Part 45

59.8K 486 100
                                    



 السلام عليكُم و رحمة الله وبركاتهْ.
عساكُم بخير يارب و السعادة ترفرفْ بقلُوبكمْ ()"

سعيدة جدًا بكم وبكل عين تقرأنِي من خلف الشاشَة ممتنة لها وممتنة لوقتْ سمَحْ بِه قارئِي مهما بلغ عُمره أو جنسيته أو كان من يكُون .. ممنونَة جدًا لهذا اللطفْ الكبيرْ الـ تغرقونِي بِه في كل لحظة.
مُتابعتكُم شرف لي وشرف كبير .. أحمد الله وأشكُره على هؤلاء المتابعينْ .. والله ولو تابعنِي شخصُ واحد لـ قُلت : يابختِي .. كيف بـ كل هذه المتابعة الفاتِنة لقلبي وجدًا.

الله لايحرمنِي منكم و اعرفُوا أنكم تحلُون بـ جزء كبير من قلبي ()
شُكرًا كبيرة لهذا الدعمْ و من خلف الكواليس شُكرا على هذا الكم من التقييماتْ.


رواية : لمحتُ في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية , بقلم : طيش !
الجزء ( 45 )












غريب أمرك
يا من لقبت زيفا بزوجي
تعبث بجراحي
تتفنن باستلذاذ وجعي
تخوض في وحل
انكساري ..

تبحث عن
عذر لوهني
و أنت استحرمت
مغفرتي ..

أما كفاك
بصمة حجر
وسمت بها كفاي ؟!

أما كفاك
طعنات عاثت
بها روحي ؟!

يالله
أي بشر
أنت ؟!

///

نحن إناث
سقطنا في بئر
حب لا قاع له ..

أنا كسرت
و أحسست
بسنين تبعثر
أعوامي اليتيمه ..

أحببته
و أخطأت
و دفعت الثمن
منه
و حتى من والدي
شاركه
في جرحي
و كان ثمنا غاليا
جد غال ..

قدمني
بطبق من ألماس
و ذاك تفنن
بدهس
مشاعر مجنونه
عربدت في
صدري
و أطارت صوابي
فبت أسقط
رويدا
رويدا
من مقلتي
و منه
و حتى من أبي ..


لكم قهري
وعبرات جاش
بها وجعي ’’



*المبدعة : وردة شقى.





- قبل بُضع ساعاتْ -

صلَّتْ ركعتيّ الضحى و بقيتْ واقفة أفكارُها مُتشابكة في بعضها البعض ، تُفكر بأن لا تحضر حفل زفاف أخيها و لكن لِمَ تُخطط بأن تُحبط كل غيمة فرَح تُريد أن تُبللها ! لِمَ دائِمًا لا أترُك الغيم يمُر على قلبي بسلام ، لِم أجعله يتكدَس ويخنقني ؟
مهما حدث من حقي أن أحيا حياة كريمة تُخاطبني بالسعادة فقط. كل تلك الأشياء التي تُحزني ستجِد طريقها يومًا للفرح و سأبقى أراقبها. أنتهى وقتُ الترقب و المراقبة يجب أن أُمارس حقي بالفرح كما أُمارسه إذلالا بالحُزن. يجب أن أعيش.
مثل ما أوصانِي ربُ الخلائق في كتابه ، يجب أن أصبُر و أن لا أدع الحُزن يُضعفنِي ، لو كانت إحدى الصحابيات رضوان الله عليهن في حياتنا الآن ؟ لو كانت تواجه صعوبة مثل ما أواجه أنا ؟ هل ستنزوي في دارِها و تبكِي تنتظِرُ الفرج من أحدِ الخلق !!
يالله يا أنا ، لا أعرف من أين أبدأ او من أين أنتصِف ، أذكُر جيدًا ما قالتهُ ليْ أستاذة الدين في الثالث ثانوِي و صوتُها المتحشرج في تلك الأيام.
" أمام الطالبَـاتِ الواعيـات وَ المُرهقات إثر آخر سنَـةٍ لهُن ، أردفَت بصوتٍ تحفُه الطمأنينة : عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : ما لعبدي المؤمن عندي جزاء ، إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه ، إلا الجنة .... مدركين رحمة الله في عباده ؟ .. إذا مات أخوك ولا أبوك ولا أيّ شخص غالي في حياتِك و صبرتِي وأستغفرتي الله يجزيك بالجنة .. فيه أكثر من كذا رحمة ؟ .. يقول الله تعالى ابن آدم ! إن صبرت واحتسبت عند الصدمة الأولى ؛ لم أرض لك ثوابا دون الجنة ... شايفين أجر الصبر كيف عظيم ؟ ليه دايم نبكِي ونمتنع عن الأكل ونعتزل الناس وفيه بعضهم يقطعون رحمهم بحجة أنهم في مصيبة !! يجلسون سنين على هالحال و كأن الحياة وقفت على ما فقدُوا !! إن من يُشقي نفسه ويمتنع عن الصبر سيشقيه الله في الدنيا والآخرة ... "
تذكر يا قلبِي جزاء الصبر ، تذكَّر الجنة ، من يحفظ الله يحفظه .. من يحفظ الله يا قلبي يحفظه.
وقفت أمام المرآة ، تتجاهل كل ما يأتي بأمرِ " سلطان " ، نظرت لكفيْها .. هذا الحرق لن يذهب بسهولة كما أنَّ حُزني من سلطان لن يُمحى بذاتِ السهولة ، ستندَم يا سلطان على " قلبي " و سأندم على أملِي الضائع بك ، كل تلك الأشياء التي ندمت عليها يومًا كانت ولادة ضيِّقــة لخيباتِي في الحياة.
رطبَّت ملامِحها منذُ فترة طويلة لم تعتني بنفسها " إعتناءً أنثويًا " ، أستغرقت دقائق طويلة في وضعها لمساحيق التجميل الناعمة. لم تكُن تحتاج للكثير لتُبرز جمالها النقي أكتفت بتوزيع كريم الأساس ذو لونٍ طبيعي و غطَّت هالاتِها المتعريـة بالـ " كونسلر " لتضع الكحل على طريقةٍ فرنسـية بحتَة فوق عينيْها مُمتد بذيلٍ قصير للخارج ، تخشَى التمرُد دائِمًا حتى في وضعِها للكحل ، رفعت شعرها الطويل بطريقةٍ رُومانيـة ، أتجهت للجُزء الآخر من الغرفة الذي يُجاور الحمام حيثُ دواليب ملابسهم التي تُخبىء تفاصيلٌ كثيرة لا تستنطِقها الألسن.
وقفت و هي لا تعرف ماذا ترتدي ! كُثر تلك الفساتين التي لم ترتديها أمامه ، أو ربما لم تحظى بزواجٍ بتفاصيله الشيقة حتى تُفكر بإرتدائهن.
أرتدت تنُورة تضيقُ عليها ، ألتفتت حول نفسها و أرمقت جسدِها بالإشمئزاز من أن تخرُج امامهم بهذا المنظر رُغم أنَّ التنورة ليست بذاك السُوء و لكِن شعُورها بالعريْ قادَها لِأَن تنزعه ، مُذ سبع سنوات و أنا أرَى الإتساعُ بكل شيءٍ " رحمـَـة لنفسي " .
أخذَت فُستانٌ قُرمزي. لا تعلم أيُّ نزعةٍ أنثوية أصابتها لتتباهَى بجمالها هكذا ! أو شعُورها بأنها تُريد أن تبرهن لأحدِهم أن الحياة لا تقف عليه أو أنه تحدي لذاتها بأنَّه يجب عليها الصمُود و التمسُك بكل فرحةٍ تأتيتها وتتمسكُ بما قاله الله في كتابه.
نزَلت للعمَّة ، أرتاحت قليلا من فكرة عدم وجود سلطان في الصباح الباكر ، أبتسمت أمام إطراءاتِ حصَّة المُرحبـة بها.
حصة : ماشاء الله تبارك الرحمن وين مخبية هالزين كله
الجُوهرة بإبتسامة خففت وطأةُ حزنها : بعض من زينك

،
أغفِر ليْ ذنب بُكائِي يالله جهلاً و تفاهةً على من لايستحقُ إختناق الملحُ في محاجري ، أغفر لي يالله على هذا الحُب ، أأطلبُ الغفران مِن عقلي الذِي مرضَ بك تفكيرًا أم من قلبي المُثقل بتفاصيلك ؟ أجهِض يالله هذا الحُب من رُحمِ حياتِي.
أبعد ملامِحها المتورِمَة بالبُكاء ، أردَفْ بإبتسامةٍ حانية و وجهها بين كفيِّه : وش سويت ؟
رتيل أخفضت نظرها لا ردَّ لديْها ، حاقِدة و لكن لا تعرف كيف تحتاجه رُغم كل هذا ، لا نيَّـة لديْها بإخباره. كل الأشياء السيئة و الخبيثة تنهالُ على عقلها ، لم تكُن سيئة إلى هذا الحد كشعُورها اليوم ، لن تنسى تلك الليلة التي صُفعت بها من عبير و نهب عبدالعزيز غُصنها الذي تتوكئ عليه. لن تنسَى كُل هذا بسهولة ، والله يا عزيز لوعدٍ على نفسِي أن أُشبعك قهرًا مثل ما أشبعتنِي ، والله يا عزيز إن أرخصنِي والدي لا أردُّ هذه الكرامة بنفسي أنا وحدِي ، والله و بالله و تالله يا عزيز لأجعلك تندَم بكل حواسِك على هذا الزواج و أُعلمِك كيف الندَم الحقيقي عليّ ؟ عسى الله يبتليني بكُلِ ما أكره إن حاولت مرَّة أن أغفرُ لك ، يا ليتك ياعزيز تعرفُ شعور الإناث أمام من يستاهل بحُبهن ، ليتك تعرفُ بكيدِ النساء الذِي سيُصيبك بإذن من أوقع الحُب في قلبي ، ليتَك تعرفُ كيف الحقد يتشبعُ بقلبِ الأنثى إن كرهتْ ، و منذُ اليوم لن أقُول " ليتـك " بل ستُجربه و أنا عند وعدِي و لن يردُني أحدًا و إن كان أبِي يحميك فأنا قادِرة بإذنه و ويلُ الرجالِ قبيلةً من حقدِ أمرأة.
ضي وقفت : يالله عبدالرحمن خلنا نتركها شوي ترتاح و أكيد بتنزل ؟ صح رتول ؟
رتيل و تصادُم الأسطِر تُضبب عليها قراءة أيامُها المُقبلة ، أردفت بإبتسامة أتقنت تمثيلها : بتروَّش وأتنشط و أنزل
عبدالرحمن : ننتظرك لا تتأخرين ، و أنتبهي لجرحك ... ونزَل برفقةِ ضي إلى الآسفل.
ضي وهي تسيرُ بجانبه : وش صار مع عبير ؟
عبدالرحمن : صاير لها شي وماهي راضية تقول ؟ ماهي بنتي اللي أعرفها ! متغيرة 180 درجة ، لو هي فعلا متضايقة من تصرفاتي عشانهم كان قالت لي من زمان بس انا متأكد مليون بالمية انه فيه شي وراها مخليها تحط تربيتي لهم حجة
ضي : وش يعني بيكون وراها !! تلقاها متضايقة ومحتاجة تفضفض وعشان كذا ترمي عليك هالحكي
عبدالرحمن : عبير إن كانت متضايقة ما تبيِّن لأحد بس الحين تبيِّن !! أكيد فيه سبب وراها يخليها تنفجر بهالصورة
ضي أبتسمت : ماتوقعتك شكاك كذا
عبدالرحمن جلس بتعب : ماني شكاك بس بنتي واعرفها ! رتيل لو تقول كل الألفاظ الشينة بوجهي بقول متضايقة وجالسة تفرغ وبتركها لكن عبير مستحييل الا اذا كان فيه شي بحياتها ما أدري عنه
ضي : أنا أقول لا توسوس كثير وهي بروحها تعبانة و إذا شكيت فيها بتنقهر زيادة وتتعب ، خلها ترتاح شوي بدون لا نضغط عليها وهي من نفسها بتجيك
عبدالرحمن بعد صمت لثواني طويلة أردف بإقتناع : شورك وهداية الله

،

على طرفِ سريره جالِسْ و عيناه تحكِي اللهفـة و تفاصيلُ البراءة و رائـحة الزهر المُعانق بشرةٍ ناعـمة ستأتي بعُرسٍ في قلبه ، أقتحمهُ العبير من كُل جانب ، أردف : مافهمت !!
مُهرة بربكـة بحثت عن موضوعٍ آخر تهرُبًا : كيف عيدكم ؟
يوسف : عادي
مُهرة بشك و قد أخذتها العفوية في مُحادثته : معقولة ! اكيد راح تطلع مع ربعك تسهرون وكذا
يُوسف بضحكة : كل ربعي بيسهرون مع حريمهم
مُهرة : هههههههههههههههه عيش حياة العزوبية من جديد
يُوسف : وانا قلت لأ ؟
مُهرة جلست على الطاولة التي يُغطيها بعضُ ذراتِ التُراب بعد أن طال وقوفها في مُنتصف الصالة الخاوية و تكوَّرت حول صمتِها مرةً أُخرى . .
يُوسف : الحين ماهو لازم مراجعات عند دكتُورة .. يعني تراجعين معها الحمل وكذا ؟
مُهرة : بس أفضى اشوف لي وقت أحجز فيه موعد
يُوسف بجديَّة : بس تفضين ؟
مُهرة التي لا تجِد ما يُشغلها في حائل : إيه عندي أشياء أهم
يُوسف عاد لرحمِ صمته ، يختنق أو رُبما يُكابِر ، رقَد الصبرُ به حتى جاهد نفسه بأن لا يتلفظُ عليها بكلمةٍ تجرحها.
مُهرة لا تعرف كيف التناقضات في مُكالمته تجتمع. تشعُر بالخيانة لأخيها وهذا بحدِ ذاته شعور مُشين ولكن لا تنكُر بأنها أول مُكالمةٍ نقيـة خالية من شوائِب الحقد و الكُره و الكلمات السيئة.
مُهرة بهدُوء : اليوم بشوف لي عيادة زينة
يُوسف ولا تخمُد براكينه الغاضبة ، مازال مُلتزم الصمت و انفاسه العالية تكشفُ غضبه.
مُهرة : تآمر على شي ؟
يُوسف ببرود : بحفظ الرحمن . . وأغلقهُ قبل أن يسمَع ردِّها.

،

في الساعاتِ الاولى من نهارِ العيد الطويل و المُفعم بالفرحَة المُتغنِجة كيف ولا ؟ وهذا عيدُ المُسلمين حيثُ تضخُّ بلادِنـا بـ " ضحكة "
حضُورها بتر كلماتِه و رأسُه في حُضنِ عمتـه الجميلـة ، أسبق و قُلت أن عمتِي مُرادف لكل الأشياء الحميمية " عمتِي و خالتي و أبي و أمي و أختي و أخي و . . أيضًا زوجتي " ،
لا تعرف لماذا أرادت أن تجرحه بأي طريقةِ كانت حتى لو كان هذا الأمر يُحزنها مثل أن تجعله يندم عليها و كأنها سلعة تردد في شراءها.
حصَة دفعته ليجلس : أجلس زي الناس ..... تعالي الجوهرة أجلسي هنا .. أشارت لها بجانب سلطان.
الجُوهرة طوال ليلها تدعي بهذه اللحظة التي تُبقيها مُتزنة أمامه ، أردفت بإبتسامة : تقهويتوا ؟
حصة الرقيقة أرادت أن ترتكب الصُدف بينهما : سلطان ماتقهوى
سلطان المُشتت انظاره ولم ينظر إليْها إلا النظرةِ الأولى ، ألتفت على عمته : متقهوي وخالص
الجوهرة أخذت فنجان وملأت ربعِه لتمدُّه إليه ، ثواني طويلة أمام أنظار حصة المُراقبة و قلبُ الجوهرة الذي يكاد يقتلع من صدرها ، خشيْت أن ترتبك أكثر وتنزفُ دماءها.
أخَذ سلطان الفنجان ، و حصة رسمت إبتسامة إنتصار على مُحياها.
سلطان بحديثه لعمته يتجاهل وجود الجوهرة تماما : وين العنود ؟
حصة : راحت لعماتها مجتمعين
الجُوهرة تنظُر إليْه بعينٍ - تغار - ، لِمَ السؤال عنها ؟ لِمَ كُل هذا الإهتمام !! ليست سعاد وحدها من لها ماضٍ مع سلطان. حياتُك يا سلطان تبدأ من النساء و تنتهي منهنُ و رُغمًا عنك يجب أن تقتنع بذلك.
حصة بعد صمتٍ طال أرادت أن تذهب وتتركهُما ولكن تثق في الجدار الذي بجانبها أنه سيذهب أيضًا ولن تنجَح مسألة إختلاءهما في بعض.
سلطان يُحرك خرزاتِ المسبحَة غير مُبالي تماما بالكائن الجميل الذي يُقابله في الجهةِ الأخرى.
حصة : سلطان يقول ماشاء الله حافظة القرآن
الجوهرة : ايه الحمدلله قبل زواجي بفترة قصيرة ختمته
حصة بتأليفٍ مُتقن : وقتها كان سلطان بس يسولف عنك
سلطان و هادئ جدا يستمع لخُرافات حصة بسلاسة و شبه إبتسامة تطفو على مُحياه و عيناه مازالت على المسبحة.
حصة : كان والله ودنا نحضر بس كانت العنود عندها اختبارات ومقدرت اخليها لحالها و لأن بعد سلطان قالي الزواج صار بسرعة يعني ما أمدانا حتى .. عاد ما ألومه يوم أستعجل
الجُوهرة بدَت الحُمرة تغزي ملامحها البيضاء.
سلطان عض شفتِه السُفلية مُمسكًا ضحكتِه ، أردف بهدُوء : أستعجلنا عشان شغلي
الجوهرة وقفت بتأخذ فنجان حصَّة ، سكبت لها القليل و من ثُم أتت لسلطان ، بقُربها منه مرة ثانية شعرت بالغثيان ، دقاتِ قلبها لا تنتظِم و تشعُر كأنهُ ينظر إليها بعينه المُحمرة الغاضبة.
توترت كثيرًا و هي تسكبُ له ، مدَّت يدها و بمُجرد ما لامست أصابعه يدِها حتى سقط الفنجانُ أرضًا.
حصة : بسم الله عليك ، ... خليه عنك تجي عإاايشــة . .. عـــــــــــــــــــــــــــــايـــــــــــــــــش ة
الجوهرة بربكة : آسفة ..
بمجردِ وقوفها من إنحناءِها على قطعِ الزُجاج بدأ أنفُها بالبكاء دماءً كالعادة ، يُشاركها الحُزن و الخوف والغضب و التوتِر ، أنفُها يُشاركها كل الأشياء السيئـة و عيناها تعتصِرُ بالتناقض بين الفرَح و الحُزن.
حصة بدهشة و هي التي لم تعتاد على هذا المنظر ، أردفت بخوف : وش فيييك ؟
الجوهرة أخذت منديلٌ لتنسحب نحو المغاسل.
سلطان ببرودٍ تام : هي اذا خافت نزف خشمها
حصة بغضب : وانت جالس !!
سلطان تنهَّد : تعودي انك بتشوفينها كذا كثير
حصة : البنت تنزف وتقول تعودي ! ودَّها المستشفى على الأقل
سلطان بحدة : حصة وش فيك ! قلت لك من يومها صغيرة وهي كذا اذا خافت تنزف
حصة : وليه تخاف إن شاء الله !! لا يكون مسوي لها شي ؟
سلطان تنهَّد بضيق : استغفر الله العلي العظيم
وأتجه للمغاسل ، مُجرد ما أنتبهت لظله مسحت دمُوعها التي أوشكت على النزول.
سلطان : وقف ؟
الجوهرة لم ترُد عليه ، وقف خلفها تمامًا و جمَّدها في مكانِها وهو يغرزُ أصابعه في خصرها و يردف بحدة : لما أسألك تجاوبين
الجوهرة تنظرُ إليه من المرآة ، بقيت تُصارع ألمها ولا تُصدِر صوتًا ، . . تُجاهد أن تبقى قوية. عيناها تلتقِي بعينيْه الحاقِدة التي أصبحت تجزُم بأنَّ الحجار تُعشعش به.
سلطان أخذ منديلٌ أبيض ليُبلله بمياهٍ دافئة ، مسكها من كتفيْها و جعلها تُقابله ، قرب المنديل من أنفِها و رائحةُ العود تنبثقُ من ذراعه الممتدة حولها و أنفاسه تُخالط أنفاسها. و حواراتٍ من نوعٍ قلبِي يحدُث بينهُما الآن.
عقدت حاجبيْها و كأنَّ هذه العُقدة ستحميها من الدمُوع ، هي ثواني ، واحِد ، إثنين ، ثلاث ، أربع .. و نزلت كُراتِ الملح الرقيقة على خدها مُتدحرِجة على يدِ سلطان.
صدّ وهو يرمي المنديل المُحمَّر في الزُبالة ،
و قوةِ الجُوهرة تخونها ، مرَّت بجانبه و رائِحة عطره تخلُ في توازنها ، قد أملكُ الحصانة نحو كُل شيء إلا رائِحته.
على بُعد خطواتِ قصيرة ، عائشة : أنا شنو يسوي ماما ؟ انا ما يأرف *يعرف* شي
حصة نظرت للجوهرة و تجاهلت عائشة التي تُثير الهوامش ، أقتربت منها : عساك بخير يمه ؟
الجوهرة صمتت ، هي تعلم إن تكلمت ستنهار بالبُكاء.
سلطان من خلفها : ماتبين تروحين لعمك عبدالرحمن ؟ اهلك كلهم بيجون هناك
يالله يا سلطان ما أوجعُ مرورك على قلبي الآن ؟ تسألني بكل برود لتُثير حرارة قلبِي و مرضِه الخامد في زاويـته ، يتسابقون بأسئلتهُم و هُم يدركون بأني على حافةِ إنهيار. ، لن أخضع لقلبي بعد الآن ، خضعت لك 7 سنين و شطرتني في المُنتصف ولن أجعلك تشطرُ بقايايْ يكفيني يا قلبِي أن تُشاركني حُزني ولا تُقرر عني.
حصة و تغرقُ في عيناها المُتحدِثة ، أقتربت منها أكثر لتمسح ملامحها بكفِها الدافئ ، لمسةٌ حانية واحِدة كفيلة بغرق الجوهرة في بُكائها.
حضنتها و كانت ردةُ فعل البائِسـة مُوجِعة لصدرِ العمـة القلقة ، تمسكت بجسدِها التي تُغلفه رائحة الأمومة.
أتجه سلطان لمكانه مُردِفًا : كان ناقصنا دلع !!!
جمَّدت أعصابُ الجوهرة حول جسدِ عمته الحاني ، " دلع !!! " أنا تافهة جدًا عندما أبكي منك و تافهة أكثر عندما أُعلق أملاً بك ، قليلٌ من الإحساس يا من كان يجب أن ألفظُه سلطاني ، فقط القليل الذي يُشعرني أنَّك إنسان رُغم كل قساوتِك ، ما أثقلك على قلبي الذي باتت جُدارنه تتصدَّعُ منك.

رمى نفسه بجانب صديقه ، على سريرٍ عريض و وثير يتسع لتخبئةِ الأحزان المُتثاقلة على ظهرك. ناصر بتعب : جايني أرق ماني قادر أنام صار لي يومين انام ساعة و أصحى وهذي حالتي
عبدالعزيز بإبتسامة طاهرة مُغمض عينيْه : تذكر السنة اللي فاتت وش كنا نسوي ؟
ناصر ضحك بخفُوت ليُردف : علينا تصرفات المراهقين ما يسوونها
عبدالعزيز ومازال مُغمض العين يعيشُ الحلم بكافة تفاصيله ، عض شفتِه السُفلية بشغف : كان متعة والله ضربنا لبعض
ناصر بإبتسامة محَت كُل تعب الطائرة : خذيت منك كفوف والله كانت إيدك حجر أعوذ بالله
عبدالعزيز : و أبوي ماقصَّر فيني رجع لك حقك
ناصِر أنفجر ضحكًا وهو يتذكَر شكل عبدالعزيز وبين ضحكاته : أبوك عليه تعذيب نفسي يخليك تعض الأرض
عبدالعزيز أبتسم : تذكر يوم يعلق العلب فوق رآسنا ويقول بشوف توازنكم قسم بالله قمت أستشهد من الخوف
ناصر : أي تستشهد قمت تترجاه !! " يُقلد صوته " تكفىى يبه هذا سلاح أخاف الشيطان يدخل وأموت ... تكفىى يبه توني بأول العمر
عبدالعزيز : ههههههههههههههههههههههههههههههه الله يرحمه ويغفرله .... وبصوتٍ خافت .. أشتقت له ، كنت أحسب لأفعالي ألف حساب لأني داري أنه ورايْ ماكنت أخاف أغلط لأني عارف أنه في أحد وراي بيصلح الخطأ
ناصر : الله يرحمه يارب ... والله أشتقت له كثير .. أشتقت حتى لهواشه ليْ ..... مدري كيف كان عصبي ورحوم بنفس الوقت .. كل الصفات الحلوة فيه
عبدالعزيز بعينٍ مُتلهفة لأحاديثٍ عنهم علَّ أطيافهم تُشاركه العيد : أول مرة هاوشك فيها وزعلت ماكنت متعوِّد على أسلوبه و باس رآسك وقالك " يُقلد صوت والده بحُبٍ عظيم " ما بين الأبو و ولده زعل
ناصر تحشرجت دمُوعِه لذكرى والِد عبدالعزيز ، أبتسم و عيناه تتضبب برؤيتها : ما أظن غادة بروحها اللي أشتقت لها
عبدالعزيز فتح عيناه ينظرُ للسقف الشبه مُعتم كقلبه الذي يحتفظ ببعضِ الضوء من ذكراهم ،

،

يرنُ في إذنــه وصفِ والدته لها ، جديًـا لا يُفكِر كثيرًا بزاوجه الذِي يضطرب بالعدِ التنازلي ، و لا يُفكِر كيف التعارف سيكُون بينهُما ؟ أو حتى كيف يتخيَّلها . . لم يُطالب بالرؤية الشرعية و لم يطمَح من الأساس بأن يراها.
في الطريق المؤدي للرياض خلف سيارةِ والده ، على جنباتِ طريقٍ يفيضُ بالجفاف كجفافِ شُباكِ قلبه الذِي لن يُغرِي حمامةٍ مثل ريم بأن تقِف عليه ، تنهَّد و قلبي يُعيد إستماعه " بصوتٍ به من اللهفةِ لهذا الزواج الكثير ، أردفت : طولها كذا يعني تقريبا أقصر من أفنان بشوي ، و ضعفها حلو ماهو ضعف المرض لا ضعف يعجبك .. و لا الخصر قل أعوذ برب الفلق وش زينها يوم شفتها آخر مرة بالفستان و طالع جسمها ماشاء الله تبارك الرحمن .. أنا لمحت أخوها الكبير مرَّة على ماظنتي منصور .. فيها شبه كبير منه بس هي أزين بعد .. ما أقول إلا الله يهنيكم ويرزقكم الذرية الصالحة "
هذا الوصف و تلك الكلماتِ تُشبه ما قالته والدته في مُنــى ، يُذكِر تلك الليلة البائســة و ضحكاتِهن الحقيرة ، حتى الجُوهرة كانت تعلم و لكِن لم تقُل لي و لا أُلام على كُرهك يالجوهرة !
( بخطواتٍ خافتة يصعد لينجذب نحو أصواتِهن ، و مُنى بسُخرية : ههههههههههههههههههه إيه ماشاء الله معذبة قلوبهم كلهم ، علقت عليها الجُوهرة بذاتِ السُخرية " قولي بعد أنك تحبينه " مُنى بضحكةٍ صاخبة أجابت : إيه أحببببه .. هههههههههههههه )
زاد بسُرعته و براكينٍه تثور مُجددًا ، و الأفكارُ تأتي بمُنى الآن ـ
" ألتفتت عليه وهي تُغلق هاتِفها ، سألها " مين تكلمين ؟ " أجابت " مدرِي مزعجني هالرقم كثير " . . سحب الهاتِف لينظُر للرسائِل الغزليــة . . . . " و أشياء لا يستحق قلبي ذكرها الآن ، بتَــر تفكيره بها و هو يُجدد اللا ولاء لريم.

،


قبَّل جبينها و كفَّها ليجلس أسفَـل السقف الذِي تتدلَى منه الثُريـا الذهبيــة المُشعة التي تُشبه عينـا مُوضي المُشتاقة ، وبصوتٍ ممتلىء بالحنان : بشرني عنك ؟ وش مسوي ؟
فارس : بخير مافيه شي يذكر
مُوضي وهي تُخلخل أصابعها في شعرِ فارس القصير : تدري يمه ؟ أشتقت أصبح على وجهك
فارس بصمت ينظرُ للفراغ الذي أمامه ، لم يضع عينه في عينِ والدته إلا عند سلامه لها.
مُوضي و دمُوعها تخنقُ محاجرها : أشتقت لك كثير
فارس و جامِد جدًا ، قلبه يتفتت لفُتاتٍ رقيق يمرُ بحمُوضة بين خلايـا دماءه المالحة.
مُوضي بلهفـة : سولف لي عن أخبارك ، 7 شهور ماشفتِك .. أبي أعرف وش صار فيها !
فارس بهدُوء وعيناه على دلـةِ القهوة : أنام آكل أقرأ أرسم .. بس
مُوضي بقهر الأم : ليه تكلمني بهالطريقة كأنك ماتعرفني ؟ أنا أمك لا تسوي فيني كذا
فارس تنهَّـد : آسف
مُوضي بإعتذاره نزلت دمُوعها بلا مُقدمات ، وضعت كفَّها على كفِ إبنها الأسمَر : أبي أحس أنك قريب مني ، تدري يا فارس أني أحتاج لك كثيير
فارس ألتفت عليْها و عيناه في عينيْها ، عقَد حاجبيْه وجعًا و سحبها لحُضنه ليُعانقها و يستنشقُ الأمومة الضائعة منه ، دفءٌ يُهدأ ضجيجُ البرودة الذي يحفُه ، لِمَ دائِمًا أفشَل في قولِ ما في قلبي ؟ لِمَ دائِمًا أُعاند قلبي و أقُول شيئًا مُختلفًا لأجرح من حولي !
تعلمين جيدًا يا أُمي أني ، أفتقدُك كما أشعُر بفُقدي لجنةِ الدُنيــا بين كفيِّك.

،

على طُرقِ باريس العتيـقة مشيـَا و شمسٌ خجولة تطُل دقائِق و تختفِي تحت خمارِ السُحب ، أدخَلت أفنان كفيْها في جيُوبِ معطفها : برررد
سُميــة تنظرُ لِمَ حولها :أتوقع هنا المكان ...
أفنان : ترى إذا فيه أشياء مااش ماعجبتني راح نطلع
سُمية :أكيد إذا فيه شرب وحركات قلة أدب على طول نطلع
أفنان : طيِب ..... و بهدُوء دخلتا الممر الضيِق ليواجها مدخلاً مُزيَّن بجدائِل الزهر الريفيــة ، أفنان بضحكة : شوفي الورد وش زينه يمدينا نسرقه !
سُمية : مدري من وين يجيبونه مررة يجنن ! بس هنا مايبيعون الا المخيِّس
أفنان و سُميـة توزَّعت أنظارهِن حول المكان المُزيَّن بالطاولاتِ المُستديرة و المقاعِد التي تُشبــه مقاعِد النوادِي الليلية ، كان اللون العنابِي و الذهبِي يطغى على المكان و نقشاتُ الجُدران تُشبـِه التُراث النجدِي.
و الضحكات تصخب في كُل مجموعةٍ جالِســة و المُوسيقى تنهال من كُل صوب.
أفنان همست : خلينا نطلع !! بيجلسون ينطربون الحين ويرقصون !!
سُميــة : إلا وناسة بس تعالي نتفرج ونتطمش .. محنا مسوين شي إحنا
أفنان : يمه أشكالهم تخوف ماكأنهم مسلمين
سمية بجدية : أفنان ياكثر وسوستك إلا مسلمين شوفي هالوجيه السمحة بس !!.. سحبتها وجلستـا في إحدى المقاعد المنزويـة بالأخير حيثُ مكان إستراتيجي لسُميـة في التأملُ بملامِح الضيُوف.
أفنان : الحين حقين " كَــان " بيجون ؟ يعني أستاذ نواف وكذا ؟
سُمية : مدري والله بس أتوقع يمكن
أفنان أمالت فمها : ماهو حلوة يشوفنا كذا
سمية بحماس : شوفي ذيك بس ..

،

غرقَت في ضحكتِها وهي تُغسِل كفاهَــا ، بعضُ من نجد يلتصق بها الآن و الرائِحـة العذبـة تكشف عن إشتياقها ، أردفت : حلوو ؟
وليد و هو ينظِر لنقشِ ظاهِر كفَّها و بإبتسامة : مع أني ماأحب هالأشياء بس حلو عليك
رُؤى أبتسمت للإمرأة السوادنيـة العذبـة و شكرتها لتتبع وليد.
ولِيد أبتسم و سحب قُبــعةِ القش ليضعها على رأسِ رُؤى و أكملا سيرهُما على الشاطىء و الجو يتكاثف على نغمةِ العيد.
أردف : ما توقعت فيه عرب هنا !
رؤى : يازينها بس .. والله ودي آخذ رقمها
وليد ضحك ليُردف : خليك واقفة هناا
رؤى بشغف : فيه مفآجآة بعد ؟
وليد : وش قلنا ؟ الأقدار مكتوبة و ماله داعي نفكِر بالمستقبل .. لازم نضحك ونعيش يومنا و نتفاجىء بعد
رؤى بإبتسامة حُب و حماس طفُولي : طيب .. وش بعد ؟
وليد : شايفة الشي اللي هناك .. أشار لها بيدِها ،
رؤى شهقت : لآلآ مستحيل قول أننا بنركبه
وليد : هههههههههههههههههههه رحلة على شواطىء باريس وش رايك بس ؟
رؤى ضحكت بفرحة كبيرة : يالله وليد ... وين ألقى مثلك ؟
وليد أبتسم : ترى بنتأخر على الرحلة لأن معانا ناس ثانيين .. ماحبيت نحجز بروحنا .. يعني عارفة الوضع
رؤى بإمتنان : مو بس وين ألقى مثلك ؟ إلا وين ألقى شخص يخاف علي حتى من نفسه
أتجهـا نحو الباخِرة العريضـة كانت تحوِي على أُناس يتحدثون الفرنسيـة المُتغنجة بألسنتهم ، صعدَا للأعلى حيثُ لا أحد ، رؤى تقِف و الهواء يعبثُ بها ، بنظرَة ساحِرة لعُرضِ البحـر : أحس بسعادة ما تنوصف
يشطرُ بصرها ضحكةٌ لرجُلٍ لا ترى ملامِحه يعتلي صوته بجانبِ آخر : وي آر إن باغييس .. We are in paris
يُكمل عنه الآخر : و تخرجـــــــــــــــنا و رفعنا الراس
و رمُوا أجسادِهم من الباخِرة في البحر وسط صخب ضحكاتهم و فرحتِهم ،
ألتفتت على وليد و أصابعها تتمسك بحواجِز الحديد : أحس هالمنطقة قد شفتها !!

،

على مكتبــه يُطفئ سيجارتِه ، في كفِه الهاتف : أنتظر بعد .. أنا كلمت صالح و هو قالي فترة و بعدها نتفق بموسكو ...... لا وش فيك ؟ .... لآ أكيد مستحيل أنا أثق فيه كثير .... هو مشغول الحين يقول أضبط الأمور وماأعرف أيش أنا مخليه براحته لأن داري راح يرضيني بالنتيجة ...... هههههههههههه لا في هذي تطمَّن أقولك واثق فيه ....... مُستحيل قولي ليه ... مدري عنه يقولون متزوج بنته .. ما عليّ منه أنا قبل كنت أفكِر بولد سلطان أنه ممكن يفيدنا بس طلع متزوج بنته وين يفيدنا فيه بعد !! ... هههههههههههههههههههههه والله عاد هالعبدالرحمن أنا ماأفهم تركيبته ..... خل يحشر بناته ولا يذبحهم ما عليّ منه .. المهم شف لي الحجوزات أبيك تتأكد و تراجع لي شروط العقد أخاف يشوفون لهم ثغرة زي العادة ويقلبون الموضوع علينا ..... إيه أنا معتمد عليك في الأمور القانونية ..... لا بنتظر لين تجيني الجنسية الفرنسية عشان كِذا أكون تحت حماية الحكومة الفرنسية ... إيه طبعًا ... ههههههههههههههههه مو بس يآكل تراب إلا بيتبخَر هو و الثاني سلطان ....

،

أرتدَت فُستَـان إلى رُكبتِها ذو لونٍ أسوَد ، أعتادت على ألوانٍ تجعلها بعُمرٍ أصغَر أما هذه المرة أرادت أن تخرجُ بلونٍ كئيب أو رُبما لونٌ يُبرهن صخبِ أنوثتها . . أرادت أن تكشِف نوايـاها في ردائها.
تركت شعرها البُندقي مموَّجُ بخفُوت على كتفِها و الشاش الأبيض مازال يلفُ منتصف رأسها و يُمسك شعرها من فوق ليظهر أكثر ترتيبًا ، تركت أحمرٌ صارخ يتكأ على شفتيْها و الكحلُ الأسوَد يُذِيب شحُوب عينيْها.
أرتدت كعبـها الأسوَد و سمعت أصواتِهم ، عمي عبدالمحسن وصَل !! . . ألتفتت لغُرفـة عبير ، أتجهت لها و طرقت الباب ، مرةً وإثنتين وفتحت الباب ، ألتفتت عبير المُستلقية على السرير إليْها.
رتيل بهدُوء : ليه جالسة ؟
عبير صُعقت من منظرِ الشاش ، فهي لم ترَى رتيل منذُ أمس : وش فيه راسك ؟
رتيل : طحت أمس .. طيب أمشي ننزل عمي عبدالمحسن جاء وأكيد جوجو معه وخالتي
عبير : لا مالي خلق بنام
رتيل تنهَّدت : قومي وشو له تضيقين على نفسك !!
عبير بإستغراب من تصرفات رتيل : وش صاير لك اليوم ؟
رتيل أبتسمت و الخبثُ يخرج من عينيْها البريئة : ولا شيء بس إذا أحد أزعجك أزعجيه وإذا أذَّاك أذِّيه و إذا قهرك بعد أقهريه ، أما أنه يقهرني وأجلس أكدِر نفسي عشانه !! ليه ؟ وحتى سالفة زواج أبوي خلاص تزوج بجلس أضيق عمري وأبوي مبسوط ؟ لأ .. عيشي حياتك زي ماتبين وأتركيهم عنك واللي يدوس لك بطرف رديها له ..و أحرقـــــيه .. " شدَّت على كلمتها الأخيرة بكُره "
عبير رفعت حاجبها : يعني أزعج أبوي لأنه أزعجني ؟
رتيل : أبوي حالة أستثنائية بس دامه مبسوط خلاص .. أنا أقول قومي وألبسي ... محد خسران بحزنك هذا غيرك أنتِ .. لا أبوي بيوقف حياته عندِك ولا ضي بتبكي عشانك .. محد يهتم لنفسك غيرك .. أنا بنزل .. وتركتها تُصارع أفكارها المشوشة ، كلمات رتيل تُثير في داخلها الريبة والشك و كل الأمور السيئة.
نزلت رتيل لتُسلم على عمَّها و إمرأتِه و الجوهرة ، بسؤال المُشتاق : وين تركي ؟
عبدالمحسن بهدُوء : مسافر
رتيل : صار لي فترة طويلة ماشفته
عبدالرحمن وقف : دام جت رتول أحنا بنمشي
عبدالمحسن و خرج مع أخيِه الأصغر ،
رتيل بإبتسامة : أفنان متى ترجع ؟
الجُوهرة : أتوقع الشهر الجايْ
رتيل بعد صمت سقطت عيناها على كفِّ الجُوهرة المُحمَر و المتورِم أيضًا : وش فيها إيدك ؟
الجوهرة لمَّت كفوفِها حول بعضها بربكة : بالغلط لما كنت أكوِي
رتيل : يوه سلامتك والله
الجُوهرة : الله يسلمك
رتيل : طيب أفنان يعني ماراح تحضر عرس ريان ؟
أم ريان : إلا أكيد بس مالقت حجز الا قبلها بيوم بتكون تعبانة بس الله يعين
رتيل : توصل بالسلامة . .

،

تقيأت كُل ما دخَل بطنها في صباح هذا العيد ، مسكت بطنَها بوجَع ،
والدتها من خلفها : ذي عين ما صلَّت على النبي .. خلنا نروح المستشفى أخاف صاير به شي
مُهرة بألم : لأ ماله داعي .. أنا بحجز موعد قريب عشان أراجع الحمل
والدتها : قايلة لتس الجلسة هنيّـا تقصر العُمر
مُهرة جلست على سريرها : يممه تكفين لا تضيقين علي بعد !!
والدتها خرجت وهي تتحلطُم : ماتبين تسمعين الكلام أحسن لك بكرا يصير فيك شي وتعالي أبكي عندي
مُهرة تنهَدت وأستلقت على ظهرها و يداها على بطنِها الصغير ، تسللت دمعَة يتيمـة على خدِها ، مسحتَها لا تعرف كيف تُفكِر لأيامها المُقبلة أو بأيْ منطق تُفكِر أيضًا ؟
أهتز هاتفها على الطاولة ، مدَّت يدها وأخذته لترى رسالة بأسماء عياداتِ النساء و أرقامهُن . . مِن يُوسف ،
في جهةٍ أخرى كان مُستلقي في الصالة الداخليـة و أمامه هيفاء و بجانبه ريم و والدته.
والدته : عزمتهم بكرا
ريم : بس طبعًا ماراح أطلع لهم وعرسي ما بقى له الا كم يوم
والدتها : إيه أكيد ،
يُوسف حك جبينه : وليه ماتطلع لهم ؟ عيب تجي أم رجلها وماتطلع لها !
والدتها : لا ياحبيبي البنت قبل عرسها بفترة ماتطلع قدام أحد
يوسف أبتسم بإستخفاف : يالله ثبت العقل بس
والدتها : أنت وش يعرفك !!
يُوسف : يمه بلا هبال خليها تطلع بتحكرينها في البيت والله تجيها كآبة
والدتها : لا حول ولا قوة الا بالله .. أقول أنت ماتعرف بهالمواضيع لا تتدخل فيها
يوسف بإبتسامة : إيه صح ماأعرف بمواضيع الحريم
هيفاء : أنا مستحيل أخلي زواجي كذا
يوسف : أنتِ بنزفِّك على خيل ... هههههههههههههههههههههههه أستغفر الله أنا شكلي من كثر ما أتطنز صايرة حياتي دراما
هيفاء : أحسن تستاهل .. حقير وش خيل ؟ مراهقة أنا عندِك !!
يوسف : وش فيها المراهقة ؟ يقال الحين طالعة من بطن أمك وأنتِ بالجامعة ! الله يرحم أيام اللبس الوسيع هههههههههههههههههههههههههههه
هيفاء بصدمة : أناا ؟
يوسف : كنتي تحسسيني أنه جسمك مغري وأنتِ قلم رصاص لو أنفخ فيك طرتِي
ريم : بلا قلة أدب
يوسف : وش قلت أنا ؟ قلت الصدق ههههههههههههههههههه لحظة مراهقة ريوم كيف كانت ؟ ... أذكِر فجأة صرتي ماتسلمين علينا أنا ومنصور ... هههههههههههههههههههههه عليكم حركات أنتم يالبنات مدري وش تبي ؟ فجأة تنقلبون علينا إحنا المساكين
والدته : أنت شكلك قاري شي ؟
يوسف : يازين اللي تكشفني .. تو أبحث عن عيادات عشان مهُور و قمت أدخل المواضيع هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
ريم فتحت فمَها بدهشـة و الإحراج يُغطيها ، وقفت وبخطوات سريعة خرجت وعكسها تمامًا هيفاء ضحكَت لتُردف : شايفة يمه قليل حيا مايستحي ..
يوسف بضحكة : ماهو ذنبي أنكم مهبل وتكتبون مشاكلكم في النت !! بعرف مين الفاضية ذي تكتب مشكلتها في منتدى !!
هيفاء : ماعلينا .. صار إسمها مهور بعد .. يخي لا بغيت تدلع دلِّع بشيء يفتح النفس
يوسف : أنا أحب الأسماء بحرف الواو . . لو كان الأمر بإختياري كان تزوجت وحدة إسمها تهاني يازينه بالدلع تخيلي كذا جاي مروق وأناديها تهُون .. الإسم له هيبة
هيفاء : هههههههههههههههههههههههههههههه أشك أنه الإسم كذا من الله
يُوسف : لآ والله أنا أحب إسم تهاني من زمان ولو جتني بنت بسميها تهاني .. المعذرة منك يمه أسمحي لي أنتِ وابوي خلوكم على عيال منصور أما أنا بجدد الأسماء
والدته أبعدت نظرها بغرور : مالت عليك وعلى الأسماء اللي بتختارها
يوسف : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هه ريلاكس كل هذا عشان إسمك الملكي
هيفاء : والله إسم أمي يهبل .. كذا له وقع على النفس جميل ... يعني تخيل بكرا تتزوج بنتك ويناديها زوجها ريانتي .. يالله يالجمال بس
يوسف : عز الله ما ناداها ريانتي إذا أبوي أظنه ناسي إسم أمي من كثر ما يقولها يا أم منصور
والدته : أجل تبيه يقول يا ريانة تعالي .. بالعكس هذا تقدير ليْ ومن كبر معزته لي يناديني بإسم عياله
يوسف : لآ والله ماهو تقدير طيحوا الميانة وشو له التعقيد
والدته :أقول بس لا تكثِر قراية يبي لك تأديب ...
يُوسف أبتسم : أمزح والله مادخلت الا موضوع وحدة كاتبة ... ولا أقول أستغفر الله ماأبغى أتطنز
والدته : متى بتجيب مُهرة ؟
يُوسف بهدُوء : خلها ترتاح هناك متى مابغت تتصل هي
والدته : بالله هي تتصل ؟ الأسبوع الجايْ جيبها قبل لا تبدأ جامعتها .. أكيد ماراح تتصل عليك وتقولك تعالي

،

يصرخُ بحُرقــة و الحزنُ يقتلع عيناه من ملامِحه المُحمَّرة و آثارُ الدماءِ عليها لم تُمسح منذُ يومَان : الجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــوهـــــ ـــــــــــــــــــــــــــــرة
على بُعدِ خطوات للتوَ دخل المزرعـة الكئيبة ، بعُقدة حاجبيْه : عطيتوه أكل ؟
: إيه طال عُمرك
سلطان تنهَّد و ترك سلاحه الشخصي على الطاولة مُتجِهًا إليْه ، فتَح الباب و في الظُلمـة لا يُرى شيء سوَى دماء تُركي و بُكاءه ، جلس بمُقابلـه و كُل ما ينظِر إليه يزيدُ غضبه و تثُور البراكين الخامدة في داخله ـ أردف بحدةِ صوته : على مين تصرخ ؟
تُركي بضُعف ينظر إلى سلطان : أنت ماتحبها !! انا بس اللي أحبها .. أنا بس
سلطان و أعصابه التالفة لن تصبُر أكثر ، لكمَه على عينه ليسقُط ويسقط عليه الكُرسي المربوط به و بغضب : يوم أنك تحبها كان خفت عليها !! كان ما أنتهكت حرمات الله !!
تُركي بهذيان : أحبهااا .. أحبهاا .. أنت ماتحس .. أقولك أحبها
سلطان بغضب وقف ، لا يُريد أن يتهوَّر يحاول أن يضبط أعصابه هذه المرَّة ، يحاول فعليًا أن لا يُجرم بنفسه و يقتله بكل ما أُعطيَ من قوَّة : مريض !! هذي بنت أخوك .. فاهم وش يعني بنت أخوك .. يعني مثلها مثل بنات عبدالرحمن أخوك .... ترضى تنتهك حرمة أخوك وعرضه في بناته !! .. رد علي ترضى .. صرخ به .. قول ترضى !!!! ترضاها على بنات عبدالرحمن ؟
تركي : الجوهرة غير
سلطان و بمجرد لفظ إسمها سحبه من ياقة قميصه التي تعتليها الغُبار : غير بـــ وشو ؟؟؟؟؟؟؟؟ قولي غيييييييير بإيش !!!
تُركي و كأنَّ موتًا بطيئًا يُصيبه ، بصوتٍ يتقطع و تعبٌ ينهشُ بجسدِه : أحبها . . الجوهرة غير .. الجوهرة ليْ .. محد يحبها غيري أنا .. أنا بس ... أناا بس
سلطان و بقوتِه الجسدية صفعه على خدِه ليسقط وينكسِر سنُّ تُركي الجانبي ، أردف بغضبِ البراكين : هذي بنت أخووووك !!! بنت أخوووووووووووووك ليه منت راضي تفهم أنها بنت أخوووك !! .. .. لـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـ ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــه ؟
تُركي : ماهي بنت أخوي .. هذي حبيبتي
سلطان تمتم بجحيم : أستغفرك ربي و أتوب إليه ... أعطاه ظهره وهو ينظرُ للجدَار يحاول بجِد أن يضبطُ أعصابه ، . . يارب أرحمنا .. ألتفت عليه : وش تبيني أسوي فيك ؟ تبيني أقطعك قدامها عشان أعلمك كيف تحبها صح !!
تُركي بخفوت : فداها
سلطان و بغضب أخذ كُرسيــه ورماه عليْه ، يستفزُ كل خليـة بجسده بكلماتِه الغزليـة المُقرفة له : تبي أخوانك يدرون عنك ؟ تبيني أقولهم ؟ صدقني ماراح يلوموني لو أذبحك !! . . تبي عبدالرحمن يدري ؟ . . . . .
أقترب منه وبصرخة : تبيـــــــــــــــه يعرف ؟
تُركي وصوتُه يأتي مُتقطعًا خافتًا مُتعبًا : .. ابي الجوهرة . . أبيها
سلطان خرج و تركه ، بخطواتٍ غاضبــة حادة أخذ سلاحه و خرج مُتجهًا لبيتِ عبدالرحمن حتى يأخذ الجوهرة ،

،

نفَرت من رائِـحة العصير لتُردف بتقزز : شكل فيه كحول !!
سُميـة ببرود : عصير برتقال عادي
أفنان أخذته لتُقربـه من شفتيها ولكن يدٍ أُخرى أبعدته ليسقُط الكأس على الأرض و يتناثِر زُجاجـه . .
ألتفتت وهي جالـسة على الضخم الذِي أمامها ، بنبرةٍ حادة : هذا خمر !!!
أفنان بلعت ريقها وبربكة : قالوا عصير برتقال !
نواف بعصبية : وأنتِ أي شي تشربيـنه .. وألتفت على سُميـة وسحب الكأس من أمامها أيضًا .. تأكدوا قبل كل شي
سُميـة بهدُوء : طيب خلاص ماراح نشربه وش يدرينا إحنا !!
نواف : لا تشربون شي من أماكن عامة دام ماتأكدتُوا !
سُميـة تضايقت من أوامره وكأنه وصي عليهم و أخذت حقيبتها وخرجت تارِكة أفنان مُحتارة واقفة وعقلها متوقف أيضًا عن التفكِير ،
نواف : وش جايبكم هنا ؟
أفنان بنبرة متزنة : دعونا وقلنا نجي نشوف الحفل !! فيها شي غلط ؟
نواف رمقها بنظراتٍ مُستحقرة ليُردف دُون أن ينظِر إليْها : أحترمي الحجاب اللي لابستــه ...
أفنان بإندفاع وإنفعال لم تتعوَّد أن تُسيطر عليه : وأنا طالعة بـ وش ؟ لو سمحت لا تجلس تكلمني بهالأسلوب ما أشتغل عندك ولا أنا بأصغر عيالك
نواف نظَر إليْها بنظراتٍ ذات معنَى سيء على قلبِ أفنان وتجاهلها تمامًا مُتجِهًا للخارج.
أفنان أمالت فمَها و براكين تثُور في داخلها ، لآ تُحب هذه الطريقة التي تُذكرها بطريقة ريــَّــان المُزعجة لها. بعد غد سأتوجه للرياض و فُرصـة أسبوع في الرياض من أجلِ حفل زفافه ستكُون جيدَّة لتعُود نفسيتي.

،

بين يديْـــه ثقيلُ الجسد ينظرُ إليه بضُعفٍ كبير و عيناه تبكِي و تختنق بأمورٍ لا يعلمها ، أخذ نفَسًا وأظلمَ الكونُ بعينِــه ، يُريد أن يفهم عين والدِه أن يقرأها و يقتبسُ ما يُطمئنه.
والده المُخترق الضوءُ بجسدِه ، بصوتٍ أكثر تعبًــا و إرهاقًـا : قلت لك لا تروح . . ليه رحت ؟ . . ليه يا عبدالعزيز ؟ . . تذكر وش وصيتك فيه ؟ . . يا روح أبوك أنت تموت قدامي و مقدر أسوي لك شي . . لا تسوي في نفسك كذا يايبه .. تعرفني صح ؟ تعرفني ولا نسيتني ؟ . . . يبه عبدالعزيز ... طالعني .. طالعني يا يبه و لا تعيد نفس الغلط . . لا تعيده . . لا تعيده عشان خاطري . . عشان خاطري يا روحي
شعَر بكفٍ تمسح على وجهه بمياهٍ باردة ، بصوتٍ هامس : عزوز أصحى
فتح عيناه بتعب و العرق يتصبب مِنه ، عقد حاجبيـه وهو يتذكَر ما حدث في حلمه
ناصر : بسم الله عليك .. تعوّذ من الشيطان
عبدالعزيز تمتم : أعوذ بالله من همزات الشيطان ومن أن يحضرون
ناصر تنهَّد و هو يُخلخل يداه في شعره المُبلل : ثاني مرة توضأ قبل لا تنام .. تختنق وأنت نايم ولا تحس أبد
عبدالعزيز أستعدل بجلسته واضِعًا كفوفه على جبينه و الضيقة تُدفن في صدره : بروح البيت . . .

،

ترك عبدالمحسن إبنـه و أخيه في المجلس و سَار مع الجُوهرة حول قصرِ عبدالرحمن ، بصوتٍ هادىء : تبيني آخذك اليوم ؟
الجُوهرة ألتزمت الصمتْ هي تعلم جيدًا بأنَّ الطلاق قدرٌ و واقعٌ عليها لا شك و لكِن شعُورها بأن تُثبت براءتها لسلطان يكبرُ بعد مَا كان مُتقلِصًا في الأيام الفائتـة ،
عبدالمحسن يُردف : أنا بس أنتظر أعرف مكان تُركي وساعتها بينتهي كل شيء وبتنحط النقاط على الحروف ، لكن مافيه شي يجبرك تجلسين عنده . . أنا عارف أنك تبين تطبقين اللي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم بس أنتِ حالة ثانية
الجوهرة أبتسمت بسُخريـة ، تفكِير والدها بها بريء جدًا بالنسبة لأفكارها و شعُورها ،
عبدالمحسن : إحنا في زمان غير ، يعني لما قبل البنت تتطلق وتجلس عند زوجها العدَّة ماكان أحد يشوفه غلط و فيه بعضهم يرجعون لبعض لكن هالتفكير مايمشي الحين .. تغيَّر الوقت وتغيرت نظرة الناس و إن وقعت الطلقة الأولى ما تنذَّل النفس وتجلسين عنده !! هذا وهو توَّه ماطلقك يعني ماابيك تجلسين وتنتظرينه يطلقك .. بس لأنه هو طلبني و سلطان تعرفين أني مقدر أرده بس إذا أنتِ تبين فأنتِ عندي أهم وأولى
الجوهرة : لآ عادي .. أصلاً عمته موجودة
عبدالمحسن : في بيته ؟
الجوهرة : إيه برمضان جت و تسلي وقتي
عبدالمحسن بهدُوء : أبي أتطمن عليك . .
الجُوهرة أبتسمت بشحُوب : لآ تطمَّن ، كلها فترة و تنحَّل أمورنا بإذن الكريم.
عبدالمحسن أبعده أنظاره ليتأمل الفراغ الذِي حوله و يُردف : مدري وين أراضيك يا تركي !!
الجُوهرة ودَّت لو تُخبره ، لكن تعلم جيدًا أنَّ سلطان سيفهم ذلك خطأ أو رُبما حتى يبصق عليه بالخطأ وإن كان عن حسنِ نيّــة ، أكملُوا سيْرِهم و هي تلمحُ الضيق في عينِ والدها . .
بعد دقائِق طويلة ، عبدالمحسن : الجوهرة ماأبيك تستحين مني .. أبي أسألك سؤال
الجوهرة بلعت ريقها لتقِف و أنفاسها تتصاعدُ مُتناسبة طرديــًا مع نبضاتِها المُرتجفة . .

،

بعد أن هدأت الأجواء و أتجهُوا جميعهم للأعلى ، خرجَت و بتمرُد مُباح هذه المرَة قادتها أقدامها لبيتِ عبدالعزيز ، دخَلت و صوتُ كعبها يصخب صداه ، أبعدت بيجامته عن الأرضية الرُخامية ، مسكت بعضُ الأوراق المرميـة على الطاولة التي عليها رسُومات صغيرة لبيُوت مُتراصـَّـة و أسلحـة و أشياء أخرى لا تفهمها ، تركتها بمكانِها مُتجِهة لغُرفته وقبلها نظرت للدُور العلوي الصغير الذِي يحتوي على كُتبِ والدها ، تركت الدرج الخشبي القصير و أتجهت لغرفته ، فوضوي جدًا ، الملابس مرمية على الأرض و السرير و في كُل مكان هُنــاك قطعة ساقطة. أقتربت من المرآة ، تذكُر كيف أختارت هذا الأثاث مع عبير !! تنهَّدت لترى حاسُوبه الشخصي ، فتحته لتجِدهُ غير مُغلق تمامًا ، دخلت على مُتصفح " سفاري " لتضغط على " التاريخ " و ترى الصفحات التي سبق دخولها آخر مرة ، شدت على شفتِها السُفليـة وهي تنظرُ لصفحة أثير في تويتر ، دخلتها لترى آخر تغريداتها بكُره شديد ، قرأت " هذا العطر من أجمل العطورات . . *مُرفق بصورة " أخذت نفسًا و سقطت عيناها على مثل العطر على طاولة عبدالعزيز.
تركت اللاب مُتجهة له ومسكته لثوانِي و سُرعان ما قذفته على الجدار ليتبلل جُزءٍ من الجُدار و الأرضْ بالعطِر و زُجاجه يتناثَر ،
رتيل تأفأفت و توجهت للأعلى حيثُ كتب والدها و رُبما هناك شيء لعبدالعزيز . .
هوَ يسيرُ بخطواتٍ سريعــة ، بعد كابوسِ ساعاتِ المغرب مُضطرب المزاج ، فتح الباب و . . . . . . . .

.
.


.

  انتهى + نرجع لوقتنا هدا ان شاءالله

لاتحرمونِي من صدق دعواتكمْ و جنَّة حضوركمْ.
و لا ننسى أخواننا المسلمين المُستضعفين في كُل مكان أن يرحمهم ربُّ العباد و يرفعُ عنهم ظُلمهم و أن يُبشِرنـا بنصرهُم ، اللهم لا تسلِّط علينا عدوِك وعدونـا و أحفظ بلادِنا وبلاد المُسلمين.

+ و أيضًا لا ننسى عظمة الإستغفار.


*بحفظ الرحمن.


لمحت في شفتيها طيف مقبرتي .. تروي الحكايات ان الثغر معصيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن