حرامًا "
أحترمها أكثر وهو يرجع بخطواتِه للخلف : بسم الله عليك
أفنان تقِف بربكة وهي تنفضُ ملابِسها و ملامِحُها مختنقة بالحُمرة
نواف : سُبحان الصدف
أفنان وضعت أصبعيْها على عُنقها وكأنها غصَّت بشيء : آآآحم .. آآ إيه
نواف شد على ربطة عنقه الكلاسيكية و رمقها بنظراتٍ عاديـة بالنسبة له الا أنَّ أفنان زاد إرتباكُها وتوِّترها.
نواف : أنا مُحاضِر هنا
أفنان حدَّثت نفسها بعفويَة " والله أني قايلة هالوجيه الفخمة ما هي وجه تدريب " ، أردفت : تشرفنا مرة ثانية
نواف ينحني ويرفع الكُرسي الساقِط : عفوًا
أفنان أنحرجت بأنها لم تشكُره وكأنها قليلة ذوق : أعذرني بس ماني متعودة يعني .. آآ يعني آخذ وأعطي مع الناس الغريبة
نواف : لازم تتعوِّدين لأن الشغل كله يعتمد على التواصل مع الناس ، مسؤوليين العلاقات العامة مفروض مايرتبكون بسرعة
أفنان أخذت نفسًا عميقًا حتى ترُد : إن شاء الله
نواف : ماراح نتشرف ونعرف إسمك ؟
أفنان : هاا !! آآ أقصد إيوا أيه .. إيه أسمي عبدالمحسن .. من الربكة وإستجابتها لعقلها الباطني ظنَّت أنها قالت إسمها قبل إسم والدها.
نواف أبتسم : عبدالمحسن ؟ والله شكل السعودية تطوَّرت بالأسماء
أفنان حكت جبينها : آآآ لا لا أقصد .. يعني إسمي أفنان وأبوي إسمه عبدالمحسن
نواف رحم حالها المُرتجف الآن ويبدُو كأنه أول رجلٌ يُحادثها ، : طيب يا أفنان فيه محاضرة الحين ولا من أولها غياب ؟
أفنان تمنَّت أن تلمُّ كفيَّها أمامه وتترجاه لتقُول له " الله يخليك فارق أحس أنفاسي تضيق " ، أردفت : لآلآ الحين بجي
نواف بادلها بإبتسامة و أبتعد ،
أفنان تنهَّدت وهي تأخذُ بعض الأوراق وتلحق بالمُدعى نواف
،
قبل سنـة – شتاءُ 2011 –
يتجوَّل بالمزرعة مع صديقه ذُو العشريناتِ من عُمرِه : وبس هذا اللي صار يا عبدالمحسن
عبدالمحسن رفع حاجبه مُستغربًا : طيب أنا رايح تآمر على شي
فارس : سلامتك .. راقبه بعينه حتى خرَج من حدُود هذه المملكة الجديدة ، ردَّ على هاتفه : هلا يبه
رائِد الجُوهي : وش سويت ؟
فارس : زي ما قلت لي كلمت صديق بوسعود أنه يكلمه بإستئجار المزرعة و *بُسخرية أردف* طبعًا نظام حلف على بعض وأنه مايدفع شي من جيبه .. وبس توّ الصبح كلمني مدري وش إسمه صديقه ذا .. آتوقع إسمه محمد مدري أحمد .. وقالي أنه المزرعة تحت أمري
رائد : كفو والله ، الغرف مفتوحة ؟
فارس : نصَّها مقفلة
رائِد : طيب أسمعني الحين ترجع البيت وتترك المزرعة ، سويت اللي عليك وأنتهت مهمتك
فارس : طيـ
لم يُكمل لأنَّ والده ببساطة أغلقه في وجهه كالعادة ، تنهَّد و هو يدُور بين الغُرف المغلقة و يتفحص المفتوحة.
صيف 2012 ،
بضحكةٍ خبيثة يقف عند أعلى الدرج ليُردف بصوتٍ عالِي : يا رائــــــــــــــد
أقترب بخطواتٍ مُتعبة و بإبتسامة مُشتاقة : وين فارس ؟
فارس خرَج له وقبَّل رأسه : هلا يبه
رائِد جلس بأريحية على الأريكة المنزوية في الصالة العلوية ، تأفأف من رائحة الألوان : مدري وش مستفيد من هالرسم ؟
فارس : إشباع ذات
حمَد : تكلم فيلسوف زمانه
فارس رمقه بنظراتٍ حاقدة وجلس مُقابل والده : شلونك ؟
رائد : تمام .. وين الخدم ماشفتهم ؟
حمد : صرَّفتهم يخي خفت عليهم من ولدِك
رائِد عقد حاجبيه بإستنكار : كيف ؟
فارس توسَّعت محاجره بصدمة : وش قصدك ؟
حمد : العلم عندِك
رائِد بنبرةِ شك : وش صاير ؟
حمد : أقوله ولا أنت تقوله !!
فارس ببرود ظاهرِي : وش بتقول ؟ تكذب الكذبة وتصدقها
حمد : اعوذ بالله يعني أتبلى عليك
رائد بحدَّة : اخلص أنت وياه وش صاير !!
حمَد : ولدِك مقضيها من بنت لبنت وعاد الله أعلم وش يخطط عليه
رائِد أحمَّر وجهه من الغضب و هو ينظِر بشراراتٍ من نار بإتجاه إبنه ، رُغم كل الملوِّثات التي تُحيطني إلا أن أبني يبقى مُنعزِلاً عنها ، لن أرضَى بأن يرتمِي بقذرِ النساء و لا بأن تُفسَد اخلاقِه و إن كُنت غير مُشجِعًا لأن اكون قدوة ولكن إبنِي خطٌ احمر لا علاقة له بعملِي.
حمد : عاد هذا غير الشرب يالله أكفينا الشر
رائِد و صدمةٌ آخر بل فاجِعة حلَّت عليه : تشرب ؟
فارس بلع ريقه : يكذب عليك ..
حمد ويُمثِّل الصدمة : انا أكذب ؟ مين اللي رجع ذيك الليلة سكران وأنت تهذِي بوحدة من البنات *مدَّ كلماته ببطىء شديد و كأنه تهديدٌ صريح بكشفِ عبير إبنة عبدالرحمن لوالِده*
رائِد وقف و الغضب يتجعَّدُ بملامِحه الآن ، وقف فارس أمامه ليُبرر : قطعت الشرب من زمـ
لم يُكمل من صفعةٍ جعلت أنفهُ ينزف ، لن يستطِيع أن يُجادل أبيه فيبقى هذا الرجُل الواقف أمامه ذو هيبةٍ مُربكة و ذو بطشٍ شديد ، يُدرك بأنَّ والِده يحاول أن يعزله عن بيئته ولكن لن يستطِيع حتى لو جعلهُ يرتمِي في قصرٍ كهذا يبعد عن الرياض مئات الكيلومترات و يُسلِّط عليه إحدى رجالِه المُزعجين و اللذين لا يترددوا لحظة بأن " ينغصُّوا عليه عيشته " ، لن يستطِيع أن يمحِي كلمة " إبن رائِد الجوهي " من سجلاتِي ، مادُمت يا أبِي مواطِنًا سيئًا فأنا بالطبع ساكُون ذو صفحةٍ سوداء أمام الجميع بسببك.
رائد بعصبية كبيرة : وتقول ليه تخلي حمد يراقبني ؟ لأن الكلاب اللي زيِّك يحتاجون حراسة !! والله يافارس لا أذبحك وأشرب من دمِّك لو أسمع أنك تشرب ولا مضيِّعها مع بنات الشوارع .. والله لا أمحيك من هالوجود
فارس مُلقى على المقعد الجلدِي بلونِ الخشب ، مسح الدماء العالقة تحت شِفته ، وعينهُ تُهدد حمَد وبشدة.
حمد بنبرةِ خُبثٍ مُهدِّدة بعد نظرات فارس : وعلى فكرة ولدك ذا يبي له تأديب !! صار له يومين مايتدرَّب ولا فكَّر يمسك سلاحه
فارس بنبرة هادئة : قلت لك من قبل أنه ماعندي ميول عسكري عشان أتـ
قاطعه والده بجنُون وغضب كبير : تآكل تبن وتتدرَّب ماني جاي أطلب رايك .. غصبًا عنك رضيت ولا مارضيت
فارس شتت نظراته بعيدًا عن والِده ولا يرد عليه بحرفْ
والِده سحبه من ياقة قميصه و هو يتوعدُه و شرار من نارٍ تخرج من عينِه : أسمعني زين !! تترك حركات المراهقين حقتك وتقابل تدريباتك !! لا أسمع أنه يوم مرًّ بدون لا تمسك سلاحك والله مايصير لك طيِّب
فارس بصمت ونظراته تتجه لكُل الأشياء التي تجاوره إبتداءً من هاتِف المنزل المفصُول و مِن الأريكة الطولية باللون " الزيتي " و درجاتُ البنِي تتخِّذ من الخُداديات طريقًا لها و اللوحات المُعلقة بكثَرة على الحائِط المُغطى باللون البيجي و تنسابُ من سقفِه ثريــا بلون الذهب تُقابلها الطاولة الدائرية التي تنتصف المجلس.
إنتهاءً بوجهِ حمد القبيح بنظرِه ،
والده بصرخة : مفهوووووووووووووم ؟؟
فارس بخفوت : مفهوم
دفعه والِده على الأريكة مرةً أُخرى ليُردف : جبت لي المرض الله لا يبارك فيك .. وخرج غاضبًا بعد فترةٍ طويلة لم يدخُل بها منزله هذا.
حمد يُمثِّل الملامح الحزينة وبصوتٍ ناعم : قايل لك اعتذر ياحبيبي ؟
فارس وفعلاً بمزاجٍ مُربك لكل من حوله ، رمى الهاتف بقوَّة ليُعلِّم على جبهة حمد
حمد بعصبية : الله يآخذذذك يا كلب
،
تنظُر لبياضِ الجُدران و دمُوعها تهتَّز على أهدابِها ، لا شيء يستحق في هذه الحياة أن نفديه بأرواحنا ، قلبي لا يهدأ وهو يسمعُ الصدى الحاد لـ " تزوَّجت " والله لا يهدأ و لا يُريِّحني ، مهما حاولت أن أتخطاك أتعثرُ بِك مُجددًا ، أحاول ان أنسى فقط " أني أُحبك " و أنسى كُل شيء بما فيهم تفكيري بنسيانك ولا أنسى " أحبك " ، أحتاج يدٌ سماويـة تمتَّدُ إليّ و تصفعُ حُبك وتصفعُ لحظةٍ قُلت بها " أحبك " ، أشعُر بأنَّ الأقدار تُعاقبنِي . . أهنتُك برجولتك ولكن إهاناتِي صغيرة و طائِشة أمام إهانتك الفظيعة بحقِّي ، كيف أُحب من أهانهُ لساني بالسابق ؟ أكاد أجزِم أنَّها عقوبةٍ منِّي لأنني " شتمتُك "
ياااه يا عبدالعزيز ألهذه الدرجة شتيمتُك " معصيـة " حتى أُعاقب بها بحُبِ كسير ؟ ألهذهِ الدرجة أنا ضائعة لا أفقهُ قولاً غير " أُحبك "
لم تكُن مُطيعًا لحُبِي يومًا ، كُنت خير عاقٍ لقلبٍ تمنَّى لو كان لك وطنًا . . رحلت إليْها ؟ من هي أثير ؟ أحُب المراهقة والشباب ؟ أحُبك الأوَّل والأخير . . " طيب وأنا ؟ "
ألتفتت للباب الذِي يُفتح و أهتَّزت رموشها لتتساقِط كُراتِ الملح الشفافة .. لتتساقَط الدمُوع و الخيباتُ تعكسها.
جلس بجانبِها لترتمِي على حُضنِه و تشدُّ بأصابعها على كتفِه ، ليتَ الحُزن يا أبي يعرفُ مخرجًا منِّي.
والِدُها يمسحُ على شعرها و يتمتمُ بصوتٍ ضيِّق : سلامتك
رتِيل يتصاعدُ بُكائِها والبحةُ تهمس لها : أشتقت لك
عبدالرحمن بقهرٍ على حالها المُزري : و أنا يايبه أكثر ، . . أبعدها عن صدرِه وهو يمسحُ بكفيِّه دمُوعِها : ماني متعوِّد عليك تبكين ؟
رتيل و محاجُرها تختنِق بالملح : أبي أرجع البيت ..
عبدالرحمن : مامرِّيت دكتورك إلى الآن قلت أجي أشوفك بالأوَّل
رتيل تمسح عيناها المُحمَّرة بكفوفها الباردة : صح الحمدلله على سلامتك
عبدالرحمن أبتسم : الله يسلمك ، ماراح تقولين لي . . وش اللي صار ؟
رتيل أعتدلت بجلستِها وهي تمسحُ أنفِها المُحمَّر من بكائِها المتواصِل : اهملت أكلي هاليومين وبس
عبدالرحمن يقلد نبرتها : بس ؟
رتيل وصوتُها يضيقُ أكثر ، رمشت وبهذه الرمشة سقطت خيبتُها متكوِّرة على هيئة دمعة ، أردفت بوجعٍ شديد : متضايقة
عبدالرحمن و بداخله يحترق عليها : من إيش ؟
رتيل هزت كتفيْها بعدم معرفة ، أخفضت رأسِها و الحياة تُخطف من ملامِحها لتُبقِي الشحُوب ، بنبرةٍ مُهتزَّة أكملت : أحس بمووت .. منقهرة حييل
عبدالرحمن : بسم الله عليييك من الموت والقهر .. قولي لي بس وش اللي ضايقك ؟
رتيل و تشعرُ بغصَّة غير قادِرة على البُوح ولا تُريد ان تصمت و تكتُم ، تُريد أن تشتِم و تخرج الفوضى التي بداخلها ، تُريد الحُريـة الروحية لقلبها : موجوعة بس محد يحس .. مححد جمبي ، أبي بس مرة وحدة أصادف أحد مايرمي قهره و عصبيته عليّ .. ماني جدار كلهم يفرغون عليّ ، تعبــت و أختنقت من كل شيء ..... أموت من وحدتي يُبه
عبدالرحمن وهذا الحديثُ كـ سيفٍ على قلبِه يقطعُه قطَع ، ينكسِر لوضع إبنته وماتشعُر به . . أقصَّرت ؟ أم لم أعرف أن أُشبعهم حنانًا وحُبًا كما ينبغي ؟ مهما حدث أبقى انا الأب و الرجُل و الأكيد أنَّ صبيـات بمثل أعمارهن في حاجةٍ لإمرأة توجِّههُن .. ولم أستطِع أن أكُون بمثل مكانة هذه المرأة التي تلبَّستُها وهمًا و فشلت.
الشمسْ تُزاحم النجُوم الذِي شارفت على النوم ، في ساعاتِ الفجرِ الأولى ، على فراشِها متكوِّرة كـ جنين ، أعتادت النوم بهذه الطريقة منذُ مدةٍ طويلة ، الظلامْ يخنق عينِها و يُبكيها ، و جِفنُها نائِم و الرعشة تُصيب أهدابها .
يقتربْ إليْها بثيابٍ رثـــَّة و شعرُه الأسوَد طال و مُبعثَر غير مُرتب ، مسك كفيَّها و عيُونه مُحمَّرة تبكِي دماءً : حبيبتي
واقِفة بجانِب النافِذة المُهشمَّة و الزُجاج مُتناثِر حولها ، يخترقُ بعض الزجاج قدمِها و لا تشعُر بشيء ، مات الشعُور بها .. مات الإحساس غير قادِرة على / أنّ تحس بالدماء التي تهطُل من قدمِها .
سقط على قدمِها باكيًا مُترجيًا : الجوهرة . . ليه تتركيني ؟ ، أنا أحبك .. لييه ؟ أنا بس اللي أحبك .. ريان يشك فيك بشيء وبدون شي و أبوك ماراح يبقى لك طول العمر و سلطان اللي تحبينه تركك بأول مصيبة جتكم .. لو يحبك ماتركك .. لو يحبك صدقّ عيُونك .. أنا بس .. أنا والله بس اللي أحبك
أجهش بالبُكاء كالرضيع ، و الدماء تنزف من كفوفه المُخترقة الزُجاج : أحبببك ... ليه ؟ بس قولي لي ليه ؟ أنا لك و للعمر كله .. كلهم مايبونك .. كلهم ما يحبونك .. كلهههم والله كلههههم
صرخ : كللللللللهم .. بس أنا .. أنا اللي أحبك .... تعالي .. تعاالي قولي لي أنك تحبيني .. لآتخليني أموت و أنا ماسمعتها منك
الهواء يُرفرف من خلفِها و خطوةٌ واحِدة ستسقطُ من الطابق الثاني الذِي يبدُو الآن وكأنه الطابق العشرُون ، الدماء تُلطخ وجهها و عيُونها تفيضُ بالحُمرة و شفاهِها جافَّة و كأنها أحترقتْ بحممٍ من نار ، شعرُها ينزل على بعضُ وجهها مُبعثر ، أردفت : أحببك ، كنت أقول أني أعرفهم لكن كلهم كنت أجهلهم .. أنت وحدك اللي وقف معاي .. أنت وحدك
بإبتسامة من تُركِي أوقعتْ السن الأمامِي و الدماء تُبلله و مع ذلك تجاهل جروح وجهه ، : كنت عارف أنك ماراح تخليني ،
وقَف ليتمسكُ بها جانِبًا ، أرتخت أضلُعها بقبضته .. أرتخت حد أنَّ نسمةُ هواء أوقعتها على " حوش " منزلهم.
أفاقت من نومِها مُتعرِقة و الدموع تُلطخ وجهها ، فكوكها ترتطمُ برجفة و أطرافُها ترتعش ، وضعت يدِها على فمِها حتى لا يخرجُ أنينها ، أنهارت و هي تُردد في داخلها " لآ ماأحبه .. والله ماأحبه .. لا لا لا ماأحبه ... لا ياربي لألألأ .. أنا ما أحبه والله العظيم ماأحبه .. ياربي حرااام ماابغى أصير زيَّه .. لأ والله ماني كذا .. والله " ردّدت حِلفها كثيرًا وهي تبكِي و الأنينُ يتصاعد دُون أن تقاوِم هذا الصمتْ .
دخل والِدها : بسم الله عليك .. جلس بجانِبها لترتمِي عليه وهي تتشبثُ به : يبببببببببه ما أبيييه تكفىىى يبببه
عبدالمحسن بغير فهم : خلاص تعوِّذي من الشيطان .. كابوس
الجُوهرة : ما أحبه والله العظيم ماني زيَّه والله ماهو برضاااي قسم بالله والله يبببه ما أحبببه .. أكررههه
والِدها شدَّ على ظهرها لتبكِي بإختناقٍ وهي تحفرُ ملامِحها بصدرِه ، قهرٌ يتوسَّدُ قلبِه على إبنته التي في حالة اللاوعِي وتهذِي بحُرقة ، يا إلهِي أرحمنـا و أرزقنا النفس الصبورة .
الجُوهرة بصوتٍ مبحوح : تكفى قوله أنك جمبِي .. قوله يبببه و لا بيقرِّب ،
أغمضت عينيْها بشدَّة لا تُريد أن تراه : يببببه قوله .. لآ تسكت .. يقول أنك بتتركني .. والله يقول كِذا ...
والِدها و العبرة تخنقُ حُنجرِته ، وصلت إبنته لمرحلة الجنُون .. ياااه يا تُركِي أأستحقُ مِنك كُل هذا ؟
الجُوهرة فتحت عينيْها بخوف وهي تنظرُ بإتجاه شُباكِها ، صمتت لثوانِي طويلة و والدها يقرأ عليها حتى صرخت بوجعٍ عميق : آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآه .. بمُوووت .. بمووووت يبببه
على الأرض مُبعثرة والظلامُ يندَّسُ بينهم ، لا ترى شيئًا سوى ملامِح تُركي الحارِقة أمامِها ، ليلة الإغتصاب تِلك تشعُر بها ، آهآآتها تلك الليلة و وجعها و صرخاتها تُعيدها .
بصوتٍ محروق : حرراااام .. لا تسوي كذا .... حراااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااام
صرخت : يمممممممممممممممممه ... يبببببببببببببه ... رياااااااااااااااان ... آآآآه يا ربي ... يممممممممه تكفيييييييييييييين
حضنها عبدالمحسن و هو يمسح على شعرها و مازال يقرأ عليها " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم
فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله ، والله ذو فضل عظيم "
الجُوهرة تُمسك كتفْ والِدها بطريقة مُريبة مِثل ما مسكت كتفْ تُركي تلك الليلة : الله يخليييك حرااام عليك ... أتركنننييي .. أتركنننننيييييييييييي
دخلت والدتها ومن خلفِها ريان و علاماتُ التعجب تُنقش على ملامِحهم ، و الرُعب يدبُّ في نفسِ أم الجوهرة .
أشار لهم عبدالمحسن بالخرُوج و بنظراتٍ حادة جعلتهُم لا يُناقشوه بشيء ، خرجُوا و أغلقوا الباب و كلٌ مِنهم يُفكِر بطريقته ، ماذا يحصُل ؟
عبدالمحسن أدرك أنها تسترجع ليلتُها التعيسة ،
بهمسٍ ميِّت : وينهم ؟ ليه تركوني ؟ .. تصاعد أنينها و بشكلٍ مُوجِع لقلب والِدها ،
سقطت دمعته ، نزلت و أخيرًا .. رحمت حالِها وهي تستقرُ على شعرِ إبنته ، بصوتٍ مخنوق يرتفع : والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ، أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ، ونعم أجر العاملين
غزرت أظافِرها بصدرِ والدها : وين أبوي ؟ .. وينننه ؟ مايتركني .. أبوي مايتركني
والِدها بهمس : معاك يا يبه
الجُوهرة ببكاءٍ يختلطُ بدماءِ أنفِها : أبييي أبُوي .. أبيي أبووووي ... *صرخت* يبـــــــــــــــــــــــه يـــــــــــبــــــــــــــــــــــه
تعالت صرخاتها المناديـة لوالِدها وهي بين أحضانِه لتُردف أخيرًا بصوتٍ خافت و هي تعصرُ عينيْها لا تُريد أن ترى شيئًا سوى الليل : أخوك ذبحني
عبدالمحسن تنهَّد وبصوتٍ رجُولِي ثقيل : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ . أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ "
ذهب صوتُها قليلاً ، أبعدها برفق عن صدرِه وهو ينظُر لملامِحها الشاحبة و الميِّتــة ، أنزل رأسها على الوسادة و هو ينحني ليُغطِي جسدِها بفراشٍ خفيف ، قبَّل جبينها البارد و هو يدعِي في داخله لها " يارب أرحمها برحمتك التي وسعت كُل شيء "
خرج و كان أمامه ريـان و زوجته
ريان رفع حاجبه بإستغراب من عين والِده المُحمَّرة : وش فيها ؟
والده : تعبانة شوي ، لآ تزعجونها خلوها تنام كم ساعة
والدته و أهدابها ترتعش وتُنبأ بالبُكاء : وش فيها بنتي ؟
عبدالمحسن : مافيها الا كل خير بس شافت كابوس
أم ريان : لآ تكذب عليّ !! جيَّتها هنا فيها سبب واللي قاعد يصير الحين له سبب
ريان بنبرة شك : وش مسوي لها سلطان ؟
والده بغضب : قلت مافيها شي .. أتركوها لحالها .. تمتم و هو نازل للأسفل " اللهم أني صايم بس "
،
أنحنى ساجِدًا على الرُخامِ البارد ، ردَّد " سُبحان ربي الأعلى " ، صمَت و لا شيء يلفظُه ، أطال سجُودِه و الشمس تشرقْ و تتسلل إلى نافِذته ، مرَّت الثوانِي الطويلة دُون أن يلفِظ شيئًا ، تمتم بصوتٍ محرُوق : يارب
و كأنَّ هذه الكلمة أسقطت حصُون أهدابِه حتى أرتجفتْ دمعًا ، كيف أصوم ؟ أحد يُعلمِّني كيف رمضَان يُقضى بلا أهل ؟ بلا أُمٍ تُحضِّر لأجلِك السحُور ، بلا أبٍ يشدُّ عليك للصلاة ، بلا أختْ تُوقضِك على أوقاتِ الصلاة و السحُور و الفطُور .. بلا أحد ،
يا الله .. اللهم لا إعتراض على أقدارِك .. اللهم لا إعتراض .. يارب أسألك النفس المؤمنة الصبورة ، يالله أني أسألك و لا أحد يملكُ أمرِي سواك ، يالله أنِّي أضعفُ أمام ذِكرى من أنجبتنِي و من هذَّبنِي و ربَّانِي ، يالله .. مقهور يا الله .. مقهُور و أمُوت من قهرِي هذا .. يالله أرحمهم برحمتِك التي وسعت كل شيء و وسِّع مُدخلهم ، يارب جازِهم عن الحسناتِ إحسانًا و السيئات عفوًا وغُفرانًا ، يارب آنس وحشتهم .. يارب *أختنق بصوتِه وهو يُردد " آنس وحشتهُم * يارب هُم أهلِي و كُل حياتي فلا تجعل آخر لقائِي بهم في دُنيـاك ، يارب أسألك بوجهِك الكريم رب العرش العظيم أن تجمعنا في الفردوس الأعلى بجانِب أنبيائك وعبادُك الصالحين ،
صمَت و جسدِه يكاد يُصلب من إطالته لسجُودِه ، الحزن يُطبق كفيِّه بشراهة على قلبه ، بصوتٍ مُبكِي يخرج من رجُل بدَّد الموتُ قوتِه : أشتاقهم يالله .. أشتاقهُم فـ يارب خفف عليَّ حُرقة فراقهم و أجمعني بهم في دارِ الآخرة .
،
على التُرابْ جالِس و أساسُ المسجَد قد بُني قليلُه ، عيناه تُحلِّق بعيدًا و جبينه يبكِي معه عرقًا من الشمسِ الحارقة ، ينظرُ للاشيء ، هذه المرَّة لا يبكِي هذه المرَّة يحترق بداخله شرّ حُرقة و كأنَّ ليلة زفافه كانت بالأمس ،
أمام المرآة يُعدِّل البشت و بجانبه عبدالعزيز ،
عبدالعزيز بسكسوكة و عوارِض مُحددَّة و بمثلِ حالته كان ناصِر ، ضبَّطَ نسفة شماغه وبضحكة : أروح ملح على المرتبكين
ناصِر و الربكة واضحة بين ملامحه : إكل تراب تراها واصلة حدِّي
عبدالعزيز : ههههههههههههههههه ريلاكس روِّق ياخي وأنا أقول ذيب ماينخاف عليه
ناصِر بتوتُّر و نبرةٌ عفوية : يخي والله خفت
عبدالعزيز أنفجَر ضاحِكًا : تكففى خلني أصوَّرك بس للذكرى بعد كم سنة عشان تضحك على نفسك
ناصر بدون تركيز : صوِّر وش دخلني فيك
عبدالعزيز أخذ كاميرآ الفيديو و أشغلها : الليلة عرس مين نصور ؟
ناصِر يلتفت عليه : ههههههههههههههههههههههههههه عرس اللي نازل حظَّه من السماء
عبدالعزيز : يالله قول شيء
ناصِر بإبتسامة تُظهِر صفَّة أسنانه العلويـة ، يبدُو مظهره اليوم ساحِرًا أم أنَّ كُل " عريس " يكُن ساحِرًا بجماله في ليلة زفافه : وش أقول الله يآخذ العدُو
عبدالعزيز بإبتسامة : قول أي شي يخي هذا وأنت شاعر وتعرف تصفصف الكلام أحسن مني
ناصر : أيّ شاعر يابطيخ أنا كويِّس أعرف أسمي
عبدالعزيز : كلمة لغادة طيب ؟
ناصِر و أنفجرت أوردته بالحُمرة ، عبدالعزيز لم يقدر عل الوقوف أكثر حتى جلس وهو يصخب بضحكته : آآآخ ياقلبي ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه أنحرجت يا حبيبي هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههه والله لا أمسكها عليك طول عمري ومسوي لي فيها الثقيل واللي مايتحاكى ههههههههههههههههههههههههههههه
ناصِر يمسح قطرات العرق التي هطلت من مساماته : يا ******* قسم بالله أفجِّر فيك الحين .. طفّ الكاميرا الخايسة اللي معك
عبدالعزيز بخبث : طيب كلمة لغادة .. كلمة ماهو أكثر من كلمة ...
ناصِر أبتسم : عزوز والله توتِّرني شوي و ****** على نفسي
عبدالعزيز وينفجِر بضحكته مُجددًا : عقبك ماظنتي بتزوَّج ، أبك راححت الهيبة هههههههههههههههههههههههههههههههه
أبتسم للفراغ الذِي ينظُر إليه ، ليلة عرسه و ضحكاتِه مع عبدالعزيز و شعُوره المُتلخبط و ربكته و توتُره ، كل التفاصيل الصغيرة أولُها رعشة قلبه حين يُنطق إسمها ، كل هذا .. يحفظه جيدًا ولن ينساه أبدًا .
أول ليلةٍ شعَر بربكة شيء يُدعى " عرس " أول ليلة يشعرُ بالحياة بها مذاقٍ مُختلف ، أول ليلةٍ تخنقه بهذا التناقض .. أولُ ليلةٍ أبكته بعد سنينٍ من الجفافِ لم تنزلُ دمعةٍ مِنه ، أول ليلة رجع بها مُراهق لا يفقه بالصبر شيئًا وهو يصرخُ بإسم حبيبته ، أول ليلةٍ أسقطتنِي . . . يا غادة .
،
بإرهاق نزل الدرج و خطواتِه سريعة و كأنه يُريد اللحاق بشيء رُغم أنَّ الوقتُ مازال مُبكِرًا ، ألتفت على عمته
حصة : تعال أبيك بموضوع
سلطان : معليش حصوص مشغول لا رجعت
حصة : حصوص بعينك .. تعال بسرعة موضوع 5 دقايق
سلطان تنهَّد وهو يجلس بمُقابلها وينظرُ لكوب القهوة الذي أمامها : قهوة ؟
حصَّة أنحرجت لتبتسم بتضييع : من السحور
سلطان ضحك بخفُوت لأنَّه واضِح بأنَّ الكُوب مازال حارًا ، أردف : إيه وش تبين ؟
حصَّة بتوتُر مُتزِن : يعني أمس وأنا أشوف الدور الثالث وكنت يعني أتفرج و .. يعني ماله داعي غرفة سعاد !! خلاص يعني ما تفيدك بشيء وبعدين الجوهرة موجودة يعني ماهو حلوة تشوف الغرفة بعد وصورها موجودة بكل مكان
سلطان ببرود : طلعي نفسك من هالموضوع .. وقف ولكن يد حصَّة سحبته ليجلس : لا حول ولا قوة الا بالله .. شوي بس أسمعني
سلطان بحدَّة : وش أسمع ؟ هالموضوع كم مرة تناقشنا فيه
حصَّة عقدت حاجبيْها : طيب أنت أهدا ، الحين الجوهرة ليه غرفتها فوق ؟
سلطان صمت لثواني : ماهي فوق ..
حصَة : إلا بالدور الثالث وأنت بالثاني !! وش فيك سلطان ؟ يخي منت قادر تتأقلم مع الحريم .. قولي وش مضايقك يمكن أنت فاهم أشياء غلط ، يعني فيه أحد ينام بالدور الثاني وزوجته بالثالث .. والله ما قد شفت ناس كذا
سلطان تنهَّد : حياتي الخاصة وأنا حُر فيها لا تتدخلين الله يسلم لي هالوجه
حصَّة أبتسمت : يا حبيبي أنا أتدخل عشان مصلحتك ، يعني
سلطان يقاطعها : أنا أعرفها مصلحتي كويِّس
حصَّة : طيب خلاص أن شاء الله تنوِّمها بالسطح !! لكن ليه للحين في بيت أهلها ؟
سلطان بإمتعاض : ماشافتهم من زمان ومشتاقة لهم
حصة : عليّ هالحركات ؟ طيب عطني رقمها بس أبي أكلمها و لابعد مالي دخل .. يخي بكلمها وبسأل عن أخبارها بس
سلطان تنهَّد بغضب : حصصصة الله يرحم لي والديك لا تتسلطين عليّ هالصبح ،
حصة بحدة أكبر : أنا أبي رقمها بس
سلطان : مافيه قلت مافيييه
حصة : يعني أنتم متهاوشين
سلطان بحدة وهو يقف : إييييييييييه
حصة : طيب كل مشكلة لها حل ، ليه ماعندك فن التعامل مع حواء
سلطان بغضب : يا عسى مافيه حواء .. أرتحتي !! .. وخرج مُغلقًا الباب بقوَّة هزَّت البيتْ ،
حصَّة ضحكت من دعوتِه لتُردف : راسه يابس
،
يُسدِّد على قارورات المياه المثبتة على الأرضِ الخضراء ، مرَّت ساعتيْن وهو على هذا الحال ،
من خلفه : برافووو ههههههههههههههههه
لم يلتفت عليه و أكمَل تسديداتِه و تدريبه الذي يكره ، ليس مُجبر أن يتدرَّب مثل هذه التدريبات التي يراها لن تُفيده بشيء ،
حمَد : زعلان علينا ؟ ماترَّد بعد
وقف بهيبته التي تُشبه هيبة والِده ، بعِرض كتفيْه و عضلاتِ بطنه الواضِحه من قميصه المفتُوح من شدَّة الحرّ ، سدَّد بجانب ذراع حمد ولو ألتفت قليلاً لأنغرزت الطلقة في ذراعه
حمد بغضب : أنت مجننووون ؟ والله لو تعيدها معي لا يوصل علم بنت عبدالرحمن لأبوك
فارس : ورني عرض أكتافك
حمد أبتسم : معصِّب عشان الكف ؟
فارِس صمت لثوانِي و بُركان يثُور في داخله ، أردف : أبوي لو يقطعني قطع حلاله
حمَد : هههههههههههههه الله على البر ماأتحمَّل ... قلبي الصغير مايتحمَّل بر الوالدين اللي نازل عليك
فارس أبتسم ببرود : أنا أقول تلف حول البيت أحسن لك كود تخفف من هالكرشة
حمَد قطَّب حاجبيه بإنزعاج هو غير قادِر حتى على إخفاء غيرته من بُنيةِ فارس وجسدِه : شايف جسمك قبل لا تشوفني ؟
فارس ينظر لنفسه وهو يتصنع البراءة : أنا !! وش فيني ؟
حمَد بإمتعاض ينظرُ إليه ليُردف : متباهي مررة بنفسك لا تنسى من تكون ؟
فارس : أكون فارس ولد رائد الجوهي اللي مخرفنك
حمَد بقهر : قد هالكلمة ؟
فارس ضحك بخبث : لا يكون بتشيلني بطرف أصبعك *حمد قصيرُ القامة*
حمَد بقهر يدخلُ للداخل وهو يُعلِّي صوته : حسااابك بيجي وبتشوف يا ولد موضي
فارس وضع السلاح بخصرِه و هو ينظُر لما حوله ، الحرس مُنتشرين بكل مكانِ لن يستطيع الخرُوج أبدًا ،
أقترب من الباب الخلفي ليرى أحد الحرس عريض المنكبيْن و طويل القامة – ضخم – ببشرةٍ سمراء تعكُسها الشمس : السلام عليكم
: وعليكم السلام
فارس : بروح أتروش وبعدها بطلع
: آسف ، طال عُمره معطينا أوامر ما تطلع برا البيت
فارس بحدة : وأنا قلت بطلع !!
: أعذرني ماهو بإيدي
فارس بعد ثواني صمت : كم أعطيك ؟
الحارس بإبتسامة : قلت لك معليش مقدر
فارس : أعطيك اللي تبيه
الحارس : أسمح لي هذي الأوامر
فارس أحمَّرت بشرتِه البرونزيـة غضبًا و هو يتوجه للمُلحق الخارجِي ، عله يُفرغ بعض غضبه بلوحاته ، " عبير " تُداهمه يشعُر بأحقيته بها ، يشعُر بأنه سينحرها إن فكَّرت بغيره والله لن تعيش معه براحة و أنا حيّ .
مسك هاتِفه أمام لوحةٍ مكسيةٍ بالسواد عدا جُزءٌ بسيط يظهرُ به عينا صبيـةٌ فاتِنة ، ياااه يا أنتِ ،
ضغط على رقمِها ، طال الإنتظار ولا مُجيب ، يدرُك أنها لن ترُد ولكن مع ذلك يحاول
في جهةٍ أخرى كانت تستشور شعرها المُبلل ، أنتبهت لهاتِفها الذِي يهتَّز على الطاولة ، أغلقت الإستشوار و أخذته وهي تنظر لإسمه " مجهُول "
لن أضعف مُجددًا ، سأقتلعك من ذاكرتِي وإن تشبثت بِها ، لن أسمح لك بالتمادِي أكثر ، يالله لا تُضعفني أمامه و عوضني خيرًا مِنه ، أيّ حُب مراهقة هذا يأتي من مُكالمات ؟ أيّ حُبٍ رخيص يأتِي من صوت ؟ أيّ حُبٍ هذا لا تُنجبه سوى رِحمُ عاهِرة !! ثبِّت يقيني يالله و باعِد بيني وبين حرامك كما باعدت بين المشرق والمغرب .
،
تتقيأ بإستمرار ، من الفجِر وهي تعتصرُ ألمًا ، كان كل إعتقادِها بأنَّه بسبب ما حدث و لأنه أول مرة فمن الطبيعي أن تشعُر بالغثيان وهذه الأعراض ولكن طالت جدًا ، لم يرجِع يُوسف من الأمس .. " أحسن "
أخذت منشفتها الصغيرة وهي تمسحُ وجهها لتجلس على الكُرسي المخملي ، لم تجلس سوى ثواني لتعُود للحمام و تتقيأ مُجددًا بوجعٍ شديد ، مسكت بطنها وهي تعتصرِهُ بكفِّها : آآآآه
كانت تُريد أن تتصل عليه فالألم لم يعد يُحتمل ولكن أخذتها العزَّة بأن لن تتنازل وتتصِل هيَ ، شعرت بالدوَار و حرارة جسدِها تتفجَّرُ ، أوجعها صدرها حتى نامت دُون أن تشعر على الكُرسِي .
،
بالإستراحَـــة حيثُ هناك أشخاص سُكارى دُون أن يشربُوا شيئًا ، بلوت في وقتٍ كهذا !!
ولكن مع إبتكار طريقةٍ أخرى لها ، فالخاسِر يُعلق على إذنه " مشابك الغسيل " و أكثرهُم مشابكًا مُضطر بكل أسف أن يأتِي لهُم بالفطور.
منصور بنعاس تمدد مُبتعدًا عنهم : أنا براا
علي : والله من الخرشة
منصور : إلا كلكم غشاشيين عورتوا أذني وخربتوا نومتي
يُوسف و معلق على إذنه اليُمنى ثلاثةُ مشابك و اليُسرى مشبكيْن : الله يآخذ العدو بس
فيصل : هههههههههههههههههههه لحظة خلني أحسب هالدُورة
طارق : كلكم متزوجين مفروض مقابلين حريمكم إلا أنا يا حر قلبي بس
يُوسف : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه الحين يبدأ موال كل يوم وأنا المسكين اللي محد مداريني
طارق : إيه لأنك كلب علمتني على رومانسية الهيلق اللي زيِّك أجل دبدوب أحمر
منصُور ضحك ليُردف : وأنت من جدك تصدقه !!
طارق : وش أسوي قلت عيال النعمة رومانسيين وأكلت تبن من وراه
فيصل : وزِّع بس وزِّع .. هههههههههههههههههههههه الدبدوب وش قال يوسف ؟
يُوسف يقلِّد بصوته : آيْ لُوف يووو
فيصل : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههه يالله لا تشمَّت أحد فينا
طارق : إيه تشمتوا !! كلاب الله يوريني فيكم يوم
يوسف : أصلاً ماتوا الرومانسيين .. مين الحين رومانسي ؟ يخي فلَّها بس وكبِّر مخدتك بلا حب بلا خرابيط ، وش زينة الحياة الدنيا ؟
فيصل بعبط : المال والبنون
يوسف : بالضبط المال وعندنا الحمدلله والبنون الله يرزقنا .. خلاص ماقالوا الحب الله يآخذ الحب بس
علي : سوّ دراما بعد وقول أنه قلبك مكسور
يُوسف بملامحٍ حزينة : كاسرني الحُب مو مخليني أنام
منصور يمُدِد ذراعيه وهو يتثائب : خلونا ننام يا شباب
رن هاتِف علي ووضعه على " السبيكر " ليصرخ إبنه الصغير : يببببببببببه تعاااال شوف الحماااارة تبغىى تآآآخذ الريموت
علي وهو يأخذ الورق مُتجاهلاً الكائن الحي الذي يصرخ
منصور : رد عليه
علي : هو يفهم الحين أني بجي البيت وألعن شكله بس أنتظر
ولحظات قليلة حتى يتكلم الطفل بهدُوء : يببه والله مالي دخل بس خذت الريموت واليوم يومي .. حاجزه من أمس
علي : قايلكم أفهم فئة البقر اللي عندي
يُوسف : أنا بكرا لا جاني ولد ..
لم يُكمل من صرخات الإستهجان حوله
أردف فيصل : يا كثر هياطِك .. قلت بكرا لا تزوجت بجلس عند مُرتي وبسفِّرها وبونِّسها وبخلي كل بنات الرياض يحكون عننا
علي يُقلد صوت يُوسف بسُخرية شديدة : بكرا أفرفر من شيخ لشيخ من كثر الحسد على حُبنا
منصور لم يتحمل حتى أنفجر ضحكًا من سُخريتهم على يُوسف
يُوسف يرمقهم بنظراتِ حقد : طييب يا عيال الـ******
طارق : هههههههههههههههههههه والله حوبتي ما راح تتعدَّاك
منصور : يوسف واضح أنك تمصخرت
يُوسف : شف يعني الظروف أختلفت ، لأن الزواج صار بسرعة وعلى وقت دوامات مقدرت أسفِّرها
فيصل يُعزف كلماته بصوته : ياااا كثر ما كذببت و ياكثر ما هايطت علينا وإحنا نسلك لك
يوسف : لا أبو من جمعكم يا كلاب
علي و يرن هاتفه مجددًا : على الطاري يجونك .. صدق كلاب ، فتحه على السبيكر حتى يخرج صوتٌ أنثوِي يميلُ للدلع الفطري
علي رمى أوراق اللعب بربكة وهو يأخذ الهاتف ويخرُج من بيت الشعر ،
صخبُوا بضحكاتهم التي تواصلت لوقتٍ طويل ولم ينقطِع أبدًا وسط تقليدهم للصوت وسُخريتهم ، بمعنى آخر " تسدَّحوا ضحك"
،
نائِمة بهدُوء على السرير الأبيض ، ملامِحها مُرتخيـة بسكُون ، أزالُوا القُبعة الشفافه التي كانت تُغطِي شعرها الذي مرفُوع بتموجاته للأعلى وخصلةٌ مُتمرِّدة على عينِها الميتـةِ الجفن ، دخل عليها بخطواتٍ خفيفة ولم يرى كُرسيًا فجلس بجانب رأسها على طرف السرير . . رفع خصلتِها ليُدخلها ببقية شعرها و أنفُها مُغري للتقبِيل .. أنحنى بإبتسامة ضيِّقة ، قبَّل مُقدمةِ أنفِها و هو يهمس : رتيل
فتحت عينِها بإنزعاج من الدغدغة التي أسفَل أنفها ، ألتقت عيناها بعينِه و أبتعدت بغريزة الدفاع عن النفس ليرتطم رأسها بحواف الألمنيوم - قُبضان السرير الطبي - ،
توجَّعت من الضربـة ، مسك كفِّها خلف رأسها ليُقربها من الوسادة : بسم الله عليك
رتيل عقدت حاجبيْها و نظراتِها عتب أم ماذا ؟ كانت تحكِي أشياء كثيرة غير قادِرة على شرحها بصوتِها ، لُغة الحُب و العتب – لُغة العيون –
شتت نظراتِها بعد صمتٍ طال للأعلى ، لتقُول بصوتٍ خافت : وش تبي ؟
عبدالعزيز بصمتٍ ينظرُ إليها و يُركِزها بعينيْها
رتيل و كلمةُ رمضان تمُّر في عقلها و قبلها قلبها ، تعصي الله في رمضان .. يالله شعُور سيء العصيان إن أتى بأيامٍ فاضلة ، ضاق قلبها بإتساعِه ، ضاق من همِها و حُزنِها ،
رتيل تكتم بُكائها و أعصابها متوتِرة : بصفتك مين جاي ؟ أطلللع
عبدالعزيز مازال صامِتًا ، يتأملها و كأنه للتو ينتبه لتفاصيل ملامِحها ، عيناها التي تضجُّ بالصِدق و أنفُها الصغير و بشرتُها البرونزيـة و شفتِها التي بدَت مائلة للبياض ، شعرها البُندقِي الملتوِي حول بعضِه مُحدِثا ربكة ببعض خصَلاتِها المزروعة بمقدمةِ رأسها لتنزل على عينِها بهدُوء ،
رتيل بحدة وصوتُها مازال مبحوحًا : بتصل على أبوي لو ماطلعت
عبدالعزيز و كأنه يتلذذ بتعذيبها ، أدخل أصابعه بخصلاتها المُتمرِدة وهو يلفُّها حول أصبعه و إبتسامةٍ شقيَّة تعتليه
رتيل تحاول سحب شعرها ولكن قوتها ضعيفة جدًا أمامه ، بغضب : أبعد إيدك
عبدالعزيز بضحكة : توني أنتبه أنه شعرك حلُو
رتيل تفيضُ بقهرها ، أيّ ذلٍ هذا ؟ أيُّ حُرقة تشعُر به الآن ، تُريد أن تبكِي لتريِّح صدرها الملغوم بحممٍ بُركانية ، تُريد أن تصرُخ ليبتعِد عن وجهها و هي تشعُر بعذابٍ الله يُدنِي منها ، لا صوت لها .. مُتعبة غير قادِرة حتى على الوقوف بوجهه .. تبخرَّت كل قوتها أمامه وإندفاعها و تهوُرها بإطلاق الشتائِم نحوه ،
عبدالعزيز و ينزلُ بأصابعه ناحية خدِها ليمسح دمعةٍ أرتجفت على هدبِها ولم تسقُط ، أرتعشت من لمستِه الباردة وهي تقترب من عُنقِها الحار ،
ألتفتت يسارًا حتى يُبعِد يدِه و بصوتٍ باكي يأِست منه : تقولي ماتخافين الله وماتشوف حالك .. أطلع برااا خلااص طلعت حرتك فيني وأرتحت
عبدالعزيز و صمتُه يُثير الغضب في نفسِ رتيل ، أبعد كفوفه ليستقِر بها على جبينها و يقرأ عليها آية عذبة " إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا " رددَّها مرتينْ و هو يُكرر كلمة " سكينته " أكثر من مرَّة.
دقائِق طويلة و السكُون يلفُّ رتيل ويُبكيها ،
عبدالعزيز : ليه البكي ؟ الدكتور يقول لازم تبتعدين عن الاشياء اللي تزعجك و اللي تضايقك
رتيل بإندفاع : وأنت تزعجني وتضايقني
عبدالعزيز بضحكة مُهذبة خافتة أردف : أنا غير
رتيل بكلمتِه زاد بُكائها ، و بإنفعال : أطللللع .. ماأبغىى أشووووووفك .. أكرهههههك .. تعرف وش يعني أكرهههك ماعاد أطيققك
عبدالعزيز ببرود : شعور متبادل
رتيل اخفضت رأسها وهي تبكِي بشدَّة و تجهشُ بدمُوعِها ، يالله كيف له قلب يُهينني هكذا ؟ .. كيف له قلب يُخبرنِي بزواجه ؟ يالله ألا أستحق بعض من الرأفة ، .. قليلاً من الرحمة حتى أستوعب أمرُ موت هذا الحُب ، على الأقَل أمارس تأبين هذا القلب قليلاً . . يالله كيف تقوى يا عزيز ؟ كيف تقوى أن تُبصق عليّ بهذه الأثير ؟ كيف تقوى أن لا تُحبني ؟ لم تفعل شيء لي والله لم تفعل ما يستحق أن أُحبك لأجله ؟ ولكن قلبِي .. من الله .. من قدرٍ كُتب على قلبي حُبِك ، " ليييه توجعني و أنا روحي فداك "
عبدالعزيز يمسح على شعرها : بطلي بكِي ، كل هذا عشان أيش ؟
بغضب يصرخ بها : عشان أيش ؟
رتيل بإنهيار : أتركننننييي .. ماهو شغلك .. كيفي أبكي أضحك أسوي اللي أبيه مالك دخخخل ...
ضمت كفوفها وغطت بها وجهها وهي تختنق بصوتها : أبععد عنِّي .. أبععععد
عبدالعزيز بحدة : بطلي دللع .. ليه كل هذا ؟ أبي أفهم ليييه
رتيل وكأنها عادت طفلة ببُكائها و بتوبيخ عبدالعزيز تزيد بُكائها ، : ياربيييييييييييييي
عبدالعزيز بقلة صبر أبعد كفوفها عن وجهه ليعصر ذراعها بقبضته و يُركِز عينه الحادة في عينيْها : تكلمييي !! ليه كل هذا ؟
رتيل رفعت عينها للأعلى و هي تخافه الآن ، نبضاتها ترتعش و معدتها تشعرُ بالغثيان ..
عبدالعزيز بحدَّة أوقفت قلبها لثواني : من الترف صايرة تنهارين على أشياء تافهة !!
حُبك تافه ؟ أصبح أمر قلبي تافه ؟ كل هذا الحُب لا شيء في حياتِك ولا لمساحة صغيرة .. مساحة فقط أشعُر به بأنَّ مازال بالحياة مُتسعا يُدرَك ، أأصبحت الآن مُترفة لدرجة أن أبكِي على أشياء بنظرك هي تافهة ؟ أن أُحبك يعني أن أكون تافهة .. أمُور كثير لا تهمُك ، حُزنِي عليك و مِنك لا تعنيك شيئًا ، قبحٌ على قلبٍ مال إليك .. قبحٌ على حياةٍ جمعتني بك .. أنا تافهة عندما أحببتك.
عبدالعزيز ترك ذراعها وهي متوجِعة وَ مكان قبضته مُزرَّق ،
تنهَّد و الغضب يسيطِر على أعصابه المشدودة : غيرك مآكل تراب من هالحياة وللحين واقف على رجله وأنتِ .. *نظر إليها بتقزز*
أدرك أنك تُريدني أعترف بأنِي بالمستشفى بسببك وأنني مُنهارة مِنك وأنك تحلُّ جُزءٍ كبير بحياتي بل أنت كل حياتي ، أنا أدرك أنَّ غرورك لا يسقط بسهولة و تُريدني أن أشبعه ولكن لستُ أنا من ستتقبَّل الإهانة مرةً أخرى ،
رتيل وهي تمسح دموعها بكفوفها : أطللع برااا ومالك دخخل أبكي من اللي أبيه .. وش يخصِّك ؟
عبدالعزيز وقف : تافهة ..
رتيل و رجعت للبُكاء و كأنه يُشارك عبير الجرح ، يالله لا قُدرة عليّ أكثر لهذه الكلمات .. كيف أكرهك ؟ ليتني أعرف طريقًا لأكرهك به بكل حواسِّي و مشاعري .. ليتني ألقاهُ هذا الطريق .
بغضب أخذت علبة الماء و ألقتها عليه وهو يتوجه للباب ، ضربت أسفَل رقبته ، عض شفتِه وألتفت عليها ليقترب مرَّةً أخرى
عبدالعزيز رفع حاجبه بغضب كبير ،
رتيل صرخت : أطلللللللـ
كتم صوتِها وهو يضع كفَّها على فمِها وبصوتٍ حاد : صايرة تمدِّين إيدك بعد !!
رتيل وتشعر أنَّ فكَّها يتفتت بقبضتِه بل يذُوب ، دمُوعها تحرق خدَّها وهي تهطلُ بغزارة
بدأت تتحرَّك ببعثرة حتى تتخلَّص من قبضتِه ، وهي تضرب صدرِه و كتفه ولا يشعر فقط هي من تشعُر بأنَّ يدِها تتكسَّر .
عبدالعزيز : لو تعيدين هالحركة معايْ ماراح يحصلك طيِّب
دخلت الممرضة مُتفاجئة و غاضبة
عبدالعزيز أبعد يدِه عنها و بتهديد وهو خارج : أنتِ اللي بديتي وتحمَّلي ..
تحسست فمها و الدمُوع تملأها ، وضعت رأسها على ركبتيْها وهي تجهشُ بالبكاء ، والله أني لا أستحق كل هذا ، لا أستحق أن تؤلمني بهذه الصورة ، لا أرى في تعذيبك إيايْ شيئًا من الجمال .. لا شيء .. ولا أنت ستفرح بأفعالك ، لِمَ تُلبسنِي الوجع رُغمًا عنِّي ؟ . . . . . كيف فقط .. قُل ليْ كيف تسعَد بوجعي ؟
،
في الصالة العلويـة ، للمرةِ الأولى تحكِي لهُم و هي تبكِي : يعني أنا وش ذنبي ؟
ريم : أكيد ماهو قاصد بس كان معصِّب
نجلاء : يهتم لها بشكل مبالغ فيه .. كل هذا عشان أيش ؟
ريم : نجول والله أنتِ فاهمته غلط .. كِذا تفتحين عيونه عليها هو يمكن بس شفقة
نجلاء : ما شفتيه وهو يتكلم عنها
ريم : إلا شفته وسمعته ... صدقيني قاصِد أنه حرام على يوسف يطلقها بهالصورة ماهو قاصِد أنه يبيها أو يحبها
هيفاء : أنا رايي من راي ريم ، أنتِ صايرة تتحسسين كثير .. روقي وأهدِي وفكري فيها وش يبي فيها منصور ؟ الحمدلله بيجيكم ولد إن شاء الله قريب وبتنبسطون فيه وفوق هذا يحبك .. وش اللي بيغيَّره عليك ؟ لآ تخلين الشيطان يدخل بينكم
نجلاء : قهرني يعني أحد يدافع عن مرت أخوه بهالصورة أكيد فيه شي
ريم بصوتٍ خافت : أنتِ عارفة كيف صار الزواج ؟ لو صار بطريقة ثانية كان ماسأل عنها .. صدقيني أنا أعرف منصور وأعرف كيف يفكِر
هيفاء : روقي بس الدنيا ماتستاهل .. يروح منصور ويجي بداله
ريم بحدة : هيوووف ووجع
هيفاء : ههههههههههههههههههههههههههههههه خلو صدوركم وسيعة لا توقف على الرياجيل
نجلاء أبتسمت بين دمُوعها
هيفاء : شفتي أعرف كيف أضحكها ، بس أتركي عنك البكِي وأمشي ننزل تحت عند امي
بإهتمام أردفت : عاد تدرين أنه بيمِّر أكثر من أسبوعين ومانزلت ولا شفناها
ريم : ماألومها البنت ماهي طايقتنا وإن جلست قطت علينا حكي يسم البدن .. ماتقصَّر ماشاء الله
نجلاء بكُره : عساها بهالحال و أردى ..
،
مثبَّت الهاتف على كتفِه وهو يقرأ بعض الأوراق : إيه
ضي : وبس راحت كـَان وجلست بشقتك
عبدالرحمن : كويِّس
ضي : شخبار رتيل ؟
عبدالرحمن : إن شاء الله اليوم بتطلع من المستشفى
ضي : الحمدلله على سلامتها
عبدالرحمن : الله يسلمك ، داومتي ؟
ضي : هالأسبوع كله محاضرات فن التعامل وماأعرف أيش .. طفش مرَّة حضرت وحدة وسحبت على الباقي
عبدالرحمن أبتسم : شكلي برجِّعك الرياض ماأستفدنا من روحتك شي
ضي بشقاوة : ترى ماأقول لأ
عبدالرحمن ضحك ليُردف : مابقى شي أصلاً لين بعد العيد بكم أسبوع وترجعين
ضي وتوَّد أن تُأكِد إحساسها : أرجع وين ؟
عبدالرحمن يفهم مقصدها : المكان اللي كنتي فيه قبل
ضي بخيبة : متأكد ؟
عبدالرحمن بضحكةٍ هادئة أردف : ليه ماكنتِ مرتاحة بالشقة ؟
ضي : الشقة حلوة بس فاضية مافيها غيري أنا والجدران
عبدالرحمن بنبرةٍ غريبة : طيب
ضي : وش طيب ؟ فهمني ماأعرف بحكي الألغاز
عبدالرحمن : لا تتغابين أعرف أنك فاهمة
ضي : هههههههههههههههههههههههه كنت أبي أتأكد
عبدالرحمن أبتسم وهو يرفع عينه للباب الذِي يفتح : طيب وتأكدتي ؟
ضي : إيه تأكدت الحمدلله ... طيب ماأبغى أشغلك ، تآمر على شي ؟
عبدالرحمن : سلامتك ، بحفظ الرحمن ..
سلطان جلس : عز ماجاء اليوم ؟
عبدالرحمن : بس كان طالع قبلي !!
سلطان بتملل : عاد شف بأي زفت راح
عبدالرحمن : وش فيك معصب ؟
سلطان وكأنه انتظر أحد يسأله حتى يُفرغ غضبه عليه ، سكت يقاوم هذا الغضب إحترامًا لعبدالرحمن
عبدالرحمن : أطلب لك قهوة تروِّق ؟
سلطان بنفسٍ " شينة " : شكرا على الظرافة
عبدالرحمن أبتسم : يخي تعوَّذ من الشيطان ، الناس ترتاح برمضان وأنت تعصِّب
سلطان يمسح جبينه : كلمت أخوك ؟
عبدالرحمن : بو ريان ؟ قبل كم يوم تطمنت عليه
سلطان : شلونه ؟
عبدالرحمن : لآ حاله تمام ورجعوا الشرقية
سلطان بإستغراب : رجعوا ؟ ليه وين كانوا ؟
عبدالرحمن : راح مكة يعتمر هو والجوهرة وبعدها جدة كم يوم ورجعوا
سلطان و كأنَّ الغضب بدأ يرسم طريقه من جديد
عبدالرحمن : ليه ماكلمت الجوهرة ؟
سلطان مُلتزم الصمتْ ،
عبدالرحمن وكأنه يفهم أشياءً مُزعجة من صمته : صاير شي ؟
سلطان : لأ
عبدالرحمن : قولي ماني غريب
سلطان : قلت لك لأ . . . طيب كلمت تركي ؟
عبدالرحمن : لأ مختفي هالولد ، أتصلت عليه الأسبوع اللي فات وجواله مغلق والحين خارج منطقة التغطية !!
سلطان وقف : طيب أنا برُوح مكتبي
طرق الباب و دخل عبدالعزيز : السلام عليكم
: وعليكم السلام
سلطان : وين كنت ؟
عبدالعزيز رفع حاجبه : وش رايك تسألني بعد كم مرَّة رحت فيها الحمام ؟
عبدالرحمن بحدة : عــــــــــــــــــز ..
سلطان و سيُفرغ غضبه دُون أيّ مقاومة : نعععم !! تكلَّم زين ماني أصغر عيالك
عبدالرحمن وقف و هو يتعوَّذ من الشيطان : أستغفر الله بس .. هدُّوا كل واحد منفِّس على الثاني
سلطان : تغيِّر ملابسك وتلحقني
عبدالرحمن من النبرة واضح أنه سيُدرِّبه بقسوة : خلاص أنا بدربه اليوم
عبدالعزيز أنزعج من نبرة بوسعود الممتلئة بالشفقة وكأنه يحميه وخائف عليه من هذا السلطان !! : خيير ترموني بينكم !!
سلطان بحدة : علمنا حضرتك كيف تبينا نعاملك ؟
عبدالعزيز بعصبية :أنت جاي معصب وتبي تطلع حرتك على أيّ أحد
سلطان مدّ يدِه على ياقة ثوب عبدالعزيز و لكمهُ على فمِه لتسيلُ بعض قطرات الدم ، لم يتردد عبدالعزيز بأنّ يمِد يدِه على سلطان بنفس اللكمة وأتت على عينِه
كان باب المكتب مفتوح وأمام مرأى الجميع يحدثُ هذا الضرب بين " سلطان بن بدر " و " عبدالعزيز العيد " . . سلطان بن بدر بقامته " يتعارك مع أحدهم ، هذا خبرٌ مُثير سيتداول بين أوساط الموظفين لفترةٍ طويلة .
عبدالرحمن يسحب عبدالعزيز من الخلف وهو يصرخ بهم : اللهم اننا صايميين بس .. أستخفيتوا وش خليتوا للبزارين !!
عبدالعزيز وضع أصبعه يمسح الدم المُسال من فمِه بجهةٍ كان سلطان يأخذ منديلاً يسدُّ نزيف أنفِه ،
عبدالرحمن بنبرةٍ غاضبة : حشى بزارين ! هذا وأنتم أكثر ناس مفروض تعرفون تتحكمون باعصابكم !! يالله لا تشمت علينا أحد
عبدالعزيز بصراخ : إذا مالقيتوا عليّ شي رحتوا تتحرشون تبون تغلطوني وبس !!
سلطان بغضب أكبر : إيه طال عُمرك .. ندوِّر عليك الغلطة ونكبرها بعد .. وش تبي ؟
عبدالعزيز عض مكان جرحه ونزف أكثر : لأنكم كذااابين !! إيه نعم كذاابييين وتحاولون تخفون كذبكم بهالأساليب الرخيصة
عبدالرحمن بهدُوء : عبدالعزيز .. ماله داعي هالكلام
سلطان بحدةٍ وهو يحذف سلاحه على الطاولة : عساك ماصدَّقت ، على الأقل أساليبنا ماوصلت أننا نهدد ببنات !! إحنا مانهدد الا برياجيل وأنت فاهم قصدي زين
عبدالرحمن و يبدُو هو الآخر سيغضب ، موجِهًا حديثه لسلطان : سلطاااااااان الله يرحم لي والديك لاتعيد بهالكلام
عبدالعزيز وأنفاسه تضطرب وصدره يهبط و يرتفع : آهاا فهمت ، تبيني أهددك برياجيل .. أبد أبشر ماطلبت شي ، خطوتين وأنا عند الجوهي .. وش تبيني أقوله ؟ عن صفقة موسكو ؟
سلطان وبراكين تخرج من عينِه كان سيتقدم إليه لولا وقوف عبدالرحمن بالمنتصف
سلطان بصراخ : كل يوم والثاني يجلس يهددنا .. مصخرة و ********* .. جلس على الكرسي ببرود دُون أن يلقي بالاً بما قال
عبدالرحمن ألتفت على سلطان بصدمة بل دهشة قوية من اللفظ المُسيء لعبدالعزيز وجدًا
عبدالعزيز لم يكُن أقل دهشَة من كلمته المُنقصة من قدرِه وتربيته ،
عبدالرحمن أدرك أنَّ حربًا ستُقام الآن ، : عبدالعزيز
عبدالعزيز و عيناه تثُور بحُمرة البراكين ، غضب كبير يرتسم بملامِحه .. رُبما غضبه هذه المرةِ غير .. رُبما غضبه هذه المرَّة " لا يرحم "
سلطان ومُجرد ثواني قليلة حتى أتاه تأنيب الضمير اللاذع على كلمتِه بحق عبدالعزيز ، ليته مسك لسانه ،
سكُون مُربك يُدار بين أعينهم الآن ،
عبدالرحمن بلع ريقه : أمش معِي
عبدالعزيز بنبرةٍ هادئة عكس ما بداخله : اللي رباني و ماهو عاجبك هو نفسه اللي كان له الفضل بأنك وصلت لهالمكان
عبدالرحمن بصوتٍ خافت : مايقصد أبوك !!
عبدالعزيز بغضب أنفجر وصوته يصل للطابق بأكمله : أجل يقصد مين !!! لآتجلس تدافع عنه كأنه ما قال شي !! ... لعنبوها من حياة خلتني أجيكم .. الله يحرق قلوبكم واحد واحد مثل ماأحرقتوا قلبي .. وخرج والممر يضج بالموظفين وأنظارهم المُتفحصة ، خرج بوجهه أحدٌهم بملفاتِه ، بغضب رماها على الأرض ورمى فوقها بطاقته الإلكترونية التي يدخل بها للطابق هذا ،
ركب سيارتِه و سُرعته تتجاوز الـ 240 .. يشعُر بأنَّ روحه تخرج من مكانها ، لا يعرف إلى أين يذهب ، به من الغضب ما يجعله في حالة من التوتر الكبير ، بهِ من الغضب ما يجعله يُريد أن يسحق أحدهم بهذه السيارة و يرى دمائِه .. يُريد أن يذبح شخصًا وليت هذا الشخص يكون سلطان
مسح على وجهه وهو الذي لا يدِّل بمناطق الرياض كثيرًا ، يبدُو وكأنه يخرج منها . . قلبه متوجِّعٌ جدًا . . مُثقل بالهمُوم ، يُريد ان يعصر قلبه من كل هذا .. يُريد أن ينسى فقط ، ولكن ذاكرته تتشبَّثُ بكل التفاصيل صغيرها و كبيرُها ، لا أحد بجانبه ، لا احد يشكِي له . . " يالله يا " يُــبــه " لو تسمع ما يُقال عنك و أنت تحت التراب ، هؤلاء اللذين من المفترض أنهم أصدقائك !! هُم نفسهم من جرحُوا بِك ،
لو الإنتحارُ بشريعتنا حلال لما ترددَّت لحظة من الخلاصُ من هذه الدُنيــا السيئة ، لا شيء يستحق العيش و أنت يا أبِي لستُ هُنـا ، يا رب الجنة .
،
في ساعات الليل و بعد الفطُورِ بوقتٍ طويل ، دخلوا : السلام عليكم
: وعليكم السلام
والده : وش فيها إذنك ؟
منصور : متمصخر باللعب
يوسف : أقول أسكت لا أنشر غسيلك
منصور : ههههههههههههههههه . . وين البنات ؟
والده : فوق ، وبعدين ماتستحون ؟ منتم عزابية تجلسون تقضونها إستراحة !!
يُوسف : كلها كم يوم .. انا بروح أتروش وأحط راسي وأنام مقدرت أنام من رجل فيصل المعفن
والده : فيصل فهَّاد ؟ شخباره خبري فيه لما كان بالجامعة
يُوسف : أبد طايح حظه مُدرس رياضيات مدري عربي
والده : إيه وش فيه التدريس ؟ بالعكس ماشاء الله أذكر أنه متفوق بدراسته
يوسف : فيصل ماغيره !! متفوق ؟ لا يبه غلطان فاشل داج ماعنده ماعند جدتي
منصور : مدرس عربي
والده : إلا هو ، كرمه أمير الرياض أيام التخرج بالجامعة طالع من الأوائل
منصُور : أماا !! ماأصدق والله ماهو مبيِّن عليه
والده : طيب وش أخباره ؟ تزوَّج ؟
يوسف : عنده بزر لو تشوف ناقة خالي شبيب تقول سبحان الخالق
منصور : هههههههههههههههههههههه لا تبالغ !! إلا ماشاء الله عليه ولده مرتب ومتربي صح
والده : أعزمه على الفطور
يوسف : لآ لازم الشلة كلها
والده : شلتك الداجة لأ وألف لأ
منصور : لآ يبه ذولي شباب إستراحة الإرجوانة غير عن ذوليك . . يالله عن أذنكم . . وصعد
والده : تعال أنت أجلس أبيك بموضوع
يُوسف بهدُوء : عارف وش الموضوع ، بنتظر لين يخلص رمضان و ساعتها يصير خير
والده : لين وقتها لنا كلام ثاني
يُوسف تنهَّد وصعد للأعلى بـ " الهاند باق " المتوسطة الحجم .. فتح باب غُرفتِه ورماها جانبًا وألتقت عينه بجسدِها النحيل على الكُرسي و التعب واضح بملامِحها ، نائمة لهذا الوقت ؟ ماقصَّتها مع النوم ؟
أقترب منها وبنبرة هادئة : مهرة .. مهرررة
تنهَّد وبصوتٍ أعلى : مُهرة . .
فتحت عينها بإنزعاج و متوجعة من ظهرها ونومتها على الكرسي . .
يُوسف : شكلك ماأفطرتي بعد ؟
مُهرة برعب : كم الساعة ؟
يُوسف : 10 ونص
مُهرة و كم صلاة فوتتها منذُ الظهر !! كيف نامت كل هذه الفترة ،
يُوسف : من متى نايمة ؟
مُهرة تجاهلت سؤاله وهي تُفكِر بمئة موضوع بثانية واحِدة ،
يُوسف : قومي وبقولهم يحضرون لك الفطور
مُهرة وقفت وبمجردِ وقوفها شعرت بأن معدتها تتقلص أم تتمدد ، لا تعلم أيّ شعورٍ هذا يُداهمها الآن ، وضعت كفِّها على بطنِها وضغطت عليه بألم كبير ،
يُوسف لم ينتبه لها وهو يُعطيها ظهره و ينظر لشاشة هاتِفه ، أبتسم لمُحادثة علِي و شتائمه التي لا تنتهِي ، ألتفت مرةً أخرى رافعًا حاجبه : للحين واقفة ؟ أخلصي لأني بدخل أتروَّش
مُهرة جلست مرةً أخرى غير قادِرة على الوقوف ، ألم بركبتِها و ببطنها و دوَار ، أشياء تُزعجها بل تؤلمها حدّ أنها تعجزُ الكلام ،
يُوسف عاد لهاتفه ليُغلق جميع الدردشات ، رمى هاتفه وتنهَّد مُستغربًا أنها مازالت جالسة ، جلس على الطاولة مُقابلها : وش فيك ؟
مُهرة ودمُوعها تخرج من شدةِ الألم ،
يُوسف يضع كفِّه على جبينها وحرارتها مُرتفعة بشكلٍ مهوِّل وبعصبية : ما تبطلين مكابر !! ..
مُهرة لن تستطيع مُناقشته بشيء ، كتمت على نفسِها حتى لا تخرج تأوهاتها
يُوسف يُخرج من الدولاب عباتِها وطرحتها : أنادي لك أمي تساعدك ؟
مُهرة هزت رأسها بالرفض ،
يُوسف رحمها و حاول أن يليِّن صوته : ماهو قصدِي أعصب عليك بس ليه ماأتصلتي .. ماقلتي لأحد ... يعني من الصبح وأنتِ كذا ؟ لو ماجيت الله العالم وش ممكن يصير
مُهرة أخفضت رأسها وشعرها يدلُ طريقه حول عينيْها ليلتصق بدمُوعِها ،
يُوسف : طيب ألبسي عباتِك الحين ..
مُهرة بصوتٍ خافت : راح الألم
يُوسف ويكاد يُجَّن مِنها : حرارتك مرتفعة ، أمشي نروح نتطمَّن
مُهرة بهدُوء : خلاص قلت لك مافيه شي ، أنا أعرف أتصرف
يُوسف : مُهرة لا تعاندين خلينا نروح ونتطمن !! تنامين يوم وتصحين يوم ثاني و فوق هذا تتألمين كل شوي وأكلك هاملته .. بعرف أنتِ تعاقبيني ولا وش ؟
مُهرة رفعت عينها له لتُردف : لأ .. يعني أنا ماني مشتهية
يُوسف بغضب : طيب ماتبين تآكلين من أكل أهلي قولي لي !! أنا أجيب لك شغالة لك بروحك .. ماهي حالة هذي
مُهرة تخفض بصرها ، تشعرُ بالغربة هنا ، لا أحد بجانِبها .. إحساس الوحدة يقتُلها بل يتشبَّع بها موتًا ،
يوسف : طيب قومي معاي الحين تنزلين وتآكلين
مُهرة : بصلِّي أول
يُوسف : كم صلاة طافتك ؟
مُهرة : بس صليت الظهر
يُوسف بدهشة : نايمة كل هالمدة ؟
مُهرة وقفت وهي تحاول أن تُبعد أنظاره عنها : ماحسيت بنفسي
يُوسف عقد حاجبيْه : طيب يالله أنتظرك ، مرَّت ساعة بالتمام حتى فرِغ يُوسف من الإستحمام و هي أيضًا ،
مُهرة ترفع شعرها الطويل باكمله للخلف ، لتُردف : خلاص إذا عندك شغل روح
يُوسف : وش بيكون عندي يعني ؟ صلاة التراويح وقضت .. مافيه شي
مُهرة بنبرةٍ مقهورة لم تستطع ان تتزن بها : الإستراحة
يُوسف أخذ هاتفه ومد يدِه لها
مُهرة توقفت ، تُمسكه أم ماذا ؟ ثواني طويلة حتى تخلخلت أصابع مُهرة بأصابع يُوسف ، نزل معها للأسفل ولصالة الطعام الجانبية ، نظر للأكل بنفسٍ مفتوحة : والله أمي مهي قليلة .. جلس و هي جلست بمُقابله
من خلفه والدته : طبعًا ماني قليلة
يُوسف ضحك : أحسبك طلعتي مع البنات
والدته : شخبارك مُهرة ؟
مُهرة بإحراج كبير : بخير
أم منصور كانت تُريد أن تُبعِد الحرج عنها ولكن ليس بيدِها حيلة : بالعافية عليكم ، . . وخرجت
يُوسف أخذ صحنها ليضع لها بنفسه " اللي يحبه هو " أنتبه لنفسه أنه وضع الأشياء التي يُحبها هو فقط ،
أردف : تآكلين نوع معيَّن ؟ ولا عادي ؟
مُهرة : لآ عادي
يوسف وضع الصحن أمامها : أبيك تنظفينه ليْ
مُهرة أبتسمت بعفوية و كأنها شعرت بذنب أخيها فتلاشت إبتسامتها ، أخون أخِي و أرخص دمِه إن بادلتهم بالوِّد و هُم " قتلى "
يُوسف لاحظ ضيقها المُفاجىء : تبيني أطلع عشان تآكلين براحتك ؟
مُهرة رفعت عينها له ،
يُوسف : عادي عطيني إياها على بلاطة ماعندي حساسية من هالأشياء
مُهرة : ماني متضايقة
يُوسف : كويِّس لأني جوعان ..
تذكَّر فطورهم اليوم بالإستراحة ، " يا بخلك يا طارق " ، شعر بأنه تفطر طعامًا إن رآه قطٌ لترفَّع عنه و تجاهل هذا الطعام .
،
في المُستشفى ساعدتها على إرتداء ملابِسها ، أغلقت عبايتها : وين أبوي ؟
عبير : جايْ
رتيل جلست على طرف السرير مُنتظِرة ،
عبير لا تعرف كيف تفتح الموضوع معها : تحسين أنك أحسن الحين ؟
رتيل بقهر : أنتِ وش تتوقعين ؟
عبير ألتزمت الصمت فالدكتور أعطاهم تعليمات طويلة و عريضة أهمها أن لا نتجادل معها بشيء لأن أعصابها مشدودة ،
دخل والدهم بإبتسامة : يالله مشينا
رتيل أمالت فمها بإمتعاض وهي ترتدِي نقابها وتخرج خلف والِدها . . ،
هذه المرَّةِ دون سائق فـ والِدهُم تولَّى القيادة ، أخرج هاتفه وسط الصمت وهو يرِّدُ على مقرن : هلا
مقرن : هلابك ، كلمت ناصر يقول ماهو عنده
بوسعود تنهَّد : يعني وين راح ؟ .. طيب يمكن قايل لناصر لا تقولهم ..
مقرن : لا ماظنتي لأن ناصِر كان متفاجىء وقال أنه أكيد بيرجع مايدِّل بالرياض كثير فأكيد ماراح يبعِّد
بوسعود : المشكلة مايعرف أحد يعني وين بيروح ؟
مقرن : بس دام أغراضه موجودة ومامرّ البيت يعني إن شاء الله بيرجع .. أكيد
بوسعود : الله يستر لا يسوي بنفسه شي .. كلِّم أحمد يشوف إشارة جواله من وين ؟ يمكن نعرف مكانه
مقرن : طيب الحين أكلمه
بوسعود : مع السلامة وطمِّني . .
عبير بإهتمام : مين اللي بيسوي بنفسه شي ؟
بوسعود : عبدالعزيز
رتيل و قلبها أفاق من سُباتِ الصمت ، ألتزمت الهدُوء وعينها تنظرُ للطريق وكأنَّ الأمر لا يهمها ،
عبير صمتت لا تُريد أن تتعمق بالموضوع أكثر بوجود رتيل
بوسعود و يتكلم بعفويةٍ طبيعية : مشكلة هالولد .. لا عصَّب ماعاد يشوف قدامه
عبير ودَّت لو تترجى والدها بأن يكفِّ حديثه عن عبدالعزيز ولكن والِدها الذي لا يتكلم بأمور عمله و بمشاكله أمامنا تسلط اليوم ليتكلم وكأنهُ يستقصِدُ رتيل !
بوسعود تنهَّد : الله يستر بس ... راح يجننا وراه
" راح يجننا وراه ؟ " جُننت و أنتهيتْ ، أين ذهب ؟ . . حتى في إتساعِ ضيقي مِنك أنا أهتم بك يا عزيز !!
،
يقرأ الرسالة المُستلمة بعينيْه " تُركي بالكويت ، يقولون مرّ من جمارك الخفجي "
تنهَّد و هو يعرفُ بأنَّ الجحيم سيحِّل على تُركي قريبًا وجدًا ، أرسل أمام أنظار العمَّة المُدققة بتعابير وجهه " جيبه لي هالأسبوع "
حصَّة : خير اشوفك اليوم ماتترك الجوال من إيدك
سلطان : يالله يا حصة صايرة كنك مرتي
حصة : ليه الجوهرة تدقق على كل شي ؟
سلطان و ضاقت ملامحه بسيرتها : لأ بس أطرح مثال
حصة : طيب ، أنا أبي غرفة سعاد
سلطان رفع حاجبه : نعععم !!
حصة بتوتر : إيه يعني العنود تسهر و أنا أنام بدري فأبي آخذ راحتي
سلطان : طيب ، فيه غرفة ثانية وأبشري أخلي عايشة تجهِّزها لك ، البيت كله تحت أمرك
حصة : بس أنا أبي غرفتها
سلطان بغضب : لآتجننيني !! أنا داري أنه السالفة عناد
حصَّة بحدَّة : شف سلطان ماني راضية على حياتك هذي ! مسألة أنه محد وراك وعشان كذا تسوي اللي تبيه ماهي عندي ! انا حسبة أبوك وأمك واللي تبي بعد
سلطان بإبتسامة سخرية : ترى فارق العُمر ماهو مرَّة
حصة وتتمسكن بملامحها : سلطان يعني ترضى تزعلني كذا ؟ أنا أبي أفرح فيك وأنت تسكرها بوجهي ، يعني ليه سعاد موجودة بحياتك للحين ؟ والجوهرة مرمية في بيت اهلها ولا كلفت روحك تسأل عنها
سلطان تنهَّد : يارب رحمتك .. تعرفيني ماأحب أحد يتدخل بحياتي حتى لو أبوي عايش ماكنت راح أرضى يتدخل
حصة : بس عاد أنا بتدخَّل وأسمح لي
سلطان : وش أسمح لك ماأسمح لك !! لا تعورين راسي فيني اللي مكفيني
حصة : إيه طبيعي بيعوِّرك راسك لو أنك تعرف تتعامل مع الحريم زي الناس كان الحين أنت ملاك طاير بالسماء
سلطان بقلة صبر : الله يخليك لا تعيدين لي الموَّال
حصة : إلا بعيده أنا شيبي ماطلع ببلاش
سلطان : طيب تبيني أريِّحك من الآخر ؟
حصة : إيه
سلطان ببرود : بطلقها
حصة شهقت برعب : لعنبو إبليسك ماكمَّلت سنة ،
كمَّلت بغضب : طيب على الأقل عطها فرصة البنت تثبت لك صفاتها وشخصيتها على طول بتطلق !! هذا وأنت عاقل وتعرف تدبِّر أمورك .. إذا من أول مشكلة بتطلق !! مايمدي أصلا تمشكلتوا !!
سلطان : الموضوع عندي أنتهى
حصة : لآ والله منت مطلقها
سلطان بحدة : تحلفين عليّ ؟
،
في مدينةٍ تجهلها وبشكلٍ أدق خائفة بطريق العودة لشقتِها ، كان خلفها مجموعة من المُنتسبين للدورة ، حمدت ربَّها حتى لا " يخرب البرستيج " في طريق عودتها التي مُدرِكة بأنها ستركض من شدة الخوف.
بدأوا يتفرقون بين الطرق ، ودَّت لو أن تترجى أحدهم أن يأتِي معها ، ألتفتت و الظلامُ يخيِّم على " كـان "
كانت هُناك فتاةٌ مغربيـة ، كانت ستُكلمها ولكن أتجهت للمقهى المنزوي بالزاوية ،
: تدورين أحد ؟
شهقت : هاا .. لآلأ ..
نواف بيدِه بعض الأوراق : طيب أنتبهي لطريقك .. وأكمل طريقه بجهةٍ مُعاكسةً لها
أفنان تُحدِّث نفسها " حلال ؟ إيه صح حلال يعني وش فيها لو أقوله بس يوصلني .. لآ عيب .. طيب يعني كيف أكمِّل طريقي كذا .. حسبي الله عليهم راميني بمكان مدري من وين جابوه .. أكلمه ولا لأ .. ياربي .. فشلة .. وش بيقول عني ؟ تحاول تتميلح .. إيه والله واضحة كأني أتميلح قدامه .. ياربي أكلم المشرفة .. والله تهزأني .. " تنهَّدت وهي تتجه خلفه وبصوتٍ خافت : إستاذ نواف
لم يسمعها وهو يُكمل طريقه ،
أفنان بصوتٍ واضح : إستاذ نواف
ألتفت عليها ، ورفع حاجبيّ التي تشعُر بأنهُما في حالة رقصٍ مُستمرة ، يلعبُ بحركة حواجبه كثيرًا هذا أكثر ما لاحظته به
أفنان بدأت " تُعضعض " شفتِها السُفلية من الحرج : آآ .. يعني كنت بقولك .. ممكن يعني بس تروح معاي للطريق الثاني بس يعني لين الحي وبعدها خلاص لأن .. يعني ماأبغى أزعجك بس مالقيت أحد و .. يعني بليل وكذا .. يعنني ..
نواف : قللي من " يعني " بكلامك
أفنان فتحت فمِها بـ " فهاوة "
نواف : طيب كملي معاي طريقي فيه الشارع الثاني يوديك على نفس الحيّ
أفنان حسَّت بإحراج كبير : لآلآ خلاص روح أنا أرجع
نواف : أنتِ شاربة شي ؟ على فكرة المشروبات اللي بالمكاتب فيها كحول
أفنان : هاا !! لا .. ماشربتها والله ماشربتها
نواف ضحك ليُردف : منتي صاحية .. أمشي طيب
أفنان : أنت فهمتني غلط أنا .. بس لأني خفت عشاني لابسة حجاب ومافيه عرب كثير
نواف : لاحول ولا قوة الا بالله ، يا ماما أمشي
أفنان " وش يا ماما ؟ .. شايفني بزر قدامه " : أنا آسفة أزعجتك .. خلاص والله خلاص
نواف أنفجر بضحكته : طيب لأن شكل تفكيرك وقف اليوم .. ومشُوا بالطريق الآخر الذي تُريده أفنان
أفنان تمشي من خلفه وهي تنظرُ لـ " ظهره " . . " يا هي سواليف كثيرة بتنقالك يا ضي "
،
توقف عقلُها عن النبض ، صورةٌ أمامها واضحة جدًا .. يلفظُ كلماتٍ كثيرة بعينٍ مكسُورة بالدمع ، يحلف ويُردد " والله شفتها "
هذا الرجُل أعرفه . . والله أعرفه وليس بغريبٍ عليّ ، لِمَ يبكي ؟ لِمَ يحلفْ و يُردد وكأنه غير مُصدِق ؟
أولُ مرةٍ أرى بها تقاسيمُ هذه الملامح ، منذُ فترة أرى أجسادًا بوجُوهٍ مطموسة ، هذه المرَّة ملامحه واضحة ، عيناه ، أنفه ، شفتيْه . . كُل تفاصيله الصغيرة تُرى جيدًا ، . .
ألتفتت لمن يجلسُ بجوارها : مين ناصر ؟
.
.
.
.
أنتهى
+ أنا أمرّ بشوية ظروف تآخذ من وقتِي الكثير و ماأبي أقفل الرواية و تطفشون وأطفش معكم
لذلك تحملوا هالفترة أنه البارتات بتكون قصيرة بس لين ربي يفرجها ()
أنت تقرأ
لمحت في شفتيها طيف مقبرتي .. تروي الحكايات ان الثغر معصية
Romanceلمحت في شفتيها طيف مقبرتي .. تروي الحكايات ان الثغر معصية ( للكاتبه : طيش )