Part 52

64.4K 513 114
                                    

-



أضنيتـنـي بالهـجـر.. مــا أظلـمـك
فارحم عسى الرحمن أن يرحمك
مـولاي .. حكمتـك فـي مهجـتـي
فارفـق بهـا يفديـك مــن حكـمـك!
مــا كــان أحـلـى قـبـلات الـهـوى
ان كنـت لا تذكـر.. فاسـأل فـمـك
تـمــر بـــي كـأنـنـي لــــم أكــــن
قـلـبـك أو صـــدرك أو مـعـصـمـك
لو مرّ سيف بيننا.. لـم نكـن نعلـم
هــل أجــرى دمــي أم دمـــك ؟!
سـل الدجـى كـم راقنـي نجـمـه
لمّـا حكـى .. مبسـمـه مبسـمـك
يــا بــدر .. ان واصلتـنـي بالـجـفـا
ومتّ في شرخ الصبـا .. مغرمـك
قـلّ للدجـى مــات شهـيـد الـوفـا
فـانـثـر عـلــى أكـفـانـه أنـجـمــك

* بشارة الخوري





رواية : لمحت في شفتيْها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طِيشْ !
الجُزء ( 52 )


يركض بين السلالم الشاهقة التي تستنزفُ جسده ، عقله يغيبُ للأمر الذِي أكتشفه اليوم بإتصالاته مع حرس قصرِ رائِد الجُوهي ، دخَل والدهشة تُسيطر على ملامحه السمراء الصبيَّة : قصرك بالرياض كله كاميرات مُراقبة !
وقف بصدمَة ينظرُ إليه غير مُصدق لِمَ يقُوله فأكثرُ مكان مؤمن هذا القصر بكثرةِ الحرس والكاميرات المُنتشرة على أطرافه وفي داخله.
يُكمل وأنفاسه من التعب تتصاعد : راجعنا كاميرات المراقبة حقت الباب الخلفي وشفنا واحد ماهو من الحرس لكن ماهو واضح شكله بيرسلون لي الصور وأنت تشوفه يمكن تعرفه
رائِد بغضب : وصلت أنهم يتعدُون على البيت !! طيب طيب هم يبون يرجعون عهد سلطان العيد وأنا برجَّعه لهم
ينظر له الشخص الآخر : الحين صالح بيجي خلنا معه وبعدين نشوف للي صار صرفة ... خلاص زياد روح شوف شغلك
زياد بلع ريقه بتوتر : فيه شي ثاني ؟
رائد رفع حاجبه الحاد : وش بعد ؟
زياد : مكتبك مراقب
رائد ضرب بكفِّه على الطاولة : نعععععم !!
زياد : الصبح أكتشفوا كاميرات ورى الزرع اللي بمكتبك لكن الشباب الحين يحاولون يشوفون عمر بطاريتها عشان يعرفون من متى وهي موجودة وبنراقب كاميرات الممر وبنعرف مين دخل عليك الفترة اللي أنحطت فيها الكاميرات
رائد بحدَّة : قاعدين يلعبون بالنار معاي بس والله لأوريهم
زياد خرَج بهدُوء لا يتحمَل أن يجلس في مكان يُسيطر عليه غضب هذا الرائد.
: إذا كذا يعني هم يعرفون بمخططنا !!
رائد بغضب و القهر يفيضُ به : أكيييد ! لازم نتصرف هالصفقة ممكن تخليني أفلس وأنا مستحيل أخسرها
وقف الشخصُ ذو البشرة الحنطية : أنا بشوف الموضوع ، بتصرف لك وأنت شوف لقاءك مع صالح وحاول تقنعه بالتغيير ... وخرج.
رائد تصادمت أفكاره بكل حقد ، هذه الصفقة مستقبلُه الكبير وحياته أيضًا ، منها سيُنهي كلمة " السعودية " من حياته بأكملها ويستقر هُنا مودِعًا تلك الحياة و لن يستطيع أحد أن يُلصق به تهمة واحِدة وهو يملكُ الجنسية الفرنسية ، 5 سنوات تم تزوريها بأنه عاشها في باريس ليُسهِّل عليه الحصُول للجنسية التي تتطلب من الأجنبي أنه يقضي 5 سنوات في فرنسا وإثباتُ سكنه هُنا وهذا الفضلُ يعود لشركائه الفرنسيين الذِين ساهمُوا بشكلٍ كبير بهذه الجنسية ولكن أشترطُوا حصُول الصفقة ودفع رأس المال الذي يُكلِّف رائِد الكثير بتبادُل المواد الممنوعة وأيضًا المحرمة شرعًا.
في جهةٍ أخرى يسيرُ بين الحشُود حتى يُضيِّع الذين يراقبون عبدالرحمن آل متعب ، عبر السماعة " إلى الآن يا عز هم وراك ، أدخل أيّ محل يمينك "
عبدالعزيز بهدُوء دخل المحل الكبير ليسير بخطوات سريعة وهو الذِي يسيطر عليه التوتر بسبب عدم حمله للسلاح ، نظر إليهم من المرآة التي عند المحاسب ، أقترب من إحدى الرفوف وبخفُوت جعل المرآة المعلقة على الأرض مائِلةً قليلاً لتكشف أقدامهم ، وقف كثيرًا حتى شعرُوا بأنه خرج ، أتجها الرجليْن ذو القامة الطويلة للممر الآخر الخاص بالمشروبات الغازية ، أقترب عبدالعزيز من الرفِ الآخر وهو ينزع المعطف الأسود ويضعه على ذراعه ويخرجُ ببلوزته الرماديـة ،
عبر السماعة : كفوو
عبدالعزيز دخل عبر الممرات الضيقة حتى لا ينتبهُوا له ، أخرج هاتفه ليفتح تطبيق الخرائط ، يعدُ الخطوات وثقلها حتى أدرك بأن خطوتين زادت ، هذا يعني بأن رجلاً آخر خلفه ، أكمل سيره مُبيِّنًا عدم مُلاحظته ليدخل ممرًا آخر ، نظر إلى الزُجاج العاكس ليلاحظ أقدامه ، أقترب للجدار وهو يدرك الخطر الذِي به لأن حتى لا كاميرةً تكشفُ المكان وتُبين ما يفعله الآن لبوسعود ، سحب العصَا الخشبية الملقية على الأرض ليلتفت وبسُرعة ضربها على رأسه لتتضبب رؤية هذا الرجل ، ضربه مرةً أخرى على بطنه ليسقط. أخرج الرجُل من جيبه زُجاجة تُشبه العطر محاولاً أن يرشُها على عبدالعزيز ، فهم ما هي وبتعاركٍ ضرب عبدالعزيز على بطنه ليسقط وبيدِه الزُجاجه ، وقف الرجُل محاولاً أن يأخذُ العصا ويضربها على عبدالعزيز ولكن سُرعان ماأبتعد عز عن المكان زحفًا ليضرب بقدمِه باطن ركبة الرجل ويسقط مرةً أخرى ، سحب الزُجاجة ورشَّها عليه ليُغمى عليه. عبدالعزيز وضع الزُجاج الصغيرة في جيبه وهو ينفضُ ملابسه : هذا إحنا إستفدنا
عبدالرحمن عبر السماعة : بلاش ضرب ضيِّعهم وبس
عبدالعزيز : آخذ سلاحه ؟
عبدالرحمن : لأ
عبدالعزيز : مراقبيني أخاف يطلع لي واحد ثاني
عبدالرحمن : قلت لأ ماينفع هالمرَّة
تنهَّد ليُكمل سيره وهو يرتدي معطفه مرةً أخرى ويشد على السكارف حتى يُغطي ذقنه الخشن.
في داخله " اللهم أني أستودعتك نفسي يا من لا تضيع عنده الودائع "
خرج للشارع الرئيسي ، و أرضُ باريس تضجُ بخطواتِ المارَّة ، أفكارهُ تضجُ أيضًا ، إذا لم أسلَم من هذا ماذا سيحدُث ؟ يالله! لا أُريد التفكير ، لا أُريد والله أن أعرف كيف سيكُون مرور موتِي على الجميع عاديًا ! أصلاً من هُم الجميع ؟ لا أملك أمًا ستنهارُ في بكائها ولا أملكُ أبًا سينحني إنكسارًا و لا أملكُ شقيقات سيبكين برثائِي ! لا أملكُ أحدًا سيتذكرنِي غير ناصر.
أعُوذ بالله من هذه الأفكار السوداوية ، تقُول عنه حاتم !! من يكُون هذا أيضًا ؟ تُريد أن تستفزني بأيّ إسم أو فعلا هُناك من ينتظرها ، لِمَ لمْ تغار من أثير ؟ ألهذه الدرجة تكرهني! أستفزتني بحاتم ولم أستطيع أن أستفزها بأثير. لِمَ كِلانا يظلمُ معه إسمٌ ليتلاعب به حسب مصلحته ، لا أُريد أن أجرح أثير بكلمة ولكن يا رتيل لا أُريد أن تُرغميني بأن أفضلها عليك وأجعلك فعليًا تنتظرين حاتم. نحنُ الشرقيين لا نفهم شيئًا أكثر من فهمنا للكرامة ، هذه الكرامة يا رتيل خطٌ أحمر إن تجاوزتيه لايهمُ الحُب و " طوايفه ".
لِمَ أفكر بك الآن ؟ في هذا الوقت الضيِّق ؟ في هذا الوقت الحَرِج ؟ أنا أفرغ حاجتِي إليْك لكن لا أشعرُ بأن يومًا سيأتِي سنكُون به زوجيْن مثل أيّ زوجيْن وأنا أدرك ذلك ولن يأتِي يومًا تكونين به أكثرُ من " مرحلة " في حياتي ، أنا أشعرُ بهذا مهما حاولت أن أكذِّب نفسي به كثيرًا. لكن أنتِ تعرفين بأنهُ لم يكُن حُبك عابرًا وأنني لم أكُن نزوة يا رتيل. أنا أثق بقلبك كثيرًا وستعرفين هذه القيمة قريبًا.
دخل في طريقٍ ضيق يُشبه طرق المُشردين المُهاجرين ، أقترب من الباب الخلفي ، دخل وهو ينتبه للكاميرات التي على طُول السلَّم الخشبي ، صعد ليستقبله : تفضَّل من هنا
عبدالعزيز بهدُوء دخَل ليسلِّم مصافحةً لرائد : السلام عليكم
رائد : وعليكم السلام

،

عقد حاجبيْه بقلق بعد ان أستلم هذا الخبر السيء ، أن يعرف رائِد بمراقبتنا له فهذه مُصيبة ، طُرق رائِد في لوي الذراع واضحة جدًا ، يجب أن نضع حدًا.
: أنا أهلي أصلا مايطلعون كثير وإن طلعوا بالحفظ والصون لكن بوسعود الحين لازم ينتبه
أحمد : بسهولة راح يقدر يهدد في أهله لأنهم الحين بباريس
سلطان أخرج هاتفه ليتصِل على رقم عبدالرحمن الفرنسي ، دقائِق قليلة حتى أجاب مقرن : هلا بوبدر
سلطان : هلابك ، وين عبدالرحمن ؟
مقرن : يراقب عبدالعزيز راح للجوهي
سلطان : إيه صح ... طيب أهله وينهم ؟
مقرن بإستغراب من السؤال : موجودين ؟
سلطان : اليوم عرف عن كاميرات المراقبة اللي في مكتبه لأن غطوها بورقة كاتبين فيها إما لنا او لكم .. وبعدها بنص ساعة عطلوا كل الكاميرات .. وأكيد وصل العلم للجوهي عشان كذا أنتبه للبنات
مقرن بقلق : من وين طلعنا بعد هالموضوع !!
سلطان : عبدالعزيز وصل ولا للحين ؟
مقرن : إيه قبل شوي دخل عنده

،

تشعرُ بالخطوات ، برائحة العود التي تخترقُ مسامات جلدها ، أربكها من خلفُها وهي أدركت بأصُوله الشرقية ، ألتفتت.
تلاقت نظراتهم ليسير ببطء دُون أن يتعدَّاها ، أمعن النظر إليْها ثم أظهر عدم إهتمامه.
خجلت من نظراتها وأكملت سيرها بخطوات سريعة ومازال خلفها ، تاهت بعينه ، يالله أشعرُ بأنه يعرفني! نظرتُه ليْ كانت غريبة. صدرُها يهبط بشدَّة وينخفض وهي تشعرُ بأنها رأته قبل هذه المرَّة ، ثواني طويلة ومازالت تشعرُ بأنه خلفها حتى تذكرت.
تلك الليلة التي ذهبت بها مع رتيل إلى السوق ونظرت إليْه بغرابة لتُخبر رتيل عنها ومن ثم اختفى ، لا من المستحيل ؟ معقول يكُون هو صاحب الرسائل ، الهدايا الملوَّنة ، الصوتُ الرجُولي الذِي زلزل كيانها. بلعت ريقها لتلتفت مرةً أخرى ودَّت لو تسمع صوته وتتأكد ، وقفت ليتعداها دُون أن ينظرُ إليْها ، تمنت لو توقفه تسأله ولكن خشيْت أن لايكُون هوَ وتكُون في موقف مُحرج.
رُبما هو أو لا ؟ لكن إن كان هوَ كيف سيظهر أمامي بهالسهولة ؟ كيف سيتخلى عن جُبنه الذِي طال لسنة وأكثر ! من المستحيل أن يخرج بهذه البساطة! أخرجت هاتفها لترسلُ له ولكن بخيبة نظرت إلى الإكس الأحمر الذِي يعتلي الرسالة ، نظرت له للمرة الأخيرة قبل أن يدخل بالطريق الآخر ، ليتني نطقت له حرفًا لأسمع صوته ! كيف أتى باريس ؟ و مشى خلفي ؟ هذا الأسمر الشاهق سلب عقلي ! إن كان هو صاحب الصوت فهو سلب قلبي أيضًا. يالله لو أنني أعرفُ على الأقل إسمك.

،

في جناحهُم الذي شهَد كل الحالات السماوية من إضطراب إلى جفاف إلى حُب وغيم. كل الأشياء التي تحصلُ بيننا كانت هُنا ومنها " أحبك " التي تبادلناها لذلك أنا ممتنة ، ممتنة لصوتِ عينيْك و لضحكة عينيْك ولكل عينيْك كلها والله التي قالت " أحبك " و جلجلت أعماقنا بها. رُغم المشاكل ولكن حضُور " عبدالله " جعل من السماءِ تُمطرنا بلا توقف.
بتنهيدة عميقة تنظرُ لإبنها : أنا ما قلت شي
منصُور بهدُوء : لا واضح من تقصدين
نجلاء : طيب منصور خلاص ماأبغى أتكلم بهالموضوع واللي يسلمك
منصُور عقد حاجبيْه : ما ترتاحين اذا ما جبتي لي النكد
نجلاء ألتفتت إليْه وبغضب : يعني ماهو من حقي أقولك ابي بيت لحالنا !! يعني أنا ماني مآخذة راحتي في هالبيت كل مانزلت لازم طرحتي عليّ عشان يوسف !!
منصور : كل هالفترة ساكتة ولا تكلمتي الحين جيتي تتكلمين عشان مهرة ماهو عشان يوسف
نجلاء : ليه تحب تطلعني سطحية بتفكيري وأني أسوي كل هذا عشان وحدة نفس مهرة !! لا طبعا ماهو عشانها أنا فعلا ماني مرتاحة
منصُور ببرود : وأنا آسف طلعة من هنا لأ لأني ماراح أرتاح بجلستي بعيد عن أمي وأبوي
نجلاء بسخرية : بالنهاية لازم تعيش بعيد عنهم !! منت بزر ماتقدر تعيش بدونهم
منصور بحدة : أنا ما قلت مقدر!! قلت ماراح أرتاح نفسك !
نجلاء تنهَّدت : خلاص سكِّر على الموضوع
منصور : فكري ولو مرَّة فيني وفي عبدالله ، لاتكونين أنانية بتفكيرك وماتفكرين الا براحتك !!
نجلاء : أنا أنانية ؟ طيب قلت لك أبي أرتاح وين الأنانية في الموضوع !! خلاص حقك عليّ ..
منصور : أستغفر الله العظيم وأتوب إليْه ....

،

أسفلُ الجناح المُضطرب كانت الجلسة حميمية بين يُوسف و هيفاء ، مسكت الفنجان لتضربُ به بملعقة الشايْ الصغيرة : أنا كان مستقبلي الغنائي كبير
يُوسف : وأنتِ الصادقة طقاقة ..
هيفاء بضحكة تُمرِّن صوتها : آحم آحم يالله أطلب مني أغنية
يُوسف يُدندن كلامه : لآ يجي أبوي الحين ويهفِّك بهالفنجان ويخليك تقرين الفاتحة
هيفاء : يا شينك تحبيط بتحبيط !! .. قلت لك كلمت ريوم تقول أسطنبول خايسة
يوسف : أفآآ وراه عاد
هيفاء : مدري والله وأنا متشفقة على تركيا محدن معبِّرني
يوسف بجدية : وش رايك نروح ؟
هيفاء : من جدك ؟
يوسف : والله ماعندي مانع مافيها فيزا ولا قلق ، نحجز ونطير
هيفاء بضحكة : أحلف
يوسف : قسم بالله
هيفاء : دايم يقولون لي ليه تحبين يوسف ؟
يوسف : ههههههههههههههههههههههههههههه بس أنتظري ريم ترجع ونروح أحنا بعدين يقول ريان لاحقينا
هيفاء : طيب أقنع أبوي ماظنتي يوافق
يوسف : ماعليك خليه الإقناع عليّ ،
هيفاء : طيب ومهرة ؟
يوسف : ماأظن تقدر حامل !! نروح أسبوع ونرجع
دخلت مُهرة بحضُور إسمها : السلام عليكم
: وعليكم السلام
جلست بجانب يُوسف ، هيفاء : مهُور متى موعدك الجاي ؟
مُهرة : 9 الشهر
هيفاء ألتفتت ليوسف : طيب أنا أعرف كثير يسافرون وهم حمَّال
يوسف يفتحُ فمه ليعلمها النطق بلكاعة : أولا إسمهم حوامل !! حــــوامل ..وش إسمهم ؟ حوآآآآآآآآآمل ... تخصص لغة عربية وفاشلة بعد عييب
هيفاء : ههههههههههههههههه كيفي أنا أنطقها حمَّال حوامل وش دخلك مسوي لي فيها خلنا ساكتين لاأنشر غسيل الثانوي
يوسف بإبتسامة يلتفت لمُهرة : نبي نسافر تركيا شوفي الدكتورة إذا مافيه مشاكل بنروح
مُهرة بهدُوء : طيب
هيفاء نظرت لوالدتها وهي تضع عباءتها على الطاولة : اليوم ريَّانة مختفية
والدتها : ريانة بعينتس تأدبي
هيفاء بضحكة : وين رحتي ؟
والدتها : لأم فيصل القايد
هيفاء : يوووه وش ذا الغبار اللي طلع !!
يوسف : منصور ما قطع فيهم دايم عندهم
والدتها بإبتسامة واسعة : تعالي هيفاء معي أبيك بموضوع
يوسف : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههه الله الله يالمواضيع الخاصة
هيفاء : ذا الكلمة أخاف منها تخليني أتذكر كل الماضي الوصخ
والدتها بحدة : قومي يالله
يوسف بخبث : والله الغبار شكله عامل عمايله
هيفاء تُشير لعينيْها : يممه يممه .. وخرجت مع والدتها
بعد صمت لثواني ألتفت لمُهرة : كليتي شي ؟
مُهرة : كم مرة تسألني ؟
يوسف بإبتسامة : كذا أتطمن
مُهرة : كليت
يوسف : عافية
مُهرة : الله يعافيك .. وش سالفة تركيا ؟
يوسف : هيوف تقول متشفقة عليها وقلت نروح نغيِّر جو قبل لا تبدأ دراستك
مُهرة بصمتٍ خافت طويل أردفت : زعلان ؟
يوسف وهو يضع الدلة على الطاولة بعد أن سكب له : على ؟
مُهرة بتوتر : الرسايل !!
يُوسف بهدُوء : نسيت الموضوع .. قلت لك من زمان شي يضايقني ماألتفت له مهما بلغ أهميته
مُهرة : حتى لو انا ؟
يُوسف ألتفت عليها : أنتِ وشو ؟
مُهرة : لو أنا اللي مضايقتك ماراح تلتفت ليْ !!
يُوسف بهدُوء ينظر إليْها ، طال صمته في حين كانت عينه الثرثارة مُستقرة في محاجرها.
مُهرة أخذت نفس عميق مُشتتة نظراتها : مدري ليه أسأل وأنا عارفة الجواب
يوسف يضع الفنجان على الطاولة : لكل قاعدة إستثناء
مُهرة بربكة شعورها أبتسمت وهي تنظر للفنجان ، تلاشت إبتسامتها سريعًا وكأنها شعرت بالذنب ، تشعرُ بالذنب دائِمًا ليست هذه المرَّة التي تستخفُ بإبتسامتها إن كانت لفردٍ من هذه العائلة.

،

غطت وجهها بالفراش ، حتى أنفجرت ببكائها الصامت الذِي غرق الصوتُ به. لم تلفظُ حرفًا واحِدًا منذُ دخلت ، غيَّرت ملابسها بخفُوتٍ حتى أنسحبت للجانب الآخر من السرير. تشعرُ بلوعةِ الأم على فقد إبنها وأكثر، تشعرُ بخيبة مُشتتة لاتتزن بها الأمور ولا عقلها يستوعب ما يحدثُ معها حتى يُفكر ، كثيرٌ عليها هذا ! عذرتهُ في أول الأيام ولكن الآن ؟ الآن لِمَ كل هذا !! توقعتُ أشياء وردية وصُدمت بما رأيت. يبدُو حتى الأشياء الزهرية الجميلة تتشمتُ بي الآن، تمنيْت لو يقُول شيئًا أن يُبرر تصرفه على الأقل ! لو حتى يبتسم ويقُول أعذريني. سأقبلُ ما يقُوله وأبادله الإبتسامة دُون أن ألتفت لبكاء قلبي. لو فقط يشفق عليّ من هذه الكارثة التي تشطرني نصفيْن ويقول أنّ ما أمرُ به مُزحة. نكتة ثقيلة ! أيّ شيء لكن لا تقُول يا ريَّان أنَّ هذه شخصيتك! بربِ هذه السماء لا تقولها بأفعالك وتجعل أحلامِي مكسورة واقفة عند عتبة بابك! كثيرٌ عليّ والله. لا أستحقُ أن أبكِي في بداية أيامنا هذه! أيامنا التي يجب أن نتغنجُ بها طوال هذا العُمر الذي سيجمعنا. طوالُه يا ريّـان ولكن يبدُو أنك لن تُشاركني حتى ربعه.
على بُعد خطوات كان يُريد أن يتحدث ، أن يقُول شيئًا ، أن يُخبرها أيّ شيء كي لا تنام باكية ، كان يُريد أن يوقف بكائها رُغم أنَّ لا صوت لها ولكن يشعرُ بغرقها. أخذ نفسًا عميقًا ، جمُوده لا يساعده أبدًا على التقدم خطوة للأمام. أخذ محفظته وهاتفه وخرج.
بمُجرد ما سمعت الباب خرج صوتُها وصوتُ شهقاتها ، تركني ! لم يحاول ولا بأيّ كلمة! بقدر حُبي البريء لك في البداية الذي لم يكُن حُبًا من الأساس إنما شغف ورغبة بالنظر للسقف الذِي يجمعُنا ، للحياة الوردية التي حلمتُ بها ، بقدر هذا الحُب الذي رغبتُ بأن ألقاه أنا أقف كارهة لك وأثق بإحساسي هذا كثيرًا. أنا أكرهك.

،

بربكة أندفعت : لألأ .. ماأبغى يمه
والدتها التي جلست آخرُ النساء التي عاشرُوها في مرحلةٍ من عُمرها بعد أن خرجن لتُفاجئها أم فيصَل بموضوع هيفاء : وش اللي ماتبينه ؟ الرجَّال كامل والكامل الله
هيفاء بتوتر : لا يمه تكفين آخر عمري أتزوج واحد يشتغل شغل أبوي والقلق ذا انا ماأحبه ودايم قلوبهم قاسية ويخوفون
والدتها : فيصل تارك الشغل من عقب ماتوفى أبوه الله يرحمه الحين عنده تجارته ورجَّال مقتدر وناضج وولد أصل وناس
هيفاء بتشتيت أنظارها : يمه خلاص أنا رافضة ماأبي واحد كان يشتغل بهالشغل
والدتها : ترى الرياجيل هالأيام نشتريهم !! أحمدي ربك
هيفاء بإنفعال : وأنا ناقصني شي عشان ماألقى غيره !!
والدتها : ماهو نقص فيك بس فيصل والنعم فيه وأنا أبيه لك
هيفاء بتوتر : طيب طيب أفكر
والدتها : فكري زين قبل لايوصل العلم عند الرجال لأن إن وصل لأبوك ترى بيحلف أنه ما يردَّه
هيفاء بإبتسامة : أبوي مايجبرني على شي ماأبيه
والدتها تقف : ما خربتس إلا الدلع
بمُجرد خروج والدتها ، فتحت الفيس بوك ، بحثت عن إسمه ولم تلقاه لتتمتم : ماتوا اللي يدخلون الفيس !!
دخلت لتويتر وهي تبحثُ عن إسمه وتدعي في داخلها أن تجِده ، مرَّة ومرتين ولم تجِد أي نتائج بالبحث ليأخذها التفكير الداخلي " واضح دامه ما يدخل تويتر يعني ثوب قديم ! " دخلت لحساب أخيها يوسف بحثت في قائمة المُتابعين ، أنتفض قلبها عندما رأت إسمه مكتُوب بإختصار "@F_algaid فيصل عبدالله" بشغف فتحت الصُورة ، تأملتهُ كثيرًا وهي تُطيل النظر به ، غرقت ولم تشعرُ بشيء وهي تتأملُ بشرتُه القمحية وعيناه الداكنة ، أنفُه وحاجبيْه وكل شيء به حتى عوارِضه الخفيفة التي تطغى عليها السكوكة السوداء المرسومة، كان وسيمًا بعينِها. لكن تخافُ أفراد هذا السلك كثيرًا. تخافُ قوتهم سلطتهم جرأتهم غضبهم حتى حُبهم.
تنهَّدت لتخرج ولكن دخلت لتغريداته ، لم تفهم شيئًا ، شعرت بالغباء الكبير وهي تقرأ " شركة المدينة تربح 3.5 مليار ريال في 9 أشهر , بنمو 23% , وتوزع 700 مليون عن الربع الثالث ، نتايج مميزة هالسنة "
تغريدته الأخرى " واسك تعلن النتائج : بلغ صافي الربح الربع الثالث 6.37 مليار ريال، مقابل 7.50 مليار ريال للربع المماثل من العام السابق وذلك بانخفاض قدره 24%. " ، تمتمت في داخلها " يععع رياضيات وأرقاام "
أغلقت صفحته بأكملها ، شعرت بالغباء أمام ما يقُول ، إهتماماته إقتصادية بحتة و أيضًا لا تميلُ لهذه الإهتمامات. تنهَّدت وهي تعزم بأن تصلِي إستخارة.

،

بهدُوء ينظر إليْه : كيف يعني بنغيِّر المكان ؟ بس إحنا أتفقنا
رائِد : داري لكن بكلم محمد ويدبِّر لنا مكان ثاني انت عارف يا صالح أننا مراقبين وأنا ماأبي أي غلطة بسيطة
تنهَّد : طيب وين ناوي عليه ؟
رائد : ماراح نبعِّد كثير أفكر بلندن أقرب وأسهل !
عبدالعزيز : طيب إذا كذا ردّ ليْ خبر
رائد رفع عينه للباب الذِي ينفتح كان إبنه فارس ، ألتفت عبدالعزيز له لتصطدم عيناه بعينيْه ، تعلقت نظراتهم كثيرًا حتى أرتفع نبضُ عبدالعزيز الذِي شعر بأنَّ أمره سيكشف الآن.
فارس أكتفى بإبتسامة لطيفة ليُردف : آسف قاطعتكم
رائد : ولدي فارس .. صالح صديق لي
فارس رفع حاجبه : صالح !!
عبدالعزيز وكأنه يترجاه بعينه ، وقف وأنفاسهُ تكشفُ حرارة نبضه : كذا نكون أنتهينا .. راح نحدد لنا لقاء ثاني وهالأوراق فيها كل المعلومات اللي طلبتها
رائد : أوكي راح أشوفها .. بحفظ الرحمن
عبدالعزيز خرج مارًا من عند فارس الذِي يعرفه جيدًا ، تقابل معه في إحدى المرات ، تذكر ذاك الموقف.
بإحدى المقاهي كان بمُقابل ناصر أنتبه لنظراته ، رفع عينه المُستغربة له .. ثواني حتى تشتت نظراته لناصر الذِي نادى إسمه بوضوح " عزوز ".
فارس الآخر كان يتذكرُ الموقف ، من المرات القليلة التي خرج بها من السجن الذِي فرضه عليه والده ، كانت أيام حلوَة تلك التي تولى بها " زيد " حراسة القصر الذي كان يتفق معه مُقابل المال أن يُغطي عليه ويذهب لحيثُ ما يريد ، لكن منذُ شهريْن وهو مسجُون لأن زيد أستلم قصر والده والرجال الجُدد لايعطُونه مجال أبدًا للتفاوض.
عاد لواقعه ، صالح ؟ أعرفُه جيدًا هذا عبدالعزيز سلطان العيد ولكنه متغيَّر ! عوارضه الثقيلة لم أشهدها من قبل ، كان واضح وكأنه يُكبِّر عُمره بعشرة سنين أخرى ! يحتالون على والدِي ؟ ماذا لو أخبرت أبي بأنه عبدالعزيز ؟
أخذ نفسًا عميقًا يُجلجل عقله فقط " عبير ! إن عرف والدي بالتأكيد سيعرف أن عبدالرحمن له يد بالموضوع ومنذُ فتحتُ عيني على عمل والدِي وهو لا ينتقم إلا بالعائلة بأكثر شيء يؤلم أيُّ شخص وهو أحبابه "
رائد : وش فيك واقف !!
فارس بلع ريقه : ولا شيء.
خرج عبدالعزيز مُبتعدًا ليلفظ : ماأنتبه لشي وزي ماسمعت يبي يغيِّر المكان
بوسعود عبر السماعة : طيب أنتظرك نتناقش لما توصل
عبدالعزيز : دخل ولده فارس !
بوسعود : إيه ؟
عبدالعزيز : قابلته من قبل مع ناصر .. عرفني حسيت بنظراته يقول أنه كاشفني
بوسعود : تكلم بشي ؟
عبدالعزيز يُدخل يديه الباردة في جيُوبه : لمّا قال رائد أني صالح قام وسأل قال صالح !! حسيته يشكك بس رائد ماأنتبه لشي
بوسعود بقلق : المشكلة مانعرف ولده إذا أحسن من أبوه ولا نفس الطينة
عبدالعزيز : يوم ماتكلم أرتحت بس يمكن يقوله مدرِي

،

بغضب الصبيـة البيضاء التي ترفضُ التسلط والحدُود ، ترفضُ سلطان بكل ما تحملُ من خلايا عقلية ، تكره سطوته عليْها وأوامره ، تكرهُ تصرفاته مع سعاد سابقًا وتكرهُ تصرفاته معها حاليًا وكأنه والدها ، تكره كل شيء ينتمي إليْه ، تشعرُ بالحقد الشاسع في قلبها، لم تُحبه يومًا كأخ ولا أب ولا شيء ، لم تُحبه أبدًا رغم حاجتها للرجل. ولكن تشعُر بأنه آخر شخص تُفكر بأن تصالحه او تتجاهلُ ما يفعله بها ، أناني يُحرك الناس بحسبِ ما يُريد ، سلطان الشخصُ المنبوذ عندي وأيضًا المُتسع بصفاتِ الحقارة. لا أعرف كيف الرقيقة الجوهرة ترضى به ؟ لا شيء يجذُب لهذا الشخص ؟ لا شيء يجعل من هذا الشخص مدعاةً للحُب ، هذا الشخصُ بالذات الذي أشعرُ بأنه لا يصلح لشيء في الحياة غير القسوة التي تنبعُ منه.
: أنا موافقة وهذي حياتي !! أنا اللي بغلط ولا أنتِ يا يمه ! طيب خليني أجرب وأغلط وأتعلم من أغلاطي .. لاتوقفين أنتي والثاني بوجهي في كل شيء ! تدرين يا يمه أنه أبوي قادر يمشي حكيْه على سلطان وماله دخل فيني !! ولو أبي كان أشتكيت عليه وأنتِ تعرفيني يمه مايهمني كلام الناس ولا أقدِّر لا قريب ولا بعيد .. أنا اقدِّر واحترم الأفعال و ولد أخوك هذا من وعيت على هالدنيا ما وراني يوم حلو ! يحسب كل هالعالم يمشون بمزاجه ..
والدتها تنهَّدت : بس ماجد ما يصلح لك .. أنا أبي مصلحتك .. خليك من سلطان الحين بنتكلم في ماجد
العنُود : أنا من حقي أفكر بمصلحتي ماديًا وإستقراري .. وأنا أشوف أنه ماجد مناسب من كل النواحي
والدتها : وأخلاقًا ؟
العنود : شايفته يسكر ولا يماشي بنات ؟ يا ويلكم من الله كانكم تقذفون هالناس !!
والدتها بإندفاع : ما قذفته بس أنا أشاورك أخلاقيا زين ؟
العنود : إيه أخلاقيا زين أنا دراستي كلها كنت مقابلته في نفس التخصص وأعرف أخلاقه ..
والدتها : يمه يالعنود أنتِ تبين رايي ولا لأ ؟
العنُود بـ وِد : أنا أبي رايك يا يمه بس أنا من حقي أقرر مو انتم تقررون بحياتي
والدتها بضيق : طيب !! بس فكري .. أستخيري
العنُود بإبتسامة : إن شاء الله بس أقنعي الجدار اللي عندك أنه ماله علاقة فيني
والدتها بعتب : إسمه سلطان ماهو جدار
العنُود : تكفين يمه خلاني أكره هالإسم ! انا لا بغيت أوصف شي شين بأقوى المفردات قلت يشبه سلطان
والدتها تنهدت :أستغفر الله العظيم وأتوب إليْه. .. وخرجتْ من غُرفتها.
في جهةٍ أخرى بالمطبخ ، تُقطِّع السلطة حتى تشغلُ وقتها ، عائشة : أنت ما يسدِق أنا *يصدق*
الجوهرة بإبتسامة : أنتِ تؤمنين بأنه الأرواح تعيش بعدين بناس ثانية لكن سعاد ماتت ومافيه أحد فوق ! تراك موسوسة
عائشة : شنو !!
الجوهرة : illusions
عائشة : نُو والله انا يشوف
الجُوهرة : أسألك سؤال ! تحلفين بالله وأنتِ ما تؤمنين بوجوده ؟
عائشة : أنا يقول مثل ما يقول أنتِ
الجُوهرة : طيب قريتي الكتب اللي جبتها لك ؟
عائشة ولقت المخرج الذي تُثرثر به : أنا وين يفضى أنا حتى نوم فيه مُشكل ويَّا هادا نفر مجنون ! مايخلي أنا ينام زين كله قرقر قرقر أنا ما يفهم فلبيني بس ها ها ها كل يوم
الجُوهرة ضحكت و ألتفتت لحصة : تقول الشغالات الثانيات مايخلونها تنام
حصة : عاد عيوش فيها عوابة
الجُوهرة أبتسمت : فيه غرف فوق فاضية لو تآخذ وحدة ماتضر وراه ينحشرون كلهم بغرفة وحدة ؟
حصة بغمزة : قولي لسلطان
الجوهرة بلعت ريقها لتُكمل تقطيع دُون أن تُجيب.
حصَة جلست بجانبها : أمس نمت وما شفتك ! عسى ماكنتي تعبانة ؟
الجُوهرة : لا بس كانت أجوائكم متوترة
حصة تذكرت خناق العنُود وبكائها : إيه الله يصلحها هالبنت
الجُوهرة ألتزمت الصمتْ دُون ان تُبيِّن أيّ ردة فعل ، تشعرُ بغيرة تحرق قلبها، العنُود الكاملة الصاخبة بأنوثتها، وأنا ؟ لا يرانِي سلطان سوَى ناقصة عدد زائِد في هذه الحياة.
حصة بهدُوء : مقدرت عليها ! تبي تتزوج شخص محنا راضين عنه
الجُوهرة بلعت ريقها لتُردف : ليه ؟
حصة : ماهو من ثوبنا
الجُوهرة بللت شفتيْها بلسانها بتوتر : إييه
حصَة : كيفك مع سلطان ؟
الجوهرة : عادِي
حصة : تمام ولا لأ ؟
الجوهرة رفعت عينها : قلت لك من قبل فيه شي أنكسر ومستحيل يتصلح
حصة بغضب : ليه كل هالتشاؤم ! مافيه شي إسمه ما يتصلح !! مهما كان تقدرون تحلُّونه
الجوهرة بضيق تخلط ما قطَّعته : هالكلام قوليه لحبيبك سلطان
: وش تقولي ؟
ألتفتوا جميعًا لباب المطبخ ، أخذت شهيقًا دُون زفير وهي تكتمُ نفسها. لم تتوقع مجيئه مُبكرًا !
حصَة : راجع بدري ؟
سلطان : خلصت شغلي وماعندي شي ثاني
حصَة : طيب روح غيِّر ملابسك وبنحط الغدا
سلطان بصمت خرج !
الجوهرة : طبعا لا تقولين له يحسبني أشكِي لك
حصة أبتسمت : لا لا تخافين سلطان ما يفكر بهالطريقة
الجوهرة برجاء : بس ولو الله يخليك
حصة تنهَّدت : طيب خلاص ماني متكلمة ...
في الأعلى غيَّر ملابِسه وتفكيره يتذبذب عند الجُوهرة ، وضع هاتفه على الصامت وتركه على السرير لينزل للأسفل ويستمعُ لهمساتِهم.
على طاولة الطعام تمتمت : لو تحاولين من هنا لليوم ما تفرق معه
حصَة بضحكة : ماتوقعتك كذا متشائمة حسيتك كتلة تفاؤل تمشي بس طلعتي من جنبها
الجوهرة بإندفاع : لا والله أني متفائلة الحمدلله بس أقولك عشان ما تكبر مشاكلنا بعد ..
حصة تنهَّدت : براحتك
أكمل نزوله للأسفل وجلس بجانب الجُوهرة ، ساد الصمت دُون ان ينطق أحد وسط شك سلطان الذِي يشعرُ بأن موضوع بين عمته وزوجته. يا ثقلُ هذه الكلمة على النفس ، يا ثقل " زوجتي " ، يقُولها وكأنها مرارة يقشعرُ منها وهي ليست هكذا والله. لم تكُن يومًا مُرَّة بقدر ما كان الماضِي المُرّ يصعبُ الإنسلاخ منه.

،

على الأريكة الطويلة مُستلقِي وعلى بطنه رِيفْ تلعبُ بأزارير ثوبه ، غائب كليًا لناصر ، كيف أقوله ؟ كيف أخبره بأن زوجته حيَّة ؟ كيف يتقبَّل أن يسمعها بإنسيابية دُون أن يتجمدُ هذا الكون ويتجمدُ معه ؟ دُون أن يُصيبه فزع يؤدي لحياته ، أتخيل لو أنَّ أحدًا يُخبرني " فيصل أبوك حيّ ! " يالله كيف سأسمعها دُون أن يتحشرجُ هذا العالم ويمُوت. سيُجَّن جنوني وأخشى ذلك على ناصر. لكن كيف ؟ أأخبر وليد يُمهِّد الموضوع ؟ أم أطلب منه المعونة فهو يعرف تماما كيف التصرف بهذه المواقف ولكن كيف سأقنع وليد أيضًا ؟ كيف سأخبره هو الآخر ؟ أخاف حتى أن أخسر صداقته! سيتهمني ورُبما يقطع علاقته معي لأنني كذبت. ولكن كيف أقنعه بأنني مُضطر ، لن يسمعني وليد ولن يقبل بأن يساعدني أنا أعرفه تماما ! مهما كان مُتسامحًا إلا أنه لن يقبل بأن يكُون مستغفلاً بهذه الصورة. أأفعل مثل ما خططتُ له ! أأخبر ناصر أولا وهو من يسترِدُ غادته من وليد دُون أن يشعر ولِيد بتدخلي ، دُون أن يعرف أن ليْ يدٌ بالموضوع. أنا المُخطىء في اليوم الذِي أخبرت أمل بأن تذهب لوليد وهو الأنسب لعلاج غادة! انا المُخطىء الذِي ورطت وليد بحُبها وهي متزوجة. يالله كيف أعتذرُ بطريقة مُناسبة لا تخدش قلوبهم ؟ كيف أكفِّر عن ذنبي لمن أصلح حالي بعد الله ؟ أنا لأجل هذا الشخص أفعلُ كل هذا ، أصلح هذه الأخطاء و رُكامها. لأجله أنا هُنا أخطط لإعلامِ ناصر لكن ليتهُ يساعدني ولا يحملني ذنب الإخبار كله.
: اللي مآخذ عقلك يتهنى فيه
ألتفت على والدته : أفكر بهيفاء
أم فيصل : هههههههههههههههه تتمصخر !!
أبتسم ليُردف : عسى تدُوم هالضحكة ! زمان عنها يالغالية
أم فيصل أبتسمت بحنين كبير لصاحب هذا البيت الذِي أصبح تحت التراب : دام أشوفك مبسوط أكيد بنبسط
فيصل أستعدل بجلسته وفتح الآيباد على الألعاب ليُعطيه ريف حتى تلهى به : كلمتي أم منصور ؟
والدته : إيه عقب ما راحوا الحريم ترددت شوي ماعرفت كيف أفتح الموضوع بعدين قلت لها وبصراحة عطتني موافقة مبدئية وقالت أكيد بو منصور مهو رافض لكن الرآي الأخير بإيد هيفا
فيصل : الله يتمم على خير
والدته بشغف : متحمسة كثيير ، أشوف عيالك حولِي ويملون عليّ هالبيت
فيصل غرق بضحكته : يوه يمه مطولين أول شي أعرفها أشوفها مناسبة تكون أم أو لأ ماأبي أتورط بعيال وبعدين نتطلق
والدته : أعوذ بالله من هالفاال !! أجل كم بتقعد
فيصل بضحكة : كِذا سنتين أو ثلاثة ماعلى أعرفها كويِّس بعدين أقرر بالعيال
والدته : أنا قايلة عيشتك برا خربت عقلك
فيصل بإبتسامة : خل تجي الموافقة وبعدها يصير خير

،

ضي غرقت بضحكتها لتردف : يا ويلك من الله ما بقيتي بنت بالجامعة ما حشيتي فيها هذا وأنتِ تقولين ماتداومين كثيير
رتيل بإبتسامة : أستغفر الله العظيم وأتوب إليْه ، يعني مو قصدِي أحس بس يعني أنتقد !! .. أصلا ذي اللي أقولك عنها أكبر مهايطية عرفتها الرياض بكبرها .. تقول عمها توفى وبنفس اليوم أندفن .. هنود إحنا !! ولا كل ما جلسنا *تُقلد صوتها بحرفية* : أناا بابا شرآ لي هذي الساعه من لوندون .. !!
عبير بضحكة : هذي نور ؟
رتيل : إيه مهي بصاحية هالبنت ههههههههههههههههههههه فيها جنون العظمة !! مرَّة قلت لها أنا شايفة هالفستان في حياة مول بغت تآكلني تقول لا أنا مفصلته خصيصًا من زُهير مراد .. يا شينها ماتنبلع أبد وأنا شايفة فستانها بزارا النصابة
عبير والمطر قادر على تغيير مزاجها : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
ضي : يختي الله يبليك بكرا يقولك فيه حديث فيما معناه أنه الشخص مايموت إلا وهو مسوي الشي اللي كان يعيبه
رتيل : أنا والله سويت أشياء غبية في حياتي بس ما عمري قلت "تقلد صوتها" لوندون ولا عمري هايطت !! قدامنا تهايط ! ولا تغيب أسبوع وتجينا تقول والله كنت مسافرة وهي الكذابة مكفخها أخوها ومنحبسة
ضي : هههههههههههههههههههههه خلااص رتيل حراام
رتيل : ههههههههههههه والله منفقعة كبدِي منها توني أشوف بارسونالها بالواتس آب كاتبة لوندُون تايم. أنا كرهت لندن واللي جاب لندن منها .. الحين لو أتصل على بيتهم ترد عليّ
عبير : ترى حتى أختها الصغيرة يمشي الهياط في دمها !!
رتيل بضحكة : أحس كل مايحبسني أبوي أقول هذي حوبتها الكلبة على كثر ما افشلها ماتتعلم ، مرَّة قلت لها لا تحلفين كذب وشوي بغت تحرقني بعيونها .. أستغفر الله خلاص ماأبغى اتكلم عنها
ضي : عقب وشو !! نتفتيها تنتف
رتيل : يعني فيه فئة الكلاب كأنهم يقولون لي تكفين حشِّي فينا من كثر ماهم يجيبون لنفسهم الكلام زي الكلبة أثير
عبير : ودي أشوفها
رتيل : تلقينها تحوس هنا !! يارب يجي يوم يحترق شعرها ويصير فيه شي عشان يختفي جمالها
ضي أبتسمت : رتووول شوفيها هنااك
رتيل : وينها ؟
ضي : جمب اللي لابس كُحلي
رتيل : شفتوا قايلة لكم ماعندها غير ذا المنطقة !! حيوانة
عبير تُطيل النظر بها : مملوحة
رتيل : شينة هي وخلاقينها !! للحين عايشين حقين التطقيم الجزمة نفس لون الربطة والبلوزة ..
عبير ألتفتت عليها : وش هالغيرة !!
رتيل : يعني أنا ماأكذب ! صدق أغار منها بس هي سخيفة وتافهة يعني ماتسوى شي ! هي وربطة شعرها حقت البزارين .. أمشوا خلونا نطلع
ضي : لا تتحرشين فيها وتقعد تتشكى ترى شكلها من نظام الإستلعان
رتيل : أصير ألعن منها لو تبي ..
خرجُوا من المحل ليسيروا بمثل الرصيف الذِي يضمُ أثير. رن هاتف ضي لترُد : هلا حبيبي
عبدالرحمن : هلابك .. وينكم فيه ؟
ضي : نتمشى قريب من الفندق
عبدالرحمن : طيب أرجعُوا ضروري
ضي : صاير شي ؟
عبدالرحمن :بس أجي أقولك .. المهم أرجعوا الحين بسرعة وأنا جايكم
ضي : إن شاء الله .. بحفظ الرحمن
عبدالرحمن : مع السلامة .. وأغلق الهاتف.
ضي : أبوكم يقول لازم نرجع الفندق بسرعة
رتيل رفعت حاجبها : اليوم بيروح عز لحقهم مدري وش إسمه صح ؟
ضي : إيه يمكن صايرة مشكلة هناك مدري المهم قال أرجعوا
رتيل بقلق حكت أسفلُ شفتها : لايكون صاير شي فيه !!
ضي بضحكة تُقلدها : أنا أصلا مايهمني
رتيل : هههههههههههههههههههههههههههه طيب ما يهمني

،

في الغُرفة الصغيرة بعد أن حكى له كل ما حصَل وما دار ، أردف : أبي أكلمك بموضوع ثاني
عبدالرحمن أغلق هاتفه بعد إتصاله بضيء : وشو ؟
عبدالعزيز بإتزان : أظن جاء الوقت اللي ماتمنعني فيه عن رتيل
عبدالرحمن عقد حاجبيْه : نعم !!!
عبدالعزيز بحيلةِ حديثه الذِي يقوله وهو غير مُقتنع به ، يعرفُ كيف هي النهاية ولكن لا بأس بأن يكذب على نفسه : يعني أكيد ماتبي لبنتك الطلاق !! ولا أنت ماتشوفني زوج مناسب لبنتك ؟
عبدالرحمن تنهَّد : لا تحاول تقوِّلني حكيي ما قلته أكيد أني اشوفك رجَّال والنعم فيه لكن مع رتيل لأ
عبدالعزيز : ليه ؟ عطني سبب واحد مقنع
عبدالرحمن : عبدالعزيز لا تنسى اللي صار بالرياض
عبدالعزيز بهدُوء : عفا الله عما سلف .. خلني أصلح أخطائي وأخطائك
عبدالرحمن : تعرف أني ماغلطت لكن أنت اللي خليتني بأفعالك أغلط !!
عبدالعزيز : طيب وأنا الحين بأفعالي ودي أصلح هالأغلاط
عبدالرحمن : يالله يا عبدالعزيز كيف لك القدرة تكذب حتى على حالك !!
عبدالعزيز يعرفُ بأن بين يديْ ثلاثة هو مفضوح " أبيه سابقًا وسلطان وبوسعود حاليًا " : هي بالنهاية زوجتي ما تقدر تمنعني عنها
عبدالرحمن : لآ أقدر أمنعك ! لا تحاول تمشِّي كلامك عليْ
عبدالعزيز أخذ نفس عميق : يعني ؟
عبدالرحمن : أنت تعرف !!! بنتي ما يجي بعدها أحد
عبدالعزيز : قصدك أثير ؟
عبدالرحمن وقف وهو يرتب بعض الأوراق : أظنك فاهم وش أقصد
عبدالعزيز : الشرع محلل 4 ليه أنت تبي تحرِّم علي ما أحله الشرع
عبدالرحمن ألتفت عليه : والشرع يوم حللك ما قالك عن شروط هالأربع
عبدالعزيز : طيب أنت منت راضي تخليني أكلم حتى رتيل عشان أعدِل أو ما أعدل
عبدالرحمن : أرخصتها يا عبدالعزيز وتحمَّل! ما أمداك ملكَّت عليها وعلى طول رحت تزوجت أثير !! أنت ماتشوفه رخص ؟ وماعاش من يرخص وحدة من بناتي
عبدالعزيز وقف : طيب ممكن تخليني هالفترة بس أقدر أقابلها
عبدالرحمن : فرضًا وافقت تظن رتيل بتوافق ؟ ماراح أجبرها يا عز
عبدالعزيز تنهَّد : إلا بتوافق
عبدالرحمن أبتسم : مشكلة والله ثقتك !! على فكرة حتى لو تشوفها تضحك ومآخذة الأمور بهداوة ماهو معناتها أنها راضية ! إذا أنت منت فاهم شخصيتها أنا أفهمك إياها !! رتيل مهي راضية وإلى الآن تحسسني بالذنب في كلامها دايم !
عبدالعزيز بخفُوت : أخذني بحسبة ولدِك ولا ترفض طلبي
عبدالرحمن ألتفت عليه : وأنا عمري حسبتك شي غير ولدي ؟
عبدالعزيز وبهذه اللحظة لم يفكر بأن يستغل عاطفته أو يمرُ بوترٍ حساس هو فعلاً كان يعنيْها ، قالها بكل ما أعطاهُ الله من حُب وإمتنان : طيب يا يبه ترضاها على ولدك ؟ أنه يجي أحد يمنعه عن زوجته ؟
صمت ساد بينهُم ولم ينتبه عبدالعزيز لكلمته أو وقعه لأنه قصدها فعلاً ، هذه الكلمة التي حُرِم منها عبدالرحمن من أن يسمعها من رجُل يتكئون عليه بناته ، مهما حصَل فكان يحلم بأن يكُن إبنه وينادِيه سعُود مثل ما تعوَّد منذُ مراهقته أن يُناديه الجميع " أبو سعود " حتى ألتصق به الإسم معنويًا ولكن فعليًا أفلس منه.
أردف : طيب يا عبدالعزيز بس بموافقة رتيل !! وأكيد حط في بالك أنك ماراح تآخذ راحتك مررة .. يعني لك من الصبح للمغرب وبس !! وحسب الشغل بعد
عبدالعزيز أبتسم بإتساع حتى بانت صفة أسنانه : أبشر

،

يُخلخل أصابعه بإبتسامة : الحمدلله على السلامة
والده ببحة موجعة مُستلقي على السرير الأبيض ومن حوله الأجهزة الكئيبة : الله يسلمك
ناصِر بضيق : كذا تخوفني عليك ؟ خلاص من اليوم ورايح لك سواق خاص
والده أبتسم وعيناه تحكِي إمتنانه لله بأنهُ عاش ، بأنه نظر لإبنه الآن ، هذا الإبن الذِي لم ينامُ لليالٍ من أجله ، الذِي سيطر عليه وصخبت مسامعه ببكائه بعد غادة ، هذا الإبن الذِي أوجعه الحنين مثل ما أوجع قلبه.
ناصر أبتسم لإبتسامة والده : حيّ هالإبتسامة .. أنحنى وقبَّل كفِّه.
والده أشار له بعينيْه لقارورة الماء ، وقف ناصر مُتجه وبغطاء القارورة سكب الماء لأن معدتهُ لأيام لم يدخل لها شيئًا فليس من الصالح أن يشرب كمية كبيرة ، سدّ رمقه ليُردف : عبدالعزيز شخباره ؟
ناصر : بخير الحمدلله ..
والده تطمئن فبهذه الحياة المُتسعة لا يملكُ سوى ناصر وعبدالعزيز حتى يخاف عليهم.
ناصر : كلمت الدكتور الصبح وقالي إن شاء الله هاليومين بتنوِّر بيتك
والده : الحمدلله ... ودي أصلي
ناصر بهدُوء : صلّ يبه بعيُونك ...
أبتعد ناصر قليلاً حتى جلس على الكرسِي ينظرُ لوالده ، حركات شفتيْه الخافتة وأصبعهُ الذِي يرتفع وينخفض ، إنحناءةُ رقبته القليلة بنية الركُوع والأخرى بنية السجُود. لمعت الدمعة في عين والده ، وميضُها أخترق صدر ناصر الذِي ينظرُ إليه. يالله يا رحمتُه كيف هي واسعة ؟ سُبحانه لا يشارك في مُلكه أحدٌ كيف حمَى رُوحًا أوشكت على الموت! سُبحانه لا إله الا هو الحي القيُوم.

،

تكتبُ له على جبيرتِه البيضاء " حبيبي والِدُ أطفالي قريبًا ، إني أُحبك بقدر ما قهرَ هذا العالمُ أفرادِه بالحرُوب وبقدر ما ولَد الحُب في الحرُوب و بقدرِ ما تراقص العشاق تحت المياهُ العذبة ، إنِي أُحبك بكل الأشياء الحسنة في هذه الحياة وإن حدث شيئًا كسَر هذا الحُب إني والله العظيم أُحبك "
أبتسم بحركة شفاهه التي تقرأ : و أم أطفالي شكلها بتصير شاعرة
غادة بإبتسامة : أتمنى لو أني أكتب شعر .. عيونك تستحق والله
ضحك بخفُوت ليُردف : شوفتك بالنسبة لي تغنيني عن القصايد كلها
غادة بخجل تغطي وجهها بكلتا يديْها : خلاص خلاص لا تتغزل بشكل مباشر
ناصر : تبين بشكل مبطَّن ! من عيوني هههههههههههههههه
على وقع الضحكات الصاخبة والهمسات الدافئة عند إذنها فتحت عينيْها المُتعرقة/ الباكية. نظرت للسقف الذِي تشعرُ بأنه يبكِي معها بتصدعاته ، صمتت وهي تسترجع الحلم الذِي غيَّب عقلها ، كأن طينٌ يقف في حنجرتها ، غصَّة وهي تشعرُ بأن حياتها السابقة مليئة بالحُب والتفاصيل الملوَّنة. لا تُريد الخروج من الشقة ، لا توَّد أبدًا أن تسير بشوارع باريس التي تشعرُ بأنها تحفظها.
ألتفتت لهاتفها رأت 3 مكالمات فائتة من وليد ، هذا الإهتمام الذِي يقتلُها و يشطُرها نصفيْن.
أتصلت عليْه وبصوت مختنق أجابته : هلا وليد
وليد : هلابك ، صح النوم
رؤى : صح بدنك .. ماأنتبهت للجوال
وليد تنهَّد : ودك تطلعين مكان ؟
رؤى : لآ مالي مزاج بجلس ..
وليد : طيب وش بتسوين ؟ العزلة بدون ممارسة شي بتخليك تفكرين بأشياء سوداوية .. وش رايك أجيب لك كتاب ولا فيلم تطالعينه
رؤى بضيق : جيب لي أي كتاب !!
وليد بـ وِد : خلاص أبشري ، بجيب لك وبروح أراجع أشغالي .. لأن بفتح العيادة هالفترة !! المهم بطلب لك أكل راح يجيك وأنتعشي الجو مطر وراح يجدد روحك ولا تنسين الدعاء في هالوقت
رؤى تشعرُ بالبكاء أمام هذا الكم من الإهتمام ، من الحُب ، من جمال الوليد : إن شاء الله .. ماتقصِّر
وليد : بحفظ الرحمن .. أغلقه.
رؤى مسحت وجهها بكفوفها وسحبت منشفتها لتدخل لإستحمامٍ يُبدد السواد الذِي يُحيط بها ، الماءُ ينسابُ على جسدِها وتفكيرها ينحصرُ بالغائبين اللذين تركوها. هذا ناصر ! انا بدأتُ أعرفه ، لكن ليتني أعرفُ ملامحه ، هيئته ، صوته ، لِمَ لا أعرفُ إلا صوته الذِي يحرق سمعي بحرارته في كُل مرةٍ يسيطر بها على عقلي ويغيِّبُ قلبي معه.

،

في أطرافِ ليلْ الرياض الداكن ، يهبطُ بكل خفَّة على السماء لينشر ظلامه ، على السرير تستلقِي لم يحضرُها النوم إلى الآن ، تُفكر بحياتها وبحياة إبنها الذِي في بطنها ، وضعت كفَّها على بطنها الذِي بدأ يبرزُ قليلاً ، تعبت في الفترة الأخيرة تعبُ سنين وهي تشعرُ بتقلصات وكأنَّ روحها ستخرج ، هذا الألمُ الذِي نهايته فرحَة ولكن تخشى من هذه الفرحة ! تخشى من هذه الحياة ! كيف تحمِي نفسُها دُون رجل يقف ويُدافع عنها إن جَارَ عليها يُوسف وعائلته.
دخل : السلام عليكم
مُهرة : وعليكم السلام
يُوسف دخل للجُزء المنزوي في غرفته المخصص للدواليب ، غيَّر ملابِسه ليستلقي بجانبها ويمسك هاتفه ، ثواني قليلة حتى وضعه على الصامت ، نزع ساعته ووضعها بجانب هاتفه وألتفت على مُهرة : مو جايك نوم ؟
مُهرة بلعت ريقها : بنام الحين .. غطت جسدِها حتى ذقنها بالفراش الخفيف ، تشعرُ بالبرودة بمُجرد ما تُفكر بالمستقبل وقلقها منه.
يُوسف نظر إليْها وأطال بالوقت وهو يتأملها : مُهرة .. وش فيك ؟
مُهرة تنامُ على جنبها الأيمن مُعطية يوسف ظهرها ، لم تلتفت إليه : ولا شي
يُوسف أقترب منها : طالعيني ماراح أخليك تنام لين تقولين لي
مُهرة ألتفتت عليْه : مافيني شي والله بس أفكر
يوسف المُستعدل بجلسته : بـ وشو ؟
مُهرة تنهَّدت : ولدي
يُوسف أبتسم : وش فيه ؟
مُهرة : أفكر بالمستقبل
يوسف فهم قصدها : منتِ واثقة فيني ؟
مُهرة : ماهو سالفة ثقة بس حتى الأخو يخون أخوه
يُوسف تنهَّد ليستلقي بجانبها: أتركي المستقبل عنك وركزي بالحاضر .. الله يكتب لنا الخيرة في أفضل الأمور
مُهرة تنظرُ له بضياع : كيف ماأفكر فيه ؟
يُوسف : لأنك بتضايقين نفسك على الفاضي ، خليها على ربك وماراح يضيع حق أحد
مُهرة بهدُوء صمتت ولم ترد عليه..
يوسف أبتسم : ناامي
مُهرة بادلتهُ الإبتسامة لتبان الغمازة التي لاتظهر كثيرًا : تصبح على خير
يوسف : وأنتِ من أهل الخير والسعادة
مُهرة عادت لوضعيتها السابقة ولكن تشعرُ بإشتياقها لصدره رُغم أنها لم تنام عليه من قبل ، ألتفتت عليه وبهدُوء أبعدت شعرها جانبًا ووضعت رأسها على صدره ووضعت يدها اليُمنى على بطنه ، لم تتجرأ أن تضع عينها بعينه وأكتفت بأن تُغمضها محاولةً النوم.
يُوسف قبَّل رأسها القريب و المُغطى بحريرها الأسود ووضع يده اليمنى خلف ظهرها. هذا القُرب الحميمي يجعلُ قلبها يقشعر بينما يُسلِّم يُوسف لحياةٍ سماوية يصفى بها باله حتى ينام.

،

ليل أسطنبُول المضطرب ، دخَل بعد أن تركها طيلة اليوم ، تنهَّد ليشتت أنظاره بإتساع الشقة التي تحتضنهم ، لم يراها ! أتسعت محاجره ليطرق باب الحمام كثيرًا حتى فتحه ولم يشاهد أثرًا لها ، كاد يجن جنُونه ! أين ذهبت في هذه الساعة ؟ وكيف تذهب ؟ توعَّدها بغضب كبير وهو يخرج هاتفه . .

،

تُريد ان تكسر خاطره فقامت بتعقيد حاجبيْها برقَّة مُبيِّنة حزنها الكاذب : أرجوك
بضحكة : لم أتوقع أنَّ نساء الرياض محتالات
أفنان : عفوًا ولكنِني من الدمام
جاك ضحك ليُردف : أين تقع هذه ايضًا ؟ توقعت أن الرياض هي التي ترسل فتياتها فقط
أفنان : المنطقة الشرقية
جاك : حسنًا
أفنان : ماذا بالنسبة للخروج ؟
جاك بضحكة عميقة : لا مرفوض
أفنان : أرجوك أُريد الذهاب لباريس نهاية هذا الأسبوع ، عائلتي هناك
جاك ينظرُ لنواف الخارج من المصعد : نِوَاف
لم ينتبه لأفنان التي تُعطيه ظهرها : هل تسمع بأن تأخذ مامدموزيل أفنان إجازة ؟
نواف ألتفت عليها : تبين إجازة ؟
أفنان : إيه بس الجمعة عشان الخميس بروح باريس أهلي هناك
نواف بفضُول لام نفسه عليه كثيرًا : قصدك زوجك ؟
أفنان أرتبكت : هاا !! لا لا بس بنات عمي
نواف بتوتر ودّ لو لم يتكلم : إيه خلاص

،

الساعة تُشير للرابعة فجرًا ، لم ينام بعد . . نظر إليْها وهي تتقلب وكأنها تواجه شيئًا ، أقترب منها : الجوهرة !
لا تردُ عليه وأتضح أنها صحَت ولكن لم تفتح عيناها ، غطت وجهها بكلتا كفيْها لتجهش ببكائها.
سلطان ويده على رأسها : بسم الله عليك .. قومي صلي لك ركعتين
لا تُجيبه بشيء سوَى بكائها ، شعرت بأنها تُقطَّع أنصافًا ، بأنَّ شيئًا أثقل عليْها وهي ترى والدها يمُوت في الحلم ، إن ذهب من سيقى ليقف معها ؟ إلا الموت ! لا شيء يجعلنا أقوياء أمامه ، هذا الموت الذِي يأخذُ أحبابنًا تباعًا يقتلنِي قبل أن يأخذهم ، يقتلُ قلبي الذِي أعتاد عليهم. شعرت بالإنهيار من فكرة أن والدها يمُوت.
سلطان : تعوَّذي من الشيطان ..
الجوهرة أبعدت كفوفها ووجهها يتبلل بدمعها ، بعينٍ مُحمَّرة مختنقة بالدمع نظرت إليْه وسُرعان ما أبعدتها.
سلطان عقد حاجبيْه : أقري أذكارك قبل لا تنامين
الجوهرة أستعدلت وجلست لتُخفض نظرها ودمعُها ينسابْ بهدُوء ، سلطان أقترب أكثر حتى شعر بأنَّ أنفاسه هي أنفاسُها . .

.
.

أنتهى
أشتقتوا للمقتطفات :$ طيب دُوكم :$$
" لمحَة حُب ، ضحك بشدَّة مُتغزلاً : بالله ماهي صاروخ ؟ ، ألتفتت عليْه وهي توَّد أن تشتمه أن تبصق عليه أن تقهره أن تصفعه ، أن تفعل أيّ شي لتُخفف من قهرها الآن ! ، أجابته وهي تقف بغضب : ذوقك معفن يا معفن "
" لمحة حقد ، لا يرضى بأن يكُون والده في محل إستغفال مهما فعل يبقى والده الذِي لا يرضى عليه بشيء ، هل يُخبره ، أن يقُول له ما يعرف ! "
" لمحة عتب ، تنظرُ له بضياع الكلمات ، بضيق المسافات التي تفصلُ بينه وبينها ، شتت نظراتها لتُردف : عُمري ما منعتك عن شي ! حتى في الوقت اللي كنت ماأبي هالشي جيتك وخفت من لعنة الملائكة عليّ "


.
.



إن شاء الله يروق لكم البارت ويكون عند حسن الظن دايم :$()

لاتحرمونِي من صدق دعواتكمْ و جنَّة حضوركمْ.

و لا ننسى أخواننا المسلمين المُستضعفين في كُل مكان أن يرحمهم ربُّ العباد و يرفعُ عنهم ظُلمهم و أن يُبشِرنـا بنصرهُم ، اللهم لا تسلِّط علينا عدوِك وعدونـا و أحفظ بلادِنا وبلاد المُسلمين.

و اللهم أرحم أمواتنا وأمواتِ المُسلمين :" +

+ و أيضًا لا ننسى عظمة الإستغفار.
لا تشغلكم عن الصلاة


*بحفظ الرحمن

لمحت في شفتيها طيف مقبرتي .. تروي الحكايات ان الثغر معصيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن