السلام عليكُم و رحمة الله وبركاتهْ.
عساكُم بخير يارب و السعادة ترفرفْ بقلُوبكمْ ()"
سعيدة جدًا بكم وبكل عين تقرأنِي من خلف الشاشَة ممتنة لها وممتنة لوقتْ سمَحْ بِه قارئِي مهما بلغ عُمره أو جنسيته أو كان من يكُون .. ممنونَة جدًا لهذا اللطفْ الكبيرْ الـ تغرقونِي بِه في كل لحظة.
مُتابعتكُم شرف لي وشرف كبير .. أحمد الله وأشكُره على هؤلاء المتابعينْ .. والله ولو تابعنِي شخصُ واحد لـ قُلت : يابختِي .. كيف بـ كل هذه المتابعة الفاتِنة لقلبي وجدًا.
الله لايحرمنِي منكم و اعرفُوا أنكم تحلُون بـ جزء كبير من قلبي ()
شُكرًا كبيرة لهذا الدعمْ و من خلف الكواليس شُكرا على هذا الكم من التقييماتْ.
رواية : لمحتُ في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية , بقلم : طيش !
الجزء ( 47 )
،
أرتدى ثوبـه الأبيض ذو طلةٍ كلاسيكية ، يعتلِي رأسهُ شماغٌ أحمَر ، بأصابعه هذَّب شُعيرات سكسوكتِه السوداء التي تعكسُ بياض بشرتِه التي تميلُ للسُمرَة ، وضع قلمه الأسود والمحفُور به بطريقة عُثمانية " عبدالله القايد " أخذ محفظته السوداء و هاتِفه – جالكسي – و نزل بخطواتٍ سريعة للأسفل و رائحة العُود تسبقه لأمه
والدته : تبارك المساا
ضحك لينحني مُقبلاً رأسها : متبارك فيك يا أميمتي ...
أتته الصغيرة ذات الشعر البُندقي والبشرة البيضاء ، تركضُ بخطواتٍ متذبذبة ، فتح لها ذراعيه لتدخل بها : هلا بشيخة البنات كلهُم
والدته تسكبُ له القهوة : كل هالكشخة لمين ؟
أبتسم فيصل ليُردف : معزوم
والدته أبتسمت والتي لا يتضح عليها عُمرها أبدًا إبتداءً من شعرها البنِي المرفوع نهايةً بجسدِها المشدُود : و ولد عبدالله مايقولنا وش هالعزيمة ؟
فيصل وهو يُلاعب رِيفْ بيديْه : معزوم على تمايم ولد ريانة حبيبة قلبك ! *أردف كلمته الأخيرة بضحكة*
والدته بدهشة : منصور تزوَّج !!
فيصل : والله يا أميمتي أنك غايبة عن هالعالم ! تزوج وعنده بزر وحتى يوسف تزوَّج
والدته : ماشاء الله ، الله يوفقهم ويهنيهم
فيصل بهدُوء : ماصارت ! عازلة نفسك عن العالم وناسك وحبايبك .. خلاص أطلعي وونسي روحك !
والدته بمثل هدوئه تُضيِّع الموضوع : عطني ريف لاتوصخك ....
فيصل تنهَّد ووقف : تآمرين على شي ؟
والدته : سلامتك وأنتبه على نفسك
فيصل قبَّل كفَّها المُعطَّر بالجنَّة : إن شاء الله . .
خرَج و ركب سيارته البي آم دبليو السوداء ، نظر لنفسه بالمرآة و عقله يغيبْ لأحداثٍ يكرهُها ، أولُ لحظةٍ شتم فيها عبدالرحمن آل متعب و أولُ كلمةٍ سيئة لفظها بوجهِ سلطان بن بدر و أول حقدٍ نفث به على وجهِ عبدالله اليُوسف والِد منصُور .
لا ينسى أبدًا عندما قال لسلطان العيد في وجهه و أمام الجميع " راح أخليك تترجاني " يالله يا وقاحة تلك الكلمة و يا وقاحة نفسي حين قُلتها له .
كل الأشياء السيئة كانت ترتطمُ به عندما توفى والِده إثر التدريبات و ترك كُل الذنب عليهم ، قطع علاقتِه بتلك العوائِل رُغم حبه لهم سابقًا ، قبل سنةٍ تقريبًا تبدَّل الحال و رُغم ندمه على بعض أفعاله التي فعلها بأشخاص لاذنب لهم سوى إرتباطهم بتلك العائلة إلا أنه تغيَّر عندما تعرَّف على شخصٍ أستطاع أن يجعلُ منه شخصًا آخر ، و لأجل هذا الشخص أنا هُنا في الرياض ، قريبًا جدا سأُصلح الأخطاء و سأردُ دين هذا الشخص .
تمتم : يارب أشوفك يا ناصر
،
رسالةٌ قديمة على البريد الإلكتروني تحمل تاريخ 17/12/2009 ،
" رتابـة الأيام تشطُر الحياة سوادًا ، تعال إليْ في مثل يومٍ كهذا أشتهِيكْ كالسماء و أكثر "
ترك حاسُوبه الشخصي ليبحث في الأرفف عن أقراصِ دائريـة تحملُ له الذكرى و تُشبع شوق نظره إليْها ، لايعرفُ لماذا كان يُحب أن يصوِّرها دائِمًا رُبما لأنه يخشى فقدانها لذلك أراد أن يحتفظ بها ، لم يكُن شغوفًا بالتصوير كحالته معها ، كانت شيءٌ إستثنائِي يوثق به حتى الأشياء البسيطة ، تلك الأشياء التي تتركُ في قلبه عمقٌ لا يُسَّد بسهولة ، من يحفظُ الذكريات كثيرًا يخافُ الفُقد ،
أدخل السي دي ليجِد أن الفيديُو مشوشًا ولا يعمل ، شتمُه كأنه إنسانٌ واقِف أمامه ليُدخل السي دي الآخر و فتح له على صفحةِ بياضٍ مُمتدة من قلبها ،
" تُخرج لسانها بشغب و من خلفها ربيعُ باريس الزاهي ، وضعت نظارتُها الشمسية مُردفة : عادي أفصخ حجابي دام مافيه أحد ؟
ناصِر الممسك بالكاميرا : طبعًا لأ
غادة تنزعُ الحجابْ بهدُوء ليتراقص شعرها على كتفيْها والهواءُ يُداعبه ، المكانُ الأخضر جنَّـة تخلُو من الجميع الا ظلالِهم : في قلبك موافق وهذا يكفيني
ناصر : على كيفك قررتي أني موافق !! ...
سارُوا للداخلِ أكثر مُبتعدين عن الأطراف التي توازي الطُرق ، ألتفتت عليه : صورني وبرسلها لهديل عشان تتحمس و توافق على اللي خاطبها
ناصر بضحكة : مين خطبها ؟
غادة : ماأعرفه بس ولد السفير وأبوي مدحه وطيَّره للسماء بس عيَّت تقول ماأبي آخذ واحد عنده ميول سياسي
ناصر بحماس : عبدالعزيز وش قال ؟
غادة : كنك داري ههههههههههههههههه قام يتطنز عليه طلعه ولا شيء !!
ناصر : لأن هو ذاك اليوم مع عادل يقول إذا قررت أتزوج بتزوج بنت شخص بسيط ماراح أتزوج بنت واحد عنده منصب مهم ! وحتى خواتي ماراح أرضى تتزوج واحد ولد شخص مشهور ولا شخص له منصب كبير
غادة : أصلا كل يوم أكتشف في عبدالعزيز عقد بشرية في مخه !! أمس أقوله أنت ولد شخص مشهور وله منصب سابق يعني ممكن فيه ناس تشوفك بهالمنظور قام ضحك وقالي أنا حالة إستثنائية
ناصر : بذكرك باليوم اللي راح يجي ويتزوج وحدة توازيه في المستوى الإجتماعي
أنتهى الفيديو ، يالله لو أكملناه لثواني لو للحظاتٍ بسيطة فقط لأراها أكثر لأسمَع أحاديثٍ أخرى ، لو فقط يا غادة تأتين كالحلم و أراكِ .
،
دخَل سلطان وكعادتِه رمى سلاحه الشخصي مع مفاتيحه على الطاوِلـة الخشبية و أتجه للغرفة العارية من كُل شيء وتضمُ تُركي ، أتجه خلف الكُرسي المربوط به وفتح قيْدِه ، جلس أمامه بصمتْ ،
أنحنى تُركي بوجهه ليجهش بالبُكاء كطفلٍ صغير ، لا أحد حوله ! لا أُم و لا أب ! لا أحَد يشعُر بألمِ تُركي الذي لا نفهمه ، أو كيف يشعُر ؟ لا عُذر يُبرر له ما فعَل و الله لا عُذر يشفي حُزن الجوهرة و كسرُها الذي جفَّ و صعبٌ على الحياة أن تُبلله !
لكن لِماذا ؟ لِمَ فعلت هذا ؟ كيف نسيْت الله و فعلتُها غدرًا من وراءِ ظهر أخيك ؟ كيف فقط قُل ليْ أيُّ الأعذار ستُخفف وطأة مصيبتنا !
سلطان بهدُوء الأموات الذي يلفُهم لولا بُكاء تُركي : أخوانك يسألون عنك ! قولي بس وش أسوي فيك ؟ أنت تدرِي أني مقدر أشتكي عليك وماعندي شهُود ! لكن الله ماراح يضيِّع حق أحد ! ولا راح أرضى أنك تبقى هنا وتكرر اللي سويته مع الجوهرة بغيرها !! راح تعترف يا تُركي ولا كيف ؟
تُركي ولا يردُ عليه الا بالبكاء المُزعج لكل روح إنسانية ، بُكاء يُفكِك قسوة الحجر .
سلطان عقد حاجبيه : أعترف لأن خلاص محد راح يفيدك لا عبدالمحسن ولا عبدالرحمن ! كلهم يدورون عليك و عبدالمحسن أكيد ماراح يسكت والله يعلم وش مخطط يسوي فيك !
تُركي ببحة قاتلة جعلت سلطان يشتُم كل هذه الحياة لأنها تُشبه بحة الجوهرة في البُكاء : أذبحوني ... ماأبي هالحياة .. ماأبيها
سلطان بحدة : و لا هي تبيك ! محد يتشرف أنك تمشي جمبه حتى الشوارع تكرم منك !!
تُركي ببكاء يتخلى فيها عن رداء الرجولة الشرقية : والله أني أحبها
سلطان و نفسه مُرهقة من هذا الحديث ، وقف ليُعطيه ظهره ويلفُظ بحرقة : بنت أخوك ! فاهم وش يعني بنت أخوك !!! .. ألتفت عليه ليصرخ ... مايجوز لك .. أفهم أنها ما تُحل عليك
تُركي بصراخ آخر : طيب أحبها !! والله أحبها ... أقسم لك بالعلي العظيم أني أحبها غصبا عني .. غصبًا عني أحبهاا
سلطان بسُخرية غاضبة : تعرف عن مين تتكلم !! تتكلم عن زوجتي يعني ممكن أحرقك في جحيم حبها عشان أعلمك كيف تحب
تُركي بصوت مُضطرب وخافت : ماتفرق معي .. ماعاد تفرق .. أما حياة مع الجوهرة أو فلا .. ماأبي هالحياة
سلطان : لا تحدني أجرِّك الحين للتحقيق وأخليهم يعتقلونك رسميا وساعتها ماراح يفيدك هالحُب
تُركي و الجرُوح تنتشر على وجهه ، رفع عينه بإتجاه سلطان : قلت لك ماتفرق
سلطان بغضب : عقوبتك مثل عقوبة الزاني المحصن يعني القتل !!
تُركي : ماتقدر تثبت شيء أنا والجوهرة نحب بعض والله نحب بعض
سلطان و تنرفزت حواسه بأكملها ، دفع الكُرسي الذي كان جالسًا عليه و هو يُشير بسبابته : يعني ماراح تعترف
تُركي ودمُوعه مازالت تُبلله : أثبت أنه الجوهرة ماتحبني !!
سلطان بحدة : لآ تنسى أنك أغتصبتها
تُركي : لأ هي جتني
سلطان بغضب : أغتصبتها
تُركي : لأ
سلطان و يُكرر عليه حتى يستفزه ويعترف : أغتصبت بنت أخوك وأنت عارف أنه حراام
تُركي : لأ .. والله لأ
سلطان : أغتصبتها
تُركي ببكاء : لآآآآ أنا ماأغتصبت أحد
سلطان صرخ : أغتصبتها
تُركي : لأ
سلطان : جيتها في آخر سنة لها بالثانوي وأغتصبتها لأنك مالقيت أحد في البيت !! لأنك جبان مقدرت تسوي أفعالك الا بغياب أخوك
تُركي بجنُون : لأ
سلطان : أنت اللي تتحمل الذنب كله ! أنت اللي راح تتعاقب وأنت يا تركي اللي بتطيح في شر أعمالك
تُركي يهز رأسه بالرفض : كذااب .. لأ ..
سلطان : كلهم بيوقفون ضدك !! أخوانك و أهلك كلهم بيستحقرونك ! بتموت في فضايحك يا تركي
تُركي يضع كفيْه على أذنِه و طريقةُ الجوهرة تُعاد بهيئةٍ أخرى ، يكرهُ هذا التشابه بأفعالهم ، يكرهه أشد كُره ليصرخ بغضب : روح وقول للقاضي والله أنا أحبها ! وشوف وش بيسوي فيك !
تُركي مازال واضع كفوفه ليسدُ إذنه وهو يرفضُ الإستماع له
سلطان : أغتصبتها !!! أعترف وخلك رجَّال لو مرة وحدة !! ... أنت أصلاً حرام عليك الشارب !!!! اللي عمره 11 سنة أرجل منك ... *صرخ به* أعترررررررررررررف لأن لو وصلت أمورك للمحكمة صدقني ماراح تفلت من العقاب !! أعترف باللي سويته و لاتنسى مين أنا !! حط في بالك دايم إذا أشتكيت وش بيصير ! خل هالشي في بالك
تُركي : ماسويت شي .. ماسويت شي .. ماسويت شي ... كرر كلماته كثيرًا في جنُون.
سلطان : أغتصبتها ... أنت يا تركي أغتصبتها بدون رضاها
تُركي صرخ : لأ
سلطان : إلأا أغتصبتها .. أغتصبتها و 7 سنوات تتحرش فيها !!
تُركي : لأ .. أنا ماني كذا
سلطان صرخ : أغتصبتها
تُركي بصراخ يبكي : لأ .. والله لأ
سلطان بعصبية : لآ تستهين بإسم الله على لسانك !! لا تحلف فيه كذب .. خاف ربك في نفسك
تُركي بتعبْ : لأ .. لأ
سلطان بهدُوء : أغتصبتها يا تُركي و راح تلقى جحيم هالدنيا قدامك
تُركي : لأ . . ماأغتصبتها
سلطان صرخ : إلا أغتصبتها
تُركي : ماأغتصبتها
سلطان يشد على أسنانه لينطق من بينها : إلأا أغتصبتها
تُركي بإرهاقٍ بكى : أيهه بس والله ماكنت أبي أسوي كذا .. هي والله اللي خلتني أحبها .. شفتها ومقدرت أمسك نفسي
سلطان بغضب صفعه ليرتمي على الأرض ، إعترافه وإن كان متوقعًا إلا أنه شطر كل ذرة رحمة في قلبه : هان عليك أخوك !! هان عليك ربك قبل كل شيء !
تُركي : ما هو بإيدي
سلطان بصرخة أرعبته : هذا إغتصاب عارف وش يعني أغتصاب !!! كيف تنجذب لها وهي بنت أخوك ! كيف تشوفها بهالطريقة القذرة !!!!!!
شدَّهُ من ياقتِه : راح أجيب أخوك وقدامه بتعترف وبعدها يا تُركي أطلب من الله حسن الخاتمة !!
،
في أطرافِ الليل المتسرِب بين جُدرانِ الوحدة ، غادر الرياض و ترك قلبٌ من بعدِه مثقُوب ، ترك أنثى غجريـة يرفرفْ قلبها على شوكٍ منثُور ، ترَك حُزنًا مُتلبِسٌ في عينيْها ، تركها و لم يعرفُ ثمَن ضحكاتها و لا فرحها ، لم يعرفُ كيف يُجازِي الحياة بها إلا بالجرح !
منذُ الأمس وهي لم تخرجُ من غرفتها ولم يدخلُ جوفها إلا الماء ، منذُ الأمس وهي تبكِي بحُرقة و تنامُ لبُضعِ ساعات وتستيقظُ باكية ، منذُ الأمس وهي لا تستوعبُ فجيعة ما يحصلُ بها ، منذُ الأمس و هي ميتــة نسبيًا بعد أن حشرُوا الأشواك في قلبها .
منذُ الأمس وهي ساقطة على سريرها لم يبقى قطعةٌ قطنية لم تتبلل ببكائِها ! أحترقتْ وغابُ وهجُ هذه الحياة بعينيْ ،
جلست على سريرها وهي تحتضنُ الخُدادية المُزخرفة بألوانٍ مُبهجة تجلبُ العصافير وأصواتها ، وهذا المفروض إلا أنَّ البُكاء أفقد القُطن شهيتهُ بالحياة ،
يهدأ بكاءها لحظة و يعتلي مرةً أخرى ، يزرعُ بها سمُوم الحقد و ينبتُ بقلبها ألفُ غصنٍ من الحزن ذابل ، يالله " قد إيش موجوعة منك "
أرتجفت وهي تُعاود بُكائِها ، خرج صوت كلماتها بين بُكائها وهي تلفُظ : آآآآه
من يُطهِر قلبي من هذه الأشواك ؟ من هذا الحُزن ؟ من يُخبرني كيف أبتسم مرةً أخرى ؟ تعبت و ربُ هذه الحياة مُتعبة من كل هذا ! لِمَ كل الأشياء التي تُحزنني هي منك يا عبدالعزيز ! لِمَ كل الأشياء الحزينة التي ليست مِنك هي تتواطؤ معك حتى أبي !! أبي الذِي أتيتُ من ضلعه تواطؤ معك و مع عذابِي ! يالله أكان هذا عقاب الطيش ؟ أكُنت أستحق كل هذا ؟ منذُ اليوم الأول الذي رأيتُك به و كسرني بها أبي بعقابه إلى هذا اليوم و أنا لا أفهمُ لِمَ كل شيء يقف معك يا عبدالعزيز !
حتى أنا ! حتى أنا لا أعرف كيف أستحقرُك ؟ أو كيف أُحزنِك ! حتى " أنا " تعصيني و أُحبك ! لِمَ أُحبك ؟ " ليه "
أرتفعت شهقاتها وهي تسألُ نفسها " لِمَ تُحبه "
و إني فهمتُ حديثهم عندما نطقُوه " إن الله يُمهل ولا يُهمل " أمهلني الله الكثير حتى أُصحح أخطائِي ، أمهلني ولم أتعلم ! أتبعتُ عنادِي وحقدِي حتى أكسُره و بالنهاية كسرنِي ! و بالنهاية كسرني حتى أبي .
و أنا الذابلة بالحُب من رأسي إلى أقدامِي : كسرُوني ، الله عليك كيف قدرت يا عزيز تجرحني بهذه الطريقة ؟ و ربُ هذا الحُب لِمَ تستهينُ بقلبٍ وهبك حُبًا سرق من الحياة كل شيءٍ لأجلِ ان يعيشك !
هان علِيك كثير بأن تُسقطني حُزنًا !! هان عليك و أستسهلُه قلبك ، ليتَك شعرت بحُرقة كلماتك على قلب أنثى تعشقك مثلي ،
. . منك لله يا أناني .
،
جالِس على الأريكة النحيلة وبين يديْه السبحة و هالاتٌ من الضيق تطوف حول عينيْه و تعرجات جبينه تكشفُ حزنه ، تقدَّمت إليْه بكأس شايْ ساخن و رائحة النعناع تفوح منه : لا تحمِّل نفسك فوق طاقتها
أخذ الكأس و جلست ضي على الطاولة التي أمامه : لا عبير ولا رتيل طلعوا من غرفهم اليوم
ضي بضيق : حاولت أكلم رتيل بس مافتحت لي الباب
عبدالرحمن بهدُوء : ماعدت أعرف وش الغلط ووش الصح
ضي تمسك كفِّه لتشد عليه : مو أنت اللي علمتني أنه الأشياء اللي تزعجنا نسويها عشان نحفظ أنفسنا !! و رتيل أكيد فترة وبعدها راح تتفهم الموضوع وتعرف أنه هذا بمصلحتها
عبدالرحمن : اللي شاغل بالي أنه اللي صار , صار من عز ! هو حتى نفسه يجرحها ، كيف رتيل ؟ .. أكيد سمَّعها كلام يسم البدن ! أكيد قالها شيء خلاها تثور بهالطريقة ! ... عز يأذي نفسه ويأذي اللي حوله دايم
أنزل الكأس ليُردف بحزن : وأنا كل ماقلت هانت جد علمِ جديد
ضي أخفضت رأسها و هي التي تتألمُ من ألمه وتشعُر بحُزن بناتِه وبناتِ قلبه ،
أردفت : كل شي بيتصلح إن شاء الله
عبدالرحمن وقف ولكن يدِ ضي قاطعت إتجاهه : لآ تضغط عليها ، أتركها هاليومين
عبدالرحمن بغضب : مقدر أتحمل وأصبر !! هذي بنتي يا ضي كيف أسكت وأنا أشوفها كذا .. ترك يدها وصعد للأعلى ،
ضي تلألأت دمعة على خدها ، لاتبكِي من أجل ما يحدُث ، تبكِي من ألمِ الأب على إبنته والتي أفتقدتهُ طوال حياتها .
طرق الباب ولا ردُ يأتيه ، بصوتٌ خشن موجوع : رتيل ..
رفعت عينها بإتجاه الباب الذِي يُطرق ، وصوتُه يلتهم كل خلية في عقلها ! يلتهمُه ويُحزنها !
عبدالرحمن : رتيل عشان خاطر أبوك أفتحي الباب
رتيل ولا ردٌ تنطقه و دمُوعها تواصل الرثاء .
عبدالرحمن بهمس : رتييل .. تعرفين أني بأضعاف حزنك أتألم ! أفتحي واللي تطلبينه بسويه حتى لو ماني موافق عليه !
رتيل مع كلماته الخافتة أزداد بُكائِها ، أتجهت بخطواتٍ مُرتجفة للباب !
عبدالرحمن بنبرة هادئة : هذي أول مرة يا رتيل تطولين فيها بزعلك مني !
رتِيل ودَّت لو أنها تفتحُ الباب ولكن بها من القهر ما يجعلُها تكره النظر له وللجميع ، بها من القهر ما يجعلُها تُفكِر بصورة شيطانية لا علاقة لها ببراءة عينيْها ، بها من القهر ما يجعلُها تُفكِر بفعلٍ خبيث توجهه لعبدالعزيز تعلم هي أنها ستؤذي نفسها ولكن الأذى الأكبر سيكون على ظهرِ عبدالعزيز ، أعرفُ أن من يُحب لا يؤذي غيره ولكن أنا ؟ أنهنتُ بما فيه الكفاية.
جلست على الأرض الرُخامية وهي تضع ظهرها على الباب وتسمعُ لحديثِ والدها ببكاءٍ شديد.
،
في صباحٍ فوضويْ بغُرفةِ يُوسف ، ركَل بنطاله الجينز من على الأرض وأخذ يُغلق أزاريره بعجَل وفتح هاتفه ليتصل عليها ويطمأن ، ثانية تلو ثانية ولا ردّ ، نزل بخطوات سريعة ليكتبُ لها رسالة " بس تصحين كلميني "
أدخل هاتفه بجيبه وألتفت عليهم مجتمعين جميعًا على طاولة الفطُور ،
رفع حاجبه : صباح الخير
والده : صباح النور
يوسف وهو واقف سكب له من الحليب الساخن
والدته : أجلس وأفطر زي الناس
يُوسف : مستعجل
والده بسخرية : عسى بس خايف يطير منك الدوام
يوسف بضحكة أردف : أخاف أنطرد
والده أبتسم : لا جد وش عندِك ؟
يُوسف : يمكن أروح حايل فماأبي أطلع متأخر وتظلم عليّ في نص الطريق
والده : أنتبه على نفسك
يُوسف : إن شاء الله ، يمه تكفين خلي الشغالات يرتبون الغرفة مررة قذرة
هيفاء وهي تأخذُ قطعة من الزيتون الأسود و تُردف : ارحمني يالنظيف
يُوسف : أقول كملي أكلك لا أخلي الزيتون يطلع من خشمك
هيفاء ضحكت ليتناثر العصير الذي كانت تشربُه من فمِها
ريم بتقزز : يا مقرفــــــــــــة
يوسف : هههههههههههههههههههههههههههههه
بو منصور وقف : يا مال اللي مانيب قايل .. وخرج.
والدتها : أحترمي النعمة في أحد يضحك وهو يشرب
هيفاء تمسح بقايا العصير : كله من هالحقير
يوسف ضحك وأردف : أحمدي ربك أنه منصُور مو هنا ولا كان خلاك حشرة وعطاك محاضرة بالأتيكيت ... يالله مع السلامة .. وخرج مُتجهًا لسيارته ، أخرج هاتفه الذي يهتز وفتح الرسالة " معليش مشغولة شوي "
شد على شفتيْه و بقيْ متوقفًا لثوانِي طويلة ، أرسَل " كنت بقولك أني بجي حايل "
ثواني طويلة حتى أهتز هاتفه و فتح الرسالة " حيَّاك ، طبعا مجرد زيارة "
بدأ ضغطه بالإرتفاع والغضب يعقد حاجبيْه ، ركب سيارته مُتجهًا للشركة و مُتجاهلاً الطريقُ الآخر الذي يتوجه للقصيم ومنها لحائل.
في جهةٍ أخرى ضحكت ومسحت الرسائل : أحسن
وضحى : بس والله الكلمة وقحة ههههههههههههههه أجل مجرد زيارة يعني طردة
غالية : أجل تنفخ ريشها علينا ،
وضحى : ماأتخيل ردة فعله كيف بتكون أدنى شي بيقول ماهي متربية أجل كذا ترسلي ههههههههههههههه
غالية ضحكت لتُردف : خلي الجوال هنا وأمشي نطلع قبل لحد يشوفنا
،
من خلفها قطع إتجاهها للباب بصوتٍ خشن و رجولي صاخب : على وين ؟
العنُود ألتفتت : بطلع
سلطان : طيب !! وأنا أسألك وين ؟
العنُود تنهَّدت لتُنادي والدتها : يمممممه
أتت حصة من الغرفة : يالله صباح خير !! ..
سلطان : فهمي هالشي بنتك فيه أحد يطلع بهالوقت !!
العنود : إيه أنا بروح أفطر مع صديقاتي وش دخلك أنت !!
سلطان : تكلمي معاي بأدب
حصة : خلاص يا سلطان !! خلها تروح
العنود بغضب ثارت : يمه تترجينه بعد !! كيفي بطلع ومالك حق تسألني فاهم !
سلطان الذي أخذ إجازة من عمله اليوم ، أردف بهدُوء : أفصخي الجزمة وأضربيني بعد
العنود تأفأفت : لا ماهي حالة تحاسبني على الطالعة والنازلة !! أبوي للحين عايش وأمي بعد !
حصة : خلاص لاتكثرين حكي وروحي أقلقتيني ... خرجت العنُود لتلتفت حصة عليه : يعني فيها شي لو راحت مع صديقاتها ! هي بروحها تكرهك وتنتظر عليك الزلة
سلطان بسُخرية يُردف وهو يتجه لطاولة الطعام : زين علمتيني عشان ماأقولها شي وتمسك علي الزلة
حصة ضحكت لتُردف : أستغفر الله بس أنا قايلة ماراح أكلمك بعد
سلطان أبتسم وألتفت عليها : تعالي أفطري معي ماأحب أفطر بروحي
حصة : لأ وتراني زعلانة بعد
سلطان : طيب تعالي وبراضيك
أتت حصة بطيبة قلبها وجلست أمامه وبجدية : أمس مقدرت أنام من التفكير ! كيف تضربها بسهولة ! مايجوز أبد تسوي فيها كذا من عذرها يوم راحت عند أهلها أجل تضربها وتسكت ! زين بعد مادخلت أهلها وخلوك تطلقها ! من متى المرة تنضرب ؟ ولا أنت تبي تعيد عادات الجاهلية !!!
سلطان بهدُوء : موضوع منتهي من زمان وخلاص لا تفتحينه وتنكدين علي هالصبح
حصة : طيب أجبر خاطرها في كلمتين !! تعلم شوي الكلام الحلو
سلطان ضحك ليُردف : علميني على إيدك
حصة : تتطنز !! أتكلم جد ، حسن أسلوبك معها ! أجل أمس خليتها تجيب لك القهوة وتطلع منك تبكي
سلطان : هي حساسة تبكي بسرعة
حصة : لا والله !! وهذا عذر ! إلا أنت أستغفر الله بس مانيب قايلة كلمة شينة بحقك
سلطان : أشوفك واقفة مع الكل ضدي
حصة : لأن اللي تسويه غلط ولا يرضي أحد
سلطان بهدُوء : خلاص يا قلبي الله يخليك سكري على الموضوع
حصة : هذا أنت تعرف تقول يا قلبي وياروحي طيب قولها شوي مو بس " تُقلد صوته الثقيل " الجوهرة
سلطان ترك كُوب الحليب لينفجر بالضحك ويُردف : طيب أبشري
نزلت الجوهرة بخطواتٍ هادئة وهي التي لاتعلمُ بأمرِ إجازته ، ألتفتت ولم تتوقع بأن تراه ،
بصوتٍ مُرتبك : صباح الخير
حصة : يا صباح الفل و الورد
الجوهرة أكتفت بإبتسامة ، وهمَّت بالصعود مرةً أخرى لولا وكزةُ حصة لسلطان الذي نطق : تعالي
الجوهرة : مو مشتهية بس كنت بشوف حصـ .. بترت كلمتها لتقُول .. أم العنود
حصة : ناديني حصة وماعليك منه .. *وجهت الحديثُ له* الحين إسمي ولا إسمك !! كيفي أبيها تناديني حصة
سلطان كتم ضحكته وأخذ يشربُ من الكُوب بصمتْ
حصة : تعالي يا روحي أفطري خلي سلطان يتهنى بأكله *أردفت كلمتها الأخيرة بخبث وقصد لسلطان*
سلطان ضحك بخفُوت وألتفت على الجوهرة لتقع عيناه الضاحكة بعينيْها المُرتبكة : تعالي .. وأشار لها على الكرسي الذي بجانبه
حصة تُراقب بشغف ما سيحصُل الآن و سلطان " رايق " لأبعدِ حد .
أتت الجوهرة وجلست بجانبه ليُفاجئها سلطان بسحبِ كُرسيها ليُلاصق كُرسيْه ،
حصة تسكبُ للجوهرة من الحليب الساخن و مدتُها إليْها : أخذي تغذي مهو نافعك أحد ..
سلطان بإبتسامة نقية تُظهر صفةُ أسنانه : مُعاذ الله من أنك تقصديني
حصة بضحكة : إلا أنت بجلالة قدرك
سلطان أبتسم : بسوي نفسي ماسمعتها
الجوهرة المُرتبكة بقُربه و رائحة العُود تتشنجُ معها أعصابها ، أخذت الكُوب وبأصابع مُرتجفة يهتزُ معها الحليبْ السائل ، و أعيُن سلطان تُراقبها وهي تشربْ .
الجوهرة لم تستطع أن تتذوقْ الحليب وأرجعته للطاولة وكل حواسها ترتجفْ ، لا تعلم لِمَ تشعُر بأن هُناك شيءٌ غائب عنها تجهله يجعل سلطان بهذه الصورة .
حصة : فيك شيء حبيبتي ؟
الجوهرة : لأ .. ولا شيء بس برد
حصة : عاد التكييف مقصرة عليه الصبح ...
سلطان يُفاجئها ليضع ذراعه على أكتافها ويسحبها ببطء نحوه و يُقبل رأسها مُستنشقًا ذراتِ الهواء من بين خصلاتِ شعرها ،
حصة وتشعُر بنشوة إنتصار : أنا بخليهم يجددون الحليب .. وأتجهت للمطبخ تاركتهم ،
الجوهرة و قلبُها ينتفض ، لا تعرفُ بأيّ التناقضاتِ تأتيتها وأيُّ شعورٍ يُباغت قلبها ،
سلطان بصوتٍ خافت : بردانه من أيش ؟
الجوهرة و فكيْها يرتجفان ، صمتت وهي تغيبُ فعليًا عن هذا العالمْ و حرارةِ أنفاسه تُسكِنها و تُهدأ عُمق حواسها ،
سلطان تنهَّد مُثبتًا ذقنه على رأسها و ذراعه مازالت تُحيط بها ، بتنهيدتِه تجمَّعت دمُوع الجوهرة ، كتمت نفسها وهي تشدُ على شفتيْها حتى لا تبكِي .
بعد هدُوءٍ لدقائِق طويلة و رأسُ الجوهرة على طرفِ صدره ، بحُمرة وجنتيْها حاولت تسحبُ نفسها لتنكشفْ رقبتها كالمُعتاد ، أقترب سلطان و لامستْ شفتيْه أثارُ ضربِه كأنهُ يحاول يشفِي الآثارُ بقُبلاتِه .
أبتعدت الجوهرة بإرتباك وهي تسحبُ نفسها مع الكرسي و تضع مسافةٌ قصيرة فاصلة بينهُما ،
سلطان بلل شفتيْه بلسانه وأردف : خلي عايشة تجيب لي القهوة لمكتبي .. وتركها .
الجوهرة وضعت يدها على صدرها وقلبُها لايتزن بنبضاته ، تشعُر بأن الأشياء تذوب من حولها و تذبل ورُبما حتى تتراقص .
حدَّثت نفسها لتُهذِّب تصرفاتها وربكتها ، لا تضعفين يا أنا ! هو شكّ بِك و أساء لك ، لن تلمسني بسهولة يا سلطان و لن أُسامحك و إن أحببتُ الوطن الذي وهبتني إياه .
،
مسكت هاتِفها لترى رسالته الأولى " بس تصحين كلميني " ، أتصلت عليه ، مرَّة ومرتين وثلاث ولا يأتيها رد ، عقدت حاجِبها بشك لتُرسل له بالواتس آب " يُوسف ؟ "
في جهةٍ أخرى على مكتبه يلعبُ بقصاصات الورق بنرفزة ، فتح محادثتها فقط ليظهر لديْها بأنهُ قرأ و لكن سيتجاهلها تمامًا ،
مُهرة و الشكُ يدب في قلبها من فكرة أنه يقرأ دون أن يرِد ، كتبت له " وش فيك ؟ "
يُوسف بعصبية كتب لها مثل ما كتبت له " معليش مشغول شوي "
مُهرة أمالت فمِها بقهر وأغلقت هاتفها لترميه على السرير و تمتمت : عساك ما رديت ...
،
تحت أجواءِ باريس الغائمة و الليلُ يُداعب السماء بخفُوت ، تنهَّد بضيق
أثير الجالسة مُقابلةً له في المطعم الهادىء و التي أكتملت زينتها بزواجها من عبدالعزيز : وش فيك ؟
عبدالعزيز : ولا شيء بس صار لي يومين مانمت وشكل المزاج بدآ يضرب
أثير أبتسمت : ومين سارق تفكيرك ؟
عبدالعزيز بهدُوء : أرق
أثير نظرت لهاتفها وأغلقته
عبدالعزيز : مين ؟
أثير : سلمان
عبدالعزيز شتت أنظاره بإمتعاض
أثير : مُجرد زميل في الشغل
عبدالعزيز بحدة لم يُسيطر عليها : وأنا قلت شي ؟
أثير عقدت حاجبيْها الفاتنيْن : لأ بس حبيت أوضح لك
عبدالعزيز تنهَّد وصمت
أثير : أنت صاير ماينحكى لك كلمة ، أمش خلنا نطلع وتروح تنام
عبدالعزيز : أثير يرحم لي والديك لاتزنين عليّ
أثير بهدُوء : مازنِّيت أنا أقترح عليك
عبدالعزيز بعصبية : طيب خلاص ماأبي أسمع شي
أثير تنهَّدت وصمتت ، أخذت هاتفها لتُقلِّب فيه وتُهدأ من حرارةِ غضبها في ليلةٍ مثل هذه كان يجب أن تحتفل !
عبدالعزيز بدأ الهزُ بأقدامه و أعصابه تشتدُ وجدًا ، بنظرة شك : تكلمين مين ؟
أثير رفعت حاجبها : شارب شي ؟ ماهو معقول اللي قاعد تسويه !! ... وقفت لتأخذ معطفها وتخرج
عبدالعزيز نثر مبلغًا يجهله على الطاولة وتبعها ، من خلفها مسك ذراعها ليوقفها وبعصبية : من متى إن شاء الله تعطيني ظهرك وتروحين ؟
أثير التي يمتزجُ خجلها بقوةِ شخصيتها : أترك إيدي !
عبدالعزيز يتجاهلُ ماتقُول ليُردف : لو تكررينها مرة ثانية صدقيني ما يحصلك طيِّب
أثير بهدُوء : عزوز حبيبي روح نام أحسن لأن عقلك بدآ يضرب من جد
عبدالعزيز ترك ذراعها ليلبس معطفه و يتنهَّد وبتنهيدته يخرجُ البخار الأبيض من فمِه.
أثير بعد صمت لثواني أردفت : يا رُوحي أنا فاهمتك ، لكن صار لك يومين منت نايم أكيد عقلك بيتوتر وماراح تفكر صح ! عشان كذا أرجع البيت وحط رآسك ونام و بكرا الصبح نتفاهم
عبدالعزيز عقد حاجبيْه بحدَّة : طيب خلاص
أبتسمت : تصبح على خير
عبدالعزيز: وأنتِ من أهل الخير ...
أثير أقتربت منه وبجُرأة قبَّلت خدِه الأيمن : برجع بسيارتي ... وأختفت من أمامه خلال ثواني قليلة .
عبدالعزيزأخذ نفسًا عميقًا ليُمسك هاتفه ويتصل بناصر ، أتاه صوته : ألو
عبدالعزيز بقهر : تزوجتها
ناصر بعد صمت لثواني أردف : تعرف شي ؟ بقوله لك وماعليّ منك !! يا ويلك من عذاب الله في هالثنتين
عبدالعزيز سار بعيدًا عن المطعم وأقدامِه تُلامس الأرض المبللة : مدري وش اللي مخليني أتصل عليك .. وأغلقه في وجهه ، غاضب من كُل شيء و كل مازادت ساعات إستيقاظه زادت أعصابه توترًا ، لا عجب بأن من لا ينام يُصيبه سوء مزاج ولكن ماذا لو كان هذا الشخصْ بعادته سيءُ المزاج ! يالله كيف ستكون المصيبة إن صاحبه أرق ؟
ركبْ سيارته اللكزس الذي أستأجرها و عقلُه يُصيبه غثيان ، أستاء من تلك اللحظة ، تلك اللحظة التي وقَّع فيها على ذاك الورق مُعلنًا لزواجه من أثير الحقيقة ، و أخذ عقله بلؤمٍ شديد يُقارن بين رتيل و أثير ، تبًا لقلبي كيف له القُدرة على طردِك من ذاكرتي الآن ؟
حرَّك سيارته في طُرقٍ لا يعرفها ، يجهلُها ، يدُور بلا هوية تقُوده ، من المستحيل أن تكرهه ؟ أحلفُ بربِ الناس أنَّ ليس لها قُدرة على كُرهي ، مهما غدرت بها المسافاتْ لن تجِد ملاذًا لها غيري ، أنا النقطة التي ستنتهين بها مهما جاهدتِ أن تقطعين الأسطرُ بفاصِلة يا رتيل .
مسك طريقًا مُتجهًا لـ دُوفِيل القرية الرقيقة التي كان يزورها كثيرًا مع ناصِر وأيضًا عادل .
،
عادُوا من شاطىء دُوفيل الهادىء مُتجهين للفندق ، على وقعِ أصوات أقدامهم أتى صوتُ رؤى : الحين سكرت عيادتك بميُونخ ؟
وليد : لآ موقفها لفترة و كل مواعيدي بعد موقفها !!
رؤى بهدُوء تنهَّدت ، ليقطع وليد عليها أفكارُها قبل أن تبتدأ : أشتقتِ لأيام ميونخ ؟
رؤى أبتسمت لتلتفت عليه : إيه على الأقل كنت أحس أني عايشة بصدق أكثر من هالضياع
وليد : أصبري وأحتسبي ، لك في الصبر أجر
رؤى : الله يرحمنا برحمته بس
وليد : آمين ... وش رايك بكرا نرجع باريس !
رؤى : ماتفرق معي
وليد : لا إذا ماتبينها ماهو لازم ،
رؤى بهدُوء نظرت للعاشقيْن في محطةِ إنتظار الباص ، يقتربُ من أنثاه ويلتهِمها بحُب ولا يُبالي هذا الأشقر بأنظارِ من حوله ، شتت نظراتها و تجمَّدت في مكانها لتتضبب رؤيتها وتغيب فعليًا عن رؤية من أمامها ،
ضحكاتُه تُرَّن في إذنه و هو يُدخلها في معطفِه وينشرُ قُبلاته ، برُودة الأجواء لا يُهدأها إلا حرارةِ أنفاسه ، لا ملامحٌ تراها سوَى ذراعيه التي تُحيط بجسدِها ، هذه باريس !! يالله يا رحمن أكفف عني هذا !
تسمعُ صوت وليد المُنادِي ولكن رُغمًا عنها لا تستطيع أن ترى شيئًا سوى الشوارع الضيقة التي تُخبرها بأنها في باريس و ذراعٌ ذات أكمامٍ سوداء تُحيط بها ، من هذا الذي يُعانقني بهذه الصورة ؟ . . من المستحيل أن يكُن شخصًا غير زوجي ! .. الذي طلقني وقالت عنه أمي أنه مات !
وليد : رؤؤؤى !!
رؤى رمشت لتنظُر لوليد بشتات ، ثواني قليلة حتى سقطت على الأرض مغميًا عليها .
،
سمع آخر رسالة صوتية له على هاتفه " مشتاق لهم كثير . . . بحفظ الرحمن أنتبه على نفسك يا فيصل "
تنهَّد و هو يفكِر بأنَّ منصور ليس له علاقة تربطه بناصر ، يخجل من أن يتصل على عبدالرحمن بن خالد ويسأله عن ناصر ، لا ينسى أبدًا طيشه أثناء وفاةِ والده ، كيف يصِل الآن لناصر و يُنفذ ما قاله ذاك الرجُلِ الذي سرق قلبه !
هُناك أشياء يجب أن تُقال وبأسرع وقت ، هُناك أشياء كثيرة يجب أن تتضح لسلطان بن بدر أيضًا ! .. أأطلبُ موعدًا ؟ أم أُفاجئهم بزيارة حتى أجبرهم على الإستماع إليّ ؟ لكن هو لم يطلب مني أن أخبر سلطان أو حتى عبدالرحمن ! قال لي بالحرفِ الواحد " ناصر هو الأهم " .
يارب رحمتك من كل هذا ، رفع عينه لريف التي تلعبُ بكُتبِه ، أبتسم : ريووف
ألتفتت عليه بضحكة وهي تضربُ الأرض بخطواتها الرقيقة : أنىىى
فيصل وقف مُتجهًا إليْها لينحني ويحملها بين ذراعيه ، نزل بها للأسفَل و والدته تنظرُ للتلفاز بتملُل .
: بنتك بتحوِّس ليْ الغرفة
والدته بحالمية : بنتك ! يازينها من كلمة
فيصل ضحك ليُردف : بسم الله عليك يمه وش فيك ؟
والدته : فيصل متى تتزوج ؟
فيصل أنفجر بالضحك : مخك ضارب اليوم !! ..
والدته : لآ جد ماودك يمتلي البيت بعيالك !
فيصل : على إيدك ماأقول لأ
والدته بفرحة : صدق ؟
فيصل : هههههههههههه بس طبعًا ماهو أيّ بنت !! لازم أشوفها أول
والدته :ومين اللي بيرضى يخليك تشوف بنته وشوفة شرعية !! الناس الحين بدت تخاف
فيصل : زواج أكشط وأربح ما يمشي معي
والدته : قولي مواصفاتك وأنا أدوِّر لك اللي تسواهم كلهم
فيصل بهدُوء : ماأبي وحدة مايعة وتتدلع و لا أبي وحدة خفيفة ولا وحدة تحسينها هبلة ورومانسية زيادة عن اللزوم ، أبي وحدة ثقيلة وجدية يعتمد عليها تشاركني بتفكيري ماأبي عقلها صغير ، أبيها تساعدني بشغلي تفكر وياي ، أبيها ذكية وذكاء حاد بعد
والدته وفعليًا ملامحُها حزينة : حرام عليك ! من وين أجيب لك هالبنت
فيصل : هههههههههههههههههههههههههههههههه خلاص أجل لين ربي يكتب لك وتشوفينها ذيك الساعة أتزوَّج
،
في مكتبه يُثبِّت الحجز لباريس ، بدأت ساعات الخطرِ تبدأ و مرحلة الجوهي بإذن الله تنتهي ، كل هذه الأفكار تتزاحم بعقله ، فترة عصيبة ستكُون ، يُفكِر بأن يترك بناته هُنا ولكن قلبه لايحتمل ذلك ، حجز لهُم أيضًا و لعبدالعزيز .
لا يعرفُ كيف يتوقع بما سيحدُث في باريس بوجود طرف ثالث تُدعى زوجة عبدالعزيز الثانية ، بكلا الأحوال لن أرفض طلب رتيل إن أخبرتني بأنها تُريد الطلاق ! لن أترك عبدالعزيز يراها أو حتى يتلاعب بها ، سأجعلها أمام عيني و ليذهب عبدالعزيز وزوجته بالمكان الذي يُحب ، بالنهاية أخطاءُنا يجب أن نتحملها مثل ماأنا أتحملُ جفاف بناتي معيْ ، يجب أن يتحمل عبدالعزيز ثمار أفعاله الخاطئة إتجاه نفسه قبل كل شيء .
غدًا زواجُ ريَّان و يجب أن يفرحُون ولكن لا مجال للفرح في هذه الفترة ، يارب ارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء
خرج و بوجهه ضي ، أبتسم لها : تمللتي ؟
ضي ضحكت : لا تحسسني أني متعودة على الناس والوناسة قبل
عبدالرحمن يضع ذراعه على كتفيْها : ماطلعوا من غرفهم ؟
ضي : رسلت الفطور لهُم وإن شاء الله يآكلون
عبدالرحمن أكتفى بتنهيدة لتُردف ضي : توقعت رتيل بيليين رآسها وبتضعف
عبدالرحمن : تدرين !
ضي رفعت عينها له ، ليُكمل عبدالرحمن : رتيل عنيفة حيل إذا عصبت ، و الله أخاف عليها تأذي نفسها ...
ضي : لآ بسم الله عليها إن شاء الله ما يصير إلا كل خير ، حجزت لباريس ؟
عبدالرحمن : إيه و أصلاً إحنا ماراح نطول فيها ممكن نروح روسيا بس ممكن أخليكم أنتم في باريس .. على حسب الوضع هناك
ضي : الله يعينك يارب
عبدالرحمن بإبتسامة : تدرين لو مسكنا الجوهي كذا بنكون حققنا هدف عظيم !
ضي بإبتسامة تُشاركه الحماس : إن شاء الله يارب تمسكونه
عبدالرحمن : مايجوز تردفين الدعوة بالمشيئة
ضي بضحكة : يارب يا رحمن تمسكونه من غير شر
أردفت : ما قلت ليْ وش صار مع اللي هددكم في عبير ؟
عبدالرحمن : خليت مقرن يبحث بالموضوع لكن إلى الآن مافيه شي ! مشكلتي ماني مستوعب انه عبير ممكن تتمرد وتطيش ! مستحيل هالشي حتى لو حاولت عقلها بيردعها
ضي : أنا ماأشوف فيها شي يخليني أشك يعني ممكن يكون واحد حقير يبي يهدد وبس لأن عبير ماشاء الله عاقلة
عبدالرحمن ضحك بسخرية : تهقينه عبدالعزيز ؟
ضي شاركته الضحكة : ترى ماأستغرب منه !! هههههههههههههههههههه هالإنسان تحفة ماهو طبيعي ! يمشي كلامه حتى لو بطرق ملتوية
عبدالرحمن : محد يعرف بزواج رتيل إلا هو وإحنا ! يعني مين غيره ممكن يتصل ؟
ضي : بس لاتنسى أنه يعرف موضوع غادة !
عبدالرحمن صمت لثواني ليُردف : إيه صح !! معقولة عبدالعزيز عرف وساكت !!! لآ مُستحيل !
أهتز جواله وردّ " هلا سعد ......... نععععم !! ... كيف هو في دوفيل ؟ .... طيب طيب ... شوف لك طريقة تخلي عبدالعزيز يرجع باريس ! ماهو وقته يعرف بهالموضوع ........ طيب و غادة ؟ ... كويس الحمدلله خلها بعيونك لا تغيب لحظة عنها ... أنا واثق في وليد بس بعد ماني واثق باللي حولهم ... أهم شي ! . . . شف لك حل مع عبدالعزيز ..... أنا بتصل عليه وبخليه يرجع لكن أنت أنتبه تراها قرية وكلها كم شارع !!
،
في ساعاتِ الفجر الأخيرة ، جالِس على الأريكة و أمامه بعض الأوراق يُراجعها ، تسلل نظرُه إليْها وهي نائمة على السرير ، أخذ نفسًا عميقًا و أفكاره تبتعدُ عن العمل لتنحصر بزاوية الجوهرة ، يُريد أن يمُر عرس ريان بخير و يُخبر عبدالمحسن بأن تُركي بين يديْه ، أكثرُ ما يخشاه أن يعرف ريان بالموضوع ! لا يُهمه رأيه بقدر ما يُهمه بأنه سيثُور ويفعل أفعالاً لا يقبلها العقل ، لستُ أفضل منه بالتأكيد ما زلت مقهور منها ومن تُركي لكن ولو ! لن أسمح لأحد أن يتدخل ، تُركي يجب أن ينال عقابه !
لو أعرف يالجوهرة لِمَ كل هذا الصمت ؟ 7 سنوات مرَّت كيف أستطعتِ الصبر بها ! هذا مالا أستوعبه ، تنهَّد و وضع القلم على الطاولة ليقف و يقتربُ إليْها !
بدأت تتحرك قليلاً ناحيةُ اليمين ، وقف يُراقبها ، تُواجه كابوسًا ! هذا ما خُيِّل له .
ثواني قليلاً حتى بدأت مساماتُ وجهها تُفرز الحُزن على هيئة ماءٍ مالح ، جلس على طرف السرير بجانبها و السكُون يحفُّ المكان ، تتحدَّث ولكن صوتُها خافت لا يسمعُ منه شيئًا . . يُريد أن يفهم ما يحصُل رُبما يفكك بعض الألغاز بهذيانِها ،
الجُوهرة تضع يديْها على صدرِها الذي يهبطُ بشدَّة و الرجفةُ تضطرب بها ، هدأت قليلاً حتى بدأ صوتٌ خافت يظهر : يممه .. يمـه ،
أراد أن يوقضها ولكن تراجع وهو يسمعها تقُول " أبعـــد .. أبععععد "
سلطان رُغم دناءة فكرته ولكن أراد أن يستغل هذا الهذيان بفهم ما يحدُث لها ، جلس بالقُرب أكثر ، تواجه كابوسًا أسوَد ،
شدَّت على بلُوزةِ بيجامتها وإنحناءات ترتسمُ على جبينها المُتعرق : يمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــه .. يببــــــــــــــه .. تكفى قولي .. قـولـ ...تكفــ
بدأت كلماتُها تُنطق بنقص وغير مفهومة ولكن سلطان لا يفوته شيء
: ما سويت شي صح ؟ ... تكفىى قول ... مـ .. ما ..... سويت شي ! لا تكذب الله يخليك
سلطان و عقله يُترجم حديثها ، هي تترجى تُركي ، قالت أنه أغمى عليها أيّ لا تعلمُ فعليًا ماحدث ! و تسأل تركي ؟ أو رُبما تتحدثُ مع نفسها ! لا .. لا هي تتحدثُ مع تركي !
بدأت بالحركة يمينًا ويسارًا و دمُوعها تهطل ، غرزت أصابعها بصدرِها وكأنها تحمي نفسها
سلطان وضع يده أسفل كفيْها حتى لا تجرح صدرها ، بدأت الجوهرة تغرزُ أظافرها في كفِّ سلطان حتى جرحتهُ ، سلطان بصوتٍ هامس : الجوهرة
الجوهرة : أتركننني
سلطان شد على شفتيْه ليسألها على أساس أنه تُركي وهو يعرف تمامًا بأنها غائبة عن الوعي وستُجيبه صدقًا : جيتيني ؟
،
في يومٍ مُشمس ، نزعت الشاش عن رأسها لتسقط خصلات شعرها الملتوية من الأعلى إلى الأسفل ، ألتفتت لتُعطي المرآة ظهرها وتنظُر لمؤخرة رأسها ، صُعقت تماما وهي ترى جُزء صغير خالِي من الشعر بسبب الغُرز ، لعنت عبدالعزيز بأشدِ اللعنات مُتجاهلة تمامًا قول الرسول صلى الله عليه وسلم " لا يدخلُ الجنة لعانٌ " ، رُغم أنَّ خصلاتُ شعرها التي في المقدمة تُغطي هذا الجُزء وكثافة شعرها تُساعد إلا أن حقدها على عبدالعزيز يجعلها ترى الأشياءُ من زاوية واحِدة .
مازالت تزدادُ كُرهًا له ، و أفكارها رُغمًا عنها تذهب إليْه ، الآن أين هو ؟ رُبما مع " الكلبة " لو القتل في شريعتنا حلال لأحرقتُك معها !
أتجهت لهاتفها وفتحت بروفايلها اللعين في تويتر ، لم تكتب شيئًا منذُ الأمس ، " طبيعي جدًا محتفلة مع الحقير الثاني "
مقهورة حدُ أنها توَّد أن تُحرقه وتحرق نفسها أيضًا ، فكرت بتِلك الحركة الدنيئة وأن تُجننه فعليًا بتصرفاتٍ يجهلُها ولكن أحبط خطتها منذُ اليوم الأوَّل ولكن مازال يا عبدالعزيز هُناك مُتسعًا ، تهنَى مع أثيرك و مع الفتاة الأولى بحسب ما تقُول ولكن أجزم أن من سلب عقلك هي أنا .
سمعت طرقُ الباب وألتفتت عليه ، ندمت على صوتها المرتفع بوجه والدها فمهما حدث من المفروض أن لاتصرخ و تدخلُ في العقُوق ولكن كرهت نفسها من تصرفات " الذي يُدعى زوجها " آآآه لو في شريعتنا الزواج بأكثر من رجلٍ حلال ! والله لتزوجت و احرقتُ قلبك .
تقدَّمت للباب وفتحته بهدُوء ، ضي الممسكة بـ " صينية " الفطور : تسمحين تفطرين معي ؟
رتيل تركت الباب مفتوح ورجعت للأريكة التي في زاوية غُرفتها ، ضي بإبتسامة وضعت الطعام على الطاولة : صباحك جنة
رتيل بهدُوء : صباح النور
ضي : وجهك منوِّر يا عساه دوم يا رب
رتيل ألتزمت الصمت أمامُها ونظراتُها تتشتت
ضي : رتيل .. أنا فاهمتك والله فاهمتك وعارفة كيف تحسين و أنه محد مهتم لك وطريقة زواجك كأنهم أرخصوك له
رتيل رفعت عينها لها ، و مازالت مُلتزمة الصمت .
ضي : أنا كنت أحس كذا لما أبوك يهملني بالشهور ومايسأل عني ، كنت أحسه مايحبني و ممكن حتى يطلقني بسهولة بدون لا يحس بشوية ذنب وتأنيب ضمير ، كنت أحسه حيل راخصني ! مايشوفني الا من فترة لفترة وكأني ولا شيء بحياته ، لكن بعدين فهمت أنه ماهو بإرادته ! كان الجو متوتر في البيت وكان الوضع متأزم بشغله فما كان يقدر يتحمَل أنه يقولكم أو حتى يضحي فيني ! . . . رتول والله أبوك صاير ماينام زي الناس ، ينام ساعة ويصحى و حتى نومه متلخبط ، يحس بقهر عليك ومقهور من أنك ماتكلمينه ويوم جاك مافتحتي له الباب ! .. أنا ماأقولك لا تزعلين .. من حقك تزعلين و مهما صار مفروض يتركون لك خبر لكن صعب والله ،
رتيل بهدُوء : مافيه شي صعب ! وش كان بيضِّرهم لو قالوا لي ؟
ضي :أنا اللي فهمته أنهم كانوا يراقبون عبدالعزيز قدام شخص إسمه رائد وكان يتكلم وفجأة قالهم أنه عبدالعزيز اللي تدوِّر عنه متزوج من بنت أبو سعود ، أنصدم أبوك وأنصدم حتى سلطان منه وأنه كيف فاجئهم وهُو يقوله ! طبعًا هذا الشخص لما عرف أنه عزيز متزوج أبعد نظره عنه لأن كان يبيه ضد أبوك لكن لما عرف أنه نسيبه مستحيل يوقف ضده ! فهمتي علي ؟ لكن ليه عبدالعزيز سوَّى كل هذا ؟ ممكن عشان يحمي نفسه و ما يزعجه هالشخص أو يأذيه لكن أكيد فيه سبب ثاني لأن عبدالعزيز عمره ماأهتم براحته ولا أهتم حتى كيف يحمي نفسه !
رتيل بتوتر : وش قصدِك ؟
ضي : عبدالعزيز يبيك و مستحيل سوَّى كل هذا الا وهو يبيك حتى أنه فيه شخص أتصل على أبوك وهدده أنه مايزوِّج عبدالعزيز الا رتيل ! .. و ممكن الحين عبدالعزيز معصب ولا مدري وش سالفته لكن بالنهاية ماله الا أنتِي
رتيل : أنتي تدرين أنه تزوَّج من وحدة إسمها أثير
ضي بهدُوء : طيب يطلقها ! اللي شرع الزواج شرع الطلاق ! مستحيل يكمل معها وهو مايحبها ، وأكيد أنه تزوج بس عشان يقهرك .. وأنتي لاتنقهرين وتبينين له أنك مقهورة ويحس أنه أنتصر عليك ، بالعكس ولا تخلينه يهز فيك شعرة ! أنتي منتي ضعيفة ، أرجعي زي أول ما كان يكلمني عنك أبوك و خليك قوية قدامه ! ولاتخلين حبه يضعفك ، زي ما تحسينه أهانك بزواجه من أثير حسسيه بالإهانة في برودك ! و اليوم عرس ريان أنبسطي فيه وبولد عمك .. رتيل أنتي صغيرة حيل أنك تحملين نفسك هالحزن ! هونيها وبتهون ! يكفي أنه هالشي مكره عيشتك لا تخلينه بعد يأثر على مزاجك
رتيل و الأقتناعُ يغزي عقلها : بس أنا أبي أقهره و أهبل فيه زي ما هبَّل فيني
ضي بضحكة : هبلي فيه ومن عيوني بساعدِك بدون لا يدري أبوك وحتى عبير
،
حمد يركضُ على الدرج : فروووس ووجع ... إذا عندك بلاوي أرميها ترى الحكومة على وصول
فارس مُستلقي و يكتبُ إحدى قصائِده في عبير : ماعندي شي إلا إذا أنت عندك ماعليّ منك
حمد بسُخرية : الله الله يالشابْ الصالح
فارس أرمقه بالإستحقار : مناك بس
حمَد : تكتب لمين
فارس يطوي الورقة بعيدًا عن أعيُن حمد الفضولية : ماهو شغلك
حمَد : هههههههههههههههههههههههههههههههه أرحمني يا نزار قباني
فارس بحدة : شفت هالقلم بطلعه من عينك ولا تتحداني
حمَد والذي يخافُ كثيرًا من غضب فارس أردف : لا تنسى بس كم مرة أنقذتك من أبوك
فارس : تعرف تآكل تراااب ولا أعلمك
حمد : طيب ياولد رائد أنا أوريك
فارس : يالله براااا
حمد خرج وهو يرفسُ إحدى لوحاته لتسقط و أخذ فارس كُوب الحليب ورماهُ عليه ليتناثر زُجاجه على الباب الذي دفعه بسرعة حمد و حمَى نفسه من ضربته.
فارس تنهَّد : يا ثقل دمِك ،
مسك هاتفه و ردَّ على المُتصل الذي يُفرحه دائِمًا ، : ألو
: هلا فارس .. بغيت أقولك ترى أبوك راح يروح باريس وخلاني أحجز له
فارس : طيب ؟
: و بوسعود وأهله بعد بيروحون
فارس حك ذقنه الخشن في عوارضه : طيِّب لا أوصيك
: بس هالمرة أبوك ماهو مخطط يأذي أحد فيهم ! لأن أصلاً مسوي فيهم دقَّة يعني يبي يخليهم يتعنون ويسحب عليهم مع صالح واللي معه لروسيا هذا اللي فهمته
فارس : مين صالح ؟
: مدري واحد معاه ! ماعلينا بس هو قال لما عرف أنه تزوج بأنه يمكن يتلاعب بأعصاب بوسعود في زوجته بس والله مدري عن أبوك وإذا أكيد يخطط كذا أو لأ .. تعرفه دايم يصدمني
فارس : طيب ولو خلها في عيونك .. ماأبي يجيها شي
أردف الصوتُ الآخر بهدوء : مدري ليه معذِّب نفسك ! تعرف أنها مستحيل تكون لك .. انت ولد رائد الجوهي وهي بنت عبدالرحمن المتعب !!
فارس بغضب وهذا الموضوع يستفزه : ماهو شغلك
: طيب خلاص لا تعصب علينا ! .. تبي شي ثاني ؟
فارس : لأ .. وأغلقه .
أخذ هاتفه الخاص لعبير و أتصل عليها ، بدأ يدعُو بخفوت أن ترِّد عليه ، يُريد فقط أن يسمع صوتُها ويعتذر عن كل الثواني الضائعة دُونها وكل العمر الذي أنقضى دون عينيْها ، يعلمُ جيدًا لو حدثت المُعجزة و تزوجها لن تصبرُ على طباعِه .
تمتم : يالله يا عبير ردِّي
أرسَل لها رسالة " فاروق جويدة يُخبرك يا عبير على لسانِي : مازال في قلبي بقايا .. أمنية أن نلتقي يوماً ويجمعنا الربيع أن تنتهي أحزاننا . . أن تجمع الأقدار يوماً شملنا "
في جهةٍ أخرى بين يديْها يتربكُ هاتفها ولا تردُ عليه ، تحاول أن تقوِّي نفسُها أمامه و امام أهوائها ، لا تُريد أن يعاقبها الله ، لا تُريد أن تدخل في شيءٍ توعَّد الله به ، لا تُريد أن تلفظُ عيناها " إن الله شديد العقاب " ، من ترك شيئًا لله عوَّضه ، تذكر هذا يا قلبي أرجوك ولا ترُد عليه.
ثواني حتى نظرت لرسالته وقرأتها ، يارب رحمتِك منه ، لِمَ أزدادُ حبًا ، لِمَ أراك من بين الحشُودِ شخصًا يغيبُ معه عقلي وقلبي معًا ! لِمَ يا من أجهله تسرُق لي قلبي و تتركني هكذا ! .. مسكت هاتفها لتُجيبه وكتبت " و فاروق جويدة يُخبرك أيضًا : إذا كنتُ أهرب منكِ .. إليكِ فقولي بربكِ .. أين المفر؟ "
مسحت الذي كتبتهُ بسرعة و تركت الهاتف لتتجه للحمام وتتوضأ ، تريد أن تصلي ركعتيْن حتى تمتنع عن المعصية ، يالله طهِّر قلبي من حُبه و أغنني بحلالِك عن حرامِك .
،
تبكِي وتضحك و تبتسم و تتوتر وتخاف وتعود لتبكي ومن ثم ترتاح و تخاف ، كل هذا في وجهِ ريم يظهر ، اليوم يومٌ عظيم و أهم ليلةٍ في العُمر ، اليوم الذي حلمت به منذُ الصِبَا ، ذاك الفُستان الأبيض الذي يتلألأُ بعينيْها ، الجميع متوتر وخائِف تلحظُ بأعينهم أشياء كثيرة ، والدتها المُرتبكة بأمورِ الزفاف و الضيافة و كل ما يندرجُ تحتها !
حتى يُوسف أنتبهت له وهو يُناقش يُوسف بأمرِ الرجال ، تشعُر بأن العالم بأكمله مُرتبك بعينيْها !
من خلفها مُصففة الشعر ، تبدأ بخصلاتِها لترفعهُا للأعلى وتفكيرها يغيب عن كل من حولها لينحصر بشخص إسمهُ " ريــان "
،
نام ساعةٍ واحدة وأستيقظ ، يشعُر بضيق الأجواء هُنا في دُوفيل بعد ماكانت تتسع له ولضحكاتِه ، بدأ لا ينام أبدًا وهذا الشيء يؤثر عليه سلبًا ، بالأمس تناول ثلاثةِ حبُوبٍ منوِمة ولا فائِدة ! سيُدمر نفسه بالحبُوب والنوم يبتعِد عنه .
يتذكر سوء الأشياء التي تحدُث إن لم ينام ، أبرزها أنه سيتخيَّلُ أشياءٍ ليست موجودة و سيُجن فعليًا حسب ما يعرف !
سار بالطُرقات الضيقة و المُزخرفة بالأزهار ، دخل للسوبرماركت ، أشترى قارورة مياه وسحب إحدى الجرائِد ليُسلي نفسه ، شعر بأن أحدًا خلفه ، ألتفت و سُرعان ماأنزل سعد رأسه خلف الأرفف ،
خرج ومازال يسير في الطريق الأشدُ إزدحامًا في هذه القرية بسبب المحلات المُنتشرة فيه ، في جهةٍ مُقابلة لا تفصل عنهما سوى خطوات كانت رؤى تسير بجانبِ وليد . .
سعد أعتلته تنهيدة وهو يتمتم : رحنا فيها
.
.
.
.
.لاتحرمونِي من صدق دعواتكمْ و جنَّة حضوركمْ.
و لا ننسى أخواننا المسلمين المُستضعفين في كُل مكان أن يرحمهم ربُّ العباد و يرفعُ عنهم ظُلمهم و أن يُبشِرنـا بنصرهُم ، اللهم لا تسلِّط علينا عدوِك وعدونـا و أحفظ بلادِنا وبلاد المُسلمين.
و اللهم أرحم أمواتنا وأمواتِ المُسلمين :" +
+ و أيضًا لا ننسى عظمة الإستغفار.
لا تشغلكم عن الصلاة
*بحفظ الرحمن.
أنت تقرأ
لمحت في شفتيها طيف مقبرتي .. تروي الحكايات ان الثغر معصية
Romanceلمحت في شفتيها طيف مقبرتي .. تروي الحكايات ان الثغر معصية ( للكاتبه : طيش )