Part 61

69.5K 494 103
                                    

-

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن شاء الله تكونون بخير وصحة وسعادة ()



المدخل لـ حبيب الألب :$ ، نزار قباني.

وعدتك أن لا أعود ..وعدت ...

وعدتك أن لا أموت إشتياقا ...ومت ..

وعدت مرارا ..وقررت أن أستقيل ... مرارا ..

ولا أذكر أني إستقلت ..

وعدت بأشياء أكبر مني ...فماذا غدا ستقول الجرائد عني ..

أكيد .. ستكتب أني جننت ..أكيد ... ستكتب أني إنتحرت ...

وعدتك أن لا أكون ضعيفا ..وكنت ...

وعدتك أن لا أقول بعينيك شعرا ..وقلت ..

وعدت ...بأن لا ... وأن لا ..وأن لا ...

وحين إكتشفت غبائي ...ضحكت ...

وعدتك أن لا أبالي ...بشعرك حين يمر أمامي ...

وحين تدفق كالليل فوق الرصيف ...صرخت ..

وعدتك أن أتجاهل عينيك ...مهما دعاني الحنين ..

وحين رأيتهما تمطران نجوما ...شهقت ..

وعدتك أن لا أوجه ..أية رسالة حب إليك ..

ولكنني رغم أنفي ... كتبت ...

وعدتك أن لا أكون بأي مكان ...تكونين فيه ..

وحين عرفت بأنك مدعوة للعشاء ..ذهبت ..

وعدتك أن لا أحبك ...كيف ؟... وأين ؟ ...

وفي أي يوم وعدت ؟؟؟...

لقد كنت أكذب ..من شدة الصدق ...

والحمدلله أني كذبت ...



روَاية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طِيشْ !
الجُزء ( 61 )

شعرَ بألم الرصاصة التي أخترقته، صوتُها اللاذع الذي أعتاد أن يسمعه في التدريبات كان مختلف جدًا وهو يشعَر بضربات قلبه التي تندفع بقوَّة، أندفعت حتى سقط على ركبتيْه وهو يشعرُ بالهزيمة الحقيقية، شعرَ بالغصَّة التي تُضبب عليْه رؤيته سوى من الأقدام السوداء التي توافدت عليه، لو كان الألم يخصني لوحدِي لمَا أهتممت بما يحصل الآن؟ لو الألم في قلبي فقط وليس في قلب الرياض لكَان الأمرُ عاديًا! لم يفرق كثيرًا عن الحزن الذي عاش معي طوال السنوات الفائتة، ولكن! كعادةِ حُزني يجيء قاسيًا أكثرُ مما أتوقع . . تقطَّعت أفكاره عندما أصطدمت جبهتهُ على الأرض ليُغلق عينيْه بسلامْ.
خرجَت من الحمام وهي تلفُ المنشفة حول جسدها الغضّ، بعد أن أطالت في إستحمامها وصوتُ الماء الذي غرقت بالتفكير به جعل سمعها يغيب عن كل شيء حولها، أتجهت نحو سريرها لتُمسك هاتفها، تنظرُ للمكالمة الفائتة منه، رفعت حاجبها بإستغراب، غريب أن يتصل عليها في هذا الوقت وهو وقت عودتها من العمل! لم تستغرق بتفكيرها الكثير وهي تسمعُ صخب الأقدام في الأسفل، أقتربت من النافذة لتعُود بعد أن تذكرت بأنها تطلُّ على الشارع، بخطوات سريعة أتجهت لإغلاق أنوار الغرفَة لتقترب من النافذة مرةً أخرى وتسقطْ عينيْها عليه وهو ملقى على الأرض وحوله بعضُ الرجال التي لا تعرفهم وصوتُ الإسعاف الذي أخترق قلبها قبل أن يخترق سمعُها الرقيق، قبضت يدها على الجدار وهي تجاهد على الإتزان، على الوقوف وعدم الذوبان في حزنها، ثبِّتني يالله فلا حول لي ولا قوَّة، ثبتنِي يالله وإنا إليك راجعُون، لا يُفيد أن أواسِي قلبي في مصائِبه، لا يُفيد أبدًا والدمعة تنصهرُ في عيني وتسقط، والآن بلا أيّ حواجز، بدوافعِ حُبك التي أعلمها والتي لا أعلمها، بالأسباب الخادعة التي تحججتُ بها لأُصادق عليها، بالأسباب الصادقة التي كذبتُ بها، بـ " أحبك " التي لم أنطقها يومًا لعينيْك، أعترفُ بأهميتك في حياتِي وفي حياة حصَّة، في هذه اللحظة لا رجلٍ بجانبنَا، لا رجلٌ نركضُ إليه حتى يُطمئنَّا عليك، لا رجل يا سلطان، رُكن هذا البيت وأساسه كيف تغيب؟ كيف تُلقى على الأرض هكذا؟ وأنا عرفتُك شامخًا شاهقًا ثابتًا قويًا لايهزّك شيء، حتى الكلمات مُنك تأتِ شامِخة تهزُّ أرضِي وتُزلزلني، بقدر الحزن الذي سببته في قلبِي أنت قدرِي ولا مجال للمفرِّ منك، أنت نصيبي مهما حاولت إنكاره، وأنت قسمتِي وإن منعت منِّي يومًا قسمتي منك، أنت كل الأشياء في حياتي، وليس من السهل عليّ أن أتقبل تلاشي هذه الأشياء برمشةِ عين!، يا حُزني الذي لا يُريد الإنسلاخ مني أبدًا! يا حُزني الذي يواصل التغلغل بيْ، ما كفاكْ إعوجاجُ الضلع بيْ ؟
تراجعت وعقلها مشوَّش، أتجهت نحو الدولاب لترتدِي ملابسها وعقلها غائب عنده، نزلت للأسفل وهي تُنزِل طرفِ كُمَّها وتشعرُ بأن حرق باطن يدها كان بالأمس من الحموضة التي تسرِي به في لحظةِ خوفها عليْه، أنتبهت للصالة التي تُضيء بأنوارها، رأت حصَة تغرق في إتصالاتها، وقفت أمامها وصدرها يرتفعُ بعلوِ الحُب في قلبها
حصَة رفعت عينها التي تجهلُ ما يحدثُ تحديدًا : سلطان مايرِّد! مدري وش صاير برَا .. سمعتي الإسعاف ؟
الجوهرة شدَّت على شفتِها حتى لا تفلتُ الشهقات منها، تدافعت دموعها على خدها لتقف حصَة بخوف : وش صاير؟ ... تكلمي
الجُوهرة بإختناق : هو سلطان اللي برا ...
تجمدَّت ملامحها من أن مكروهًا أصابه، لا تعلم ماذا سيحصلُ بحياتها لو غاب عنها، لا تتحمَلُ الحداد الذي سيغيِّم عليْها لسنواتٍ طويلة، لن أتحمل أن يغيب دقيقة، فكيفْ بأن يسقطُ بمكروهٍ، بلعت غصتها : شفتيه ؟
الجُوهرة هزت رأسها بالإيجاب وهي تُجاهد أن لاتنهار ببكائها وتُصبِّر نفسها بتعويذاتها الداخلية " يارب سلِّم .. سلِّم ".
حصَة تُمسك هاتفها وهي الأكثرُ إتزانًا وصبرًا، تتصل على من يحرس القصر ولم يستطع أن يحرس قلب إبنها وإبن عينيْها، مهما تسلَّح جسدُك بالحمايَة المعدنيَة لن تستطيع أن تمنع قدرُ الله، مهما فعلت وفعلت لن تجِد قوة تقفُ بوجهِ القدر، لن تجد أبدًا لأن الله وحدهُ المتصرف القادِر القدير لا يُشاركهه أحدًا.

،

" تعال بسرعة يا عز، فيه أشياء جالسة تفلت منَّا "، وقف مُتجمدًا في مكانه وهو يعلم تمامًا أن الأمر يخص رائِد، رُبما عرف بلقاءه مع فارس، أو رُبما لم يعرف بعد! ولكن أدرك الخطر بمُقابلتي له، بالطبع يُراقب إبنه! يا الله كيف فلتت منِّي هذه؟ ماذا لو عرف أني صالح ذاته؟ إلهِي لَكَمْ ستتوافد علينا الكوارث، لن يغضُّ عنِّي بسهولة سيجيء إنتقامه مدويَّا ولكن من تسبب في موت " الحياة " بعيني لن يفلتْ أيضًا بهذه السهولة، تمامًا مثل ما ستفعل رائِد سأفعل قبلك لتعرف أنَّ تفكيرك في تلك اللحظات بإضرار عائلتي كان مُكلفًا جدًا.
ألتفتت عليه : وش فيك وقفت ؟
عبدالعزيز يسير بجانبها : خلينا نستعجل .. مسك معصمها ليسرَان بخطوات سريعة للشارع الآخر.
بشك ترفع حاجبها : وش صاير لك أوجعت أيدي ..
عبدالعزيز : مو صاير شي بس أبغى أوصل بسرعة
رتيل عقدت حاجبيْها : أبوي فيه شي ؟
عبدالعزيز : لآ .... عبرَا التقاطع المخضَّب بأقدامِ المارَّة بعد أن أضاءت علامةُ المشي باللون الأخضر الذِي يُشع على جنبات الطريق الممتلىء بالدكاكين الصغيرة، وصلا للفندق الذي كان قريبًا ولم يستغرق منهما سوَى بُضع دقائق، على عجَل دخل وهو يُخبرها : أصعدي فوق .... تقدَّم ناحيتهُ وهو جالسٌ على الكُرسي الجلد ينتظره : وش صاير ؟
عبدالرحمن بجديَّةِ القهر في صوته : تلخبط الوضع بين رائد وبين شخص ثاني ..
عبدالعزيز بعدم فهم : إيه .. يعني ؟
عبدالرحمن : عبدالعزيز ركِّز معي .. أبغاك تفكر بعقل ماهو بعاطفة .. أتفقنا ؟
عبدالعزيز بلع ريقه من هذه المقدمة التي تُوحي لشيءٍ عظيم، تعلقت عيناه بشفتيْ عبدالرحمن بترقب.
عبدالرحمن : رائِد الجوهي هدد والدك الله يرحمه وبالحادث .. صح
عبدالعزيز : إيه
عبدالرحمن : كان مجرد تهديد
جمدت عينيْه في عينِ عبدالرحمن، بنبرةِ الخيبَة : يعني؟
عبدالرحمن : ماهو هو ورى الحادث .. لكن يتعامل مع طرف ثالث زي ما فهمنا قبل .. المشكلة أنه الطرف الثالث اللي محنا قادرين نعرفه .. يعرفنا ويعرف خططنا .. وهو اللي قاعد يعطِّل الأشغال اللي بينك وبين رائد وآخر شي سبّب الحادث اللي مع رتيل ونفس الحادث سوَّاه في أهلك .... لكن أنا وسلطان تأكدنا من بعض الأشياء ونتوقع بنسبة 80 بالمية أنه في ليلة الحادث أرسل رائد رجاله ليضرُّون أبوك وفي نفس الوقت تدخل الطرف الثالث .. وهنا حصلت الخيانة من رجال رائد وعشان كذا هو مازال يجهل حياة ...
سكَت بعد أن شعر بأنه يسترسل ويكشفُ أشياء لا يجبْ كشفها.
عبدالعزيز : يجهل حياة مين ؟
عبدالرحمن بإتزان : يجهل حياتك .. الحين كل هذا ممكن نتفاهم فيه بعدين ..... بنضطر نغيِّر خطتنا لأن رجال رائد يعرفونك وإلى الآن ساكتين تهديد غير مباشر لنا وإحنا ماراح نرضخ لتهديداتهم فعشان كذا من الحين راح نتصرف ..... لأن كل أشغالنا اللي من الرياض أنبنت على معلومات غلط وسلطان قاعد يحاول يتصرف لكن بما أننا هنا راح نحاول نتصرف بطريقة ثانية قبل لا يطيح الفاس بالرآس وتكون ردة فعل رائد عنيفة
وذكرى الحادث لها صوتٌ مُؤذي يتحشرج في القلبْ ويشطرهُ مرارًا حتى يعلقُ بثقُوبه التي خلَّفتها كل هذه الأيام، الآن هو يواجه الكارثة لأنه الجندِي المكشوف في هذه اللعبة، هو وحده من سيكُون محل الخطر لأنه يتحمَّل خطأهم الفادح بالمعلومات، كان أبي قريب مني في الرياض، كان يأتِيني بالحلم فقط ليقُول " لا تغلط يا عبدالعزيز "، ليتك معي فقط لأخبرك عن الأخطاء التي أبتليتُ بها منذُ رحيلك، ليتك كُنت معي لتعرف ماذا يفعلُ إبنك في غيابك؟ لم يُترك ليْ عقل أفكر به بإتزان، أنا أخطأت، أخطأت ولكن مُشتاق أن أسمع صوتك، " تعال ليْ " مرَّة في الحلم وعاتبني مثل الأيام الأولى، " تعال " وأخبرنِي عن فداحة ما أفعله، " تعال " وسأخبرك أنني غرقتُ في وعثاء الحياة ولم يعدّ في قلبي شيءٍ سوى أن أسمع صوتك مرةً أخرى، لِمَ هجرتوني هذه الفترة؟ لِمَ أبتعدتهم عنِّي ! لِمَ لمْ أعد أسمعكم، أتحسسُ أصواتكم، " من فينَا يموت ؟ " أظن أنني بدأت بالسيْر البطيء نحو الموت ولا أحد يربتُ على كتفي أو يشدُّ على ذراعِي.
يقطعُ سلسلة الحنين الذِي تترسب في عقله : عبدالعزيز أنا عارف كيف تفكر! لكن إن شاء الله أننا راح نسيطر على الموضوع .. صارت لنا أصعب من المصايب ولله الحمد والمنة قدرنا نعدِّيها وإن شاء الله راح نعدِّي هالشي .. راح نفكر بطريقة تنهي اللي بينك وبين رائد وتختفي عنه .... إلا إذا صار شي يخص الطرف الثالث .. بنضطر نكمِّل لكن بنحاول نكشف مين جالس يتلاعب فينا بأقرب فرصة وبنفهم وش قاعد يصير عشان نتصرف من هالمنطق .. فاهم عليّ ؟
عبدالعزيز تنهَّد بعُمق الخيبة التي يشعرُ بها : طيب ....

،

بغضبٍ صرخ به ليرتعشُ غشاء إذنه : مين عبدالعزيـــز ؟
فارس ببرود : تعرفت عليه أول ما جيت هنا
رائِد يقف بمُقابله وهو يُشير له بالسبابة : لا تحاول تلعب معي يا فارس لأن والله ما راح أرحمك
فارس بهدُوء الثقة : قلت لك تعرفت عليه .. صدقتني أهلاً وسهلاً ما صدقتني ..
لم يُكمل من اللكمة التي أتت بجانبِ شفتِه، تراجع عدَّةِ خطوات للخلف من أثرِ اللكمة وهو يمسح الدماء التي تآلف معها بتكرار ضرباتِ والده له، بغضب أنفجر عليه : كثرة الشك تقتلني .. جاوبتك جواب رجَال إذا أنت ما تصدق فهذا شي راجع لك .. وش تبيني أسوي لك عشان تصدق !! وإسمه ماهو عبدالعزيز .. رجالِك نقلوا لك المعلومة غلط ... إسمه أحمد
يستغل المواقف المرتبكة الضيِّقة التي تجيء به نبرتِه بكذبٍ صادق يستطيع به أن يخدع والده، أردف : تآمر على شي ثاني؟ ولا باقي كفّ للحين في خاطرك !
رائد وهو الذِي بدأت أعصابه تضطرب بتأخير صالح وبمماطلته التي تُشعره بالشك والربكة من أن يحدث أمرًا يُجهض كل صفقاته التجاريَة المُحرَّمة قانونيًا : ليه تحب تضايق أبوك؟
فارس تنهَّد ليلفظ بضُعفِ قلبه أمام والده الذي يشعرُ بأنه الوطن وكل شيء في هذه الحياة : ما اضايقك! لكن أنت تقهرني .. بكل خطوة تراقبني .. تظن بأني ممكن أضرِّك في يوم ؟ طبعًا لا والله لا يبقِّي فيني نفَس لو حصَل وجاء هاليوم
رائِد جلس على كُرسيْه الجلد : أنت ما تعرف عن هالدنيا! أنت حتى ظلالك ممكن تخونك ....
فارس بهدُوء : أعرف يايبه بس ظلالك ماراح تخونك لو كان شغلك صح! ... بطِّل شغل في هالأشياء الوصخة وإحنا راح نعيش صح
رائد ببرود يضع بعض الأوراق أمامه : هذي أشياء أكبر منك ... ماراح تفهمها

،

تُفلت شعرها ليُكمل إلتواءاتِه على كتفها، أخذت نفسًا عميقًا وهي تسمعُ الكلمات التي لا تفهمها تمامًا سوى بأن الغضبْ يجرِي في أوردةِ والدها والمصائِب تُحاصِر جسدِ عبدالعزيز.
عبير بضيق من هذه المشاكل التي تسلبْ الراحة من عينيّ والدها : إن شاء الله خير
ضيْ تحضنُ المخدَّة على بطنها بقوّة تُسكِن بها الحزن الذِي سقط من صدرها ليترسبْ كألم ومغص يُؤلمها، أردفت : هالمصايب ماراح تبعد عنَّا أبد، دايم تطيح في راسهم هو وسلطان ...
رتيل تسحب كُرسي التسريحة لتجلس عليه : طيب الحين وش مشكلتهم ؟
ضي : وتتوقعين أبوك بيقولي ؟
رتيل أبتسمت بضيق : حتى شغله وأنا بنته ماأعرف وش سالفته
ضي: بس أنه فيه ناس داخلين على الخط في موضوع عبدالعزيز.. مدري مافهمت كثير بس فيه أشياء تلخبطت عندهم وشكلها قوية مررة .. وبعد الحادث اللي صارلك مع عبدالعزيز أنه اللي سببوه بعد هُم نفسهم ...
تنهدت لتُكمل : ماأعرف بهالشغلات ولا أفهم فيها ..
عبير : تعبت والله ... عقلي تشوَّش ودِّي أختفي لين يهدا كل شي
رتيل بشك رفعت حاجبها : ليه صاير شي غير هذا ؟
ضي : أبوك اليوم كلم عبير عشان شخص تقدم لها
رتِيل تُظهر هدوئها وهي تعرف تمامًا من عبدالعزيز كل شيء : جد!! ومين ؟
عبير تُشتت نظراتها للنافذة، هذا الموضوع يستزفُ عاطفتها المولَّعة بشخصٍ تجهله، كم من الحُب ينبغي أن نستهلك حتى نتحلى بطاقة كافيَة لمواجهة نهايَتنا، أنا المولودة في شهرِ ديسمبر أعتدتُ النهايات، أن تتلاشى الأحلام في نهايَةِ العالم وتسقط كورقةِ تقويم، كُنت أخشى البدايات دائِمًا وأنا كائنَة لا تقبلُ بتسلل الخطوةِ الأولى لها، كُنت أخشاك بدايةً لكن سُرعان ما تغلغلت بيْ والآن أعدُّ النهاية لزوالك، لرفعِ حصارك عن قلبي، أوافق؟ رُبما تأتِ موافقتي ليست لأنه " مشعل " ولكن لأني أريد أن أنساك، ورُبما يأتِ رفضي ليس لأني " لا أريد مشعل " ولكن بدأت أستلذُ بتعذيبك ليْ، نحنُ النساء بإمكاننا السقوط من أجل الحُب، بإمكاننا أن نُنهي الحياة من أجل هذه الحُب ولكن بإمكاننا أيضًا أن نكبح هذا الحُب ونرفضه رُغم أننا نريده من أجل الشعارات الزائفة " عزةُ النفس والكرامة " وهذا يدخلُ في تعذيب الذات الذي بتُّ اتآلفُ معه والأهم من كل ذلك " من أجل الله "، سيجيء يومًا أقولها في وجهك وأنا بجانبِ غيرك، سيجيء هذا اليوم الذي أقول فيه " تركتُك لله ".
ضي : إسمه مشعل دكتور جامعي معه دكتوراه علوم سياسية
رتيل : وأبوي موافق ؟
ضي : تقدَّم لها من فترة لكن كان متردد والحين وافق بعد ما سأل عنه .. بقى الراي لعبير
رتيل بلعت ريقها لتُردف بإتزان : وأكيد عبير ماراح ترفضه .. صح عبير ؟
ألتفتت عليها : وليه ماأرفضه ؟
رتيل صمتت لثواني طويلة حتى قطعته : يعني مؤهلاته كويسة وأبوي بنفسه وافق عليه .. يعني أكيد مناسب لك .. تعرفين أبوي مو على أيّ أحد يوافق!!
عبير ببرود : طيب ممكن أرفض .. يعني ما فكرت بالموضوع وأبوي فاجئني .. يبي لي وقت عشان أقرر
رتيل : وش رايك ضي ؟
ضي المشتتة وقلبها بجانب عبدالرحمن في هذه اللحظات : قلت لها .. الرجَّال جدًا مناسب لها وما ينرَّد
عبير بنبرةِ الشك التي تفهم بها شقيقتها جيدًا : تعرفينه رتيل ؟ سمعتي فيه
رتيل : لا ما أعرف مين يكون أصلا ولا قد سمعت بعايلته حتى
عبير : إحنا ما قلنا إسم عايلته
رتيل أرتفع صدرها بالربكة ليهبط بشدَّة : أقصد ما سمعت بإسمه .. يعني ما قد مر عليّ أحد إسمه مشعل في حياتي كلها
عبير : فيه شي ما أعرفه ؟
رتيل : وش فيك عبير! قلت لك بس رايي .... والقرار راجع لك
عبير : أحس فيه شي تعرفينه وماتبين تقولين لي
رتيل : ولا شي صدقيني ... أنا بس توترت من سالفة أبوي وعبدالعزيز ودخلتوا عليّ بسالفة هالمشعل فقلت رايي دامه دكتور ماشاء الله فأكيد إنسان متزن وواعي ومثقف .. ويناسبك
عبير بضيق : بس مو غريبة أبوي يوافق؟ ماهو من جماعتنا .. يعني صعب يوافق على ناس غريبيين عنَّا
ضي : دام أخلاقه زينة ووظيفته ممتازة ومستواه الإجتماعي جدًا ممتاز .. ليه يرفض ؟
عبير : مدرِي!! بدون لا أصلي إستخارة أنا ماني مرتاحة لموضوع شخص غريب ما قد سمعنا فيه ولا نعرفه
ضي : يعني لو تعرفينه بتضمنين حياتك بتكون سعيدة معاه ..... صدقيني عبير ماتدرين وين الخيرة
شعرت بثقب قلبها، لتقف : عن إذنكم ..... أتجهت نحو الحمام لتغلق عليها الباب وتنسابْ دموعها بهدُوء، تكره أن تضعف بهذه الصورة القاسية ، لا اعرف كيف ابدأ حياة مع شخص لا اعرفه، لا أعرف كم يلزمني من الحجج حتى أُعيب هذا الشخص الذِي يدعى " مشعل "، لا اعرف عنه شيء سوى إسمه ومؤهلاته العلمية وفقط! وأنا التي بدأت أؤمن بالقلوب وإنتماءاتِها، وماذا عنه؟ هل سأنساه؟ هل سأنسى صوته الذي أقتبستُ منه رجولته العنيفة لقلبي، هل سأنسى نبرةُ الكلمات التي تسيرُ ببطء والأخرى التي تهرول بعجل، هل سأنسى صباحاتٍ تبدأُ برسائله الصيفيَة الرقيقة، هل سأنسى الليالِ التي تغزَّل بيْ بها، كُنت أدرك أن عقاب الله ليْ مدويَّا، هذا الـ " مشعل " لا أشعرُ بحسنِ أخلاقه، لستُ أسيء الظن ولكن أؤمن بأنّ الله يُمهل ولا يهمل، وبأن الله غفور رحيم .. وأنا ما بينهما ضائعة، ضائعة تمامًا لا أدرِي هل سيكُون مشعل عقابٌ ليْ على معصيتي لله أم سيكُون تعويضٌ من الله، ليتني لم اعرفك، لم أسمعُ صوتك وأتولعُ به، مرّ صوتِك كالخطيئة التي نندمُ عليها ولكن لا نقتلعُ منها، مرّ صوتُك كالدُخان الذي نشتمه ليلاً نهار ونعرفُ أضراره ولكن نُمارسه، أتى حُبك عاصفًا فأستحلَّني.


،

تقطعُ الساعات قلبها الذِي يواصل الدُعاء والحديثُ خفيَّةً لله، على سجادتِها تنظرُ للساعة التي تُشير للسابعة صباحًا ولا إتصال يُطمئنها، سجدتْ لتُغرق دمعاتها الشفافة الأرض " يالله إنَّا عبادُك لا نسألُ أحدٌ غيرك، ندرك بأن هذه الدُنيا بما فيها من كائناتٍ وبشر لن تستطيع أن تقدم لنا المعونة، لن تقدر أن تقف بوجهِ ما قدرته لعبادِك، فـ يارب نحنُ نسألك أنت وحدك، إنا نسألك بكل إسم سميتهُ به نفسك، أنزلته بكتابِك أو أوحيته لأحدٍ من خلقك أو آثرته في علم الغيب عندِك أن لا تُرينا به مكروهًا، يالله أنت ما أمرتنا بالدعاء إلا لتستجيب لنا فيارب ردَّ عنه كل مكروه وأذى ولا تُفجعنا به "
وقفت وهي تمسحُ بكائها، نزعت جلالها لتنظرُ لهاتفها الذي يُمارس قساوته على قلبها، لا يهتز ولا يُضيء لرسالةٍ تُريح صدرها الهائجُ له، لن تنتظر أكثر، لن تستطيع الإنتظار أكثر، أتصلت على من تملكُ رقمه ولا تتصل به أبدًا، هذا الرقم الذي كتبه لها سلطان على يدِها بلحظةٍ أقشعر بها جسدها بأكمله من حركته.
منذُ فترةٍ طويلة، منذُ ان عينَّ رجالٌ حول هذا البيت يحاصرونه من كل مكان، على عجلٍ يرتدِي ملابسه حتى سحب قُبعته العسكرية وألتفت عليها : عندِك أرقامهم كلهم صح ؟
الجوهرة التي كانت مغتاضةً منه ومن أذى لسانه على قلبها: لا
سلطان : طيب بسرعة سجليه ..
الجوهرة : جوالي طافي بس لحظة أشحنه ...
سلطان بخطواتٍ سريعة توجه لها حتى أرتطمت أقدامه بأقدامها، يُخرج من جيبه قلمًا ويسحب يدها ليكتب لها على باطنِ كفَّها وأنفاسه تختلط بأنفاسها المُضطربة، رفع عينه لها : متى ما صار شي أتصلي عليه .. اتفقنا ؟
الجوهرة سرحت في عينيْه ليغيب سمعُها عن صوته، حرَّك لها يدِه لتستوعب : طيب
إلهِي لَكَمْ كان صوتُك مدعاةٍ للتأمل، كم كان صوتُك فرصةً للتفكُر، ضغطت على زر الإتصال وهي تأخذ نفسًا عميقًا : السلام عليكم
: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، آمري يا أم بدر
أرتعش قلبُها، حتى أرتجفتْ شفتيْها وضاعت الأحاديثُ منه، " أم بدر " كيف لهذه الكلمة أن تُشتتني هكذا! كيف لهذه الكلمة أن تُغيِّب وعييْ لأفكر فقط بإسم " بدر " و " أم التي تقترنُ به، يا شدةُ الفتنة التي تمرُ على لسانِ من يُناديها " أم بدر " يا شدةُ الفتنة التي تشطرُ قلبها ولعًا، أن أحمل طفلاً من ملامحك الهادِئة وإن قسَت، أن نناديِه مثلما تُحب ولن أتدخل أبدًا، يالله على هذه الأحلام التي تعبرُ ألسنة الغرباء وهُم لا يدرُون أيُّ حزنٍ يجلبون لنا.
: أم بدر معاي ؟
الجوهرة بربكة : ايوا .. أبغى أسأل أنتهت العملية
: توني طلعت من الدكتور وطمَّنا، الحمدلله يقول الإصابة طفيفة ما جت بالعمق، يعني الله ستر وجت على السطح وماكانت قريبة من القلب، إن شاء الله بكرا الصبح راح يصحى ...
الجوهرة : الحمدلله، ماراح نقدر نشوفه اليوم ؟
: للأسف لا وما أظن لو كان بو بدر واعي بيرضى .. أعذريني طال عُمرك
الجوهرة تفهمت لأنها تعرف جيدًا كيف يُربي رجاله على قوانينه وطباعه : طيب مين عنده الحين ؟
: تطمَّني كلنا موجودين وماراح نتركه
الجوهرة بضيق : طيب إذا صار شي ثاني ياليت تبلغني
: إن شاء الله
الجوهرة : مع السلامة
: بحفظ الرحمن .. وأغلقه ليترك الجوهرة تُصارع نوبة حزنها، كيف تنتظر للغد حتى تستيقظ عيناه والآن الساعة السابعة، كيف سأتحمَّل قسوة هذا اليوم بأكمله، ليت والِدي كان هُنا حتى أبلغه ويذهب إليْه، يالله هل من المحتمل أن يكذب عليّ ؟ من الطبيعي أن يحاول أن يستر أيّ شيء يُخيفني ويُرهبني فهذه عادات سلطان الذي يُخبرنا بشيء عكس الواقع فقط لنبتسم، ليتني كُنت موجودة بجانب الهاتف عندما أتصل آخر مرة، ليتني سمعتُ صوته ونبرتُه حتى أطمئن على قلبه، هل كان بخير وقتها أم لا ؟
نزلت للأسفل حتى تُطمئن حصَة التي لم تُغلق عيناها طوال الأمس من شدةِ الأسى عليه.

،

لستُ ضعيفة لك ولن أستسلم أبدًا حتى تتمادى بضربك، إن ضربتني مرَّة فانت قادر أن تُكررها مرةً و مرتيْن وثلاث وأربع وأكثر، لن أضعفُ أبدًا وستعرف من هي " ريم " يا ريَّـان، سيعلم جيدًا بأن خلفِي أشقاء لن يُرضيهم أبدًا ما يحدثُ بي، أتصلت على منصور الأقربُ لها ولأنها تثق بإتزانه كثيرًا، لم تمرّ سوى دقائِق حتى أجابها وهو يدخلُ لمكتبه في العمل : هلا بالصوت والله
ريم ببحةِ بكائها الليلة الماضية : هلابك، شلونك ؟
منصور بشك : بخير .. فيك شي ؟
ريم لم تكُن تجهِّز نفسها للبكاء أمام أخيها ولكن سؤال " الحال " دائِمًا ما يُتعب حالنا أكثر، بضيق : أبغى أسألك الحين أنت في الشركة ؟
منصور : إيه
ريم : طيب ينفع بعد ما تخلص تكلمني ... ضروري
منصور : الحين ماعندي شي .. قولي
ريم : منصور أبغاك تجيني ...
منصور يجلس بخوف من أن حُزنًا اصابها وهي بعيدة عنهم : وش فيك ريم ؟
ريم : مقدر أقولك بالجوال .. أبي أشوفك
منصور : طيب قولي عن أيش؟ شغلتي بالي
ريم ودموعها تتدافع على خدها : أبي أتطلق ..
منصور صمت لثواني طويلة حتى أردف : ليه؟ وش مشكلتك معه ؟
ريم بصوتٍ تتحشرجُ به الخيبات وتؤلم قلب منصور معها : ما أبغاه يا منصور .. أحس بموت لو جلست أكثر
منصور : بسم الله عليك .. طيب ريَّان وينه ؟
ريم : مدري
منصور : طيب أبو ريان ؟
ريم : ما شفته من يومين
منصور : طيب ... أنتِ الحين أهدي وأنا بكلم أبوي عشـ
تُقاطعه : ما أبي أبوي يدري ... لا جيت هناك أنا أكلمه بنفسي
منصور تنهَّد : طيب لأن أصلا أنا لازم أناقشك أول وأعرف وش الموضوع .. ما يصير كذا تطق بمزاجك تبين طلاق وبعدها تندمين
ريم بقسوة الأنثى إذا خُذِلت : ماراح أتناقش بشي، أنا قررت وخلاص ... ماأبي ريَّان وأبي أتطلق منه وبأسرع وقت بعد
منصور بتضايق من إندفاعها ليُردف بحدة : ريم! هذا طلاق مو لعبة ... وش هالمصيبة اللي مسويها ريَّان عشان تطلبين الطلاق ..
ريم بمثل حدتِه : مدّ إيده عليّ
منصور تفاجىء ليصمت لثواني حتى يُردف : ضربك!!!
ريم بضيق دمعها الذي ينسابُ بصوتها : ترضاها عليّ؟
منصور بغضب يقف : طبعًا لا ... ما تجي صلاة الظهر إلا أنا عندك ... وأغلقه.

،

تُغلق من إبنتها وهي مُجعدة الجبين، تحزنُ أضعافًا من أضعافها، ومهما تعاظم الألمُ والوجع في قلوبنا فأضعافُ عظمته يسكنُ قلب الأم، : الله لا يفجعنا فيه.
أفنان ضاقت من الخبر وكأن الحُزن يقف كالغصة كُل مرةٍ تبتسمُ الحياة لأختها : آمين ...
والدتها بتنهيدة : الله يعنيهم بس ... حتى بوسعود ماهو موجود في الرياض!
أفنان : يمه صح بغيت أسألك .. تركي مغيِّر رقمه ؟
والدتها : يقوله أبوك، قلت أبي أكلمه قالي مسافر ولا تتدخلون فيه .. أبوك يبي يجنني! أكيد متمشكلين مع بعض وإحنا اللي نآكلها
أفنان رفعت حاجبها بشك : صار له أكثر من شهرين ما شفناه .. وش هالقطاعة!! حتى أكلمه بالواتس آب ما يرد .. والحين بعد آخر دخول لها قبل فترة طويلة ...... غريبة أنه أبوي متهاوش معه؟ يا كثر ما كانوا يختلفون بس ما توصل للهواش!
والدتها : وش أسوي بعد! عجزت معه كل يوم أكلمه عنه ويقولي لا عاد تفتحين السيرة ... الله يحنن قلبه على أخوه ما له أحد غيره !!
أفنان : وريَّان ما يسأل عنه ؟
والدتها : لأ
أفنان : أجل أكيد متهاوش مع ريان
والدتها : على طاري ريَّان مدري وش فيها ريم هاليومين .. أخوك بعد الثاني يبي يذبحني
أفنان أبتسمت بسخرية : زين ما أنهبلت لين الحين!
والدتها بنظرةٍ حادة : أفنان ووجع!
أفنان : الجلسة مع ولدك ما تنطاق عاد شوفي الحين وش مسوي مع بنت الناس ووش مهبب . . أنحنت لوالدتها لتُقبِّل رأسها ... سلام يا حبيبة قلبي ... وخرجت لتصعد لغُرفتها ويهبُّ عليْها ذكرى آخر يوم لها في كَان، أبتسمت لتتلاشى بسرعة من شعورها بالذنب.
الساعة الحادية عشر صباحًا – توقيت باريس – كَان.
أنتهى التكريم لتحصَل على المرتبة الرابعة في هذه الدورة الشتويَة، أتجهت نحو مكتبها وهي تتلذذ بطعمِ الشوكلاته السويسرية، وضعت باقة الورد وشهادتُها على الطاولة لتجلس سُمية أمامها : وش رايك نصيع ؟
أفنان : هههههههههههههههههههههههههه نصيع! يعني يدخل تحت أيش ؟
سمية بشغف : بما أنه الحين الوقت ما يساعد وش رايك الليلة نفلَّها ونروح نايت كلُوب !
أفنان بدهشة : مستحيييل
سمية : ماراح نرقص ولا راح نشرب .. بس نتفرج ونوسّع صدرنا
أفنان : لآلآ مستحيل ما أدخل هالاماكن
سمية : هي مرَّة وحدة في العمر جربي وماراح تخسرين شي
أفنان : ماأضمن نفسي أخاف لا رحت أستسهل أذوق شي ولا أتحمس أسوي شغلة غلط
سمية : ليه بزر ما تقدرين تسيطرين على نفسك!!
أفنان بجديَّة : ماهو سالفة مقدر أسيطر على نفسي لكن الأنبياء وهم الأنبياء كانوا يدعون الله ويستعيذون من الشرك! وهم أنبياء كانوا يخافون يقعون في الشرك فما بالك إحنا .. يعني أخاف أستسهل شي إذا دخلته
سمية تنهدت : يالله قد أيش نكدية يا أفنان الله يعين اللي بيآخذك
أفنان : ماني نكدية بس ننبسط بدائرة الأشياء المباحة ... يعني والله أيام ما أجتمع مع بنات عمي عبدالرحمن أفلَّها وننبسط ونسوي أشياء فظيعة لكن ما نتجرأ نسوي زي هالأشياء
من خلفها : عذرًا على المقاطعة
ألتفتت عليه لتتسع إبتسامتها : هلا
سميَة بنظرة الخبث التي تفهمها أفنان جيدًا : طيب عن أذنك فنو ...
نواف : مبروك
أفنان : الله يبارك فيك ... وشكرًا على كل اللي سويته وماقصرت جد ساعدتني كثيير
نواف بنبرته الهادئة : العفو .. واجبنا
بدأت أصابعها تتشابك من الربكَة ليقطع ربكتها : متى طيارتك ؟
أفنان : بكرا الساعة 4 العصر
نواف : توصلين بالسلامة . .
أفنان : الله يسلمك، توصي شي ؟
نواف : سلامتك، ومن هالنجاح لأكبر يارب ... عقبال ما نشوفك محققة نجاحات ثانية
أفنان : آمين الله يسمع منك ... أرتعشت شفتيْها لتشدّ عليها بأسنانها والرجفة تتضح على ملامحها المُشتتة.
نواف أرتبك من أن يفتعل أيّ موضوع ليُطيل وقوفه معها، بإبتسامة لم تكُن لتخرج : فمان الله ..


،

تحسس الأبوة وهو ينظرُ للجنين في بطنها، رُغم أن لا شيء يتضح ولكن قلبه الذي ضخّ الدم بصخب كان يحكِي عن شوقه لرؤيته أمامه، جلس بعد أن أرتدت مُهرة عبائتها ليستمع للنصائح الثقيلة من الدكتورة، كان مُتمللاً لآخر درجة من أشياء يعرفها بديهيًا، ألتزم هدوئه حتى ألتفت بدهشة : وشهووو ؟
مُهرة أحمرَّت خجلاً لتُشتت نظراتها لكل شيء ماعداه، أردفت الدكتورة بإتزان : شو بك ؟
يوسف : لا خلاص ولا شي
: إزا عندك سؤال تفضَل
يوسف إبتسم بسخرية : ما قصرتي هو بقى شي ما قلتيه
بإبتسامة تُبادله : ولازم تنتبه من هالشي منيح
يوسف يُقلد لكنتها : شِي تاني ؟
: يا يوسف ما عم تآخد الأمور بجدية ... عم بحكِيك حتى ما يصير شِي مستئبلا *مستقبلاً*
يوسف يُحرج مهرة : لأني أنا بالفطرة مكتسب هالعلم المُذهل وعمليًا بعد
ضحكت الدكتورة بصخب لتُردف : ما عليه طوِّر معلوماتك البدائية
يوسف : معلوماتي ماهي بدائية لكن مصدوم يعني كيف ...... ولا أقول أستغفر الله اللهم لا إعتراض بس
مُهرة تضرب قدمه ليصمت : طيب دكتورة فيه شي ثاني ؟
الدكتورة : لا ...
يوسف : شكرًا
الدكتورة التي أستمتعت بوجود يوسف : عفوًا تعَ معها كتير
مُهرة تهمس ليوسف : سلِّم عليها بعد .... وخرجت.
يوسف أكتفى بإبتسامة وخرج خلفها : من هالجهة يالحبيبة
مُهرة بغضب بعد أن أخطأت الممر، عادت لتخرج لمواقف السيارات. ركبت وأغلقت الباب بغضب.
يوسف بإستفزاز لمُهرة : ههههههههههههههههههههه لو أدري أنه مواعيدك كذا كان كل يوم جاي معك
مُهرة أخذت نفس عميق : لو سمحت يوسف خلنا نرجع البيت قبل لا أنفجر الحين
يوسف بإبتسامة يُحرِّك سيارته : كنت أمزح وش دعوى زعلتِي ؟
مُهرة : تضحك معها ومطيِّح الميانة وتقول أمزح!
يوسف : أحمدي ربك قدامك وماهو من وراك
مُهرة ألتفتت عليه بحدَّة ليُكمل : يعني قبل كل كلمة أقولها بجلس أقول تراني أمزح
مُهرة : بس فيه حدود! يعني ترضى أنكِّت مع دكتور
يوسف : أقطع راسك
مُهرة بغضب : يعني أنت حلال بس أنا لأ
يوسف : أنا ما نكَّت بس كنت مصدوم فعلا من المعلومة وهي ضحكت فضحكت معها
مُهرة بسخرية : مررة مصدوم!
يوسف ألتفت عليها عندما وقف عند الإشارة : بذمتِك .. مو أنصدمتي زيي ؟
مُهرة مسكت نفسها لتضحك رُغم أن الحرج يلوِّن وجهها بالحُمرة : كمِّل طريقك
يوسف : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه وتوصينا بعد .. أستغفر الله بس
مُهرة بربكة وهي تشعرُ بالحرارة من أقدامها إلى شعرها : يوسف خلاص
يوسف : خليك وسيعة صدر يالشمالية
مُهرة : وسيعة صدر بس ما ينفع بعد تجلس تطيِّح الميانة مع اللي يسوى واللي مايسوى .. وخلاص ماعاد تروح معي شكرًا مستغنية عنك
يوسف : أفآآ .. كل هذا عشان المزيونـ
ترمي عليه علبة المناديل : لا والله تغزَّل فيها بعد ..
يوسف يركن سيارته : الحين اللي قدامه القمر وش له بالنجوم ؟
مُهرة تنزل وهي تضحك : يارب أرحمني.. منت صاحي
يدخل معها : أصلا والله ما جت عيني في عينها .. بس كنت أستفزك .. ماتعودتي على أسلوبي؟
مُهرة : تعودت بس ... مسكت بطنها بوجَع ... آآه
يوسف أقترب منها بخوف لتصخب بضحكتها في منتصف الصالة : تعوَّد بعد أنت
يوسف : قليلة خاتمة .. مناك يالله عطيتك وجه
مُهرة : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ههههههههههه
من خلفهم : الله يديم ضحكاتكم
يوسف ألتفت لوالده : آمين ويديمك فوق رآسنا
مُهرة بحرج سلمت عليه : شلونك ؟
بومنصور : بخير الحمدلله ..
يوسف : شفت يبه وش تسوي بولدك ؟
مُهرة تُشير له بعينيْها بأن يصمت ولكن أسترسل بإغاضة : أنا مو قلت لك الشماليات إذا حقدوا أبليس يتبرأ منهم
بومنصور : زين حظك يوم خذيت شمالية
مُهرة ضحكت لتُردف : ماعليك زود
يوسف : أظن ما عاد لي جبهة

،

في ساعاتِ النهار المُتأخر في باريس، يسيرُ يمينًا ويسار، لا يعرفُ كيف يُحكم سيطرته على عقله ليُفكر بإتزان أكثر، لا أحد في الرياض يُكمل أعمالنا وسلطان مُصاب! كيف أعود الآن؟ كل خططنا راحت هباءً منثورا وهي مبنية على خطأ، كلها والآن يُريدون أن يقتلعُوا جذور الثبات فينا ويتعرضون لسلطان! كم من الصبر سأتحمل حتى أعرف من وراء كل هذا.
قطع سلسلةِ أفكاره المتلخبطة : ما تثق فيني ؟
عبدالرحمن : مو مسألة ما أثق فيك ... لكن صعب أخليهم ثلاثتهم عندك
عبدالعزيز : بحجز غرفة عندهم وبجلس بالفندق .... ماني طالع ولا راح أتركهم ...
عبدالرحمن مشوش فعلاً، مسألة أن يعود للرياض معهم ستضره مثلما تضرّ سلطان الآن في ظلّ هذه الأحداث المربكة
عبدالعزيز : خلاص تطمَّن هم في الحفظ والصون ..
عبدالرحمن : طيب .. ماراح أطوِّل بأقرب وقت أنا عندكم .. عبدالعزيز لا أوصيك لايطلعون برا هالمنطقة، خلهم قدام عينك وجوالك الثاني أغلقه، أختفي عنهم ولا تحاول تطلع كثير عشان محد ينتبه عليك .. وبس يصير شي تتصل عليّ وإن كان شي طارىء تتصل على مساعد .. عطيتك رقمه صح ؟
عبدالعزيز : إيه عندي رقمه .. أبشر
عبدالرحمن تنهد : تبشر بالجنة .... وصعد للأعلى متجها لغرفة بناته المقابلة لغرفته : السلام عليكم
: وعليكم السلام
ضيْ وقفت متجهةً إليْه وهي تترقبُ ما آلت إليْه الظروف، ليُردف : راح أرجع الرياض بس راح تجلسون هنا لأن ما ينفع ترجعون معي هالفترة ... معاكم عبدالعزيز، ماأبغى طلعات كثيرة وأي شي تبونه عندكم عز
عبير : وعمي مقرن ؟
عبدالرحمن : بيرجع معاي ... مفهوم ؟
رتيل بضيق : طيب متى بترجع؟
عبدالرحمن :إن شاء الله أسبوع ماهو أكثر
عبير قبلَّت جبينه : توصل بالسلامة
لحقتها رتيل لتُسلِّم عليه : درب السلامة
عبدالرحمن : الله يسلمكم ... خرج متجهًا لغرفته لتلحقه ضيْ.
ضي بشك : فيه شي ثاني صاير ؟
عبدالرحمن يفتح دُولابه بهدُوء : لا
ضي تُمسك يده لتمنعه من وضع ملابسه : أنا بجهز شنطتك على ما تتحمم
دُون أن يعلق أتجه نحو الحمام، يشعر بأنه أفلس من الكلام وماعاد يستهويه ان ينطق حرفًا وتفكيره غائب فعليًا عند الرياض وما يحدثُ بها الآن، من فكرة أنّ أحدٌ يتسلح ويجُول الشوارع دُون أيّ رادع، وليس شخصًا أو شخصيْن فهذه الجماعة بيننا ولكن لا نلحظها، هذه الجماعة الأكيد أننا نعرفها ولكنها تُمارس النفاق العلني، من بعد سلطان العيد أصبح المستهدف سلطان بن بدر! ومن بعدهم الأكيد أنني أصبح مستهدف حتى تتلاشى عائلتي كما تلاشت عائلةُ سلطان العيد . . ماذا يحدثُ في هذه الدنيا؟ كيف يمرُّ كل هذا الوقت دُون أن نكتشف من! لو كُنت أنت يا مقرن سيكُون عقابك لاذعًا.
تمرُ دقائِقه أسفل الماء المتصبب على جسدِه بحدَّة تفكيره، أخذ نفسًا عميقًا ليخرج والمنشفة تلفُّ خصره، نظر إليْها وهي تُغلق الحقيبة، بإبتسامة باردة تُخفي حزنها من أن يذهب إلى الرياض دُونهم : ألبس بسرعة قبل لا يدخلك برد ... أتجهت نحو نظام التدفأة لتُشغله، تنهَّد وهذه التنهيدة يُسمع صداها في قلب ضي الذي وقفت تتفكرُ بهذه الأنفاس الحارقة التي تخرجُ من بين شفتيْه.
لم يستغرق في إرتداء ملابسه الكثير وهو يأخذ معطفه وحقيبته الصغيرة التي تحوِي جوازاتهم والبطاقات المهمة، أخرج جوازاتِ رتيل وعبير وضي ليضعهم في خزنةِ الغرفة : أنتبهي لها يا ضي
ضي : إن شاء الله
أغلق الخزنة لتتقدم له ضي وهي تلفُّ حول رقبته وشاحًا قطنيًا يقيه من برد باريس هذه اللحظات : توصل بالسلامة
قبَّل جبينها ليهمس : الله يسلمك ... ديري بالك على نفسك وعلى البنات
ضي : لآ توصي حريص ... المهم أنت أنتبه على نفسك وأتصل عليّ بس توصل وطمّني
عبدالرحمن أكتفى بإبتسامة تُطمئنها، طوال عُمره كان ينشرُ الإبتسامات في أوجِ المشاكل فقط ليُشعر من حوله بأن الأمور جيِّدة وهذه العادة نتوارثها جميعًا بدايةً من عبدالله اليوسف حتى سلطان بن بدر.

،

يُقطِّع أظافره بأسنانه أمام تذمر والده وهو يُرتب أوراقه : نكبنا الله ينكبه ... الحين كيف نوصله!
فارس الذي يعرف جيدًا ما يحدث الآن والصراعات التي في الرياض، أردف : يبه سمعت وش صاير بالرياض!
رائد بعدم إهتمام : وش فيها بعد
فارس : أدخل مواقع جرايدنا الإلكترونية شوف الأخبار العاجلة
رائد رفع عينه : تكلم وش صاير!
فارس : مكتوب بالخط الاحمر العريض مجهول يطلق النار على سلطان بن بدر أمام بيته
رائد يعقد حاجبيْه : أمام بيته! مستحيل الحيّ كله أمن
فارس : وش دعوى مستحيل! مو انت قدرت عليه
رائد أبتسم بسخرية : لكل قاعدة شواذ .. لكن مين اللي متعرض له مو كاتبين شي ثاني
فارس : لأ
رائد : غريبة! ليه كاتبينها في الجرايد .. أكثر شخص يحاول يبعد الصحافة عن هالمواضيع هو سلطان
فارس : مو كتبوا قبل .. محاولة إختطاف أسرة سعودية في باريس .. ماقالوا أنه الأسرة إسمها عبدالرحمن بن خالد آل متعب .. يعني حتى الصحافة بعد تعرف كيف تبعد نفسها عن المساءلات
رائد : ما تلاحظ انك مستفز ؟
فارس أبتسم : طالع عليك
رائد : أنا الحين عقلي في شي ثاني ...
صمت قليلاً حتى أردف : يعني سلطان الحين ماهو مقابل شغله!! ... أيش هالصدف الحلوة هههههههههههههههههههههه
فارس : تلقاه بين الحياة والموت وأنت يا يبه تضحك .. عاد ماهو لهدرجة
رائد : أنا ماأضحك عليه شخصيًا هو كيفه يموت يعيش يمرض يصير فيه اللي يصير لكن أني أضبط أشغالي على روقان بدون مراقبة من احد ... بس الكلب صالح ماهو هنا ولا كان أستغليت هالفرصة
فارس : وش الشغل اللي بينك وبين صالح
رائد : ما يخصِّك
فارس رفع حاجبيْه الحادتيْن : طيب حقك علينا تدخلنا فيما لا يعنينا ... وقف ....
رائد : على وين ؟
فارس : طفشت بعد وأنا أطالعك كيف تسبّ اللي حولك
رائد : ماشاء الله ... أفصخ جزمتك وأضربني بعد
فارس : حاشاك ... طيب يايبه وش أسوي عندك
رائد بسخرية لاذعة : قولي عن أحلامك المستقبلية
فارس تنهَّد : يبه أنا ممكن أتقبل أيّ شي لكن الأحلام ما تتحمل السخرية
رائد : أبشر على الخشم
فارس إبتسم بمثل إبتسامة والده المُشعة : متى ماتبي تروق ومتى ماتبي تهاوش .. ماعاد أعرف لك يبه
رائد : مزاج الله يعيذك منه ...
فارس بهدُوء : تدري أني أكتب
رائد : تكتب إيش ؟
فارس : روايات
رائد بسخرية : ماشاء الله تبارك الرحمن .. وش هالخبال
فارس تغيَّرت ملامحه للضيق ليُكمل : وأكتب نثر
رائد : هذي وظيفة المترفين أبعد نفسك عنها
فارس : الحين الكتابة للمترفين صارت .. والله من السجن اللي خليتني فيه صرت أكتب ولا أنا قبل ويني ووين الكتابة
رائد : تدري وش اللي مضايقني فيك! أنك كلب وذكي لكن تستغل هالشي بأشياء تافهة
فارس بدهشة : الكتابة تفاهة! على فكرة قريب إن شاء الله بخلص روايتي وراح أنشرها
رائد : أعزمني على حفل توقيع الكتاب
فارس بضيق : يبه خذ الموضوع بجديَّة
رائد : وناوي تكتب بعد فارس رائد الجوهي
فارس : إيه
رائد : أذبحك .. تعرف وش يعني أذبحك!! أتركك من لعب هالعيال وشوف لك شي نفتخر فيه
فارس : يبه هذي كتابة ما شفت أدباء العالم كيف يفتخرون فيهم
رائد : وأنت من متى تكتب ؟
فارس : 4 سنوات أو 5 .. مدري بالضبط
رائد : طيب جيب لي أقرأ روايتك ..
فارس : لأ
رائد رفع حاجبه بضحكة خبيثة : ليه ؟ كاتب أشياء فوق 18 سنة
فارس رُغمًا عنه إبتسم : ماأبغاك تقراها كذا .. مزاج بعد
رائد بإبتسامة : عن أيش تتكلم ؟ لا يكون عن عبير
فارس : ماني غبي عشان أكتب قصتي في كتاب ... عن شي ثاني ماتتوقعه
رائد : وإذا خمنته وش لي؟
فارس : اللي تبي
رائد : حتى لو أمنع الكتاب
فارس : حتى لو تمنعه
رائد : طبعا قصة حُب .. عارفك ناقص حنان
فارس : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه مغرقني بحنانك وش لي بحنان غيرك
رائد وبانت أسنانه من إبتسامته الواسعة : طيب لمِّح لي .. مين أبطالك
فارس هز رأسه بالرفض : أنا عند وعدي إن جبت لي الفكرة بنسى شي إسمه رواية


،

في عصرِ الشرقيَة الخافت، تسللت قبل أن يلحظها أحد لتركب بجانبه، ألتفت عليها : وينه ؟
ريم : ماهو في البيت
منصور رُغم أنه يشعر بتصرفه الخاطىء ولكن مسألة أن يمدّ يدِه على أخته وكأن لا أحد خلفها تُثير في داخله ألف مبرر ومبرر بأن يتصرف هكذا، حركّ سيارته خارجًا من الحي، أردف : ماراح تقولين لي وش السبب!
ريم : ما أفهمه ولا قدرت أفهمه
منصور : بأيش ؟
ريم : مدري يا منصور! غير عنكم كثيير .. كنت متوقعة شي لكن أنصدمت.. قلت يمكن بداية زواج وعادِي لكن بعدها أكتشفت أني مقدر أعيش معاه أبد، إنسان تفكيره غير عنِّي وأصلا أحسه ماهو متقبلني ..
منصور عقد حاجبيْه وعينه على الطريق : وليه ضربك؟ وش قلتي له ؟
ريم : رفعت صوتي عليه
منصور صمت قليلاً ليُردف : وليه رفعتي صوتك؟
ريم : السالفة سخيفة بس لأنها تراكمت عليّ أشياء كثيرة أنفجرت
منصور : وش السالفة يا ريم؟ أنا أبي أعرفها
ريم بإختناق ونبرتها تُجاهد أن تبتعد عن البكاء : سألني ليه جالسة بروحي! وقلت له أنه أمر يخصني ولما سألني وش هالأمر ما جاوبته وقلت له يخصني قام عصب عليّ وقال لا تطلعين جنوني عليك وأنا عصبت بعد .... يعني يتركني بالأيام يا منصور وبعدها يجي يسألني ليه جالسة بروحي! يبغاني أجلس عند أهله وهو أصلاً ما يسأل عني ولو ما خالتي تسأل عني كان ما كلف على نفسه وجاني، إنسان ما يقدرني ولا يحترمني ولا حاسب ليْ حساب وش أبي فيه؟ هذا غير كلامه على الطالعة والنازلة
منصور بضيق : دايم في بداية أيّ زواج تصير هالمشاكل
ريم : بس أنا وش يحدِّني ويخليني أصبر! لا عندي عيال أصبر عشانهم ولا شي .. دامه ضربني مستحيل أرجع له
منصور : أنا مستغرب من أنه مد إيده عليك! ريان مو من هالنوعية
ريم : أنا منصدمة في شخصيته وأنت بعد راح تنصدم .. إنسان ثاني ماهو مثل اللي نسمع


،

أتى اليوم الثانِي لاذعًا بعد أن توترت أعمالهم وتنظيماتهم، رُغم شعوره بالألم ولكن كان جمُود ملامحه وقلةِ حديثه أمر مُثير للشك في نفسِ عبدالرحمن : طيب خلك يوم ثاني وبعدها أطلع
سلطان : ماراح أتركك بروحك
عبدالرحمن : وأنا مقدر أشيل الشغل؟ .. يا سلطان تعوّذ من الشيطان جرحك ما طاب
سلطان يلفُّ صدره الشاشْ الأبيض ليُغطي أثرُ العملية التي حدثت له : ماراح أجلس دقيقة وحدة هنا ...
دخل الدكتور بإبتسامة : شلونك يا سلطان
سلطان : تمام ...
الدكتور : وش قاعد تسوي؟ وين بتروح ؟
سلطان : أنا مضطر أطلع
الدكتور : معليش يا سلطان أنت طالع من عملية جراحية ماهو عملية عادية عشان تطلع!
سلطان ببرود : شكرًا على المعلومة ..
عبدالرحمن يتقدم للدكتور : مافيه إمكانية أنه يطلع الحين ؟
الدكتور رفع حاجبيْه : يوقع ويتحمل مسؤولية نفسه لكن حتى ما يتضاعف عليه شي مفروض أنه يجلس ..
عبدالرحمن : طيب تقدر تجيه البيت؟ عشان الفحوصات
الدكتور : كلِّم الإدارة وممكن يوفرون ممرض يجيه وأنا طبعًا
عبدالرحمن : خلاص دام كذا بيرتاح في البيت
الدكتور ينظرُ لسلطان الذي لم يترك له فرصة للنقاش : الحركة الكثيرة بتسبب لك مضاعفات .. أنتبه
عبدالرحمن : شكرًا لك
الدكتور : العفو .. واجبنا .. وخرج ليتركهما في صراعاتهم الداخلية.
عبدالرحمن : يعني يعجبك كذا ؟ مستحيل بتقدر تروح الشغل
سلطان يرتدِي حذائه بصمتٍ مُهيب ليقطعه بنبرةٍ خافتة : على الأقل أراقب هالشغل من البيت
عبدالرحمن يخرج هاتفه : بتصل على الجوهرة تجهِّز لك غرفة بالدور الأول .. ولا تقولي بصعد عشان ما أهفِّك كف الحين
سلطان رفع عينه ليبتسم بتعبِ ملامحه المستنزفة طاقتها بشدَّة، من عبدالرحمن يتقبَّل كل الكلمات السيئة التي من الممكن أن تستفزه من شخصٍ آخر.
عبدالرحمن : ليه ما خليت عمتك تجيك هنا ؟ حرام عليك شوي ويموتون من خوفهم عليك
سلطان : ماله داعي هذاني بجيهم
عبدالرحمن : ولو! حتى ما سمعوا صوتك ولا تطمنوا! ..
سلطان يقف ليشعر بوخزٍ على جانبِ صدره مكانِ الرصاصة، تحامل على وجعه : يالله نمشي؟
عبدالرحمن يضع هاتفه على إذنه : لحظة ... هلا الجوهرة ....... بخير .... يبه الجوهرة جهزي غرفة لسلطان تحت ،نص ساعة بالكثير وإحنا عندكم ..... إيه .... مع السلامة ... وأغلقه.
سلطان :أنت رايح لهم ؟
عبدالرحمن : أيه من جيت وأنا يوميًا عندهم .. والله حالتهم ما تسرِّك والغلط عليك!!
سلطان تنهَّد ليخرج ومن خلفه عبدالرحمن الذي أتجه نحو الإستقبال حتى يوقع على خروجه، دقائِق عديدة حتى أتجهَا للسيارة التي تحركت بإتجاه الحيْ الذي باتت الكثافة الأمنية عليه كبيرة.
سلطان : وش صار مع عبدالعزيز ؟
عبدالرحمن : خليته ما على تهدآ الأوضاع ونشوف صرفة مع رائد
سلطان : تعرف مين أشك فيه ؟
عبدالرحمن : غير مقرن ؟
سلطان : أحس فيه أشياء كان يعرفها سلطان العيد الله يرحمه وما قالنا عنها!
عبدالرحمن : وش ممكن تكون ؟
سلطان : فكرت ببومنصور! لكن أستبعدت أنه يعرف شي وإحنا مانعرفه
عبدالرحمن : ممكن تهديدات الحادث من رائد ما كانت تخوفه عشان كذا ! ..
صمت حتى أردف بنبرةٍ أعلى : يالله يا سلطان! كانت قدام عيوننا ومافهمناها
سلطان : وش ؟
عبدالرحمن : لو بو عبدالعزيز كان يدرِي بأنه مجهز له حادث وسمع هالتهديدات ما كان خذآ معه أهله .. ولما كلمناه قبلها كانت لعبة من الشخص الثالث ... أننا نشك في رائد
سلطان عقد حاجبيْه ليُردف بدهاء : وليه منعوا يعطون عزيز إجازة! رُغم أنها إجازة لمدة ساعات بس؟ أكيد أنه فيه أحد مكلم إدارته .. وهالشخص هو نفسه اللي قاعد يتلاعب بين عبدالعزيز ورائد .. لأنه كان يبي عبدالعزيز حيّ عشان يستغله لكن إحنا كنا أسرع لما أخذناه فعشان كذا قام ينتقم منَّا واحد واحد .. وقاعد يشكك رائد عشان يخلي رائد هو اللي ينفذ إنتقامه لنا وهو يطلع منها باردة ...
عبدالرحمن : دامه ما تركنا نشك فيه وما خلانا نمسك عليه دليل فهذا معناته أنه بيننا يا سلطان
سلطان : وأكيد أنه ماهو مقرن! .. أنا ممكن أشك فيه بأشياء ثانية لكن شي صار قبل سنة وأكثر مستحيل يكون هو وراه
عبدالرحمن : وليه زوروا بفحص الدي أن إيه .. ليه كانوا يبون غادة بعيدة عن عبدالعزيز .. هذا يعني أنه فعلا الشخص الثالث كان يبي يستغل عبدالعزيز بشي .. ودامه كان يبي يستغله فهذا معناته يبي منه أشياء .. وهذا معناته ..
تنهَّد ليُكمل عنه سلطان : أنه سلطان العيد كان وراه أشياء مانعرفها
عبدالرحمن يحك جبينه بعد أن وقف للإشارة الحمراء : وهالشي كيف غاب عنَّا كل هالفترة! يعني طول الفترة نوجه خططنا للجوهي وهي غلط! هذا إحنا تورطنا واللي بالمدفع عبدالعزيز
سلطان مازال يشعر بحرقة القهر في صدره : يا كثر الأغلاط اللي تصير لكن مثل هالغلط ماني قادر أستوعبه!
عبدالرحمن : خلنا نفكر الحين فيما بعد الغلط
سلطان تنهَّد وهو ينظرُ للبيت الذي أبتعد عن اليومين الفائتين : بكرا بيصير الإجتماع ؟
عبدالرحمن : إيه جهزت كل شي ..
سلطان : تكلم متعب يجيني البيت ويجيب معه كل الأوراق
عبدالرحمن :سلطان أنت منت ناقص .. مدري متى تستوعب أنك طالع من عملية ماهو بسهولة تتحرك وتشتغل
سلطان : جتني اللي أكبر من ذي وماصار شي .. يرحم لي والديك يا عبدالرحمن لا تزنّ عليْ
عبدالرحمن خرج ليتجه نحوه ولكن سلطان لم يكُن يحتاج مساعدته، أتجهَا للباب الداخلي وخطواتِ سلطان أتضح بها العرج الخفيف من ألمِه الذي لم يلتئم بعد.
منذُ أن سمعت صوتُ الباب حتى نزلت بخطوات سريعة نحوه لتقف في منتصف الدرج وتتعلق عيناها به، بملامِحه السمراء التي تفقدُ سمرَّتها بشحُوبها، بقدمِه الذي أنتبهت لعرجها الخفيف ولشعرِ وجهه المبعثر بفوضوية تُثير الفتنة في قلب صبيَّة مثلي، كان حضُورك غيثٌ على ارضٍ جفَّت بأيامٍ قليلة، كُنت غصنٍ يابس ينتظرُ من يُبلله، لم يكُن غيابك عاديًا بل كان مُكلفًا جدًا، حرمني من النوم ، " الوسائدُ أرق " و عيناك نُعاس، كان مُكلفًا بأنه كسَر ضلعُ الراحة وبات إنتمائِي لضلعك مهما أعوجّ بيْ.
عبدالرحمن بإبتسامة وديَّة : اللهم أني موجود ..
الجوهرة بربكة أحمرَّت وجنتيْها : حياك عمي .. الحين أخليـ
يُقاطعها : جعل يكثر خيرك أنا طالع .. أنتبهي لسلطان .... وخرج دُون أن يترك لها فرصة للحديث.
مشت بخطوات خافتة نحوه وهي تعدُّ كم من عصبٍ ينهارُ في داخلها وينتحر : جهزت لك الغرفة اللي عند مكتبك
سلطان مُشتت نظراته وعيناه المشتاقة لحصَة تبحثُ عنها : وين عمتي ؟
الجوهرة : طلعت مع العنود بس كلمتها والحين جايَّة ...
بتوتر لم تشعر إلا بالدمع ينحشر في عينيْها : الحمدلله على السلامة
سلطان يتجه نحو الغرفة التي جهزتها له دُون أن يرد عليْها وفي داخله لم يقصد التجاهل بقدرِ الإشتياق الذي يطلُّ مكابرًا وشاهِقًا وأنا أقدامي رقيقة لا تتسلقُ كل هذا العلو ببساطة يا سلطان، وقفت لتواسِي عبرتَها، تحاملت وحاولت أن تُظهر إتزانها لتتجه خلفه، نظرت إليْه وهو ينزع حذاءه.
حاولت أن تُظهر عدم إهتمامها في مشاعرها لتُردف بجديَّة : التكييف زين ولا أقصِّر عليه ؟
دُون أن يرفع عينه: زين
يستلقي على السرير بعد أن شعر بأنَّ رأسه يدُور به وغليانٍ يجرِي بأوردتِه، فيوميْن لم يتحرك بهما كفيلة بفعلِ به كل هذا بعد أن تحرك قليلاً، أقتربت لترتجف شفتيْها من ملامحه التي تغيَّرت للضيق وكأنه يعاني أمرًا ما : يوجعك شي؟
سلطان أخذ نفس عميق : لا .. سكري النور وبس تجي عمتي خليها تصحيني
الجُوهرة لم تتحرك بعد أمرِه، تشعرُ بخيبة لاذعة لا يتحمَّلها قلبها، تعامله الجاف معها يزيد حُزنها أضعافًا، لِمَ كُل هذا؟ أأصبحت شخصًا عاديًا لا يعنيك أمره؟ ألا يعنيك أمرُ قلبي الذي أبتهلّ بك وبكى عليك! ألا يعنيك أنني أنتظرتُك يوميْن بشدَّةٍ تعني " أحبك " بصورةٍ لا تنتمي إلا لقاموسك، ألا يعينك أنّ عينايْ تسألُ عنك وأنت أمامي؟ ألا يعنيك بأنك تقرأ شوقي في محاجري ومع ذلك لا تُبالي! ألا يعنيك شيئًا من هذا يا سلطان؟
سلطان رفع حاجبه بإستغراب من وقوفها : الجوهرة فيه شي ثاني!
الجوهرة بعتابٍ حاد : إيه
سلطان : وشو ؟
الجوهرة بثقتها الصاخبة : أنا
نظر إليْها وأطال بنظره لعينيْها الحادتيْن، تُشبهني إن حاولت أن تغضب رُغم أنها تفشل في كل مرَّة ولكن هذه الأنثى تواصل بعنفوانها السيطرة عليّ وأواصِل في كل مرَّة في صدِّ عُنفِ شفتيْها التي سُرعان ما تذُوب: وش فيك أنتِ ؟
الجُوهرة بقهر تراجعت لتُجلده بالصدّ : ولا شي ... لتتجه نحو الباب فيقطعها صوته : الجوهرة
وقفت دُون أن تلتفت عليه لتلفظ بقسوة بدأها لتنهيها : بس تحتاج شي ناديني بكون جالسة بالصالة ...
ألتفتت عليه : تبغى شي ثاني؟
سلطان : تعالي
الجوهرة بهدُوء : قولي من هنا
سلطان بصيغة الأمر : قلت تعالي
الجُوهرة وتبدأ حرب الضمير معه، يتجاهلها قبل دقائق والآن يُريدها وأنا لستُ تحت رحمة مزاجك : تمسي على خير ...
بعصبية بالغة : يعني أوقف؟
أتجهت بخطواتها نحوه لتقف، سلطان : قربي
أقتربت أكثر حتى ألتصقت بالسرير، بنبرةٍ متلاعبة : جيبي المخدة الثانية ..
الجوهرة تنحني عليه لتسحب المخدة التي بجانبه وتحاول أن ترفع رأسه لتضع تحته وهي تنحني بأكملها ليقترب صدرها من صدره، كانت ستبتعد ولكن يدِّه كانت في وجه هذا الإبتعاد، مسكها من ذراعها لـ . . ..


،

صخب بضحكته إلى حدٍ لا مُتناهي، لم يستطع أن يسيطر على نفسه وهو يرى ملامحه والدته المندهشة : أجل تان!!
فيصل بإبتسامة : الله يوسِّع صدرها بس ... أول مرة يمه أشوف وجهك يقلب ألوان كذا
والدته : مناك بس ........... وجلست بهاجسِ من أن هيفاء تغيرت ملامحها
فيصل : بس والله التان ماهو شين
والدته : أنت عجبتك ؟
فيصل هز رأسه بالإيجاب : حبيت ملامحها بس يمكن أحبها أكثر بالبياض .. بس والله السمار ماهو بشين ..
وبضحكة أردف : إلا فتنة
والدته : تقول أمها يروح بسرعة
في جهةٍ أخرى بعد أن أغلقت الهاتف منها : حسبي الله على أبليسك يا هيفا .. حسبي الله بس .. تسوين اللي تسوين ترجعين لي بيضا اليوم قبل بكرا
هيفاء : لا تخافين قبل العرس بتشوفيني قشطة
ريَّانة جلست وهي تشتمُ حظَّها : أنتِ وأختك تبون تجننوني!
منصور : ريم مانزلت اليوم؟
ريَّانة : بغرفتها! تبي تقهرني .. من أول مشكلة خذت أغراضها وجت
منصور : يمه لا تزيدينها عليها! لو المشكلة بسيطة كان ماخذيتها بس خلِّي ريان يتأدب
ريانة : وريان وش سوَّى ؟ قولي وش سوّى
منصور تنهد : هذا بينها وبينه .. المهم أنه ريم ما ودَّها فيه واللي شرع الزواج شرع الطلاق
ريانة تضرب صدرها : طلاق في عينك !! هذا وأنت الكبير العاقل تبي أختك تتطلق
منصور : دام ماراح يتفاهمون ليه تكمل معه بكرا تجيب منه عيال وتبتلش! الطلاق الحين ولا الطلاق بعدين ..
والدته : منصور لا ترفع ضغطي ..
يوسف دخل على نقاشهم الحاد : وش فيكم ؟
والدته : أخوك كبر وأنهبل! يبي ريم تتطلق
يوسف ألتفت على منصور : ممكن أفهم وش هالمشكلة العظيمة اللي بين ريم وريَّان! يخي خلنا على بينة عشان نعرف نتصرف
منصور : إذا ريم تبي تقولك خلها تقولك .. لكن مسألة أنه ريم ترجع له أنا ماراح أوافق
والدته بعصبية : عساك ما وافقت! بس يجي ريان ماتتدخل بينهم وخلهم يحلون مشاكلهم بروحهم
منصور بغضب : لآ بتدخل! ريم ماراح ترجع له يا يمه ولا تخليني أحلف لا والله ..
تقاطعه بغضبٍ كبير وهي التي لا يرتفعُ صوتها على منصور كثيرًا : تحلف عليّ! هذا اللي ناقص بعد
يوسف وقف : منصور أمش معي ..

،

بعصبيَة يشتمُ كل شيء أمامه، لم يعد يتحمَّل كل هذا، لا يتحمَّل هذا الهراء الذي يعني أنها تتذكر الماضي وتنساني! هذه الذاكرة العاصية لقلبٍ متولِّعٌ بها من قدميه حتى أطرافِ شعرَه، هذه الذاكرة التي لا تحاول أن تُفكِّر بطريقةٍ ترحم بها جسدًا يشتهِي عينيْها ويغرقُ بتفاصيلها، أأستخرج عن الحُب كفَّارة حتى تعودِي لأحضاني؟ أم أنسى أنكِ غادة وأنسى هويتي! كُنت أخبرك دائِمًا بأن عيناكِ وطن وأنكِ إنتماء، كُنت أخبرك بأنكِ هويتي إن ذهبتِ ضاعت أوطاني، أنا المواطنُ لأرضِك ولشفتيْك.
: يعني ؟
غادة بضيق : ماأبغى أروح لندن!
ناصر : غادة! أنا ماآخذ رايك أنا قلت لك راح تروحين يعني الموضوع مافيه نقاش
غادة : وأنا ماأبغى .. ماأبغى ابعد لمكان ماأعرفه
ناصر بصراخ : لندن ماتعرفينها؟
غادة : ماأعرفك أنت
ناصر بحدَّة بعد أن وضع حقائبه في سيارته وعزم على الذهاب: راح تروحين .. وغصبًا عنك بعد ماهو برضاك ...
غادة : يخي أفهمني أنا ..
ناصر يقترب منها ليلتصق ظهرها بالجدار، أحاطها بيديْه ليهمس : أولاً إسمي ماهو يخي! ثانيًا ماراح تنامين اليوم الا بلندن إن شاء الله! ثالثًا! لا تحاولين تستفزيني بكلمة ماأعرفك وماأتذكرك عشان ما أنسيك إياهم كلهم وأخليك تعرفين تتذكرين صح!!
غادة بربكة بعد أن ألتصق بطنها ببطنه، شتت نظراتها المرتجفة
ناصر : مفهوم ؟
غادة بهمس : ممكن تبعد شوي
ناصر يُضيِّق عليها بعنادٍ سَادِي : مفهوم ؟
غادة أرتبكت لترفع عينيْها وشتمت نفسها من أنها رفعت رأسها له في هذه اللحظة الضيِّقـة ، وهذه الفرصة لا تضيعُ عليّ . . . . . .


،

تطرق باب غرفته التي حجزها بجانبهم بعد أن نامت ضي وعبير، أشعر بالضجر والملل وكل الأشياء السيئة في ليلٍ طويل كهذا، وفكرة ان أخرج مع عبدالعزيز ليست سيئة ما دُمنا في وضع الهدنة التي عزمنا عليها في الأيام الماضية.
أنتبهت للباب المفتُوح، لتطِّل والظلام يغشى المكان، أقتربت بخُطاها للداخل وهي تبحثُ بعينيْه عن سريره ، شعرت بالباب وهو ينغلق لتتجمَّد أقدامها و لا لفظِ يأتِها سوى الصيغة العاميَة التي تعني " أم الركب " ، ألتفتت بخوف لتتراجع حتى أرتطمت بالتلفاز وهي تحاول أن . . . .



.
.

أنتهى نلتقي  بإذن الله في بارت قريب من قلبي وجدًا وإن شاء الله يكون جميل أيضًا في عيونكم :$()

.
.


إن شاء الله يروق لكم البارت ويكون عند حسن الظن دايم :$()

لاتحرمونِي من صدق دعواتكمْ و جنَّة حضوركمْ.

و لا ننسى أخواننا المسلمين المُستضعفين في كُل مكان أن يرحمهم ربُّ العباد و يرفعُ عنهم ظُلمهم و أن يُبشِرنـا بنصرهُم ، اللهم لا تسلِّط علينا عدوِك وعدونـا و أحفظ بلادِنا وبلاد المُسلمين.


أستغفر الله العظيم وأتُوب إليْه
لا تشغلكم عن الصلاة


*بحفظ الرحمن.

لمحت في شفتيها طيف مقبرتي .. تروي الحكايات ان الثغر معصيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن